الجزائر: تجدد المواجهات بين المحتجين والشرطة... ووزير الداخلية يتوعد

الحكومة تتهم أطرافًا بمحاولات زعزعة استقرار البلاد

الجزائر: تجدد المواجهات بين المحتجين والشرطة... ووزير الداخلية يتوعد
TT

الجزائر: تجدد المواجهات بين المحتجين والشرطة... ووزير الداخلية يتوعد

الجزائر: تجدد المواجهات بين المحتجين والشرطة... ووزير الداخلية يتوعد

هدد وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي بـ«الضرب بيد من حديد ضد من يحاول زعزعة استقرار الدولة»، واتهم أطرافا، من دون تسميتها، بـ«السعي لزعزعة استقرار وأمن البلاد».
وجاءت تهديدات الوزير بعد أعمال حرق وتخريب خطيرة شهدتها شوارع عدة مدن بالبلاد، في رد فعل على بدء تطبيق إجراءات اقتصادية واجتماعية قاهرة، على أثر خطة تقشف صارمة اعتمدتها الحكومة لمواجهة انخفاض سعر النفط.
وصرح بدوي بمدينة قالمة (500 كيلومتر شرق العاصمة)، أمس، حيث زار مشروعات مرتبطة ببرنامج الولاية الرابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة (2014 - 2019)، بأن «كل من تسول له نفسه المساس بأمن البلاد، فسيجد قوانين الجمهورية له بالمرصاد»، في إشارة إلى الاضطرابات التي عاشتها بعض مناطق البلاد الاثنين الماضي، واستمرت أمس بصورة متقطعة.
وظهر أن الدافع إلى هذه المظاهرات التي جرت بولايات بجاية والبويرة وبومرداس بالشرق، هو قانون الموازنة لسنة 2017، الذي يتضمن رسوما وضرائب وزيادة في أسعار مواد ذات استهلاك واسع، كالبنزين والكهرباء ومنتجات غذائية ضرورية.
وقال وزير الداخلية بهذا الخصوص إن قانون المالية لم يلحق ضررا بالقدرة الشرائية للمواطن. أما عن إضراب التجار في هذه الولايات احتجاجا على فرض رسوم جديدة عليهم، فقد أوضح الوزير أن «غلق المحلات تم فرضه بالقوة وبطرق عنيفة... وما حدث هو فرض رأي بالقوة والعنف، وأسلوب غير حضاري»، وتابع متوعدا: «الدولة بكل أجهزتها ستحفظ الملكيات العمومية والخاصة».
وترك الوزير انطباعا وهو يخوض في الأحداث بأنه يهاجم أشباحا يحملها مسؤولية حرق المرافق العامة وتخريب ممتلكات حكومية، مثل حافلات النقل العمومي ومصالح الضرائب ومراكز البريد، وبعض الشركات والإدارات؛ إذ لا أحد، سواء كان حزبا أو تنظيما حقوقيا أو جمعية أو نقابة، دعا إلى الخروج إلى الشارع للتعبير عن رفض خطة التقشف التي تطبقها الحكومة، تماشيا مع الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد منذ منتصف 2014 نتيجة انهيار أسعار المحروقات.
وشن سكان الولايات الثلاث، التي تنتمي إلى منطقة القبائل، أول من أمس، إضرابا شاملا تميز بشل الحركة التجارية، ورفض الآلاف الالتحاق بمناصب العمل. وخرج المئات إلى الشوارع في مظاهرات تخللتها أعمال حرق وتخريب. وعاشت ولاية بجاية (450 كلم شرق العاصمة) على وجه الخصوص ظرفا غير عادي، حيث تعرضت المرافق العامة للتخريب، وشهدت أحياؤها ما يشبه «عصيانا» من طرف مئات الملثمين الذين غزوا الشوارع في تحد واضح لسلطة الدولة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن شل الحركة في مناطق الاحتجاج، ولكن دعوة قوية إلى الإضراب انتشرت على شبكة التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية تدعو إلى الرد على إجراءات قانون الموازنة الذي وصف بـ«اللاشعبي»، عن طريق توقيف كل مجالات النشاط في ولايات القبائل التي تعرف بأنها «معقل المعارضة ضد النظام القائم». واحتج ناشطون في «فيسبوك» على «اتساع الفجوة بين الشعب والمسؤولين، بخصوص مستوى المعيشة».
