«زين السعودية»: رؤية المملكة (2030) نقلة حقيقية للاقتصاد

أكدت أنها ستعمل على المساهمة بفعالية في تحقيقها

الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة يكرم «زين السعودية» - محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات خلال زيارته مقر «زين السعودية» في مشعر منى - صورة جماعية لفريق العمل من «زين السعودية» و{الكهرباء} السعودية عقب توقيع خطاب النوايا مع شركة ضوئيات - مجموعة من المتدربين ضمن برنامج «زين لتدريب الشباب»
الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة يكرم «زين السعودية» - محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات خلال زيارته مقر «زين السعودية» في مشعر منى - صورة جماعية لفريق العمل من «زين السعودية» و{الكهرباء} السعودية عقب توقيع خطاب النوايا مع شركة ضوئيات - مجموعة من المتدربين ضمن برنامج «زين لتدريب الشباب»
TT

«زين السعودية»: رؤية المملكة (2030) نقلة حقيقية للاقتصاد

الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة يكرم «زين السعودية» - محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات خلال زيارته مقر «زين السعودية» في مشعر منى - صورة جماعية لفريق العمل من «زين السعودية» و{الكهرباء} السعودية عقب توقيع خطاب النوايا مع شركة ضوئيات - مجموعة من المتدربين ضمن برنامج «زين لتدريب الشباب»
الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة يكرم «زين السعودية» - محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات خلال زيارته مقر «زين السعودية» في مشعر منى - صورة جماعية لفريق العمل من «زين السعودية» و{الكهرباء} السعودية عقب توقيع خطاب النوايا مع شركة ضوئيات - مجموعة من المتدربين ضمن برنامج «زين لتدريب الشباب»

وضعت رؤية المملكة 2030 على عاتقها مستقبلاً جديدًا للاقتصاد السعودي، مستقبلاً من خلاله ينتقل اقتصاد المملكة العربية السعودية إلى مرحلة جديدة، مرحلة يقل فيها الاعتماد على النفط، ويبدأ القطاع الخاص في أخذ دوره للمساهمة بفعالية في نمو الاقتصاد الوطني ودعمه.
ويعد قطاع الاتصالات محوريًا للقطاعات الاقتصادية على مستوى العالم، إذ يعتبر «شريان الحياة» الذي يقدم متطلبات الاتصال الرقمي للاقتصاد الحديث القائم على المعرفة، تؤمن «ين السعودية» كمشغل ثالث في سوق الاتصالات السعودية في المملكة بأن لديها دورًا مهمًا تؤديه في التحول الاقتصادي للبلاد، من خلال تطوير البنية التحتية الخاصة بالاتصالات وتقنية المعلومات، وتطوير البنية التحتية الخاصة بالنطاق العريض، والابتكار في التقنيات المتطورة، بالإضافة إلى الاستثمار في الاقتصاد الرقمي الذي بات مصدرًا اقتصاديًا ذاخرًا.
ولأن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من أهم الركائز في تنمية الدول وتقدمها، فهو يعد ممكنًا رئيسيًا لكثير من القطاعات الأخرى، إضافة إلى مساهمته المحورية في تشكيل ما بات يعرف بالاقتصاد الرقمي الذي أصبح أبرز سمات اقتصادات العصر الحديث، كما أصبح لاستخدامات تقنيات الاتصالات والمعلومات أثر كبير في المجتمع يتداخل بقوة مع جوانب الحياة المختلفة حتى لا يكاد يمكن الاستغناء عنها.
وجاءت رؤية المملكة 2030 متضمنة عددًا من المتطلبات والاحتياجات المتوقعة من قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات لتحقيق الأهداف الموضوعة، تمثلت في تطوير البنية التحتية الخاصة بالاتصالات وتقنية المعلومات، والابتكار في التقنيات المتطورة، والاستثمار في الاقتصاد الرقمي، إضافة إلى دعم التجارة الإلكترونية، وحوكمة التحول الرقمي، وتطوير الحكومة الإلكترونية.
