تحرير مواقع في «نهم» وتقدم لـ«الشرعية» صوب «نقيل بن غيلان»

طيران التحالف دمر مركز اتصالات للميليشيات وأسلحة ومعدات عسكرية

مقاتلون تابعون للقوات الموالية للرئيس هادي يلوحون بالنصر في إحدى جبهات تعز (أ.ف.ب)
مقاتلون تابعون للقوات الموالية للرئيس هادي يلوحون بالنصر في إحدى جبهات تعز (أ.ف.ب)
TT

تحرير مواقع في «نهم» وتقدم لـ«الشرعية» صوب «نقيل بن غيلان»

مقاتلون تابعون للقوات الموالية للرئيس هادي يلوحون بالنصر في إحدى جبهات تعز (أ.ف.ب)
مقاتلون تابعون للقوات الموالية للرئيس هادي يلوحون بالنصر في إحدى جبهات تعز (أ.ف.ب)

تجددت المواجهات بشكل عنيف، اليومين الماضيين، في جبهة نهم بشرق صنعاء، وبحسب مصادر عسكرية ميدانية، فقد حققت قوات الجيش الوطني اليمني تقدما كبيرا في المواجهات مع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، حيث جرى تحرير جبال السفينة والقتب وقرن وادعة و7 مواقع أخرى، كما ذكرت المعلومات أنه جرى السيطرة على منطقة وادي محلي بالكامل. وأشارت مصادر الجيش اليمني إلى تدمير طيران التحالف لمركز اتصالات لميليشيات الحوثي وصالح، إضافة إلى عتاد كبير، إلى جانب ما لا يقل على 40 قتيلا وعشرات الجرحى في صفوف الميليشيات، أمس فقط.
وقالت قوات الجيش اليمني إن هذه المواجهات طهرت ما يربو على 7 كيلومترات من المناطق التي كانت تحت سيطرة الميليشيات باتجاه العاصمة صنعاء، وإن قوات الجيش باتت على مقربة من نقيل بن غيلان، أحد أهم المواقع الاستراتيجية للميليشيات والذي يطل على العاصمة صنعاء مباشرة.
وجاء تقدم قوات الجيش اليمني تحت غطاء جوي مكثف لطيران التحالف، الذي كثف غاراته، خلال الساعات الـ24 الماضية على مواقع الميليشيات في نهم.
كما جاء هذا التقدم، متزامنا مع الزيارة التي قام بها نائب الرئيس اليمني، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية، الفريق الركن على محسن الأحمر صالح الأحمر، إلى جبهة نهم، أول من أمس، ولقائه المقاتلين والقادة العسكريين الميدانيين.
وقال عبد الله الشندقي، المتحدث باسم المقاومة الشعبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن تحرك الجيش والمقاومة، تم بإسناد طيران التحالف العربي «الذي كان الدور الكبير في حسم المعارك في نهم سيتواصل لتحرير ما تبقى من نهم متصاحبا مع التحرك في كل جبهات الجمهورية للتحرير».
وأكد الشندقي أنه «كان لزيارة نائب رئيس الجمهورية دور كبير في رفع معنويات المقاتلين في الجبهة»، وأنه «سيكون لإشرافه على سير المعارك الدور الأكبر في النصر والتقدم بما يملكه من خبرات عسكريه وقتاليه في محاربة هذه الميليشيات. وكذلك بما يحظى به من احترام كبير في صفوف المقاتلين وبعلاقاته بالواجهات الاجتماعية والسياسية والعسكرية بصنعاء وأمانة العاصمة».
وحظيت التحركات الميدانية قرب صنعاء باهتمام ومتابعة الأوساط اليمنية كافة، واعتبر مراقبون أن هذه التطورات العسكرية «مهمة»، وقال المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن تطورات نهم «تعني تحريك الملفات الأكثر حساسية، في سياق الحرب الدائرة في اليمن»، معتبرا أنها «تعبر عن الخيارات الممكنة للضغط على الانقلابيين بعد الاجتماع الأخير للرباعية في الرياض، خصوصا أنه لم يتضح بعد موقف الانقلابيين من التفاهمات التي توصلت إليها الرباعية، وبالأخص ما يتعلق منها بالاجتماع المرتقب للجنة التهدئة في العاصمة الأردنية عمان».
