الجيش اليمني يحقق انتصارات كبيرة في شبوة ونهم

ميليشيات الحوثي وصالح تتكبد هزائم بالجملة... وعشرات القتلى والأسرى

أحمد لملس محافظ شبوة يستمع لموجز عن سير العمليات في بيحان من القادة العسكريين في المنطقة
أحمد لملس محافظ شبوة يستمع لموجز عن سير العمليات في بيحان من القادة العسكريين في المنطقة
TT

الجيش اليمني يحقق انتصارات كبيرة في شبوة ونهم

أحمد لملس محافظ شبوة يستمع لموجز عن سير العمليات في بيحان من القادة العسكريين في المنطقة
أحمد لملس محافظ شبوة يستمع لموجز عن سير العمليات في بيحان من القادة العسكريين في المنطقة

تواصل قوات الجيش الوطني اليمني تقدمها في جبهة نهم بشرق العاصمة صنعاء، في وقت حققت فيه انتصارات كبيرة في مواجهة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية داخل مديرية بيحان بمحافظة شبوة، جنوب شرقي البلاد.
وكشفت مصادر محلية في نهم، لـ«الشرق الأوسط»، عن أسر ما يقرب من 40 من عناصر الميليشيات خلال الساعات 48 الماضية، فيما استسلم عدد من المقاتلين المنتمين للحرس الجمهوري السابق، بعد معارك ضارية على بعد نحو 30 كيلومترا شرق صنعاء.
ووصفت مصادر ميدانية الوضع في نهم بأنه أشبه بـ«حالة انهيار في صفوف الميليشيات الانقلابية»، خصوصا بعد استعادة السيطرة على مناطق واسعة في المديرية (نهم)، التي تعد الأكبر في محافظة صنعاء.
وقال مسؤول محلي بارز لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الموجودة في نهم والمناطق المجاورة باتت قادرة على تحرير صنعاء. وأضاف عبد الله الشندقي، المتحدث باسم المقاومة الشعبية، أن تلك «الوحدات العسكرية المسنودة بالمقاومة الشعبية الموجودة في جبهة نهم صنعاء مع وحدات الجيش الوطني، التي انطلقت في جبهات الجوف وصرواح وصعدة، بالإضافة إلى وحدات أخرى ستنطلق في أماكن جديدة، قادرة على حسم معركة صنعاء وذلك بإسناد التحالف العربي».
في السياق ذاته، أحرزت قوات الجيش اليمني في مديريتي بيحان وعسيلان بمحافظة شبوة انتصارات جديدة ومتسارعة، بعد تحرير مواقع استراتيجية مهمة خلال حملة عسكرية كبيرة شنتها من ثلاثة محاور بإسناد مقاتلات التحالف ومدفعية الجيش، وتوجت حتى ساعات متأخرة من مساء أمس بالسيطرة الكاملة على مناطق استراتيجية في جبل العلم والعكدة، ومنطقتي السليم والساق والتاج، والتقدم في حيد بن عقيل والصفحة، وقطع خط الإمدادات للميليشيات عبر الطريق الرابط مع محافظة البيضاء.
وكانت غارات جوية لمقاتلات التحالف قد استهدفت مواقع وتجمعات الميليشيات في مناطق وجبال عسيلان وبيحان وبلحارث، الأمر الذي مهد للقوات العسكرية المكونة من «اللواء 19 مشاة»، و«اللواء 21 مشاة» والمقاومة في مديريات بيحان من إطلاق حملة عسكرية فجر أمس، توجت بتحرير ما تبقى من مناطق المحافظة النفطية التي تربط بين أربع محافظات، ثلاث منها تحت سيطرة الشرعية هي مأرب وحضرموت وأبين، أما الأخيرة، محافظة البيضاء وأجزاء كبيرة منها، فتقع تحت سيطرة الميليشيات منذ أكثر من عامين.
