«البريكست» بدأ بفكرة وانتهى بانفصال

استفتاء الخروج البريطاني أطاح برئيس وزراء وهزّ أسس «الاتحاد الأوروبي»

رجل يلوح بالعلمين البريطاني والأوروبي خلال مظاهرة ضد البريكست في لندن في 28 يونيو الماضي (غيتي)
رجل يلوح بالعلمين البريطاني والأوروبي خلال مظاهرة ضد البريكست في لندن في 28 يونيو الماضي (غيتي)
TT

«البريكست» بدأ بفكرة وانتهى بانفصال

رجل يلوح بالعلمين البريطاني والأوروبي خلال مظاهرة ضد البريكست في لندن في 28 يونيو الماضي (غيتي)
رجل يلوح بالعلمين البريطاني والأوروبي خلال مظاهرة ضد البريكست في لندن في 28 يونيو الماضي (غيتي)

أصبح عام 2016 مرتبطًا ارتباطًا شديدًا بثلاثة أحداث بصمت العالم، هي: اشتداد الحرب في سوريا، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة.
وعلى عكس الحرب السورية التي شكّلت امتدادًا لمعاناة المدنين تحت قصف النظام وروسيا، ووصول ترامب إلى سدّة الحكم بعد شهور من المعارك الانتخابية، كان قرار «البريكست» صادمًا ومفاجئًا وغير متوقع. وعلى الرغم من أنّ حملة «الخروج» exit التي قادها عمدة لندن السابق ووزير الخارجية الحالي بوريس جونسون، تمكّنت من استقطاب أصوات في عدد من مناطق الداخل البريطاني، فإن المؤشرات جميعها كانت تدلّ على تفوق حملة «البقاء» بهامش قوي وتشبّث البريطانيين بعضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي. ولكن في 23 يونيو (حزيران) الماضي، بدّدت صناديق الاقتراع آمال أنصار «البقاء»، وأثبتت أن استطلاعات الرأي، حتّى أكثرها دقة، فشلت في توقّع النتيجة.

نهاية مسيرة كاميرون
ولدت فكرة الاستفتاء، أساسًا، في أوج صعود حزب «استقلال المملكة المتحدة» (يوكيب) الشعبوي اليميني المناهض للفكرة الأوروبية في 2014، قبل أشهر من الانتخابات البريطانية التشريعية. وفي 2015، نجح الزعيم المحافظ ديفيد كاميرون في تحقيق فوز ساحق لحزبه، إذ تمكّن من نيل الأغلبية المطلقة، متخليًا عن حليفه الحكومي السابق حزب الديمقراطيين الأحرار. ورغم ذلك، استمرت الضغوط السياسية داخل حزب المحافظين وخارجه على كاميرون لتنفيذ وعوده الانتخابية، وتنظيم استفتاء على «البقاء» أو «الخروج» من الاتحاد الأوروبي. وبذلك، سجل اسم ديفيد كاميرون في التاريخ باعتباره رئيس الوزراء البريطاني الذي أطلق عملية خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، ومعها إنهاء مسيرته السياسية كرئيس وزراء.
في 23 يونيو، أحدث تصويت أكثر من 17 مليون بريطاني لصالح انسحاب بلادهم من الاتحاد الأوروبي زلزالاً في القارة العجوز وفي العالم. وبتصويت 51.9 في المائة من الناخبين لصالح «الخروج» باتت بريطانيا أول دولة تغادر الاتحاد الأوروبي الذي دخلته في 1973. وتسببت نتيجة الاستفتاء، بـ«يوم جمعة أسود» خسرت فيه أسواق المال العالمية 3 تريليونات دولار. كما تراجع الجنيه الإسترليني بشكل لافت، وأعلن «بنك إنجلترا» (المركزي) استعداده لضخ 250 مليار جنيه إسترليني (342 مليار دولار) في الأسواق لضمان توافر السيولة.
ودفعت هذه التطورات، كاميرون إلى الاستقالة، والتأكيد على أن عملية «الخروج» من الاتحاد سيقودها رئيس وزراء آخر. والحقيقة أن النتائج أظهرت انقسام المملكة المتحدة بصورة حادة، إذ صوتت العاصمة لندن وكل من اسكتلندا وآيرلندا الشمالية لصالح «البقاء»، بينما صوّتت مناطق شمال إنجلترا وويلز لصالح «الخروج»، ومع تصويت اسكتلندا لـ«البقاء» قالت رئيسة وزراء الإقليم نيكولا ستورجن إن خطة تنظيم استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة «باتت على الطاولة».