التميمي عدّ هذه التحركات الميدانية بأنها «تعكس خيبة الأمل من نتائج الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، التي استبقى خلالها على خيار مكافأة الانقلابيين عبر إعادة هندسة هرم السلطة الشرعية وتمكينهم من الشراكة والنفوذ والعين على الحكومة المقترحة في خطة الأمم المتحدة للحل التي تشكل إحدى الإملاءات السيئة للوزير كيري على مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ».
وفي وقت تعزز فيه الميليشيات انقلابها في صنعاء من خلال تشكيل حكومة وهيئات انقلابية أخرى غير شرعية، فإن التميمي يرى أن «معارك نهم، تشير بدرجة أساسية إلى مصير العاصمة صنعاء وإلى مستقبل الانقلابيين المتحصنين في هذه المدينة، وتشير، بالقدر نفسه، إلى نقطة الضعف الكبرى للانقلابيين والقوى الداعمة لهم في الخارج»، معربا عن اعتقاده بأن يكون تجدد المعارك في نهم «يأتي في سياق تذكير الانقلابيين بأن السلطة الشرعية ومعها التحالف لم تتخل ولن تتخلى عن الخيار العسكري إذا انسد الأفق السياسي، وهو بالفعل قد وصل إلى مرحلة الانسداد الكامل نتيجة التصعيد السياسي من جانب الانقلابيين من خلال تشكيل مجلس سياسي وحكومة من طرف واحد في صنعاء».
وفي حين، قال الشندقي لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك ستستمر لتحرير ما تبقى من نهم والتوجه لتحرير بقية المناطق، وإن التوجه نحو العاصمة صنعاء مرهون بقرار من القيادة السياسية والعسكرية، فإن المحلل السياسي ياسين التميمي يرى أن هناك «احتمالات قوية بأن تتصاعد العمليات العسكرية لتبلغ مرحلة متقدمة، تتمثل في السيطرة على نقل بن غيلان ما يجعل الطريق سالكا أمام القوات الحكومية لبلوغ صنعاء وهذا بحد ذاته سيحسن شروط الحكومة وسيخفض من سقف التصعيد من جانب الانقلابيين».
وفي تعز، احتدمت المواجهات العنيفة في جبهات القتال المختلفة، في المدينة والريف، وتواصل قوات الجيش اليمني تقدمها في جبهات المدينة الشمالية والغربية والشرقية، حيث تقدمت في هذه الأخيرة بشكل كبير وتمكنت من الوصول إلى أسوار معسكر التشريفات، وسيطرت على عدد من المباني المحاذية للمعسكر في حي الكمب، علاوة على تطهيرها مبنى مستشفى الكندي وعدد من المباني التي كانت تتمركز فيها قناصة الميليشيات.
وأكدت المصادر ذاتها أن «الميليشيات طلبت من سكان ومن حراس المباني المطلة على جولة القصر من الاتجاه الشرقي، القريبة إلى القصر الجمهوري ومن خط تماس المواجهات وعلى امتداد منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة الميليشيات، مغادرتها ليتسنى لقناصي الميليشيات التمركز بها».
وفي السياق ذاته، أكدت قيادة محور تعز، بحسب المركز الإعلامي للقيادة، أن «معسكر التشريفات أصبح في مرمى نيران قوات الجيش بعد السيطرة على أجزاء واسعة من المباني المتاخمة للمعسكر من اتجاه حي الكمب، وتصل إلى أسوار وبوابة معسكر التشريفات».
وقالت إن «مدفعية الجيش في جبل العويد وعسيلة تمكنت من دك مواقع الميليشيات في العشملة والعبدلة مقبنة، غرب تعز، وأعطبت طقما عسكريًا تابعا للميليشيات أثناء وجوده في البوابة الشمالية لمعسكر التشريفات، علاوة على تجدد الاشتباكات في مديرية الصلو، جنوب شرقي مدينة تعز، رافقه تبادل قصف مدفعي مكثف بين الطرفين».
إلى ذلك، شنت ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، أمس، قصفها العنيف باستخدام مضاد الطيران ومدافع الهاون من مواقع تمركزها في تبة الدبعي ومنطقة الأكبوش في عزلة الأحكوم بمديرية حيفان، على مواقع الجيش اليمني في المعبرين والتبة الحمراء وتبة الماورة ورأس النقيل، التابعة لذات العزلة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».