«الائتلاف» يشكك بدور موسكو ويتمسك بـ«جنيف 1}

قتال «فتح الشام» في إدلب والمصالحة مع «الأكراد» و«إدارة المناطق الآمنة» على جدول أعمال المشاركين في آستانة

سوريون يستخدمون جرافات لجمع مقتنياتهم في حلب (أ.ف.ب)
سوريون يستخدمون جرافات لجمع مقتنياتهم في حلب (أ.ف.ب)
TT

«الائتلاف» يشكك بدور موسكو ويتمسك بـ«جنيف 1}

سوريون يستخدمون جرافات لجمع مقتنياتهم في حلب (أ.ف.ب)
سوريون يستخدمون جرافات لجمع مقتنياتهم في حلب (أ.ف.ب)

احتوى «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» أمس التسريبات الروسية حول الاجتماع المزمع عقده في آستانة، عاصمة كازاخستان، في منتصف الشهر المقبل، مجددًا تحديده أرضية «بيان جنيف 1» كأساس لأي تسوية. وجاء هذا الرد وسط تشكيك بنوايا موسكو العازمة على «بث التفرقة بين الفصائل وزيادة الشقاق في بينها»، وذلك استنادا إلى «عملية انتقائية للفصائل والهيئات المعارضة»، بدليل إعلان وزارة الخارجية الروسية أول من أمس أنها لا تنتظر مشاركة «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة في الاجتماع.
حسب جهات مطلعة، تشير المحاولات الروسية عبر التسريبات، وقبل مرحلة توزيع الدعوات على الأطراف المشاركة، إلى وجود نية بزرع الشقاق بين الفصائل، حين ضمت حركة «أحرار الشام» إلى المفاوضات واستبعدت «جيش الإسلام» على سبيل المثال لا الحصر، وفصائل أخرى ممثلة في «الهيئة العليا للمفاوضات» ما من شأنه تهديد وحدة المعارضة، في حال انقسامها بين مؤيد للمشاركة، أو معارض لها. غير أن «الائتلاف» على لسان مصدر بارز فيه، أكد أنه «ليس هناك أي قرار بمشاركة أي طرف حتى الآن، لا الفصائل ولا الائتلاف، لأنه لا توجد دعوات موجهة». وشدد على أن «الائتلاف» سيتخذ الموقف المناسب في ذلك الوقت، مؤكدًا «أننا ننظر إلى الموضوع من زاوية مصلحة الشعب السوري، لكن عدم مشاركة الائتلاف أو الهيئة العليا للمفاوضات، لن يسهم في إنجاح المؤتمر».
وأشار المصدر إلى أن هناك «محاولة للتواصل مع الفصائل، وفي النهاية سيكون القرار بالتشاور والتنسيق بين الجميع»، مضيفًا أن «كل الكلام عن المخططات هو تسريبات ليس لها نصيب من الواقع». وتابع: «لا يمكن استفراد أي فصيل معارض، لأن الفصائل المسلحة ممثلة داخل الائتلاف وداخل الهيئة العليا للمفاوضات، وحتى الآن لم ترد دعوة لأي شخصية في المعارضة السورية سواء سياسية أو عسكرية».
رئيس الدائرة الإعلامية لـ«الائتلاف» أحمد رمضان، كان أكثر حزمًا في إيضاح موقفه قائلا إن «الحل السياسي في سوريا يجب أن يكون استنادًا إلى بيان جنيف1 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القراران 2118 و2254. بما في ذلك البنود التي تؤكد على وقف قصف المدنيين وإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار وإدخال المساعدات للمناطق المحاصرة». وأكد رمضان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «أي جهد دولي يسعى إلى وقف العدوان على الشعب السوري، ويؤمن الانتقال السياسي الكامل، وينهي سلطة الاستبداد ورموزها، ويضمن رحيل الاحتلال وميليشياته، وإنهاء الإرهاب بصوره كافة، سيُقابل بموقف إيجابي، ما دام يستند إلى المرجعية الدولية وقراراتها، ويحترم تضحيات السوريين من أجل حرية بلدهم واستقلاله، ويصون كرامتهم ومستقبلهم».
وإذ أشار رمضان إلى أن ما ورد في «الشرق الأوسط» أمس حول «استبعاد الائتلاف من آستانة» غير دقيق، أكد أن أي طرف لم يتسلم دعوات حتى الآن، وأوضح «الموقف الرسمي بشأن اجتماع الآستانة سيستند إلى نص الدعوة ومحدداتها ومدى التزامها بالأسس المشار إليها، وتوفير البيئة التفاوضية التي تنجح أي جهد، وتلتزم بتطبيق ما ورد في قرارات مجلس الأمن».
