2016... عام قطف إيران ثمار الاتفاق النووي إقليميًا

أبرز محطاته تصعيد التدخل في سوريا واليمن... ومهاجمة السفارة السعودية

وزير الخارجية الأميركي جون كيري التقى نظيره الإيراني جواد ظريف في فيينا قبل يوم من اجتماع وكالة الطاقة الدولية في 16 أغسطس الماضي (غيتي)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري التقى نظيره الإيراني جواد ظريف في فيينا قبل يوم من اجتماع وكالة الطاقة الدولية في 16 أغسطس الماضي (غيتي)
TT

2016... عام قطف إيران ثمار الاتفاق النووي إقليميًا

وزير الخارجية الأميركي جون كيري التقى نظيره الإيراني جواد ظريف في فيينا قبل يوم من اجتماع وكالة الطاقة الدولية في 16 أغسطس الماضي (غيتي)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري التقى نظيره الإيراني جواد ظريف في فيينا قبل يوم من اجتماع وكالة الطاقة الدولية في 16 أغسطس الماضي (غيتي)

يمكن القول إن عام 2016 المنصرم كان عام «استفادة» إيران من الاتفاق النووي الذي كانت قد عقدته مع الولايات المتحدة (على رأس الدول الخمسة زائد واحد) عبر توسيع تدخلاتها السياسية والحربية في العالم العربي، وبالأخص في سوريا واليمن. وكان هذا واضحًا من إحجام واشنطن عن كبح التدخلات الإيرانية لرغبتها بالمحافظة على الاتفاق الذي اعتبره الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما من أهم منجزات حكمه.
إلا أن إيران بدأت عام 2016 بمنعطف خطير في علاقاتها مع الدول العربية بعدما هاجمت جماعة من منتسبي الباسيج التابع للحرس الثوري الإيراني مقري السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد، عقب تحريض رسمي. وفي المقابل، ردّت الرياض بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وطرد السفير الإيراني. وبعدها حاول الإيرانيون الثأر من المواقف الدولية والعربية الواسعة من خلال رفض طهران شروط السعودية لدخول الحجاج الإيرانيين تمهيدًا لتسييس الحج على غرار السنوات الماضية التي شهدت توتر العلاقات بين البلدين.
وعلى الصعيد السياسي، رغم تقبيح المرشد الأعلى علي خامنئي الهجوم على السفارة والقنصلية، فإنه دافع عن المهاجمين في عدة مناسبات، ورفض وصفهم بالمتطرفين. وهو ما ترك أثره على مسار محاكمة الموقوفين بتخفيف العقوبات. ومع أن الرئيس حسن روحاني وصف الهجوم بأنه يهدد الأمن القومي، خففت التهمة إلى الإخلال بالنظم العام. وفي مايو (أيار) قال حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني، في حوار نشرته مجلة «إنديشه بويا» إن «دوافع طائفية» كانت وراء الهجوم على السفارة السعودية.
* فوائد الاتفاق النووي
بعد الاتفاق النووي تدفقت الوفود الأوروبية إلى طهران بحثًا عن مكاسب اقتصادية وإبرام عقود تجارية كان نصيب الفرنسيين والألمان على الورق أوفر من الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، لكن امتناع المؤسسات المالية عن التعامل مع طهران، عرقل ما كانت حكومة روحاني تأمل في إنجازه، ناهيك بالرفض الداخلي لدخول المستثمرين، خصوصًا أن الذراع الاقتصادي للحرس الثوري يعد أبرز منافس للشركات الداخلية والدولية في الحصول على المشاريع العملاقة. في أي حال، على مدى السنة الماضية حاولت إيران عقد صفقات تجارية كبيرة منها مع شركات نفطية مثل «شل» و«توتال»، وفضلا عن شركات أخرى، وهذا بجانب صفقات تطوير أسطولها الجوي عبر حصولها على طائرات من صنع شركتي «بوينغ» و«إيرباص». غير أن معارضة وزارة الخزانة الأميركية استخدام إيران للدولار في معاملاتها التجارية، أخر البت بالصفقات.
