الحكومة اللبنانية الجديدة أقرت بيانها الوزاري

ابتعد عن القضايا الإشكالية و«القوات» يتحفظ على بند «المقاومة»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء اللبناني في القصر الجمهوري في بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء اللبناني في القصر الجمهوري في بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة اللبنانية الجديدة أقرت بيانها الوزاري

جانب من اجتماع مجلس الوزراء اللبناني في القصر الجمهوري في بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء اللبناني في القصر الجمهوري في بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)

أقر مجلس الوزراء اللبناني، أمس، البيان الوزاري للحكومة الجديدة الذي ستمثل به أمام المجلس النيابي الأسبوع المقبل بهدف نيل ثقة البرلمان، مع تسجيل وزراء حزب «القوات اللبنانية» والوزير ميشال فرعون تحفظهم على البند المرتبط بـ«المقاومة». وقد حاز البيان الوزاري الذي أعدت اللجنة الوزارية المكلفة إعداده، على موافقة الحكومة التي ستعرضه على البرلمان في جلسة عامة لمناقشته أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس المقبلة، بحسب ما أعلن رئيس البرلمان نبيه بري.
البيان الوزاري، أقر في جلسة انعقدت أمس في قصر الرئاسة ببعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي شدد خلال الجلسة على ضرورة أن يكون عمل الحكومة كما يريد الجميع منتجًا وسريعًا، معتبرًا أنه بعد نيل الحكومة الثقة ستكون الانطلاقة فيما بعد للعمل على قانون الانتخابات، وتحضير الإجراءات اللازمة كي تتم في موعدها. ومن جهته، أمل رئيس الحكومة سعد الحريري أن تنال الحكومة الثقة بين الميلاد ورأس السنة؛ كي تبدأ السنة الجديدة بالعمل الأساسي، سواء ما يتعلق بقانون الانتخابات أو الاهتمام بشؤون المواطنين.
وبعد انتهاء الجلسة، نقل وزير الإعلام ملحم الرياشي عن عون تهنئته «على السرعة في إنجاز البيان الوزاري»، وقول عون خلال جلسة الحكومة «عندما قرأت مسودة البيان لاحظت تكرار لكلمة استعادة الثقة، وهذا موضوع من شأنه أن يطمئن الناس في الداخل والخارج».
وأفاد الرياشي بأنه «بعد نقاش مستفيض، أقر مجلس الوزراء البيان الوزاري وسجل وزراء «القوات اللبنانية» والوزير ميشال فرعون رفضهم الفقرة المتعلقة بحق المواطنين اللبنانيين في المقاومة، معتبرين أن هذا الحق محصور بالدولة».
جدير بالذكر، أنه لطالما شكلت هذه القضية إشكالية في البيانات الوزارية المتتالية، قبل أن تجد حكومة الرئيس تمام سلام السابقة صيغة «توافقية» بين الأطراف، جرى بموجبها التخلي عن صيغة «الجيش والشعب والمقاومة» لصالح صيغة «التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».
الصيغة نفسها، تكررت هذه المرة، حيث جرت «المواءمة بين خطاب القسم والبيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام»، بحسب ما صرح وزير الشباب والرياضة محمد فنيش (أحد وزيري ما يسمى «حزب الله»). غير أن هذه الصيغة لا تحصر حق «المقاومة» و«السلاح» بيد الدولة اللبنانية؛ وهو ما دفع حزب «القوات اللبنانية» إلى تسجيل تحفظه إلى جانب حليفه الوزير فرعون.
في هذا السياق، قال مصدر في حزب «القوات اللبنانية» في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن التحفظ «ينطلق من كون (القوات) تصر على حصر حق المقاومة، بالدولة فقط؛ منعًا لأي التباس من شأنه أن يترتب على ذكر عبارة (حق المواطنين اللبنانيين بالمقاومة)». وشدد على أننا «ملتزمون موقفنا الدائم بحصر السلاح والمقاومة بيد الدولة اللبنانية».
هذا، وتخطى البيان الوزاري القضايا الإشكالية؛ إذ أحالت الحكومة قضية «الاستراتيجية الدفاعية الوطنية» لأن يتم «التوافق عليها في الحوار الوطني». والتزمت الحكومة ما جاء في خطاب القسم لجهة ضرورة «ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية والتزام احترام ميثاق جامعة الدول العربية، وبشكل خاص المادة الثامنة منه، مع احترام المادة الثامنة منه مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي حفاظا على الوطن ساحة سلام واستقرار وتلاق». كذلك، أكدت الشراكة مع الاتحاد الأوروبي واحترام مواثيق الجامعة العربية والأمم المتحدة كاملة واحترام القرار 1701 ودعم القوات الدولية في الجنوب.
من ناحية أخرى، تعهدت الحكومة الجديدة بـ«تكثيف الجهود والاتصالات لتأمين مستلزمات الأجهزة العسكرية والأمنية عدة وعتادا لكي تقوم بواجباتها على أكمل وجه؛ حماية للدولة والشعب والأرض من الحرائق المنتشرة حولنا». وأعربت عن التزامها «وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب على الأراضي اللبنانية كافة».
وفي الملفات اللبنانية الداخلية، وبحسب ما تسرب من البيان الوزاري، فإن الحكومة تعهدت بوضع استراتيجية عامة للوقاية من الفساد، وتعهدت «بإقرار قانون جديد للانتخابات» من غير الخوض في أي تفصيل حوله. وكذلك تعهدت بمواصلة العمل مع المجتمع الدولي لمواجهة أعباء النزوح السوري واحترام المواثيق الدولية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.