من ناحية ثانية، فإن التحضيرات للمؤتمر، بدأت في أوساط بعض الفصائل التي ستكون مدعوة، بحسب ما قال القيادي العسكري في الشمال محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط». إذ أفاد الشامي أن أبرز الملفات تتمثل في التحضيرات «لإدارة المناطق المحررة، ووجود حركة أحرار الشام في المنطقة الآمنة في الشمال، وتولّيها إدارة المعابر الحدودية مع تركيا»، إضافة إلى ملف «الحل السياسي ومستقبل الفصائل والسلاح»، فضلاً عن «تحضيرات الفصائل لتضطلع بدور قتال جبهة فتح الشام (النصرة سابقًا) في إدلب وتلقي الفصائل الدعم والمساندة من قبل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، بهدف إنشاء كيانات معزولة للمتشددين، ومنع الاختلاط بين الفصائل المتشددة والمعتدلة في بقع جغرافية واحدة، منعًا لضربها». كذلك تحدث عن أن هناك «استعدادا للتوصل إلى مصالحة بين الفصائل العسكرية والقوات الكردية، لمنع الاقتتال فيما بينها».
في هذه الأثناء، كان اللافت في معرض الإعدادات وطرح القضية هو «العملية الانتقائية» للفصائل والأطراف التي يجب أن تشارك، وهو ما قالت فيه مصادر مطلعة على جو المباحثات أنه «محاولة المقصود منها إرباك الساحة، وإدخال الناس ببعضها عبر خلق سجالات». وأردفت «الفصائل العسكرية المعتدلة ترحب بهدنة عامة، إنما التسوية بالطريقة الانتقالية فهي غير مقبولة ولن يكتب لها النجاح». وتضع هذه المصادر التسريبات في سياق «ضخ الأخبار خارج السياق المنطقي، بهدف زرع الشقاق بين الفصائل»، قائلة إنها محاولة «روسية إيرانية لضرب الفصائل».
وفي ملف استبعاد «الهيئة العليا للمفاوضات»، اكتفى محمد علوش، الذي شغل منصب كبير المفاوضين السوريين في الهيئة العليا للمفاوضات قبل استقالته في الصيف الماضي، بالقول: إننا لم نتلق دعوة للمشاركة، مضيفًا: «نحن كفصائل لدينا مرجعية بيان جنيف 1 الداعي لإيجاد هيئة حكم انتقالي بكامل الصلاحيات في ظل عدم وجود الأسد، وهو أساس أي عملية تفاوضية». وأضاف علوش لـ«الشرق الأوسط» في حديث معه «شخصيًا، أتوقف كثيرًا عند الطرح حول مؤتمر آستانة، ونستغرب الأسلوب الذي تتبعه روسيا لاختيار المعارضة والانتقائية في ذلك»، لافتًا إلى أن «الهيئة العليا تضم كل الفصائل من كل المحافظات السورية، وبالتأكيد هناك جيش الإسلام والفرقة الساحلية وضباط يمثلون الجيش السوري الحر في الداخل، وبينهم القيادي الذي استشهد أخيرًا بأرض المعركة العميد بكور سليم». ورأى أن موسكو «تختار المعارضين والفصائل على مقياسها، وفي ظل استبعاد الممثلين فعليًا على الأرض، لا أعتقد أن مؤتمر آستانة سينجح»، معتبرًا أنه «ورقة لمزيد من الضغط على فصائل المعارضة السياسية والثورية والعسكرية».
كذلك قال علوش معلقًا: «لا تستطيع موسكو أن تحل المشكلات على طريقتها، عبر إبعاد المدنيين وفق خطة احتلال وجريمة حرب بحسب التوصيف القانوني الدولي، حيث أبعدت الناس من حلب وحلت محلها الميليشيات الطائفية»، مضيفًا أن «الضغوط التي تمارسها والانتقائية وفق أجندتها، يشير إلى فشل مسبق للمؤتمر، والأيام المقبلة ستكوّن رؤية واضحة حول أسباب عدم نجاح المؤتمر».
الشكوك نفسها حيال نوايا موسكو، يعبر عنها مصدر بارز في المعارضة السورية السياسية، مطلع على ملف المفاوضات، إذ لم يخف قلقه حيال «استراتيجية روسيا الهادفة إلى تشتيت المعارضة السورية وضرب شرعيتها، من أجل الحفاظ على بشار الأسد». وأشار المعارض البارز لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن موسكو «ماضية بسياسة اختلاق معارضات صورية تمثّل الوجه الآخر للنظام، ومحاورتها على مستقبل سوريا، وهم (الروس) لا ينفكون عن محاولات إيجاد شرخ بين المعارضة السياسية والمعارضة العسكرية».
وشدّد المعارض على أن النظام «يرفض أي صيغة للحل السياسي، لأن العملية السياسية سترسم مصير نظامه»، مضيفًا أن «الحل يبدأ بوقف الأعمال العدائية في كل سوريا، وإدخال المساعدات الإنسانية، ومن ثم الدخول بمفاوضات مباشرة منسجمة مع مرجعية جنيف والقرارات الدولية».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».