ماي تدعو البريطانيين لـ«اغتنام الفرصة» قبل إجراءات «الخروج»

ماي تدعو البريطانيين لـ«اغتنام الفرصة» قبل إجراءات «الخروج»
TT

ماي تدعو البريطانيين لـ«اغتنام الفرصة» قبل إجراءات «الخروج»

ماي تدعو البريطانيين لـ«اغتنام الفرصة» قبل إجراءات «الخروج»

دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي البريطانيين، اليوم (السبت)، إلى الوحدة في عام 2017، بعد عام من الانقسامات القوية التي أفرزها الاستفتاء على خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، داعية إلى «اغتنام الفرصة التاريخية لبناء دور جديد في العالم».
وقالت إن بلادها في حاجة إلى الوحدة وبناء مكانة دولية خلال خروجها من الاتحاد الأوروبي، معربة عن أملها في بدء الإجراءات الرسمية للخروج التي قد تستمر عامين.
وتابعت: «في الوقت الذي نغادر فيه الاتحاد الأوروبي، علينا اغتنام هذه الفرصة التاريخية لبناء دور جديد وجريء لنا في العالم، وتوحيد بلدنا فيما نتقدم نحو المستقبل (...) يجب أن نعمل مع شركائنا الدوليين، لتعزيز التجارة وزيادة الرخاء ومواجهة التحديات التي تهدد السلام والأمن في العالم».
وفي أواخر يونيو (حزيران) صوت 52 في المائة من البريطانيين في استفتاء لمصلحة خروج بلدهم من فلك الاتحاد الأوروبي، وهو ما خلق فجوة كبيرة بين مؤيدي ومعارضي المغادرة، وامتد الجدل طيلة العام.
وكانت ماي أعلنت الأسبوع الماضي اعتزامها التفاوض في شأن الخروج والعلاقة الثنائية بينهما مستقبلاً بحلول عام 2019، لكن فترة انتقالية قد تكون مطلوبة بعد ذلك.
وتترقب الحكومة البريطانية قرار المحكمة الأعلى المفترض أن يصدر في يناير (كانون الثاني)، الذي يحدد هل يحق للنواب التصويت لتفعيل المادة 50 في معاهدة لشبونة وبدء إجراءات «بريكست» أم لا.



ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية» ويعتبر ماسك خطراً على الديمقراطية

TT

ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية» ويعتبر ماسك خطراً على الديمقراطية

ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه الاثنين (رويترز)
ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه الاثنين (رويترز)

للمرة الثلاثين، تجمهر سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين الحكوميين، الاثنين،

ماكرون لدى وصوله لحضور اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه الاثنين (أ.ف.ب)

في قصر الإليزيه للاستماع لرئيس الجمهورية يعرض أمامهم العالم كما يراه والتحديات التي تواجهها بلادهم والتي يتعين عليهم التعامل معها. ومرة أخرى، كان الرئيس إيمانويل ماكرون مجليا، وهو المعروف عنه شغفه بالتحديات الجيوسياسية، في رسم صورة شاملة وواقعية، لما يعاني منه عالم اليوم، خصوصا على ضوء نزاعات وحروب وميل نحو اللجوء إلى القوة وتحولات لم يكن أحد ينتظرها في الماضي القريب.

أوكرانيا والواقعية السياسية

رغم أن ما جاء على لسان ماكرون لم يكن جديدا تماما، فإنه حمل عدة رسائل للأوكرانيين من جهة، وللرئيس الأميركي المنتخب ترمب من جهة ثانية، وللأوروبيين من جهة ثالثة. وأهمية الرسالة الأولى أن ماكرون الذي يريد أن يفرض نفسه أفضل صديق لأوكرانيا، لمح للأوكرانيين بأن وضع حد للحرب لا يمكن أن يتم من غير تنازل كييف عن بعض أراضيها، وذلك من خلال قوله إن على الأوكرانيين أن يتقبلوا «إجراء مناقشات واقعية حول القضايا الإقليمية» أي حول الأراضي. بيد أنه سارع إلى التنبيه من أن أمرا كهذا لا يمكن أن يقوم به سوى الأوكرانيين، مؤكدا أن «لا حل في أوكرانيا من غير الأوكرانيين». وتحذير ماكرون الأخير موجه بالطبع لكييف، لكنه موجه أيضا للرئيس ترمب الذي زعم مرارا في السابق أنه قادر على إيجاد حل للحرب الروسية الأوكرانية سريعا. والتخوف الفرنسي - الأوروبي أن يعمد الأخير لاستخدام الدعم السياسي والمساعدات الاقتصادية والمالية وخصوصا العسكرية لأوكرانيا وسيلة ضغط من أجل حملها على قبول السلام وفق الرؤية الأميركية. كذلك وجه ماكرون رسالة مباشرة ومزدوجة الى ترمب بقوله، من جهة، إنه «لا يوجد حل سريع وسهل في أوكرانيا» ومن جهة ثانية دعوته واشنطن إلى «توفير المساعدة من أجل تغيير طبيعة الوضع وإقناع روسيا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات».

