لبنان: التسويات تصدّع القوى السياسية وتهدد بفرط عقد «14 آذار»

الحريري يترك المعالجة إلى ما بعد إقلاع حكومته

لبنان: التسويات تصدّع القوى السياسية وتهدد بفرط عقد «14 آذار»
TT

لبنان: التسويات تصدّع القوى السياسية وتهدد بفرط عقد «14 آذار»

لبنان: التسويات تصدّع القوى السياسية وتهدد بفرط عقد «14 آذار»

التسويات التي شهدها لبنان في الأشهر الأخيرة، وأفضت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية وتسمية سعد الحريري رئيسًا للوزراء، وتشكيل حكومة جديدة على قاعدة المحاصصة وتوزيع الحقائب الوزارية على القوى والكتل الكبرى، أرخت بثقلها على مكونات فريق الرابع عشر من آذار، وأصابته بالتصدّع إلى حدّ التهديد بانفراط عقده، بعد 11 عامًا على تماسكه وخوص معاركه السياسية والانتخابية تحت عناوين السيادة والحرية وبناء الدولة، من دون أن ينجو فريق الثامن من آذار بدوره من شظايا هذه التسويات.
وإذا كان ما يسمّى «حزب الله» الذي يشكّل العمود الفقري لـ«8 آذار» قادرًا على رأب الصدع بين مكونات فريقه، بالنظر لنفوذه وسطوته، فإن المعالجة تبدو أصعب لدى فريق «14 آذار»، في ظلّ النقمة العارمة التي ظهرت في مواقف النواب والشخصيات المسيحية المستقلة، التي لم تشملها هذه التسويات، ولم يستشرها أحد، لذلك قررت الخروج طوعًا، تاركة وراءها سنوات طويلة من «النضال» وحماية الدولة من «سطوة الدويلة» كما يشدد بعض مكونات هذا الفريق، وتجلّى ذلك بشكل أوضح، بمسارعة منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعد، إلى تسليم مفاتيح مكاتب الأمانة إلى الرئيس سعد الحريري شخصيًا.
الحالات الاعتراضية هذه، قاربها قطب سياسي بارز في قوى 14 آذار من زوايا مختلفة، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمر «لا يتوقف على تسليم فارس سعيد تسليم مفاتيح مكاتب الأمانة العامة للرئيس الحريري». ولفت إلى أن الحريري «ترك معالجة هذه المستجدات إلى المرحلة اللاحقة بعد أن تقلع حكومته، وتأتي اللحظة المناسبة لمعالجة التصدعات التي أصابت هذا المكوّن في الأشهر الأخيرة، ونشأت بين قيادات الفريق الواحد».
وبرأي القيادي البارز في «14 آذار»، فإن الأمور «تتعدى التجاذبات وشدّ الحبال، إلى السؤال، هل لا يزال هناك فريق اسمه (14 آذار)؟ وهل بقي فريق آخر اسمه (8 آذار) الحليف للنظام السوري وإيران». ويضيف «ثمة مايسترو واحد يدير اللعبة السياسية في البلد بكل تفاصيلها»، متحدثًا عن «استحالة حصول أي اجتماع أو لقاء قريب لإعادة الروح لفريق (14 آذار) في الوقت الراهن»، معتبرًا أن «هذا المكون الذي سجّل إنجازات تاريخية في لبنان بعد (استشهاد) الرئيس رفيق الحريري يمرّ الآن بمرحلة سياسية صعبة، وافتراق شخصيات بارزة عنه، وهذا الافتراق سيتجلّى في الانتخابات اللبنانية المقبلة، بمعنى أن التسوية التي أتت بالعماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية وبحكومة جديدة، وأنجزت بيانًا وزاريًا بسرعة قياسية، ستواصل مسيرتها بإقرار قانون انتخابي وصولاً إلى إجراء الانتخابات نيابية عبر تحالفات جديدة». ويلفت القيادي المذكور إلى أن «المشهد الذي طبع المعركة الانتخابية في عامي 2005 - 2009. بشعارات وخطابات نارية استخدم فيها فريقا (8 و14 آذار) كل الأسلحة السياسية، ذهب إلى غير رجعة، لأن ملامح التسوية الحالية ستنسحب على الاستحقاق الانتخابي أيضًا».
ويبدي القيادي اعتقاده بأن «معظم نواب (14 آذار) المستقلين وتحديدًا المسيحيين منهم، سيذهبون إلى منازلهم في الانتخابات المقبلة، نظرًا لطبيعة التحالفات المرتقبة التي تلامس في مضمونها ما جرى منذ انتخاب الرئيس العماد ميشال عون وصولاً إلى تشكيل الحكومة الحالية». ولا يستبعد «تشكيل تحالف مستقل من قوامه نواب حاليين وسابقين وشخصيات أخرى ممن كانوا ينضوون في فريق (14 آذار)، وهذا ما ستظهره تطورات الأشهر المقبلة».
وهنا يكشف رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون لـ«الشرق الأوسط» أن حزبه «خرج من قوى (14 آذار)، بعدما تنكر الحلفاء له ولمواقفه ولدوره، حيث حرموا حزبه الذي يضج بالكفاءات الحزبية والعلمية من إعطائه وزيرا»، مبديًا أسفه، لكون «(حزب الله) الذي يسيطر على البلد برمته ومن يمسك بمفاصل الحكومة، هو من وزّع الحصص داخل الحكومة». وسأل شمعون «ما قيمة 14 آذار بعد هذه الأخطاء؟». وتابع: «يمكنني القول إن هذا الفريق خرج بالبطاقة الحمراء ولا بد لنا من أن نرثيه».
ويقول شمعون: «أنا رفضت كل إغراءات النظام السوري يوم كان وصيًا على لبنان، وتعرضت للتهديد والوعيد وبقيت مع حزبي ضمن المنظومة السيادية والاستقلالية، واليوم سنستمر على هذا الخط، ولن يرهبنا (حزب الله) أو سواه، لكن المعيب ما جرى من قلة وفاء وصفقات وسمسرات وتسوية مذلة»، مؤكدًا أن حزب الأحرار «يتجه نحو خطوات جديدة في المرحلة المقبلة، تجديد شبابه بكوادر شبابية بدأت تفرض دورها ووجودها وستبقى وفية لـ(شهداء) انتفاضة الاستقلال، ولم تذعن للنظام السوري وإيران وأتباعهم». وأضاف: سنبقى على أفضل العلاقة والتواصل مع المملكة العربية السعودية وندافع عنها من باب الوفاء، في مقابل الذين يشنون الحملات عليها دون خوف أو ملل، فهذه الثوابت ستبقى مستمرة مهما حصل من تحولات وتسويات مذلة، ولكن نقول: «(باي باي) لفريق 14 آذار حيث غرق البعض منه في جنة المناصب والسلطة، تاركين التضحيات والحلفاء على قارعة الطريق، رحم الله هذا الفريق».
أما عن تحالفاته الانتخابية لا سيما مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، فيشدد دوري شمعون على «أهمية العلاقات التاريخية والراهنة مع جنبلاط، حيث كان الاتفاق بيننا متكاملاً متماسكًا حول أمن واستقرار الجبل، وترسيخ المصالحة التاريخية بين الدروز والمسيحيين وسائر المكونات الطائفية والوطنية بمعزل عن تباينات سياسية هنا وهناك، وبالتالي كل شيء بوقته».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.