أفضل التدوينات الصوتية لعام 2016

فيبي روبنسون وجيسيكا ويليامز في «2 دوب كوينز»
فيبي روبنسون وجيسيكا ويليامز في «2 دوب كوينز»
TT

أفضل التدوينات الصوتية لعام 2016

فيبي روبنسون وجيسيكا ويليامز في «2 دوب كوينز»
فيبي روبنسون وجيسيكا ويليامز في «2 دوب كوينز»

تتميز التدوينات الصوتية، المعروفة باسم «بودكاست»، بطابع شخصي قوي. وعلى خلاف الحال مع إذاعات الراديو العامة، فإن «بودكاست» يبدأ في أي مكان بمجرد أن تمس زر «تشغيل»، وبعد ذلك تنتقل الرسالة عبر سماعات الأذن إلى مسامعك. في الواقع الإنصات إلى «بودكاست» رائع أشبه بمتعة الدخول في محادثة مع صديق جديد سرعان ما يتحول إلى واحد من أقرب أصدقائك، أو التنصت على حوار غرامي من الطراز الأول. في المقابل، فإن الاستماع إلى «بودكاست» شيء أقرب ما يكون لتجربة الجلوس إلى جوار الشخص الخطأ داخل عربة مترو. وفيما يلي عرض لأفضل 10 «بودكاست» خلال عام 2016.

الكوميديا

«2 دوب كوينز» - في كل أسبوع، تشن الفنانتان الكوميديتان والصديقتان المقربتان فيبي روبنسون وجيسيكا ويليامز - بجانب ضيوف مثل هانيبال بريس وإيلانا غليزر من «برود سيتي» - غارة على صعيد الثقافة الشعبية، من خلال الدخول في نقاشات حول موضوعات متنوعة مثل كون المرء داكن البشرة داخل حفل موسيقي لبيلي جويل والخلاف حول مدى جاذبية ليني كرافيتز، الذي تقول فيبي إنه جذاب، بينما ترى جيسيكا خلاف ذلك. يجري تسجيل الحلقات عبر برنامج مباشر في بروكلين، وبعد ذلك تجري إذاعته في صورة «بودكاست».
«هو؟ ويكلي» من الواضح أن فئة جديدة من المشاهير أصبحت تهيمن على عناوين الصحف الصفراء. ومن خلال هذه التدوينات، يحاول بوبي فينغر وليندسي ويبر تقديم إرشادات للمستمعين بخصوص كيفية التجول عبر أرجاء هذا العالم الغامض القائم على الترويج للذات. تتسم تدوينات «بودكاست» تلك بمسحة كوميدية لطيفة، وتكتسب أهمية حيوية مع وصول شخصية مثل دونالد ترامب للرئاسة، مما أدى إلى انتقال الشخصيات التي ينصب عليها تركيز البرامج الكوميدية الساخرة إلى داخل دائرة النخبة السياسية الحاكمة.

الثقافة

عبر صفحات «ذي نيويورك تايمز»، شاركت كوكبة من الكتاب في طرح تقييمهم لأفضل ما شهده العام بمجالات الأفلام والتلفزيون والمسرح والسينما والألبومات الغنائية والرقص والفن والـ«بودكاست».

الحياة الشخصية

«واي أو واي» - تعد محاولة عصرية لاستكشاف موضوعات عن الحب في عصرنا المعاصر والأزمات العاطفية عبر أسلوب يتميز بالدفء والفضول. ويحاكي البرنامج محطات العلاقات الغرامية، منذ فرحة اللقاء الأول وصولاً إلى ألم القلب الكسير في أعقاب الانفصال الأخير عن الحبيب. جدير بالذكر أن «واي أو واي» كان في الأصل برنامجًا إذاعيًا شهيرًا عبر إذاعة «دبليو إف إم يو» قبل أن يعاود الظهور في صورة «بودكاست» عبر موقع «بانوبلي» هذا الخريف.
«باد ويز موني» - خلال هذه التدوينات، تلعب الكاتبة والساخرة ونجمة موقع «يوتيوب» غابي دون دور مستشارة مالية هاوية تستخدم مشكلاتها المالية في إطلاق مناقشات حول موضوعات مسكوت عنها مثل الإدمان والاستغلال والديون. وما تفتقده دون من معرفة اقتصادية تعوضه بسحر حديثها وحماسها، بجانب قدرتها على دفع ضيوفها على خوض «تابوهات» تتعلق بالمال.

