«14 آذار» يتجه لتبني ترشيح جعجع للرئاسة اللبنانية وسليمان يجدد رفضه «التمديد»

الراعي دعا النواب لحضور جلسة الانتخاب.. وقاووق أكد العمل لإيصال رئيس «تخشاه إسرائيل»

وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق لدى لقائه أمس وفدا من بلدة الطفيل الحدودية مع سوريا لبحث الأوضاع الأمنية فيها (دالاتي ونهرا)
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق لدى لقائه أمس وفدا من بلدة الطفيل الحدودية مع سوريا لبحث الأوضاع الأمنية فيها (دالاتي ونهرا)
TT

«14 آذار» يتجه لتبني ترشيح جعجع للرئاسة اللبنانية وسليمان يجدد رفضه «التمديد»

وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق لدى لقائه أمس وفدا من بلدة الطفيل الحدودية مع سوريا لبحث الأوضاع الأمنية فيها (دالاتي ونهرا)
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق لدى لقائه أمس وفدا من بلدة الطفيل الحدودية مع سوريا لبحث الأوضاع الأمنية فيها (دالاتي ونهرا)

تشير معلومات ونتائج مباحثات يخوضها فريق 14 آذار، إلى التوجه نحو تبني ترشح رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، انطلاقا من «حرص» الحلفاء على الذهاب إلى جلسة الانتخاب الأولى المقررة الأربعاء المقبل باسم مرشح توافقي واحد. أما في أوساط فريق 8 آذار، فمن المفترض أن تتضح الصورة أكثر عن مرشحه للمنصب اليوم (الاثنين) أو غدا، وإن كان شبه محسوم لصالح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. وبينما جدد الرئيس ميشال سليمان، الذي تنتهي ولايته في 25 مايو (أيار) المقبل، رفض خيار التمديد، دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي النواب إلى الاضطلاع بدورهم عبر حضور جلسات الانتخاب، وبالتالي تأمين النصاب.
وفي وقت أشارت فيه دلائل إلى نية رئيس الجمهورية الأسبق، رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل، إعلان ترشحه، بدا أن عدم إقدامه على هذه الخطة لغاية الآن يعود بالدرجة الأولى إلى الجهود الحثيثة التي تبذل على خط فريق 14 آذار، الحريص بكل أطرافه على أن يذهب موحدا بمرشح واحد إلى جلسة الانتخاب الأولى.
وأكد النائب في كتلة المستقبل، محمد الحجار، لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل المؤشرات لغاية اللحظة تدل على أن جعجع سيكون مرشح فريق 14 آذار». وأضاف: «الجميل يمتلك كل المواصفات التي تجعله مرشحا لرئاسة الجمهورية، لكنه، كما كل الحلفاء، لديه الرغبة في التوافق ضمن الفريق الواحد».
كذلك، رأى النائب في كتلة «المستقبل» باسم الشاب أن «ردود الفعل على ترشيح جعجع لم تكن في محلها»، موضحا أن «الفكر السياسي الراشد ينتقد الفكرة وليس الشخص».
وقال في حديث إذاعي: «أعتقد هناك اتجاه لتسمية رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كمرشح لـ14 آذار مدعوم من تيار المستقبل»، مضيفا: «ما سيحصل الأربعاء في الجلسة يعود أيضا لما سيقوم به الفريق الآخر والوضع يعتمد أيضا على موقف رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط»، علما بأن جنبلاط سبق له أن قال إنه سيعلن عن قراره في اللحظة الأخيرة.
وأشار الشاب إلى أن «الرئيس سعد الحريري وعد البطريرك الراعي بأننا كتيار سنحضر جلسة الأربعاء، وسنؤمن النصاب».
