واشنطن ولندن ودول الخليج سهلت اتخاذ القرار الدولي ضد الاستيطان

كواليس ما قبل التصويت تكشف عن جهود روسية وتهديدات إسرائيلية لتعطيله

واشنطن ولندن ودول الخليج سهلت اتخاذ القرار الدولي ضد الاستيطان
TT
20

واشنطن ولندن ودول الخليج سهلت اتخاذ القرار الدولي ضد الاستيطان

واشنطن ولندن ودول الخليج سهلت اتخاذ القرار الدولي ضد الاستيطان

يتضح من تسريبات جديدة نشرت، أمس، حول محادثات درامية جرت وراء كواليس مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة الماضي، سبقت صدور القرار بإدانة الاستيطان، أن روسيا أيضا انضمت إلى جهود إسرائيل وحاولت تأجيل التصويت على القرار، إلى ما بعد أعياد الميلاد ورأس السنة.
وحسب مصادر إسرائيلية رفيعة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية، بنيامين نتنياهو، اتصل قبل ساعات من التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن المستوطنات، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وطلب مساعدته لمنع قرار يدين إسرائيل. وقد استغل نتنياهو حقيقة أنه قبل يوم من ذلك فقط، كانت إسرائيل قد استجابت لطلب روسي، وتغيبت عن التصويت في الهيئة العامة على مشروع قرار التحقيق في جرائم الحرب في سوريا.
ويضيف المصدر: «ليس واضحا ما حدث بالضبط خلال المحادثة بين نتنياهو وبوتين، لكن قبل ساعة من التصويت في مجلس الأمن، حدثت دراما في مقر الأمم المتحدة في نيويورك؛ ففي الوقت الذي أعد فيه سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن خطاباتهم تمهيدا للتصويت العلني، طلب السفير الروسي فيتالي تشوركين، إجراء مشاورات مغلقة». وقال دبلوماسي غربي إن تشوركين أصاب مندوبي الدول الـ14 بالصدمة، حين اقترح تأجيل التصويت إلى ما بعد أعياد الميلاد ورأس السنة. وادعى تشوركين، أنه لم يُجر ما يكفي من النقاش حول نص القرار، وأعرب عن استغرابه لتسرع بعض الدول للتصويت عليه. وقد أكد نائب السفير الروسي لدى إسرائيل، ألكسي دروبينين، هذا الأمر لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس. وقال دروبينين: «كانت لدى روسيا تحفظات على القرار، وكان مندوبنا في نيويورك هو الوحيد الذي طلب مواصلة مناقشة القرار. يجب أن نأخذ في الاعتبار أن إدارة جديدة ستكون في واشنطن بعد أسابيع. بالنسبة لنا، كان يجب أخذ ذلك في الاعتبار. طريقة طرح مشروع القرار لم تعجبنا، المشكلة لم تكمن في المضمون وإنما في التوقيت، وحقيقة أن القرار يتطرق فقط إلى مسألة واحدة من جملة الأمور الجوهرية للصراع». لكنه لم يجر الإصغاء لملاحظات تشوركين، فقد رفض غالبية الحضور موقفه وطالبوا بمواصلة التصويت حسب التخطيط.
وقال دبلوماسي غربي في تل أبيب إن السفير الروسي، قال إنه لن يتمكن من تجنيد غالبية مؤيدة لموقفه، فتراجع، ولخص النقاش بمقولة ساخرة تميزه: «لم أر في حياتي أبدا عددا كبيرا من الناس الذين يرغبون في تبني طفل يتيم بهذه السرعة». وانتهت الجلسة، ودخل السفراء إلى القاعة وصوتوا على القرار.
وقبيل هذه الدراما، كشف عن أن نتنياهو اتصل أيضا بوزير خارجية نيوزيلندا، موري مكولي، عندما كان مندوبه يعمل مع مندوبي السنغال وفنزويلا وماليزيا، على تمرير مشروع القرار المعادي للاستيطان، بعد تراجع مصر عنه، قبل يوم من ذلك. وقبل ساعات، اتصل مسؤول رفيع من وزارة الخارجية في القدس، بالسفير النيوزيلندي، جونثان كار، وحذره من إمكانية قيام إسرائيل بإغلاق سفارتها في ويلنغتون في حال جرى تمرير القرار. وسجل كار الملاحظة أمامه، ونقلها إلى حكومته، ولكن مع بزوغ الفجر في نيويورك فهمت إسرائيل أن الخطوة تواصل التقدم. المحادثة الهاتفية بين نتنياهو ومكولي كانت محاولة شبه أخيرة لمنع التصويت، أو على الأقل تأجيله وكسب بعض الوقت. ووصف دبلوماسيون غربيون اطلعوا على التفاصيل، المحادثة بأنها كانت صعبة ومتوترة جدا، وجه نتنياهو خلالها إلى نظيره النيوزيلندي، تهديدات شديدة اللهجة، ربما غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين إسرائيل ودولة غربية. وقال نتنياهو له: «هذا قرار مشين، أطلب عدم دعمكم له وعدم دفعه، إذا واصلتم دفع القرار، فسنعتبر ذلك إعلان حرب علينا... ستكون لذلك آثار... سنعيد سفيرنا (لديكم) إلى القدس». ورد مكولي: «هذا القرار يتفق مع سياستنا وسنواصل دفعه».
وتكشف محادثات مع دبلوماسيين غربيين وإسرائيليين، عن تفاصيل كثيرة ومثيرة حول ما حدث وراء الكواليس في الأمم المتحدة، بين ساعات بعد ظهر الخميس - حين أعلنت مصر عن انسحابها من مشروع القرار - وصباح يوم الجمعة، حين أعلنت نيوزيلندا والسنغال وماليزيا وفنزويلا، الشريكة في مشروع القرار، أنها ستواصل دفعه نحو التصويت. وقال الدبلوماسيون، إنه منذ اللحظة التي تراجعت فيها مصر، بدأ في ساعات مساء الخميس الضغط من قبل دول أخرى على نيوزيلندا والسنغال وماليزيا وفنزويلا، لكي تواصل دفع القرار. وكان الفلسطينيون أول من ضغطوا، وانضمت إليهم بعض دول الخليج وبريطانيا. وقال الدبلوماسيون إن بريطانيا توجهت إلى نيوزيلندا وشجعتها على مواصلة دفع مشروع القرار حتى من دون الدعم المصري. وقد بدأ النشاط البريطاني قبل أيام من ذلك. وحسب ادعاء الدبلوماسيين الإسرائيليين، فقد وصلت معلومات إلى وزارة الخارجية في القدس، تشير إلى قيام رجال قانون ودبلوماسيين بريطانيين بالعمل مع الفلسطينيين على صياغة مشروع القانون، قبل قيام مصر بتوزيعه، مساء يوم الأربعاء، على أعضاء مجلس الأمن. وقالوا إن البريطانيين فعلوا ذلك سرا ومن دون اطّلاع إسرائيل. ويسود الاشتباه في القدس، بأن البريطانيين عملوا طوال تلك الأيام من قبل الأميركيين من أجل السماح لإدارة أوباما بالتأكد من أن نص القرار يتفق مع مواقفه، والتدخل بشكل شخصي في صياغته. وقال دبلوماسي إسرائيلي رفيع: «نحن نجيد قراءة قرارات مجلس الأمن. هذا ليس نصا صاغه الفلسطينيون أو مصر، وإنما قوة عظمى».