المجتمع: «كود سويتش»

- تستقي اسمها من مدونة «كود سويتش» التي تتبع محطة الراديو الوطنية المعروفة اختصارًا باسم «إن بي آر»، وتعد واحدة من المصادر الثرية لراغبي القراءة عن موضوعات تتعلق بالعنصر والثقافة منذ عام 2013، وتحولت الآن إلى «بودكاست» جدير بالفعل بالاستماع عليه. وخلال التدوينات الصوتية، يتناول المضيفان جين ديمبي وشيرين ماريسول ميراج، وهما صحافيان لدى «إن بي آر»، مع ضيوفهما قضايا شائكة، مثل العلاقات بين أبناء الأعراق المختلفة داخل الولايات المتحدة و«الهوية المزدوجة» لضباط الشرطة من أصحاب البشرة السمراء.
«سي سمثينغ ساي سمثينغ» - بدأ قبيل انعقاد الانتخابات، ويعتمد هذا الـ«بودكاست» على عقد مقابلات تعمد إلى استكشاف تنوع الخلفيات والخبرات التي تسهم في هوية المسلمين داخل الولايات المتحدة. وخلال الحلقات الأخيرة، تحدث المضيف أحمد علي أكبر (كاتب لدى موقع «بزفيد») مع طالب جامعي مسلم يعيش بغرفة داخل المدينة الجامعية برفقة أحد مؤيدي ترامب. كما استضاف الممثلة الكوميدية الأميركية من أصول إيرانية زهرة نوربخاش ووالدها.

الجرائم الحقيقية

«كرايم تاون» - تبدو كثير من الـ«بودكاست» المعنية بالجرائم الحقيقية أشبه بصحف تقليدية تتناول تفاصيل الجرائم والتحقيقات التي دارت حولها. في المقابل، نجد «بودكاست... غيمليت» تتحرك خطوة أخرى نحو الأمام، مع توجيه اهتمام أقل للتفاصيل مقابل تركيز أكبر على التصنيفات الكبرى للجرائم والأماكن التي تنتشر بها نوعية معينة من الجرائم وتحليل ذلك وأسبابه. «إن ذي دارك» - شهد هذا العام، طرح مجموعة جديدة من الـ«بودكاست» تتناول الجرائم الواقعية. تستقي إلهامها من نجاح «سيريال»، وتأتي مجموعة «إن ذي دارك» في محاولة لتحسين مستوى البرنامج الأصلي. وفي إطار الـ«بودكاست» الجديدة، تتولى مادلين باران، المراسلة العاملة لدى «أميركان ببليك ميديا»، إعادة التحقيق بشأن حادثة اختطاف جاكوب ويترلينغ، طفل من مينيسوتا لا يتجاوز عمره 11 عامًا، عام 1989. وسرعان ما قفزت باران من قصة جريمة إلى قصة أكبر وأكثر اتساعًا تدين مكتب مأمور المدينة بأكملها لتقصير العاملين في جهودهم الشرطية.
* خدمة «نيويورك تايمز»



استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)
TT

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

نوع من «التجنيد الإجباري» فرضته هذه الحالة على المحطات التلفزيونية وموظفيها ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو 20 ساعة من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون ليلهم بنهارهم في نقل مباشر وموضوعي، وآخرون يضعون دمهم على كفّ يدهم وهم يتنقلون بين مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أما رؤساء التحرير ومقدِّمو البرامج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خارج المياه. ومن باب مواقعهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم.

المشهدية الإعلامية برمّتها اختلفت هذه عن سابقاتها. فهي محفوفة بالمخاطر ومليئة بالصدمات والمفاجآت من أحداث سياسية وميدانية، وبالتالي، تحقن العاملين تلقائياً بما يشبه بهرمون «الأدرينالين». فكيف تماهت تلك المحطات مع الحدث الأبرز اليوم في الشرق الأوسط؟

الدكتورة سهير هاشم (إنستغرام)

لم نتفاجأ بالحرب

يصف وليد عبود، رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون «إم تي في» المحلي، لـ«الشرق الأوسط»، حالة الإعلام اللبناني اليوم بـ«الاستثنائية». ويضيف: «إنها كذلك لأننا في لبنان وليس عندنا محطات إخبارية. وهي، بالتالي، غير مهيأة بالمطلق للانخراط ببث مباشر يستغرق ما بين 18 و20 ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا المتراكمة في المجال الإعلامي أسهمت في تكيّفنا مع الحدث. وما شهدناه في حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبي، وفي انفجار مرفأ بيروت، يندرج تحت (الاستنفار الإعلامي) ذاته الذي نعيشه اليوم».

هذا «المراس» - كما يسميه عبود - «زوّد الفريق الإخباري بالخبرة، فدخل المواكبة الإعلامية للحرب براحة أكبر، وصار يعرف الأدوات اللازمة لهذا النوع من المراحل». وتابع: «لم نتفاجأ باندلاع الحرب بعد 11 شهراً من المناوشات والقتال في جنوب لبنان، ضمن ما عرف بحرب المساندة. لقد توقعنا توسعها كما غيرنا من محللين سياسيين. ومن كان يتابع إعلام إسرائيل لا بد أن يستشفّ منه هذا الأمر».

جورج صليبي (إنستغرام)

المشهد سوريالي

«يختلف تماماً مشهد الحرب الدائرة في لبنان اليوم عن سابقاته». بهذه الكلمات استهل الإعلامي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات الأخبار في محطة «الجديد» كلامه لـ«الشرق الأوسط». وأردف من ثم: «ما نشهده اليوم يشبه ما يحصل في الأفلام العلمية. كنا عندما نشاهدها في الصالات السينمائية نقول إنها نوع من الخيال، ولا يمكنها أن تتحقق. الحقيقة أن المشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على الأرض... انفجارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعلامي مرهق وصعب».

