رسمت «رؤية السعودية 2030» التي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال ترؤسه مجلس الوزراء السعودي، تحولاً تاريخيًا للاقتصاد، ليتجه من خلالها اقتصاد البلاد إلى مرحلة ما بعد النفط، بعدما كانت العوائد النفطية تشكل ما نسبته 87 إلى 94 في المائة من حجم الميزانية العامة خلال السنوات الماضية.
كذلك تنقل «رؤية السعودية 2030» اقتصاد البلاد إلى مرحلة عملية تعتمد على كفاءة الإنفاق، وترشيد الاستهلاك، مع رسم أدوات تنفيذية أكثر دقة ومهنية تجعل تحقيق أهداف الرؤية أمرًا مرتقبًا، فيما ينبثق من الرؤية «برنامج التحول الوطني 2020» الذي يعتبر أحد البرامج المهمة للرؤية السعودية.
البداية
بدأت «رؤية السعودية 2030» مرحلة التنفيذ عبر حزمة من خطوات الإصلاح الاقتصادي التي عُمل عليها خلال عام 2016، إذ أعادت المملكة هيكلة الوزارات الحكومية من خلال دمج بعضها وإلغاء البعض الآخر، وسط توجهات حثيثة نحو وضع بيئة عمل أكثر موضوعية.
ويعد قرار إلغاء وزارة المياه والكهرباء واعتماد وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية من أكثر القرارات التي يتوقع أن ترفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي. وحقًا، بدأت وزارة الطاقة والصناعة بإطلاق حزمة من المشاريع الصناعية الضخمة في شرق البلاد، وهي المشاريع التي من المنتظر أن تولّد آلاف فرص العمل للسعوديين، وتحقق قيمة مضافة لاقتصاد البلاد.
ولم يتوقف قرار إلغاء وزارة المياه والكهرباء عند مرحلة تحويل الكهرباء إلى مسؤوليات وزارة الطاقة، بل تقرر اعتماد وزارة البيئة والمياه والزراعة، كي تتشارك هموم الأمن المائي والغذائي تحت مسؤوليات وزارة واحدة، في حين تعتبر الزراعة غير المقننة من أكثر المهددات للأمن المائي، وهو ما دعا المملكة إلى وضع محددات لزراعة الأعلاف والقمح خلال الفترة القريبة الماضية.
وفي عام 2016، أيضًا، قرّرت المملكة في خطوة مهمة إنشاء مكتب لإدارة الدَّين العام في وزارة المالية، وهو المكتب الذي يعد من أبرز مبادرات الوزارة في «برنامج التحول الوطني 2020». وأعلنت وزارة المالية السعودية في حينه «انطلاقا من توجهات الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والمالية التي تضمنتها خطة التحول الوطني 2020 بهدف تطبيق وتحقيق رؤية المملكة 2030، فقد تم تنفيذ مبادرة إنشاء مكتب إدارة الدين العام بوزارة المالية، والتي تعد إحدى أهم مبادرات وزارة المالية، بهدف تأمين احتياجات المملكة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، بحيث تكون المخاطر متوافقة مع السياسات المالية في المملكة».
وفي أبرز التعيينات الحكومية خلال عام 2016، كان قرار خادم الحرمين الشريفين بتعيين محمد الجدعان وزيرا للمالية، أحد أبرز القرارات المتخذة خلال هذا العام، وجاءت هذه الخطوة بعدما أمضى الدكتور إبراهيم العساف أكثر من 20 سنة في منصب وزير المال.
صندوق الاستثمارات العامة
وللعلم، يعتبر صندوق الاستثمارات العامة واحدًا من أكثر الأدوات المهمة في تحقيق «رؤية السعودية 2030»، ذلك أن المملكة تهدف من خلاله إلى امتلاك أكبر صندوق سيادي في العالم، بالإضافة إلى أنها باشرت فعليًا من خلال هذا الصندوق تنويع خريطة الاستثمار والتوجه بشكل ملحوظ نحو الاستثمار في التكنولوجيا والتقنية.
من ناحية أخرى، تواصل المؤسسات الاقتصادية الدولية نشر تقاريرها مع اقتراب نهاية العام المالي الذي شهد خلال العام المنتهي إعلان «رؤية السعودية 2030»، وكان لافتًا إعلان المملكة نية طرح أقل من 5 في المائة من شركة أرامكو عملاق النفط العالمي للاكتتاب. وجاء ذلك بعد بيان وزير المالية السابق الدكتور العساف جهود المملكة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية ضمن «برنامج التحول الوطني»، مؤكدًا أن تطبيق هذه الإصلاحات يدعم النمو الاقتصادي القوي والمتوازن والمستدام، ويفعّل دور القطاع الخاص في تعزيز الوظائف والنمو الاقتصادي. جاء ذلك خلال ترؤسه وفد السعودية المشارك في الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في نيويورك. ولقد أشار العساف إلى حرص حكومة المملكة على دعم التنمية البشرية وتطوير مخرجات التعليم والتدريب والاستفادة من الميزة التنافسية للاقتصاد السعودي بهدف رفع القاعدة الإنتاجية والتنويع الاقتصادي.