هلع أوروبي وطمأنة لندنية
أحدثت نتيجة الاستفتاء البريطاني هلعا في أوروبا ومخاوف من تسارع انهيار الاتحاد. واعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اختيار الخروج «ضربة موجهة إلى أوروبا وإلى آلية توحيد أوروبا»، بينما رأى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن «تصويت البريطانيين يضع أوروبا في مواجهة اختبار خطير»، مبديًا أسفه البالغ لهذا «الخيار الأليم».
وبعد ساعات قليلة من نتيجة الاستفتاء، وجّه رئيس بلدية لندن، صديق خان، رسالة للأوروبيين المقيمين في العاصمة البريطانية يطمئنهم فيها إلى أن الخروج من الاتحاد لن يؤثر عليهم. وكتب خان آنذاك على صفحته بموقع «فيسبوك» قائلاً: «هناك نحو مليون أوروبي يعيشون في مدينتنا، يعملون بكّد، ويدفعون الضرائب، ويساهمون في حياتنا الاجتماعية والثقافية. كمدينة، نحن ممتنون لكم، ولن يتغير شيء بعد الاستفتاء».
في المقابل، أعلن الأمين العام السابق لحزب «استقلال المملكة المتحدة» اليميني والشعبوي، نايجل فاراج، «استقلال بريطانيا قبل الإعلان عن النتائج. كما طالب فاراج بإعلان يوم 23 يونيو إجازة وطنية «احتفالا باستقلال البلاد»، مؤكدًا أن النتيجة تشكل «انتصارًا للناس الحقيقيين والناس العاديين». ودعا فاراج - المناهض لأوروبا والمهاجرين - إلى العمل فورًا على تشكيل حكومة تعكس تطلعات معسكر «الخروج».
ما حصل فعليًا، أنه على الرغم من التحذير من كارثة اقتصادية تحدث عنها المعسكر المؤيد لـ«البقاء» في الاتحاد والمؤسسات الدولية، فضل البريطانيون تصديق الوعود باستعادة استقلاليتهم إزاء بروكسل
ووقف الهجرة من دول الاتحاد الأوروبي، وهي القضية التي تصدّرت المواضيع الرئيسية في الحملة المضادة. وهكذا انسحبوا من مشروع رأوا فيه بشكل أساسي سوقًا موحدة كبرى، لكن من دون الانخراط في المشروع السياسي. وبالنسبة لكثير من الأوروبيين، كان قرار البريطانيين بالاستغناء عن عضويتهم في الاتحاد بمثابة تحذير من تفكك أهمّ اتحاد اقتصادي ومالي في العالم، الذي أصبح يعاني من أزمتي الهجرة والتباطؤ الاقتصادي.

مستقبل أوروبا
في أول لقاء رسمي لهم بغياب بريطانيا، توقف قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عند ضرورة تعجيل الإصلاحات في مجالات ضبط الهجرة والتكامل الاقتصادي. وذكرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لدى وصولها إلى العاصمة السلوفاكية براتيسلافا، في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي، أن الاتحاد الأوروبي «في وضع حرج»، وذكرت أن «المسألة تتعلق بأن نظهر بالأفعال أن بإمكاننا أن نصبح أفضل». وذكر مسؤولون أن خروج بريطانيا من الاتحاد أبرز حجم الثقة التي فقدها مواطنو الاتحاد الأوروبي في التكتل، وأنه من أجل استعادتها، ينبغي أن يتعامل التكتل بشكل أكثر إقناعًا مع مخاوف المواطنين الأساسية. وكان جان - كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، قد أعلن قبل ذلك عن سلسلة إجراءات اقتصادية يريدها أن تكون «ملموسة» وتهدف إلى توحيد أوروبا المنقسمة، وبين هذه الإجراءات تعزيز خطة الاستثمار التي تحمل اسمه والهادفة إلى تحقيق نمو قوي وإقامة مقر قيادة واحد للاتحاد الأوروبي، من أجل تعاون أفضل في مجال الأمن والدفاع. كما دعا يونكر بريطانيا إلى أن تتم «سريعًا» الخروج من الاتحاد من أجل «وضع حد للشكوك»، معربًا عن الأمل في إقامة «علاقة ودية» مع لندن لكن «من دون انتقائية».
بينما دعت ميركل إلى اتخاذ إجراءات أفضل بشأن الأمن ومكافحة الإرهاب وتوفير فرص العمل والدفاع لاستعادة ثقة المواطنين، وشدد الرئيس الفرنسي هولاند على حاجة الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون قوة اقتصادية عالمية وأن «يمنح (شبابه) الأمل». وبالنسبة لقضية الهجرة، ناقش القادة في براتيسلافا نشر حرس ومعدات على الحدود بين بلغاريا وتركيا في إطار حملة للتصدي لتدفق اللاجئين.