وفي يونيو (حزيران) أعلنت مجموعة «فاتف» الدولية التي تراقب تمويل الإرهاب وغسل الأموال في أحدث تصنيف لعام 2016 إبقاء إيران على صدر القائمة السوداء بين أكثر الدول العالية المخاطر على المؤسسات المالية العالمية.
* «الانتخابات»... وتلاسن المسؤولين
من ناحية ثانية، كان من أهم الأحداث السياسية في إيران خلال 2016 دخول البلاد الانتخابات البرلمانية وانتخابات خبراء القيادة. وكانت البلاد دخلت الأجواء الانتخابية قبل شهور من موعد تنفيذها واكتسبت الانتخابات حساسية زائدة أهمها توقعات بإمكانية صعود مرشد ثالث بعد تكهنات عن تدهور صحة المرشد علي خامنئي، والحرب الكلامية التي شهدها البرلمان السابق مع حكومة روحاني بشأن إدارة البلاد وتمرير الاتفاق النووي عقب شهور من الجدل. ويذكر أنه في 20 من يناير (كانون الثاني) الماضي أعلن مجلس صيانة الدستور رفض أهلية 65 في المائة من المرشحين للانتخابات البرلمانية، وكان التيار الإصلاحي والمعتدل أعلن موافقة المجلس على 30 من مرشحيه من أصل 3 آلاف مرشح شكلوا نسبة 99 في المائة من المرفوضين. ولقد تنافس ستة آلاف و229 مرشحًا على 290 معقدًا في البرلمان.
وتزامنت انتخابات البرلمان مع انتخابات «مجلس خبراء القيادة»، وهو مجلس من رجال الدين الشيعة المنتخبين وظيفته الأساسية انتخاب المرشد الأعلى الجديد في حال عجز الحالي عن القيام بمهامه أو وفاته. وكان أهم حدث في هذه الانتخابات منع حسن الخميني، حفيد آية الله الخميني، من الترشح.
وبعد إعلان فوز قاطع للتيار المقرب من روحاني في الانتخابات البرلمانية اتجه «المعتدلون» و«الإصلاحيون» لإعلان كتلة «الأمل» البرلمانية قوامها نواب مدينة طهران الثلاثون. وفي المقابل، ظهر قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني في أروقة البرلمان قبل يومين من أداء البرلمان الجديد القسم الدستوري وكشف النواب الأصوليون عن كتلة «الولاية» برئاسة علي لاريجاني.
* فضائح بالجملة
التلاسن الذي ارتفعت حدته منذ فبراير (شباط) بين خامنئي وروحاني توسع بعد تسريب مواقع تابعة لخصوم روحاني في يوليو (تموز) وثائق حكومية تظهر تلقي كبار المسؤولين تلقي رواتب خارج إطار القانون. وجاء هذا التسريب بعدما كلف خامنئي مساعد الرئيس الأول بفتح تحقيق حول ملفات الفساد في البلد، واتهمت حكومة روحاني إدارة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد باختفاء منصات نفطية في مياه الخليج، لكن تسريب الوثائق عن رواتب المسؤولين وضع حكومة روحاني في موقف حرج.
وفي يونيو الماضي حذر المفتش الخاص بالمرشد الإيراني علي أكبر ناطق نوري من تفشي الفساد بين المسؤولين في إيران وعلى رأسهم القضاء. وأقر ناطق نوري بأن النظام الإيراني يتقهقر، و«لا يمكنه تقديم نموذج للدول الأخرى». وانتقد في نفس الوقت الإحصائيات المعلنة عن المخاطر الاجتماعية مثل الإدمان والمشردين والطلاق والفساد والرشى، قائلاً إن «أعداء النظام يستندون إليها ويوظفونها ضد النظام». وكان علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، قد حذر بدوره في فبراير خلال لقاء تلفزيوني من «انهيار المجتمع الإيراني» و«تراجع الإسلام» في البلاد.
وأدى تبادل التهم إلى تسريب وثائق في أغسطس (آب) عن ملف فساد كبير استهدف مجلس بلدية طهران وعمدة طهران اللواء محمد باقر قاليباف - أحد المنافسين المحتملين لروحاني في الانتخابات الرئاسية - . وبحسب الوثائق فإن مسؤولين كبارًا استغلوا مناصبهم للحصول على عقارات حكومية في مناطق طهران التجارية بأقل من نصف سعر السوق. وامتدت فضائح الفساد إلى صندوق تأمين المعلمين الذي طال مقربين من رئيس القضاء السابق محمود هاشمي شاهرودي، كما أن وثائق تسربت في أكتوبر (تشرين الأول) حول 63 حسابًا بنكيًا تعود إلى رئيس السلطة القضائية ويدخل كل منها سنويًا 250 مليار تومان (المليار يعادل 500 ألف دولار أميركي) وهو ما أثار جدلاً بين الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية.
وفي أغسطس أيضًا أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن اعتقال المسؤول المالي في الفريق المفاوض النووي عبد الرسول دري أصفهاني، وبحسب مصادر إيرانية فإن أصفهاني أوقف للتحقيق لحظة مغادرته مطار الخميني رفقة وفد وزير الخارجية إلى أنقرة.
* الحرس الثوري يدمر سوريا
على صعيد آخر، في المجال العسكري، يوم 5 يناير كشف الحرس الثوري عن ثاني موقع كبير لتخزين الصواريخ الباليستية على عمق 500 متر تحت الأرض بحضور رئيس البرلمان علي لاريجاني. وكانت عودة الحرس الثوري إلى التجارب الصاروخية بين أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني) أثارت مخاوف لدى حكومة روحاني قبل دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ.
في غضون ذلك دافع مسؤولون في إيران عن اختبارات الصواريخ والكشف عن المدن الصاروخية تحت الأرض، معتبرين إياه في إطار التحقق من مصداقية الأطراف الدولية في تنفيذ الاتفاق. لكن الحكومة اعتبرت الاستعراض الصاروخي ورفض قادة الحرس الثوري والتصريحات الاستفزازية حول تطوير البرنامج النووي تهديدًا لمكاسب إيران من الاتفاق النووي.
بموازاة التجارب الصاروخية واصلت القطاعات العسكرية الإيرانية تدخلها العسكري في سوريا، كما استمر تدفق توابيت قتلى الحرس الثوري الملفوفة بالعلم الإيراني، بجانب توابيت يرمز لها اللون الأخضر تحمل جثث المقاتلين التابعين للميليشيات الأفغانية (فاطميون) والباكستانية (زينبيون). وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) المنصرم أعلن قائد الحرس الثوري لأول مرة امتلاك إيران 200 ألف مقاتل في خمس دول عربية وإسلامية. ويذكر أنه في سياق تلك التهديدات في مارس (آذار) الماضي توعّد الناطق باسم هيئة الأركان المسلحة اللواء مسعود جزايري بإرسال قوات إلى اليمن مثلما فعلت إيران بإرسال قوات إلى سوريا.
وطوال العام الماضي واصل قادة الحرس الثوري إطلاق التصريحات التي تثبت عمق التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية. وحاولت إيران تبرير وجودها في الأرض السورية «عبر المستشارين العسكريين تجاوبًا مع طلب رسمي تقدم به نظام بشار الأسد». وفي هذا السياق، أعلن رئيس «منظمة الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي محلاتي عن مقتل أكثر من ألف إيراني خلال الفترة التي شاركت فيها القوات الإيرانية في الحرب السورية.
وخلال شهري نوفمبر وديسمبر أثارت عملية نظام الأسد وائتلاف حلفاء الحرس الثوري مخاوف دولية واسعة، وسلطت الأضواء على الدور الإيراني واتهمت قوى المعارضة إيران بالوقوف وراء خرق الهدنة في حلب وتهجير سكان الأحياء الشرقية بعد قصف مكثف من الطيران الروسي.