وتزامن الإضراب مع دخول قانون الموازنة حيز التنفيذ، وشهدت شوارع مدن أقبو و«سوق الاثنين» ووسط مدينة بجاية، رفع لافتات كتب عليها: «كلنا ضد قانون الموازنة 2017»، و«لا لسياسة التقشف الحكومية». وحمل المتظاهرون الحكومة مسؤولية الوضع الذي دفعها إلى اتخاذ تدابير في غير مصلحة فئات واسعة من الجزائريين، الذين عاشوا فترة «بحبوحة» مالية طويلة، على أثر ارتفاع أسعار النفط. وبمجرد أن تهاوت الأسعار في 2014 تغير الوضع رأسا على عقب، فأعلنت الحكومة عن وقف التوظيف في الإدارة العمومية، وإلغاء مشروعات في البنية التحتية، ومنعت استيراد السيارات ومنتجات مصنفة ضمن «الكماليات».
وأظهرت قوات مكافحة الشغب التي انتشرت بكثافة في المدن المضطربة، حرصا على تفادي مواجهة الغاضبين، لإدراكها أن استعمال القوة سينتج عنه انفجار عنف لا يمكن أن تتحكم فيه، خصوصا أن منطقة القبائل معروفة بـ«تمردها» الأزلي على السلطات بسبب خصوصيات ثقافية واقتصادية وجغرافية وحتى سياسية، جعلت منها منطقة مختلفة عن بقية المناطق. وعادة ما تقابل السلطات أي مظاهرة في الشارع بالهراوات والاعتقالات، بذريعة أن الأوضاع الأمنية بالبلاد لا تسمح.
وقد اشتمت الحكومة في الأيام الماضية رائحة غضب شعبي عارم قادم، مما دفع رئيس الوزراء عبد المالك سلال إلى مخاطبة المواطنين عبر التلفزيون العمومي الأسبوع الماضي، محاولا طمأنتهم بخصوص «تحسن الأوضاع المالية للبلاد في مستقبل قريب». ومما جاء على لسان سلال أنه «رغم انخفاض مداخيل البلاد من بيع النفط والغاز، لم يتغير نمط معيشة الجزائريين، زيادة على أن كل أشكال الدعم الحكومي بقيت على حالها، وستستمر خلال عام 2017، بخاصة فيما تعلق بدعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع».
وبخلاف المناطق الأخرى، تتوجس الحكومة من أي حركة احتجاج تقع بمنطقة القبائل، التي تشتهر بـ«أحداث (الربيع الأمازيغي)»، التي وقعت عام 1980، عندما تدخلت الشرطة لمنع محاضرة بمدينة تيزي ووزو موضوعها: «البعد البربري للشخصية الجزائرية». وكان رد فعل المناضلين يومها عنيفا، واندلعت مواجهات بين الطرفين خلفت جرحى واعتقالات في صفوف الناشطين. وظل الاحتقان حادا بالمنطقة إلى أن تجددت المواجهات بشكل أكثر عنفا في ربيع 2011 عندما قتل دركي شابا في الثامنة عشرة من العمر. وخلفت معارك الشوارع بين المحتجين على مقتل الشاب، وقوات الأمن مائة قتيل، وكانت تلك الأحداث سببا مباشرا في تعديل الدستور عام 2002 لتدوين الأمازيغية «لغة وطنية»، قبل أن تصبح «رسمية»، علما بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان من أشد المعارضين لهذا الخيار.
وكانت تلك الأحداث أيضًا سببًا غير مباشر في ميلاد تنظيم انفصالي، يسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، له حاليا ممثلون في أوروبا وأميركا. وفي الغالب تتحاشى السلطات الدخول في مواجهة مع نشطاء الحكم الذاتي للحيلولة دون ظهورهم في صورة «أقلية إثنية تتعرض للقمع».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.