كيري يخيّر إسرائيل بين «اليهودية» أو «الديمقراطية»

جون كيري وزير الخارجية الاميركي
جون كيري وزير الخارجية الاميركي
TT

كيري يخيّر إسرائيل بين «اليهودية» أو «الديمقراطية»

جون كيري وزير الخارجية الاميركي
جون كيري وزير الخارجية الاميركي

حذر وزير الخارجية الاميركي جون كيري اليوم (الاربعاء)، من أنّ المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة تهدد في الان نفسه أمل السلام مع الفلسطينيين ومستقبل إسرائيل ذاتها. كما حذر في خطاب شامل عرض فيه رؤيته لحل النزاع القائم منذ عقود من أنّ اسرائيل في سباق سيؤدي إلى "احتلال دائم" لاراضي الفلسطينيين. وقال "اليوم هناك اعداد متساوية من اليهود والفلسطينيين يعيشون بين نهر الاردن والبحر المتوسط". واضاف "لديهما الخيار، يمكنهم أن يختاروا العيش معًا في دولة واحدة أو الانفصال في دولتين". وتابع "لكن هناك حقيقة أساسية، في حال اختيار دولة واحدة فسيكون أمام اسرائيل أن تكون إمّا دولة يهودية أو ديمقراطية، ولا يمكنها أن تكون الاثنين، كما أنّها لن تنعم أبدا حقيقة بالسلام".
وقبل أن يبدأ كيري خطابه أعلنت اسرائيل تأجيل التصويت على منح الموافقة على مئات الوحدات الاستيطانية، الامر الذي طلبه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتفادي مزيد من المشاكل مع واشنطن.
وكان مجلس الامن الدولي أصدر بأغلبية 14 صوتا، وامتناع واشنطن، قرارًا هو الاول منذ 1979 يدين الاستيطان الاسرائيلي.
واثار امتناع واشنطن غضب نتنياهو الذي اتهم ادارة الرئيس باراك أوباما بأنّها تقف وراء القرار، مضيفًا أنّه لن يمتثل إليه. ونفى كيري اليوم، ذلك وقال "إنّ التصويت في الامم المتحدة كان يتعلق بالحفاظ على حل الدولتين". وتابع "أنّ حل الدولتين هو الوسيلة الوحيدة لارساء سلام عادل ونهائي بين الاسرائيليين والفلسطينيين". مشيرًا إلى أنّ هذا الحل بات "في خطر شديد". كما حذر من أنّ اجندة المستوطنين بصدد تحديد سياسة اسرائيل في الضفة الغربية وتضرب آفاق السلام. قائلًا: "لا يمكن لكل من يؤمن جديا بالسلام أن يتجاهل حقيقة التهديد الذي تشكله المستوطنات على السلام". مستدركًا "لكن الامر أبعد من المستوطنات بحد ذاتها.إاذ تشير التوجهات الى جهد واسع لاستيلاء اسرائيل على اراض في الضفة الغربية ومنع أي تنمية فلسطينية فيها".
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنّ "اجندة المستوطنين بصدد تحديد مستقبل اسرائيل. وهدفهم واضح : إنّهم يؤمنون بدولة واحدة هي اسرائيل الكبرى".
وفي كلمة قبل أسابيع من تسليم إدارة الرئيس باراك أوباما السلطة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، دافع كيري عن قرار واشنطن السماح بصدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي طالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي، قائلا إن الهدف كان للحفاظ على حل الدولتين الذي بات في خطر. وأضاف "على الرغم من جهودنا المخلصة على مدى سنوات بات حل الدولتين الآن في خطر شديد..لا يجوز لنا، بضمير سليم، ألا نفعل شيئا وألا نقول شيئا، بينما نرى أمل السلام يتبدد." وكان قد هاجم إسرائيل قائلا إنّها لا تؤمن سوى بـ"إسرائيل العظمى" وترفض حل الدولتين، مؤكدًا وقوف واشنطن "مع حق إسرائيل الدفاع عن نفسها". مبيّنًا أنّ غالبية الأراضي التي يجب أن تكون تحت سيطرة الفلسطينيين حسب اتفاقية أوسلوا أصبحت تحت السيطرة الإسرائيلية، مشددًا على أنّ المستوطنات في الضفة الغربية تهدّد أمل الفلسطينيين باقامة دولتهم ومستقبل إسرائيل في آن واحد.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.