بوادر استفتاء اسكتلندي جديد
تفوقت تيريزا ماي، وزيرة الداخلية، في الدورات الانتخابية الثلاث لزعامة حزب المحافظين بعد استقالة ديفيد كاميرون الذي أمضى أقل من سنتين من فترة حكمه الثانية في «10 داونينغ ستريت». واعتبر المحافظون ماي «مرشحة توافقية» قد تنجح في تضميد جراح الحزب الذي لم يصمد أمام زلزال الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وفي إعادة توحيد بلاد منقسمة بين مؤيد للتكتل الشامل لـ27 دولة ومناهض له. وبخلاف مع منافسيها بوريس جونسون، رئيس بلدية لندن السابق، والوزير مايكل غوف، لم تعتمد ماي موقفًا معارضًا لكاميرون بل انضمّت إلى حملته (حملة «البقاء أقوى») من دون أن تكون من وجوهها البارزة أو أن تنشط في فعالياتها. وهكذا بالتزام الحياد النسبي، لم تغضب ماي التي عرفت بموقفها المشكك في الاتحاد الأوروبي قواعد الحزب المناهضة لمؤسسات بروكسل.
وبعد مرور 6 أشهر على الاستفتاء التاريخي، بدت ماي تعمل جاهدة لتعزيز علاقاتها السياسية والتجارية مع حلفاء خارج الاتحاد الأوروبي. ولعل أبرز تحركاتها الدبلوماسية في هذا الإطار كانت مع الصين والولايات المتحدة. وهذا قبل أن تفاجئ ماي إدارة أوباما الجمعة الماضي بانتقادها خطاب وزير الخارجية جون كيري حول إسرائيل، في مسعى للتقرب من الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
إلا أن أكبر معركة تقودها ماي هي المعركة الداخلية، إذ إن حكومتها تبدو منقسمة حول كيفية تفعيل المادة 50 للخروج من الاتحاد الأوروبي. إذ إن عددًا من وزرائها يرون أن أنسب طريقة للخروج هي عبر الانسحاب الكلي من الاتحاد والسوق الاقتصادية الموحّدة، في حين يحذّر آخرون من عواقب ذلك على الشركات البريطانية وجاذبية الاستثمارات للخارج. وللعلم، ستبّت محكمة بريطانيا العليا فيما إذا كان يحق للنواب التدخل في آليات الخروج الأسبوع المقبل.
من جهتها، أعلنت رئيسة الحكومة الاسكتلندية، نيكولا ستورجن - وهي زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي - في 21 من الشهر الماضي في العاصمة الاسكتلندية أدنبرة عن خطتها لكي تحافظ اسكتلندا على موقعها داخل السوق الأوروبية الموحدة، إذ قالت صراحة: «نحن مصممون على أن تحتفظ اسكتلندا بموقعها داخل السوق الموحدة». وتابعت: «أقبل أن يكون هناك تفويض من قبل إنجلترا وويلز لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، إلا أنني لا أقبل بفكرة أن يكون هناك تفويض لخروج أي منطقة من المملكة المتحدة من السوق الموحدة».
ستورجن أوضحت «أن الاسكتلنديين لم يصوتوا لصالح الخروج، وحصول خروج قاس سيتسبب في ضرر كبير للاقتصاد الاسكتلندي... فالخروج من السوق الموحدة قد يكلف فقدان 80 ألف وظيفة». وحقًا، كانت اسكتلندا قد صوتت بنسبة 62 في المائة لـ«البقاء» في الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء في 23 يونيو . وتقترح ستورجن في خطتها الآن أن تبقى اسكتلندا عضوًا في السوق الموحّدة عبر «الفضاء الاقتصادي الأوروبي» و«الجمعية الأوروبية للتبادل الحر» على غرار النرويج وآيسلندا وليختنشتاين، وهي دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي. إلا أنها كزعيمة تؤمن باسكتلندا وطنًا قوميًا تفضل كخيار رئيسي وجود اسكتلندا مستقلة تكون عضًوا في الاتحاد الأوروبي.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.