وليد عبود (إنستغرام)

المحطات وضغوط تنظيم المهام

وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع اللبنانيون أخبارها أولاً بأول عبر محطات التلفزيون... فيتسمّرون أمام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بين القنوات للتزوّد بكل جديد.

وصحيحٌ أن غالبية اللبنانيين يفضّلون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا الأمر ولّد تنافساً بين تلك المحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف محللين سياسيين ورؤساء أحزاب وإعلاميين وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حول هذه الحرب والنتيجة التي يتوقعونها منها. وفي الوقت نفسه، وضعت المحطات جميع إمكاناتها بمراسلين يتابعون المستجدات على مدار الساعات، فيُطلعون المشاهد على آخر الأخبار؛ من خرق الطيران الحربي المعادي جدار الصوت، إلى الانفجارات وجرائم الاغتيال لحظة بلحظة. وفي المقابل، يُمسك المتفرجون بالـ«ريموت كونترول»، وكأنه سلاحهم الوحيد في هذه المعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عاجل أو صورة ومقطع فيديو تمرره محطة تلفزيونية قبل غيرها.

كثيرون تساءلوا: كيف استطاعت تلك المحطات تأمين هذا الكمّ من المراسلين على جميع الأراضي اللبنانية بين ليلة وضحاها؟

يقول وليد عبود: «هؤلاء المراسلون لطالما أطلوا عبر الشاشة في الأزمنة العادية. ولكن المشاهد عادة لا يعيرهم الاهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه المعادلة وتكرار إطلالاتهم وضعهم أكثر أمام الضوء».

ولكن، ما المبدأ العام الذي تُلزم به المحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سلامة المراسل والمصور تبقى المبدأ الأساسي في هذه المعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم سلامتهم على أي أمر آخر، كما أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم الالتزام بها».

من ناحيته، يشير صليبي إلى أن المراسلين يبذلون الجهد الأكبر في هذه الحرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف بالمخاطر. لذلك نخاف على سلامتهم بشكل كبير».

محمد فرحات (إنستغرام)

«إنها مرحلة التحديات»

وبمناسبة الكلام عن المراسلين، يُعد إدمون ساسين، مراسل قناة «إل بي سي آي»، من الأقدم والأشهر في هذه المحطة. وهو لا يتوانى عن التنقل خلال يوم واحد بين جنوب لبنان وشماله. ويصف مهمّته خلال المرحلة الراهنة بـ«الأكثر خطراً». ويشرح من ثم قائلاً: «لم تعُد هناك خطوط حمراء أو نقاط قتال محددة في هذه الحرب. لذا تحمل مهمتنا التحدّي بشكل عام. وهي محفوفة بخطر كبير، لا سيما أن العدو الإسرائيلي لا يفرّق بين طريق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بين لحظة وأخرى أن يختار أهدافه ويفاجئ الجميع... وهذا ما وضع الفرق الصحافية في خطر دائم، ونحن علينا بالتالي تأمين المعلومة من قلب الحدث بدقة».

وفق ساسين، فإن أصعب المعلومات هي تلك المتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش الإسرائيلي، «فحينها لا يمكن للمراسل معرفة ما يجري بشكل سليم وصحيح على الأرض... ولذا نتّكل أحياناً على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (القوات الدولية العاملة بجنوب لبنان) والجيش اللبناني والدفاع المدني، أو أشخاص عاشوا اللحظة. ومع هذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جداً. ويشمل ما أقوله أخبار الكمائن والأسر، بينما نحن في المقابل نفتقر إلى القدرة على معرفة هذه الأخبار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها».

«لبنان يستأهل التضحية»

في هذه الأثناء، يتكلم مراسل تلفزيون «الجديد» محمد فرحات «بصلابة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم.

محمد كان من بين الفريق الإعلامي الذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زملاء له ولامس الموت عن قرب لولا العناية الإلهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوساً لم أستوعبه في البداية. وعندما فتحت عيني سألت نفسي لبرهة: أين أنا؟»، ويضيف فرحات: «تجربتي الإعلامية ككل في هذه الحرب كانت مفيدة جداً لي على الصعيدين: الشخصي والمهني. من الصعب أن أُشفى من جروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يوماً بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية».

العلاج النفسي الجماعي ضرورة

أخيراً، في هذه الحرب لا إجازات ولا أيام عطل وراحة. كل الإعلاميين في مراكز عملهم بحالة استنفار. ولكن ماذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحاً لا تُشفى؟

تردّ الاختصاصية النفسية الدكتورة سهير هاشم بالقول: «الإعلاميون يتعرضون لضغوط جمّة، وفي الطليعة منهم المراسلون. هؤلاء قد لا يستطيعون اليوم كشف تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية، ولكن عند انتهاء الحرب قد يكون الأمر فادحاً. وهو ما يستوجب الدعم والمساندة بصورة مستمرة من مالكي المحطات التي يعملون بها». وأضافت الدكتورة هاشم: «ثمة ضرورة لإخضاعهم لجلسات علاج نفسية، والأفضل أن تكون جماعية؛ لأن العلاج الموسمي غير كافٍ في حالات مماثلة، خلالها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل».