إردوغان يعلن قرب السيطرة على الباب والجيش يعلن مقتل قياديين من «داعش»

المعارضة التركية ترفض الانجرار إلى «مستنقع الشرق الأوسط»

سوريون يتظاهرون في حي جوبر بعد صلاة الجمعة ضد مجازر النظام (غيتي)
سوريون يتظاهرون في حي جوبر بعد صلاة الجمعة ضد مجازر النظام (غيتي)
TT

إردوغان يعلن قرب السيطرة على الباب والجيش يعلن مقتل قياديين من «داعش»

سوريون يتظاهرون في حي جوبر بعد صلاة الجمعة ضد مجازر النظام (غيتي)
سوريون يتظاهرون في حي جوبر بعد صلاة الجمعة ضد مجازر النظام (غيتي)

بينما تصاعدت المعارك حول مدينة الباب في شمال سوريا بين القوات التركية وعناصر الجيش السوري الحر المدعومة منها في إطار عملية «درع الفرات» من جهة وتنظيم داعش المتطرف الإرهابي من جهة ثانية، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أن المعركة الدائرة لانتزاع السيطرة على الباب «اقتربت من نهايتها». وتابع إردوغان في كلمة أثناء مراسم افتتاح ميناء للغاز الطبيعي في مدينة إزمير، بغرب تركيا، أمس الجمعة أن قوات الجيش السوري الحر ستسيطر على الباب قريبا بدعم من القوات التركية.
حدة الاشتباكات كانت قد زادت بين قوات الجيش الحر المدعومة من تركيا وعناصر «داعش» حول الباب، مع إحكام هذه القوات بدعم من الجيش التركي وقصف مدفعي وجوي مكثف سيطرتها على المدينة التي تشكل آخر معقل حضري للتنظيم المتطرف في ريف محافظة حلب الشرقي.
وللعلم، شهد اليومان الماضيان تصعيدا جديدا في الاشتباكات بين «داعش» والجيش التركي الذي سقط منه 16 قتيلا و33 مصابا بعضهم في حالة خطيرة، بعدما سيطرت قوات «درع الفرات» على الطريق الرئيسي الرابط بين الباب ومدينة حلب وحاصرت مستشفى المدينة الذي كان مركز قيادة ومخزنا لأسلحة «داعش». كذلك صعد الجيش التركي أمس الجمعة قصفه لمواقع «داعش» في الباب بعدما بث التنظيم شريط فيديو ليل الخميس لقتله جنديين تركيين حرقا بعدما اختطفهما قبل شهر.
وأعلن الجيش التركي أمس تدمير مقر «داعش» في الباب ومقتل 18 من عناصر «داعش» بينهم قياديون. وفي بيان سابق، أعلن الجيش التركي مقتل 22 من عناصر «داعش» في غارة جوية نفذتها مقاتلاته على أهداف للتنظيم في الباب ليل الخميس. وذكر أن الغارة استهدفت 51 هدفا تابعا للتنظيم الإرهابي في الباب كما قصفت المدفعية التركية بدورها 143 هدفا تابعا لـ«داعش» وقُتل عنصران آخران من التنظيم خلال اشتباكات مع قوات «درع الفرات»، وتمت السيطرة على طائرة من دون طيار تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري.
من جانبه، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس أن الضربات الجوية التركية في شمال سوريا قتلت 88 مدنيا في قصف وقع الخميس بينهم 24 طفلا في مناطق يتخذ التنظيم من مدنييها دروعًا بشرية. وأضاف «المرصد» أن 72 مدنيا قتلوا في الضربات الجوية التي وقعت الخميس ثم لقي 16 آخرون حتفهم في وقت مبكر أمس الجمعة، في حين أكد الجيش التركي أنه يتوخى الدقة الشديدة حتى لا يتعرض المدنيون للقصف.
من ناحية أخرى، حجبت السلطات التركية الوصول إلى شريط الفيديو الذي بثه «داعش» للجنديين القتيلين من خلال منع الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ونفت مصادر عسكرية تركية، ادعاءات ومزاعم تحدثت عن انسحاب القوات المشاركة في عملية «درع الفرات» من محيط الباب. إذ أوردت المصادر أنه «لا صحة للأنباء التي تداولها بعض الأشخاص في وسائل التواصل الاجتماعي حول انسحاب عناصر القوات المسلحة التركية الداعمة للجيش السوري الحر في إطار عملية درع الفرات من محيط مدينة الباب»، داعية إلى «عدم الانسياق وراء مثل هذه الشائعات الكاذبة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي».
هذا، ووصل 4 من عناصر الجيش السوري الحر مستشفى ولاية كلس بجنوب تركيا، بعد إصابتهم بجروح خلال اشتباكات مع عناصر «داعش» الإرهابي بمحيط الباب. وأوضحت مصادر أمنية، أن أحد المصابين نُقل إلى مستشفى آخر بولاية غازي عنتاب (جنوب تركيا)، في حين يواصل الأطباء علاج الثلاثة الباقين.
على صعيد آخر، طالبت المعارضة التركية بعدم دفع الجيش التركي إلى ما سمته «مستنقع الشرق الأوسط» قائلة إنه لا يجب ترك القوات التركية وحدها في سوريا. وقال كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، في تصريحات أمس «إننا لا نعترض على تأمين حدود تركيا وأمنها القومي، لكن القوات التركية لا يجوز تركها وحدها في سوريا ولا يجوز ترك الجيش التركي للانجرار إلى مستنقع الشرق الأوسط».
ولفت كليتشدار أوغلو إلى تزايد أعداد القتلى من الجيش التركي في اليومين الأخيرين، زاعمًا أن تركيا «اتبعت منذ البداية سياسة خاطئة في سوريا - على حد زعمه - وهي الآن تواصل تقديم التنازلات وتدفع بالجيش التركي للانجرار أكثر إلى مستنقع الشرق الأوسط».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.