وفي الوقت الذي تتضمن فيه رؤية 2030 حوكمة التحول الرقمي، ومن ثم تطوير الحكومة الإلكترونية، بهدف تسهيل الحصول على الخدمات وربط الجهات الحكومية بعضها بعضًا تماشيًا مع متطلبات العصر، فإن شركة «زين السعودية» لديها أدوار مهمة لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، ولتحقيق هذه الأهداف والمساهمة في تحقيق الرؤية تسعى شركة «زين السعودية» عبر قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، إلى رفع مستوى جودة خدماتها، وزيادة مساحة وانتشار تغطية شبكاتها، والاستمرار في دعم وتدريب الكوادر الوطنية. ولأن رؤية 2030 ركزت على أهمية تعزيز مستويات الاستثمار، فإن شركة «زين» تعتزم الاستفادة من القرار السامي الكريم الذي يقضي بتطبيق الرخصة الموحدة، حيث تمكن الرخصة الموحدة شركة «زين السعودية» من تقديم جميع خدمات الاتصالات، بما في ذلك خدمات الاتصالات الثابتة للمكالمات الصوتية والبيانات، حيث ستعمل الشركة على تقديم مجموعة من الخدمات المبتكرة الجديدة في السوق المحلية.
كما ستعمل «زين السعودية» على المساهمة في تحقيق رؤية المملكة 2030، من خلال دورها المُناط بها في قطاع الاتصالات السعودي، خصوصًا أن الشركة تثمّن كثيرًا الأمر السامي الكريم الذي يقضي بتمديد رخصتها لـ15 عامًا إضافية، وهو الأمر الذي سيكون عاملاً مهمًا للمساهمة في تخفيض رسوم الإطفاء السنوية بنحو 108 ملايين ريال (28.8 مليون دولار) مع نهاية كل ربع سنوي، أي ما يعادل 433 مليون ريال سنويًا (115.4 مليون دولار).
ولتفعيل أحد بنود القرار السامي في منح الشركة الرخصة الموحدة وقعت «زين السعودية» خطاب نوايا مع شركة «ضوئيات» التابعة للشركة السعودية للكهرباء، وذلك بهدف التعاون، واستفادت شركة «زين السعودية» من شبكة الألياف البصرية التابعة للشركة السعودية للكهرباء، بالإضافة إلى التسويق المتبادل لخدمات كل منهما، وتوفير مواقع جديدة لإنشاء أبراج الاتصالات ومراكز البنية التحتية للاتصالات، الأمر الذي يسفر عن مزيد من أفق التعاون بين الجانبين، خصوصًا أن «زين السعودية» تعد شريكًا بارزًا يعتمد عليه في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، لما تملكه من خبرة وبنية تحتية تتيح لها تقديم أحدث الخدمات في مجال الاتصالات في المملكة، كما أن توقيع خطاب النوايا مع «ضوئيات» جاء متواكبًا مع التوجه العالمي في التعاون بين قطاعي الكهرباء والاتصالات للاستفادة من الاستثمارات في البنية التحتية لدى الطرفين.
وستستمر شركة «زين السعودية» في الاستثمار في البنية التحتية للنطاق العريض، مما يسهم في تطوير مستوى خدماتها المقدمة للمشتركين، كما أن الشركة ستستمر في قياس مستوى رضا مشتركيها عن خدماتها المقدمة، مستهدفة بذلك أفضل الخدمات وأجودها.
وعلى صعيد الاستثمار في الكوادر الوطنية، فإن شركة «زين السعودية» تفتخر بكونها داخلة في النطاق البلاتيني في برنامج وزارة العمل «نطاقات»، بالإضافة إلى أنها تعتز بتدريب الأعداد الكبيرة من طالبي العمل وتأهيلهم، لتوفير فرص عمل واعدة لهم في أحد أبرز القطاعات الاقتصادية (قطاع الاتصالات)، عبر بوابة شركة «زين».
