كواليس الحرب الاقتصادية ضد «داعش»

جهود حثيثة لحرمان أعضاء التنظيم الإرهابي من العوائد النفطية

أولويات قوات التحالف كانت لتدمير آبار وصهاريج النفط خلال العام الماضي (واشنطن بوست)
أولويات قوات التحالف كانت لتدمير آبار وصهاريج النفط خلال العام الماضي (واشنطن بوست)
TT

كواليس الحرب الاقتصادية ضد «داعش»

أولويات قوات التحالف كانت لتدمير آبار وصهاريج النفط خلال العام الماضي (واشنطن بوست)
أولويات قوات التحالف كانت لتدمير آبار وصهاريج النفط خلال العام الماضي (واشنطن بوست)

أفاد مسؤولون معنيون بمكافحة الإرهاب بأن تنظيم داعش يبدأ العام الجديد بموارد مالية شحيحة للغاية، وذلك في أعقاب شهور من الجهود الحثيثة لحرمان أعضاء التنظيم من العوائد النفطية ومصادر أخرى للدخل يستخدمونها في تمويل عمليات عسكرية وهجمات إرهابية بالخارج.
كانت طائرات تابعة للتحالف قد نجحت على امتداد الشهور الـ15 الماضية من تدمير أكثر من 1200 شاحنة ناقلة للنفط - بينها 168 مركبة جرى تدميرها خلال غارة واحدة في سوريا مطلع ديسمبر (كانون الأول) - في الوقت الذي جرى فيه استخدام أسلحة وتكتيكات جديدة لترك أضرار دائمة في الحقول النفطية المتبقية تحت سيطرة التنظيم، حسبما أوضح مسؤولون أميركيون وشرق أوسطيون.
بجانب الضربات العسكرية، يجري اتخاذ إجراءات جديدة ترمي لغلق شبكات مالية يستخدمها «داعش» للحصول على إمدادات مالية وسداد رواتب مقاتليه، تبعًا لما ذكره مسؤولون. يذكر أنه منذ أسبوعين، أعلنت الحكومتان الأميركية والعراقية عن أول جهود منسقة فيما بينهما لمعاقبة شركات الخدمات المالية العراقية والسورية التي يستخدمها الإرهابيون في إجراء تعاملات تجارية.
كما كان من شأن هذه الحملة تقليص عوائد مبيعات النفط، التي تمثل المصدر الأكبر للدخل بالنسبة للتنظيم، حسبما أفاد مسؤولون أميركيون. كما أدى ذلك إلى تعميق الآلام الاقتصادية التي أصابت التنظيم الذي ظل يجري النظر إليه حتى وقت قريب باعتباره التنظيم الإرهابي الأكثر ثراءً بالعالم.
وأوضح مسؤولون أنه من بين المؤشرات على المصاعب المالية التي يواجهها «داعش» تقلص رواتب مقاتليه، ذلك أن «داعش» قلص الرواتب بنسبة 50 في المائة منذ بضعة شهور، ويبدو أنه يواجه الآن صعوبة بالغة في سداد أجور المقاتلين والمحاربين في صفوفه من الأساس.
في هذا الصدد، أكد بريت مكغورك، المبعوث الخاص لإدارة أوباما إلى دول التحالف الـ67 التي تحارب «داعش»، خلال مؤتمر صحافي موجز عقده أخيرًا: «إننا نعمد إلى تدمير البنية الاقتصادية لـ(داعش)».
جدير بالذكر أنه منذ عام واحد فقط كان التنظيم يعمل على إغراء مقاتلين أجانب للانضمام إليه بالاعتماد على وعود بدفع رواتب ضخمة لهم، لكن الوضع تبدل اليوم.
الملاحظ أن طائرات التحالف تعكف على قصف حقول النفط التي يسيطر عليها التنظيم منذ أكثر من عامين، لكن النجاحات الأبرز على هذا الصعيد جاءت خلال الشهور الأخيرة من خلال عمليات عسكرية تستهدف آبارًا نفطية فردية، بما في ذلك عناصر من البنية التحتية أسفل الأرض، حسبما ذكر مسؤولون أميركيون وشرق أوسطيون مطلعون على الاستراتيجية الجديدة.
ومن شأن هذه التكتيكات التي تعتمدها قوات التحالف جعل من المستحيل على «داعش» إصلاح الآبار النفطية أو استخراج النفط من خلال أساليب بدائية، تبعًا لما أضافه مسؤولون.
ورغم أن ضربات جوية سابقة نجحت في تعطيل قدرة «داعش» على إنتاج النفط، فإن مسلحي التنظيم دائمًا ما نجحوا في إيجاد سبل لضخ وتكرير النفط بالاعتماد على سبل بدائية، حسبما ذكر مسؤول أميركي رفيع المستوى بمجال مكافحة الإرهاب، رفض كشف هويته. وأضاف أنه اليوم، حتى عمليات استخراج وتكرير النفط صغيرة الحجم تواجه صعوبة.