بموازاة تدخل الحرس الثوري واستراتيجية الحسم العسكري التي اتبعها سليماني منذ إرسال إيران قوات عسكرية تحت مسمى المستشارين العسكريين حاولت إيران استثمار الأزمة السورية في تسوياتها مع الغرب. وكان خامنئي في خطاباته التي انتقد فيها الاتفاق النووي قدم دلائل كثيرة على صراع خفي بين إدارة روحاني والحرس الثوري بشأن إدارة ملف الأزمة السورية. وأصبح ذلك الخلاف جليًا بعد قرار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وضع حد لخلاف دام أشهر حول مساعده في الشؤون العربية والأفريقية أمير عبد اللهيان - المقرب من سليماني - بإعلان نهاية خدمات عبد اللهيان من منصبه وتعيين جابر حسين أنصاري الذي كان يشغل منصب المتحدث باسم الخارجية بدلا منه.
ومن بين التفاصيل الكثيرة بشأن رعاية إيران لجيش متعدد الجنسيات للقتال إلى جانب قوات النظام السوري يمكن الإشارة إلى ثلاث قضايا:
1 - الكشف عن إرسال قوات خاصة من الجيش الإيراني في بداية أبريل (نيسان) أهمها اللواء 65 المدرع نوهد، وفقًا لإعلان مساعد قائد القوات البرية في الجيش الإيراني علي آراسته.
2 - مذبحة خان طومان (بشمال سوريا) في بداية مايو. ووفق الإحصائيات الإيرانية الأولى سقط أكثر من ثمانين إيراني بين قتيل وجريح، الحرس الثوري أصدر بيانًا ودعا الإيرانيين للهدوء.
3 - في منتصف أغسطس الماضي كشفت وسائل إعلام روسية عن نشر قاذفات من طراز «توبوليف 22» و«سوخوي 34» من سلاح الجو الروسي في ثالث أكبر قاعدة تابعة للجيش الإيراني بمدينة همدان (غرب البلاد) وأكدت المصادر الروسية أنها انطلقت من هناك لقصف مواقع في إدلب ودير الزور وحلب بسوريا.
* حرب توسعية.. وقائية
في فبراير 2016 نقلت أسبوعية «خط حزب الله»، الصادرة عن مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي وأقرب وسائل الإعلام التي تنقل مباشرة وجهة نظره تجاه القضايا المتعددة، تصريحات لخامنئي دافع فيها عن التدخل العسكري الإيراني في سوريا والمناطق الأخرى. واعتبر أن قتال الحرس الثوري «أبعد سيناريو الحرب عن داخل إيران»، وقال: «لولا قتال الحرس الثوري هناك لترتب عليه القتال في كرمانشاه وهمدان والمحافظات الأخرى». في نوفمبر أرسل الحرس الثوري إلى سوريا عددًا كبيرًا من قواته وميليشيات «فاطميون» (من الأفغان نسبة 80 في المائة يحارب بدافع مادي، والآخرون يحاربون بدافع طائفي وفق شهادات بثتها وسائل إعلام أجنبية) «وزينبيون» (باكستانيون).
وفي بداية مايو الماضي اعتبر قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني قتال قواته في سوريا والعراق «مصدر الأمن والاستقرار» في إيران، وتابع أن قتلى الحرس الثوري يسقطون هناك دفاعًا عن أمن إيران.
ورغم إدانة تدخلات إيران في شؤون دول المنطقة من قبل الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي، فإن مؤشر المواقف الاستفزازية والتهديد العسكري تصاعد مع مرور الوقت في العام الماضي. وكان قائد الحرس الثوري الأسبق محسن رضائي - الذي عاد العام الماضي لارتداء البزة العسكرية بعد سنوات من الفشل في الانتخابات الرئاسية في سبتمبر (أيلول) - قال في تصريح لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» إن إيران ستبدأ الحرب إذا ما هاجمتها السعودية. كما قال رضائي إن بلاده لن تنوي التراجع من مواقفها في سوريا والبحرين واليمن.