كما حققت «زين السعودية» على مستوى الموارد البشرية جائزة أفضل شركة جاذبة لطالبي العمل على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2016، وذلك خلال حفل توزيع جوائز «لينكد - إن» (LinkedIn) السنوي، حيث اعتمدت لجنة التحكيم في اختياراتها على عدة معايير تضمنت: تميز الموقع الإلكتروني للتوظيف والإبداع وطبيعة المحتوى والتفاعل مع الباحثين عن العمل.
وأكدت الشركة في حينه أن إدراكها لأهمية الاستثمار في الكوادر البشرية وخلق بيئة عمل مناسبة لتطوير وتوظيف مهاراتهم، ينعكس بشكل مباشر على أهداف الشركة وأدائها في المستقبل، بالإضافة إلى تعزيز مكانتها كخيار مفضل لدى الباحثين عن عمل على مستوى قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في السوق السعودية، مؤكدة أنها تعمل ضمن إطار الرؤية الوطنية (2030) لتأهيل الكوادر البشرية السعودية المتخصصة، الأمر الذي جعل «زين السعودية» تعتمد على الحلول الابتكارية في طرق الاتصال والتوظيف عبر شبكات التواصل الاجتماعي لاستقطاب المواهب والكفاءات السعودية المؤهلة والطموحة.
وفي إطار تجربة العملاء، فإن «زين السعودية» ومن منطلق إيمانها بأهمية العميل، وأنه حجر الزاوية في نجاحات الشركات، واصلت عملها على تطوير تجارب عملائها، الأمر الذي توجها بجائزة أفضل مقدّم تجربة عملاء في قطاع الاتصالات على مستوى الشرق الأوسط لعام 2016، وذلك خلال حفل جوائز مؤتمر «Telecom World Middle East» الذي أقيم في دبي.
حيث أعطت الجائزة دلالة على نجاح استراتيجية الشركة في تبنيها المبادرات المبتكرة لتطوير وتعزيز تجربة العملاء ضمن خطة التحول التي تسير عليها، وهي الاستراتيجية التي أسهمت في إشراك الموظفين بفاعلية في تحقيق مفهوم «التميّز في تجربة العملاء»، الأمر الذي أسهم في تحقيق النجاح من خلال الجمع بين تبنّي أحدث التوجهات في مجال برامج المحافظة على العملاء وبين شغف الموظفين، محققة الشركة بذلك نتائج إيجابية على أرض الواقع.
كما أن الشركة عملت على تطبيق حزمة من برامج إدارة «تجربة العملاء» التي تهدف إلى تعزيز تجربة العملاء بشكل تفاعلي متواصل عبر قياس رضاهم من خلال أحدث البرامج والأنظمة التكنولوجية في جميع نقاط الالتقاء بالمشترك، مبيّنة أن مستوى رضا العملاء يعد مؤشرًا محوريًا في نجاح الشركات في قطاع الاتصالات.
وعلى مستوى الحج وخدمة الحجاج وتزويدهم بأحدث خدمات الاتصالات، أعلنت «زين السعودية» عن نجاح خطتها الفنية والتقنية لموسم حج عام 2016م الموافق 1437ه، وذلك بعد أن سجلت الشركة معدلات قياسية في استخدام شبكتها في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، بالإضافة إلى الإقبال الكبير على مراكز الخدمة المنتشرة في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية والمواقيت ومدن الحجاج، حيث كرّم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، شركة «زين السعودية»، وذلك خلال حفل إطلاق حملة الحج عبادة وسلوك حضاري تحت شعار «الحج رسالة سلام»، في ديوان الإمارة بالعاصمة المقدسة، نظير دعم الشركة للحملة.
في حين أن المتابعة لم تغب عن الصورة، حيث وقف الدكتور عبد العزيز بن سالم الرويس محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات على استعدادات الشركة قبيل انطلاق موسم الحج، وذلك من خلال زيارته المقر الرئيسي للشركة في منى، والاستماع إلى الخطط الفنية التي أعدتها الشركة بالإضافة إلى خطط الطوارئ الميدانية، إلى جانب اطلاعه على الخدمات التي تعمل الشركة على تقديمها لحجاج بيت الله الحرام.