وقال: «يمكننا إعادتهم إلى القرن الـ19، لكن الناس كان ما زال بإمكانهم استخراج النفط بالقرن الـ19 - إنه يطفو على السطح وهم يجدون وسيلة لتعبئته وبيعه إلى شخص ما». أما التوجه الجديد فيعتمد على محاولة «إنزال الحد الأقصى من الضرر باستخدام الأسلحة المناسبة، بحيث لا يكون من السهل أو السريع بالنسبة لهم إصلاح الضرر».
من ناحية أخرى، فإن تحسن مستوى جهود الاستهداف تأتي على خلفية استمرار الضربات الجوية ضد شاحنات نقل النفط التي يجري استغلالها في نقل النفط ومنتجات مكررة، مثل الغازولين والديزل. وقد ركزت عملية القصف بادئ الأمر على قوافل الناقلات الضخمة قبل أن يبدل قادة «داعش» التكتيكات التي يتبعونها ويشرعون في الاعتماد على مركبات أصغر، وتسيير كل ناقلة بمفردها مع محاولة إخفائها عن الأعين لتجنب رصدها.
ومع ذلك، تمكنت قوات حربية أميركية في الـ8 من ديسمبر، من رصد وتدمير قافلة تضم 168 ناقلة نفط قرب مدينة تدمر السورية الواقعة تحت سيطرة التنظيم، وذلك في أكبر غارة من نوعها منذ اندلاع الصراع. وقبيل الهجوم، أسقط الطيارون الأميركيون منشورات تحذيرية على السائقين - وهم مدنيون من السكان المحليين - تنبههم إلى هجوم وشيك.
من ناحيته، قال دانييل إل. غليزر، مساعد وكيل وزارة الخزانة لشؤون مكافحة التمويل الإرهابي: «في الوقت الذي اتسمت فيه غارة تدمر بضخامة استثنائية، فإن الهجمات ذاتها تمثل حدثًا متكررًا. لقد كانت هذه حملة مستمرة على مدار العام الماضي لاستهداف هذه الناقلات».
ونتيجة لمثل هذه الغارات، أصبحت عائدات النفط الخاصة بـ«داعش» تشكل الآن نسبة ضئيلة للغاية من إجمالي الدخل الذي كان يحصده التنظيم مطلع عام 2015 ويقدر بـ1.3 مليون دولار، تبعًا لما ذكره مسؤولون أميركيون وشرق أوسطيون. ومع ذلك، استمر تدفق شاحنات صغيرة محملة بالنفط، مقبلة في معظمها من الجانب السوري من الخلافة المزعومة للتنظيم، على السوق النفطية السوداء، بمعاونة مسؤولين فاسدين داخل سوريا وتركيا، رغم أن الدولتين أعلنتا رسميًا الحرب ضد «داعش»، حسبما ذكر مسؤولون.
وقال مسؤول شرق أوسطي مطلع على العمليات ضد «داعش»، لكنه رفض كشف هويته إن «(داعش) لا يزال مستمرًا في بيع النفط إلى الرئيس السوري بشار الأسد. ويعد هذا مصدر دخل مهم للتنظيم، ولا نزال نعاين تيسير مسؤولين يعملون مع الأسد للأمور أمام (داعش)».
جدير بالذكر أن تدمير الدعائم الاقتصادية لـ«داعش» شكل هدفًا رئيسيًا للتحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة منذ عام 2014، رغم أن الجهود على هذا الصعيد اعترضتها بعض العقبات أحيانًا.
الملاحظ أنه على خلاف تنظيم «القاعدة»، يعتمد «داعش» بدرجة كبيرة على ذاته في تمويل نفسه، ويحصل على الجزء الأكبر من عائداته من مبيعات النفط، بجانب الأموال التي يجري تحصيلها كضرائب ورسوم من السكان المحليين والشركات داخل المناطق التي يسيطر عليها.
كما استفاد التنظيم بادئ الأمر من المخزونات الضخمة من العملة الصعبة التي صادرها عندما سيطر على مصارف في مدن عراقية وسوريا عام 2014. وبلغ إجمالي ثروة التنظيم بادئ الأمر قرابة 500 مليون دولار، تبعًا لتقديرات أميركية، لكن الجزء الأكبر منها تلاشى، الأمر الذي يعود لأسباب عدة منها الغارات الجوية الأميركية التي استهدفت مستودعات كان يجري تخزين الأموال بها.
*خدمة: «واشنطن بوست» ـ خاص بـ {الشرق الأوسط}



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».