الاستحقاق البرلماني يفرض نفسه مع انطلاق الخطوة الثانية لـ «خريطة المستقبل»

وزارة العدالة الانتقالية المصرية لـ («الشرق الأوسط»): الأخذ بنظام القائمة في انتخابات مجلس النواب حتمي

الاستحقاق البرلماني يفرض نفسه  مع انطلاق الخطوة الثانية لـ «خريطة المستقبل»
TT

الاستحقاق البرلماني يفرض نفسه مع انطلاق الخطوة الثانية لـ «خريطة المستقبل»

الاستحقاق البرلماني يفرض نفسه  مع انطلاق الخطوة الثانية لـ «خريطة المستقبل»

فرضت الانتخابات البرلمانية نفسها على المشهد السياسي في مصر، لتزاحم المنافسة الرئاسية التي لا تزال في أمتارها الأولى. وبينما تستعد لجنة شكلها الرئيس المؤقت عدلي منصور لوضع مشروع قانون الانتخابات البرلمانية، قال المستشار محمود فوزي، المتحدث الرسمي باسم وزارة العدالة الانتقالية، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الأخذ بنظام القائمة في انتخابات مجلس النواب أمر حتمي لتحقيق نص الدستور الذي ألزم المشرع بوجود تمثيل عادل لفئات بعينها».
ومع وجود متنافسين اثنين في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها أواخر الشهر المقبل، بات في حكم المؤكد أن تقتصر المنافسة على جولة واحدة، وهو ما يعني إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية في موعد أقصاه الخامس من يونيو (حزيران) المقبل. وتعد الانتخابات البرلمانية هي الخطوة الثالثة والأخيرة في خريطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي الصيف الماضي. ونص الدستور الذي أقر أوائل العام الحالي على الانتهاء من الانتخابات الرئاسية البرلمانية في غضون ستة أشهر.
وقال المستشار محمود فوزي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الوفاء بالنصوص الدستورية التي حثت المشرع على وجود تمثيل ملائم للشباب والمرأة يجعل من وجود نظام القائمة في الانتخابات البرلمانية المقبلة أمرا حتميا». ونص الدستور على وجود تمثيل ملائم للشباب والمرأة في مجلس النواب المقبل. وقال فوزي إن الدستور أتاح للمشرع أن يجري الانتخابات بالنظام الفردي فقط، أو القوائم فقط، أو الأخذ بالنظامين بأي نسبة.
وينقسم الشارع السياسي في مصر بين مؤيد ومعارض للأخذ بنظام القائمة. ويبدو اللجوء إلى النظام المختلط؛ أي تخصيص نسبة للمقاعد بالنظام الفردي وأخرى لنظام القوائم، هو الأرجح، بحسب مراقبين وسياسيين. وقال فوزي إن اللجنة ستعمل على أن تحدد النسبة الأمثل في الجمع بين نظام القوائم والنظام الفردي، لتحقيق مقاصد الدستور، لافتا إلى أنه حتى الآن لا يوجد تصور واضح بشأن تلك النسبة.
وأشار المستشار فوزي، وهو أيضا عضو في لجنة التشريع بمجلس الدولة، إلى أن اللجنة التي شكلها الرئيس منصور لوضع مشروع قانون الانتخابات البرلمانية ستعقد أول اجتماعاتها يوم الأربعاء المقبل. ويترأس اللجنة المنوط بها وضع مشروع القانون المستشار أمين المهدي وزير العدالة الانتقالية، بعضوية المستشار علي عوض المستشار الدستوري والقانوني للرئيس، ومحمد عبد العال أستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس، وعلي الصاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، واللواء رفعت قمصان مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات.
وأضاف المستشار فوزي أن قرار التكليف شدد على أن تضع اللجنة تصورها في ضوء الحوار المجتمعي الذي أجرته الرئاسة قبل نهاية العام الماضي، لافتا إلى أن الأحزاب السياسية كانت ممثلة في هذه اللقاءات، مؤكدا أن مشروع القانون سيطرح بعد الانتهاء منه على طاولة الحوار المجتمعي أيضا.
وأجرت مؤسسة الرئاسة حوارا مجتمعيا أواخر العام الماضي، أصدرت بموجب توصياته قرارها بتبكير موعد الانتخابات الرئاسية لتسبق الانتخابات البرلمانية، التي كان مقررا أن تجرى أولا بحسب الإعلان الدستوري الصادر في يوليو (تموز) الماضي. ولم تفلح لجنة الخمسين التي أنيطت بها كتابة الدستور في ترجيح النظام الانتخابي، وسط انقسام بين الأخذ بنظام القوائم فقط، أو الجمع بين نظامي الفردي والقوائم. وتركت لجنة الخمسين للمشرع (وهو في هذه الحالة رئيس الجمهورية حاليا) تقرير ما يراه مناسبا.
وشدد المستشار فوزي على أن اللجنة المشكلة ستعمل على أن يخرج مشروع القانون متطابقا مع النصوص الدستورية، قائلا إن تشكيل اللجنة وحرصها على العمل وفق معايير علمية سيكون ضامنا للوصول إلى مشروع قانون متكامل ويحقق الصالح العام.
وأجريت آخر انتخابات برلمانية في البلاد بالجمع بين نظام القائمة والنظام الفردي، وقصر القانون حق الدفع بالقوائم على الأحزاب السياسية، لكنه سمح بأن يتقدم حزبيان للمنافسة على مقاعد النظام الفردي، وهو أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت المحكمة الدستورية العليا قبل عامين للحكم ببطلان أول برلمان بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وعقب ثورة 30 يونيو عام 2013، صدر قرار بحل مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري حينها). وتولى مجلس الشورى، الذي هيمنت عليه جماعة الإخوان، إصدار التشريعات خلال حكم مرسي، بعد حل مجلس الشعب. وأُلغي نظام الغرفتين في دستور مصر الجديد، بعد جدل واسع واعتراضات أحزاب تقليدية. ونص الدستور المعمول به حاليا على وجود غرفة واحدة هي مجلس النواب (المسمى الجديد لمجلس الشعب).



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.