وعلى الرغم من الخبرات المتراكمة لدى الشركة في تقديم خدماتها لضيوف الرحمن في موسم الحج، فإنها بدأت استعداداتها لموسم الحج منذ وقت مبكر، حيث أعدت الخطط ووقفت فرقها الميدانية على جاهزية جميع الخدمات المقدمة للحجاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، قبل بدء الموسم بفترة كافية، حيث قامت الشركة بزيادة سعة المقسمات الأساسية بنسبة 35 في المائة، وزيادة سعة استيعاب الشبكة اللاسلكية بنسبة 40 في المائة، وذلك بإضافة أبراج جديدة وزيادة سعة الأبراج الحالية واستخدام تقنية الخلايا الصغيرة (Small Cell) لزيادة نطاق التغطية والسعة، الأمر الذي أتاح لمشتركي «زين السعودية» الاستمتاع بخدمة مميزة خلال موسم الحج.
كما أنهت الشركة أعمالها ضمن تطوير شبكة الجيل الرابع المتطور في الحرم المكي الشريف وجميع المناطق المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، قبل وصول الحجاج بوقت مناسب، إضافة إلى أنها أتاحت لمشتركيها من ضيوف الرحمن الاستمتاع بخدمة الاتصال عبر شبكة الجيل الرابع (VoLTE).
ولكي تكون الشركة أقرب إلى مشتركيها كافة، أعلنت عن توافر خدماتها لحجاج بيت الله القادمين من خارج المملكة عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية كافة، التي تستقبل ضيوف الرحمن خلال موسم الحج، بالإضافة إلى وجودها في المناطق المركزية للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفي المشاعر المقدسة والمواقيت المكانيّة للحجاج.
وعلى مستوى الاستخدام، شهدت شبكة «زين السعودية» نموًا كبيرًا في الطلب على خدماتها في الموسم الحالي خلال يومي التروية وعرفة ويوم العيد وأيام التشريق، حيث تجاوز النمو في استخدام شبكة الجيل الرابع نسبة 200 في المائة، إلى جانب نمو عدد مستخدمي شبكة الجيل الرابع بنحو 130 في المائة، بالإضافة إلى زيادة عدد مستخدمي التجوال الدولي على شبكة «زين السعودية» بنحو 17 في المائة عن العام الماضي.
في حين سجلت الشركة خلال يوم العيد وأيام التشريق نموًا كبيرًا في المكالمات الدولية تجاوز 100 في المائة عن الأيام السابقة، كما تحسنت معدلات جودة وأداء الشبكة بنسبة 50 في المائة، مقارنة مع العام الماضي، مسجلة متوسط نسبة نجاح إجراء المكالمات الصوتية وصل إلى أعلى من 98 في المائة، بالإضافة إلى السرعة العالية في إجراء المكالمات باستخدام خدمة «VoLTE».
وبعد دراسة عميقة لاحتياجات زوار الحرمين الشريفين خلال الأعوام السابقة، أطلقت «زين السعودية» خلال هذا العام باقات «نور» المطورة والمخصصة للحجاج والمعتمرين، حيث تحتوي الباقة على كثير من المزايا والخدمات التي تمكّن مستخدميها من التواصل بالمكالمات الدولية والداخلية والاتصال بخدمات الإنترنت عالي السرعة، وذلك ضمن عدد من خيارات الشحن الثلاثية التي تقدمها الباقة التي تتمثل في «رصيد إضافي يصل إلى 200 في المائة، أو دقائق دولية إلى أكثر من 200 دولة، أو إمكانية الاشتراك في خدمات البيانات»، فيما تقدم باقات «نور للبيانات» خيارات عدة من شأنها تلبية احتياجات الزوار ابتداءً من 1 غيغابايت إلى 10 غيغابايت، وهي بذلك تعد الباقة المتكاملة الأولى من نوعها في المملكة التي تتيح خدمات متنوّعة للمشتركين تمنحهم حرية الاختيار حسب رغباتهم وأولوياتهم.



الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.