انقلابيو اليمن يبتزون سكان الحديدة لإلحاق أبنائهم بالمعسكرات

قيادات حوثية تزور مركزاً صيفياً في الحديدة (فيسبوك)
قيادات حوثية تزور مركزاً صيفياً في الحديدة (فيسبوك)
TT
20

انقلابيو اليمن يبتزون سكان الحديدة لإلحاق أبنائهم بالمعسكرات

قيادات حوثية تزور مركزاً صيفياً في الحديدة (فيسبوك)
قيادات حوثية تزور مركزاً صيفياً في الحديدة (فيسبوك)

على خلفية عزوف مجتمعي واسع عن معسكرات الحوثيين الصيفية، اتهمت مصادر حقوقية في محافظة الحديدة اليمنية (غرب)، الجماعة باستغلال معاناة السكان وإغرائهم بتقديم مساعدات إغاثية ومالية وتوفير بعض الخدمات الأساسية مقابل سماحهم لأطفالهم بالالتحاق بهذه المعسكرات.

وشهدت المراكز الصيفية الحوثية في المحافظة مُنذ بدء التدشين في الخامس من أبريل (نيسان) الحالي، إحجام السكان عن إلحاق أطفالهم بها، في حين كانت قيادات في الجماعة تتوقع التحاق أكثر من 40 ألف طالب وطالبة في 900 مدرسة ومركز لتلقي التعبئة العسكرية والمذهبية.

