«مرور إف إم».. أول إذاعة للطرق في مصر

تعرض نشرات كل ساعة... وخبير إعلامي: برامجها مُبسطة وقصيرة

زحام مروري شديد في شوارع القاهرة («الشرق الأوسط»)
زحام مروري شديد في شوارع القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

«مرور إف إم».. أول إذاعة للطرق في مصر

زحام مروري شديد في شوارع القاهرة («الشرق الأوسط»)
زحام مروري شديد في شوارع القاهرة («الشرق الأوسط»)

«مرور إف إم» هي أول إذاعة للمرور، أعلنت وزارة الداخلية في مصر بثها مع العام المقبل، حيث من المقرر أن تبث نشرات كل ساعة.. وبرامج ومعلومات وأغاني وطنية حماسية، وقال اللواء طارق عطية مساعد وزير الداخلية لشؤون الإعلام، إن «الإذاعة المرورية لبث الأخبار المرورية والإرشادات اللازمة»، مضيفًا: «تم التواصل مع الخبراء في مجال الإذاعات للترتيب لهذه الإذاعة». بينما قال خبراء إعلام إن «الإذاعة الجديدة سوف تقدم خدمة برامجية بشكل مبسط، وسوف تُسهم في الحد من حوادث الطرق وكوارث المرور».
وتسببت حوادث الطرق بمصر في موجة سخط بسبب السرعة الجنونية للسيارات، وعدم وجود تشديدات حكومية لمنع سير السيارات بسرعات كبيرة، وسط مطالبات بوضع حد للحوادث التي تتكرر يوميًا، بسبب رعونة السائقين والسرعة الزائدة وعدم وجود أجهزة مراقبة على هذه الطرق السريعة، التي غالبًا ما تخلو من الخدمات.
مصدر أمني قال إن الهدف من إنشاء الإذاعة المرورية المتخصصة، هو الحد من حوادث الطرق التي تشهدها مصر، إذ تشير الإحصائيات إلى أرقام مخيفة في حوادث الطرق المصرية، فتفقد مصر يوميًا 18 مواطنًا في حوادث الطرق، وتتعرض البلاد لنحو 43 حادثًا مروريًا يوميًا، وتهدف عملية التوعية المرورية في مصر لمنع 10 حوادث وإنقاذ 5 أشخاص من الموت و15 من الإصابة، والحفاظ على 7 ملايين جنيه خسائر يومية للحوادث.
وضمن مخطط الإذاعة تقديم نشرات مرورية على مدار الساعة، تشرح فيه الخريطة المرورية، والأماكن المزدحمة والمحاور والطرق البديلة لها، كما تلقي الضوء على أهم وأبرز الحوادث التي شهدتها البلاد بصفة لحظية، وتأثر الطرق والمحاور الرئيسية بها، مما يمكن السائقين وقائدي المركبات من تفادي الطرق المزدحمة والابتعاد عن التكدسات المرورية بصفة مستمرة.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا في حوادث المرور، وذلك حسب منظمة الصحة العالمية، بمعدل 131 قتيلاً لكل 100 كلم على الطرق، في حين لا يتجاوز المعدل العالمي 20 قتيلاً.
وتتسم حوادث السير في مصر بالخطورة، بسبب عدم الالتزام بالقواعد المرورية وسوء أوضاع الطرق، ووفقًا للأرقام الحكومية الرسمية، يقع نحو 8 آلاف حادث سير في مصر سنويًا، وتصل تكلفة حوادث الطرق في مصر سنويًا إلى 1.5 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، وتشير الأرقام إلى أن معدل الوفيات في حوادث الطرق في مصر قد بلغ 340.4 حالة وفاة لكل 1000 كيلومتر من الطرق، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يتراوح بين 4 و20 حالة وفاة لكل 1000 كيلومتر من الطرق.
وزارة الداخلية تجري مفاوضات الآن مع التلفزيون المصري الرسمي «ماسبيرو»، بهدف حصول الوزارة على حقوق الرعاية والإدارة للإذاعة الجديدة.. والوزارة استعدت لذلك بإنشاء استوديوهين بالمبنى الجديد لها بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، كما تسعى لاستغلال إمكاناتها لإنجاح إذاعة المرور.
وأضاف المصدر أن إذاعة «مرور إف إم» سوف تقدم برامج معلوماتية وإرشادات عن المرور، وتشرح تفادي الأسباب التي تؤدي لزيادة الحوادث، من السرعات الجنونية وعدم الالتزام بتعليمات المرور، وعدم الاهتمام بالصيانة الدورية للمركبات، وتخطي الحارات المرورية، وتحذر من خطورة السير عكس الاتجاه الذي تصل عقوبته إلى الحبس.
ولفت إلى أن الإذاعة المرورية تقدم أيضًا معلومات للمستمعين عن خطوات الحصول على الرخص الخاصة والمهنية، وخطوات ترخيص المركبات، وتشرح عقوبة المخالفات المرورية المختلفة، وتحذر من بعض السلوكيات المرفوضة، مثل مواكب الزفاف بعدة سيارات في الشوارع، وإغلاق الشوارع والمحاور المرورية في الأفراح، واستخدام آلات التنبيه، والتسابق بين الشباب على الطرق السريعة، والتوقف في الطريق العكسي لمشاهدة حادث طريق على الجانب الآخر، مما يزيد من الزحام.
ومن المقرر أن تنبه الإذاعة المرورية باستمرار على أرقام الطوارئ وتلقي الشكاوى، وتجيب عن استفسارات المواطنين عن المشكلات المرورية، وتتخلل برامج الإذاعة أغانٍ وطنية وبعض الأغاني التي تدعم الأفكار الإيجابية في المجتمع.
من جانبه، قال أحمد سمير الخبير الإعلامي، إن إذاعة «مرور إف إم» الجديدة سوف تقدم خدمة برامجية بشكل مبسط حتى يستطيع السائق العادي أن يفهم مُحتواها، لافتًا إلى أن الإذاعة سوف تضم كوادر إعلامية، لتقديم برامج بطريقة جديدة تتناسب مع الجمهور وقت السير على الطرق، مضيفًا لـ«الشرق الأوسط» أن «الإذاعة الجديدة سوف تُسهم في الحد من حوادث الطرق وكوارث المرور».
وعن نوعية البرامج المحتمل تقديمها، قال سمير إن «البرامج سيكون وقتها محددًا وقصيرًا جدًا، حتى يستطيع المستمع الاستفادة منها، خصوصًا أنه سيكون مشغولاً بالطريق، فهي تقدم المعلومة بشكل سريع ومختصر».



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.