السفراء يستمعون إلى كلمة ماكرون في الإليزيه الاثنين (إ.ب.أ)

وفي السياق نفسه، حذر الرئيس الفرنسي ترمب الذي استضافه في قصر الإليزيه وجمعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمناسبة احتفال انتهاء ترميم كاتدرائية نوتردام، في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي من أن الولايات المتحدة «لا تملك أي فرصة للفوز بأي شيء إذا خسرت أوكرانيا»، مضيفا أن خسارتها ستعني أن الغرب سيفقد مصداقيته وأن استسلامها سيكون «كارثيا» ليس فقط للأوروبيين ولكن أيضا للأميركيين.

أما بالنسبة للأوروبيين، فإن ماكرون دعاهم للعمل من أجل «إيجاد الضمانات الأمنية» لأوكرانيا بديلا عن انضمامها إلى الحلف الأطلسي الذي ترفضه موسكو بالمطلق. وفي هذا السياق، سبق لماكرون أن اقترح أن يرسل الأوروبيون قوات لمراقبة وقف إطلاق النار في حال التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن وتعزيز أمن أوكرانيا فضلا عن الاتفاقيات الأمنية الثنائية المبرمة بين عواصم أوروبا وكييف. بيد أن مقترح ماكرون لم يلق حماسة أوروبية من جهة، كما أن زيلينسكي لا يرى أنه سيكون كافيا. وعلى خلفية تساؤلات أوروبية وأميركية متكاثرة لجهة استمرار الحرب وأنه لا أفق لنهايتها، فإن الرئيس الفرنسي نبه من شعور «الإرهاق» الذي يمكن أن يضرب الغربيين ومن انعكاساته الكارثية ليس على أوكرانيا وحدها بل على الأمن الأوروبي. وتوجه ماكرون إلى الأوروبيين بقوله: «إذا قررنا أن نكون ضعفاء وانهزاميين، فإن هناك فرصة ضئيلة لأن تحترمنا الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترمب».

الاستقلالية الاستراتيجية مجدداً

لم يفوت ماكرون فرصة التذكير بأنه كان أول من طرح فكرة الاستقلالية الاستراتيجية وبناء الدفاع الأوروبي وقد فعل ذلك في عام 2017، أي في العام الذي انتخب فيه رئيسا للمرة الأولى. من هنا، عودته مجددا لدفع الأوروبيين «للمضي قدما بشكل أسرع وأقوى» من أجل تعزيز صناعاتهم الدفاعية بوجه تصاعد التهديدات. وأضاف: «المسألة تكمن في معرفة ما إذا كان الأوروبيون يريدون أن ينتجوا خلال السنوات العشرين المقبلة ما سيحتاجون إليه لأمنهم أم لا»، محذرا من أنه «إذا كنا نعول على القاعدة الصناعية والتكنولوجية للدفاع الأميركي، فعندها سنكون أمام معضلات صعبة وتبعيات استراتيجية خاطئة». وسخر ماكرون من الذين كانوا ينظرون سابقا بكثير من الشك لمبدأ الدفاع الأوروبي أما اليوم فقد تبنوا المبدأ وأخذوا في الدفاع عنه.

ماكرون وترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند اجتماعهم في «قصر الإليزيه» مساء 7 ديسمبر الحالي (رويترز)

الشعور المسيطر من خلال كلمة ماكرون أنه يسعى، منذ إعادة انتخاب ترمب، إلى بناء علاقة قوية معه على غرار ما فعل في عام 2017 ولكن دون طائل، لا، بل إن هناك نوعا من التسابق لكسب ود الأخير بين القادة الأوروبيين. من هنا، يتعين النظر إلى ما جاء به ماكرون لجهة التذكير بأن باريس «أحسنت التعامل مع الرئيس ترمب» في ولايته الأولى، وهذا الكلام ليس دقيقا، لأن القادة الأوروبيين بمن فيهم ماكرون لم يحصلوا على أي شيء من ترمب، لا في ملف البيئة ولا في الملف النووي الإيراني ولا بالنسبة للحرب في سوريا وحماية الأكراد. ومع ذلك، فقد حرص ماكرون على إيصال رسالة للرئيس المعاد انتخابه بقوله: «يعلم دونالد ترمب أن لديه حليفاً قوياً في فرنسا، حليفاً لا يستهين به، حليفاً يؤمن بأوروبا ويحمل طموحاً واضحاً للعلاقة عبر الأطلسي»، مؤكداً التزام فرنسا بتعزيز التعاون مع حث الدول الأوروبية على تحصين وحدتها وصمودها. كذلك دعا ماكرون إلى «التعاون مع الخيار الذي أقدم عليه الأميركيون».

بيد أن امتداح ترمب لا ينسحب على أقرب المقربين منه وهو الملياردير إيلون ماسك الذي هاجمه الرئيس الفرنسي بعنف، متهما إياه بحمل لواء «الرجعية الدولية الجديدة» من خلال منصته على وسائل التواصل الاجتماعي «إكس». وامتنع ماكرون عن تسمية ماسك، مشيرا لدعمه المزعوم لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف في ألمانيا وتدخله المتزايد في الانتخابات الأوروبية. وأضاف: «من كان يتصور، قبل 10 سنوات، أن مالك إحدى أكبر شبكات التواصل الاجتماعي في العالم سيتدخل مباشرة في الانتخابات، بما في ذلك في ألمانيا». ويرى ماكرون في ماسك الذي سبق له أن استقبله عدة مرات في قصر الإليزيه ولكن قبل شرائه لـ«تويتر» خطرا على الديمقراطية ومؤسساتها وعاملا مزعزعا للاستقرار.