ونقلت مصادر تربوية في الحديدة عن قيادي حوثي تأكيده أن معظم الأنشطة والبرامج الصيفية للجماعة لهذا العام تركز على تلقين الأطفال والنشء أهمية الانتماء إلى ما تسمى «المسيرة الحوثية»، وبذل المال والنفس دفاعاً عنها.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» وجود إقبال محدود من الأهالي بمختلف مناطق قبضة الجماعة في الحديدة على إلحاق أطفالهم بالمعسكرات الصيفية، رغم تكثيف الجماعة من أنشطتها ووسائلها المختلفة لإقناعهم.

أطفال يتلقون التعبئة في مركز صيفي حوثي بالحديدة (فيسبوك)
أطفال يتلقون التعبئة في مركز صيفي حوثي بالحديدة (فيسبوك)

وأرجعت المصادر ذلك إلى حالة الخوف المجتمعي من الخطر الحوثي الداهم الذي يستقطب صغار السن إلى جبهات الموت، وحرمانهم من حقهم في التعليم.

ويؤكد ثلاثة أولياء أمور في مدينة الحديدة، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم يعد بمقدورهم تحمل فقدان المزيد من فلذات أكبادهم، بعد سقوط أبناء لهم خلال أوقات سابقة قتلى وجرحى بسبب الاستقطاب الحوثي لهم، وإخضاعهم للتعبئة الفكرية في معسكرات صيفية مغلقة.

وكشف «خيري»، وهو أحد أولياء الأمور، ويسكن في حي السور بمدينة الحديدة، عن أن مشرفاً حوثياً ينحدر من محافظة عمران استدرج ابنه سليمان (18 عاماً) قبل ثلاثة أعوام إلى مركز حوثي صيفي مغلق بذات الحي، وتم إخضاعه للتعبئة الطائفية والقتالية، والزج به إلى إحدى جبهات القتال قبل أن يعود لهم جثة هامدة.

ودعا خيري جميع الآباء في عموم مناطق سيطرة الجماعة إلى الحفاظ على أبنائهم من المعسكرات الصيفية التي تستغلها الجماعة لنشر أفكارها المتطرفة، وغسل عقول صغار السن والمراهقين بشعاراتها الطائفية، وتحويلهم إلى أدوات للقتل والتدمير، ووقود لمعاركها الميدانية، وفق قوله.

استغلال الفاقة

يتزامن العزوف المجتمعي في الحديدة عن معسكرات الصيف الحوثية مع اتهامات حكومية للجماعة باستخدام أدوات المجالس المحلية والسلطات التنفيذية الخاضعة لها لفرض المعسكرات الصيفية على أولياء الأمور بالقوة، مع تهديدهم بالحرمان من المساعدات الإغاثية والخدمات الضرورية، مستغلة بذلك فاقة الناس وظروفهم المعيشية والمادية المتدهورة.

وقال مكتب الإعلام في محافظة الحديدة التابع للحكومة الشرعية، في بيان، إن ما يُبث بتلك المراكز الحوثية من أفكار مؤدلجة ومفاهيم متطرفة يسهم في ترسيخ ثقافة العنف، ويزرع في عقول النشء مفاهيم الصراع والكراهية.

الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)
الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)

ووصف البيان ما تقوم به الجماعة الحوثية بحق أطفال وشبان المحافظة بـ«الجريمة التربوية والأخلاقية» في سياق مواصلة تحويل التعليم إلى أداة تعبئة طائفية وسياسية، مما يؤسس لجيل مشوّه الوعي، ويعاني من اضطرابات نفسية وسلوكية، ويُحرم من قيم الانفتاح والتعايش والسلام.

ودعا المكتب الحكومي النشطاء والحقوقيين والجهات المحلية والدولية إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، ورصد وتوثيق جميع الانتهاكات الحوثية التي يتعرض لها الأطفال داخل هذه المراكز في الحديدة، والتحرك العاجل لوقف هذه الممارسات وحماية الطفولة اليمنية من مشاريع الاستغلال والتجنيد «تحت غطاء ديني زائف».

وأوضح البيان أن الدورات الحوثية الصيفية تقام تحت شعارات متطرفة مثل «علم وجهاد»، في سياق مشروع منهجي يستهدف تجنيد الأطفال فكرياً، تمهيداً للزج بهم في معارك عسكرية، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً لكافة القوانين والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الطفل.