* تدهور الوضع الإنساني والأزمات الاجتماعية
وثقت مصادر كثيرة، منها مركز الإحصاء الإيراني، خلال العام الماضي تدهور أوضاع المجتمع الإيراني، بما في ذلك تفشي الفقر وهجرة القرويين إلى صفيح المدن الكبيرة. ومن جانب آخر، ارتفعت حدة البطالة إلى مستويات غير مسبوقة وتحولت خلال هذا العام إلى أبرز أزمات المجتمع الإيراني. وبينما تقول حكومة روحاني إن عدد العاطلين في إيران يبلغ نحو أربعة ملايين، فإن إحصائيات مركز دراسات البرلمان تشير إلى وجود أكثر من خمسة ملايين، بل تشير إحصائيات غير رسمية إلى وجود ما يقارب سبعة ملايين عاطل عن العمل، وذلك وسط تحذيرات رسمية من ارتفاع العدد إلى 11 مليون في غضون السنوات الخمس المقبلة. يضاف إلى ذلك تفاقم التهديدات الاجتماعية مثل ظاهرة الإدمان وارتفاع الجريمة بين النساء.
من جانب آخر، حاولت الحكومة التوجه إلى مفاوضات مع الجهات الدولية لإزالة العقوبات المتعلقة بقضايا انتهاك حقوق الإنسان على غرار العقوبات المتعلقة بالنووي. وبذلت طهران جهودًا لمنع تمديد عمل المقرر الأممي الخاص بحقوق الإنسان. وكانت الخارجية الإيرانية قد هاجمت في مناسبات كثيرة التقارير الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان ومنظمات تراقب الوضع الإنساني، واعتبرت تلك التقارير «منحازة» و«مسيسة» على الرغم من استمرار رفضها السماح للمقرر الخاص بحقوق الإنسان بدخول إيران لمقابلة الضحايا وعوائل السجناء.
ولكن في المقابل، تراجعت نسبيًا خلال 2016 أرقام الإعدامات التي تجاوزت فيه إيران أرقامًا قياسية عالمية خلال السنوات الـ20 الأخيرة، ببلوغ عدد الإعدامات 1084 وفق منظمة حقوق الإنسان الإيرانية. وكان تقرير دولي قد كشف في يناير الماضي أن إيران تحتل المرتبة الأولى عالميًا في إعدام القاصرين وشملت الإحصائيات القاصرات كذلك. وفي نهاية فبراير أدلت مساعدة الرئيس الإيراني شهيندخت مولاوردي في حوار مع وكالة «مهر» الحكومية بمعلومات مثيرة للجدل حول قرية بإقليم بلوشستان، يعاني النساء والأطفال فيها من اليتم والفقر بسبب إعدام كل رجال القرية.
وفي أغسطس الماضي أعدمت إيران سرًا أكثر من 20 ناشطًا سنيًا كرديًا في سجن رجايي شهر، وفق إعلان المدعي العام الإيراني محمد علي منتظري، وأدانت أكثر من 178 منظمة دولية تلك الإعدامات بأشد العبارات وطالبت بتدخل دولي لوقف الإعدامات.
أخيرًا، ازداد القمع في إيران خلال العام المنصرم ضد الأقليات العرقية والدينية، فتصاعدت المواجهات العسكرية الصيف الماضي في مناطق كثيرة من كردستان إيران، وأعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني أهم الأحزاب الرئيسية في هذه المناطق إلى الخيار المسلح لتحقيق.
وفي الحدود الشرقية شهدت منطقة بلوشستان، أكثر مناطق إيران فقرًا، التي تعاني من تمييز طائفي وعرقي مزدوج توترًا كبيرًا بين الجماعات المسلحة المعارضة والحرس الثوري المكلف بحماية الحدود الشرقية.
وفي الأحواز ذات الغالبية العربية، واصلت مخابرات الحرس الثوري ووزارة المخابرات الإيرانية استهداف الناشطين السياسيين والمدمنين. ولم يعرف بعد عدد المعتقلين لكن إحصائيات متباينة صدرت عن منظمات حقوق أحوازية تظهر أن الاعتقالات السياسية قد طالت العشرات من العرب في تلك المناطق. وامتدت الاحتجاجات الشعبية على مشاريع نقل مياه الأنهار من الرأي العام في الأحواز إلى خلافات بين المسؤولين العرب وغير العرب.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.