وقال أحمد صالح العقيلي، العقيد في قوات الجيش اليمني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش والمقاومة حققت انتصارات كبيرة بعد ساعات من انطلاق حملة عسكرية مسنودة من التحالف ومدفعية الجيش، وكتيبة الحزم من القوات الخاصة، لتحرير ما تبقى من مناطق مديريتي بيحان وعسيلان الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية.
وأكد العقيلي أن المعارك تركزت في أكثر من جبهة داخل المديريتين (بيحان وعسيلان)، وتحديدا في منطقة التاج، التي تم تحريرها بالكامل من الميليشيات والسيطرة عليها بشكل نهائي، مشيرًا إلى أن قوات الجيش تواصل تقدمها في منطقة الصفحة، وتفرض حصارا خانقا على ميليشيات الحوثي وصالح، وإلى مصرع العشرات جراء غارات جوية للتحالف، أو قصف مدفعية الجيش وتقدم قوات الجيش لتحرير ما تبقى من مديريات محافظة شبوة.
وكانت قوات «اللواء 19 مشاة»، التابع للجيش الوطني والمقاومة قد شنت فجر أمس الثلاثاء، هجومًا عنيفًا على مواقع الميليشيات في مناطق بيحان، ضمن خطة عسكرية وضعت بالتنسيق مع قيادة التحالف لتحرير ما تبقى من محافظة شبوة، وتحديدًا أجزاء من مديرية عسيلان ووادي بلحارث، ومديرية بيحان الأعلى، حيث تضم محافظة شبوة 16 مديرية، منها 13 مديرية تحت سيطرة قوات الشرعية، وثلاث مديريات تتقاسم أجزاء كبيرة منها مع الميليشيات.
وتركزت المواجهات مع الميليشيات في مديرتي عسيلان وبيحان العليا، وتحديدا في محطة السليم والساق والتاج، والتقدم في حيد بن عقيل، والصفحة وجبل العلم والعكدة وجبهات بلوم، وقد نجحت القوات العسكرية في تحرير أغلب المواقع الاستراتيجية في مناطق بيحان، في الوقت الذي يتمركز فيه الحوثيون داخل عدد من المواقع الرابطة بين مديرتي بيحان وعسيلان، التي تربط أيضا محافظة شبوة بمحافظة البيضاء، وكانت تعتبر طرق إمداد فرعية للميليشيات عبر البيضاء التي تخضع لسيطرتهم منذ أكثر من عامين.
وحتى وقت متأخر من مساء أمس، فإن المعارك كانت ولا تزال مستمرة وسط تقدم كبير لقوات الشرعية لتحرير مساحات كبيرة من مديرتي عسيلان وبيحان العليا، حيث تتواصل المواجهات في أكثر من محور خصوصا في عسيلان، التي حققت فيها قوات الجيش تقدما وسيطرة على عدة مواقع استراتيجية، أبرزها السليم والعلم ولخيضر والعكدة.
وخلفت المواجهات مصرع أكثر من 32 قتيلا من عناصر الميليشيات، وجرح العشرات، وأسر أكثر من 20 آخرين، وتدمير غارات التحالف لثلاثة أطقم وعتاد عسكري وتعزيزات للميليشيات، في حين سقط 11 قتيلا من عناصر الجيش والمقاومة وجرح 14 آخرون.
وقال ضباط في «اللواء 21»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الكميات الكبيرة التي زرعتها الميليشيات من الألغام داخل الحقول كانت سببا في عرقلة التقدم السريع لقوات الجيش والمقاومة في عدد من الجبهات الأخرى، حيث بات مقاتلو الجيش الوطني على بعد بضعة كيلومترات من بلدة النقوب الاستراتيجية الواقعة بين عسيلان وبيحان الأعلى (القصاب)، التي يتجمع فيها المتمردون بعد فرارهم من الجبهات الأخرى في وادي بلحارث بمديرية شمال غربي المحافظة.
وتأتي هذه الانتصارات تزامنا مع إحراز قوات الجيش اليمني تقدما كبيرا في عدد من الجبهات اليمنية، خصوصا في نهم وتعز وميدي ومحافظة صعدة الحدودية مع المملكة العربية السعودية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.