ولفت الشاب إلى أن «الأجواء الإقليمية ضد الفراغ، ولكن إذا لم يصل اللبنانيون إلى اتفاق، فكلما اقتربنا من 25 مايو ستزيد التدخلات الإقليمية لدعم شخص للمنصب، أما اليوم فالأمر متروك لنا».
وعمدت قوى 14 آذار إلى إجراء استطلاع للرأي بين مناصريها ومحازبيها، أظهرت أن 18 في المائة منهم يفضلون رئيسا توافقيا، و82 في المائة يفضلون رئيسا قويا، فيما توزعت الأصوات على «المرشحين الأقوياء» كالتالي: 83.5 في المائة أيدت جعجع، و20.9 في المائة لصالح النائب بطرس حرب، و11.7 في المائة أيدت الجميل، وعشرة في المائة لصالح عون.
وكان لكل من الرئيس اللبناني والبطريرك الراعي أمس موقف من الاستحقاق الرئاسي المرتقب، فكرر سليمان رفضه التمديد قائلا: «أجدد القول إن التمديد أمر غير ديمقراطي، ولنطبق الدستور بحذافيره، ولا أجد أي أمر يعطل النصاب في جلسة الانتخاب الأربعاء».
ودعا بعد لقائه الراعي بمناسبة عيد الفصح، اللبنانيين إلى «الاتعاظ من التجارب التي مر بها لبنان وبقي موحدا ومستقرا»، لافتا إلى أنه «لا يجوز إعطاء مواصفات للرئيس تضلل الناس، فالرئيس ليس ممثلا لقاعدته الشعبية، بل هو حافظ الدستور والسيادة، وهو المسؤول عن كل شيء في الوطن».
وأوضح أن «العلاقة مع حزب الله ومع الجميع هي علاقة عادية وعلى تواصل دائم مع حزب الله عبر وزرائه في الحكومة».
وعما إذا كان يؤيد الذهاب إلى اختيار رئيس حزبي أم توافقي، قال: «منذ أيام كان الحديث عن رئيس قوي، والآن صححوا المفهوم ودعوا إلى اختيار رئيس توافقي».
من جهته، ناشد الراعي «النواب القيام بدورهم الذي يوجب عليهم الحضور في كل جلسات الانتخاب التي يدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري»، مشيرا إلى أن «النائب ينال شرف انتخاب الرئيس بوكالة تسلمها يوم انتخابه». وأكد الراعي في قداس عيد الفصح في بكركي بحضور سليمان والسفير البابوي في لبنان غابريالي كاتشا، أن «رئيس الجمهورية هو رأس الدولة يأتي انتخابه ضمن عملية ديمقراطية تتكامل شيئا فشيئا عبر اقتراعات والإدلاء بالصوت الحر من دون اكراه، ويكون الشرط الأساس الضامن لانتخاب الأفضل والأنسب أن يضع الجميع نصب أعينهم مصلحة الوطن العليا».
ودعا «لوضع السلاح جانبا وإيقاف دوامة العنف والإرهاب واللجوء إلى الحوار والتفاوض من أجل الوصول إلى الإصلاحات السياسية».
في المقابل، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، المحسوب على حزب الله، الحرص على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
وقال في احتفال تأبيني في حسينية بلدة بافليه الجنوبية: «سنتعامل معها بكل جدية، ونؤيد كل من يجد نفسه قادرا على أن يجمع اللبنانيين وأن يحمي المقاومة». وأضاف: «من يشهر العداء للمقاومة ولا يملك أي تاريخ من الوطنية فإن ترشحه هو مجرد سبب لإثارة الخلاف والانقسام، وبالتأكيد هو لا يتوقع أن يصل أو أن ينجح، وما نحتاج إليه هو أن يكون الرئيس مؤتمنا على حماية هذا الوطن من خلال التمسك بالمقاومة التي هي مسألة مصير ومستقبل ومناعة وقوة وأمن الوطن وكرامة المواطنين ويقف حكما بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية».
من جهته، قال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق إن «حزب الله معني جدا بمسار الاستحقاق الرئاسي وليس من موقع المتفرج أو الحيادي»، مؤكدا: «نعمل من أجل إيصال رئيس قوي إلى سدة رئاسة الجمهورية تخشاه إسرائيل ولا تريد وصوله إلى قصر بعبدا». ومن اللافت أن «الرئيس القوي هو الأقوى وطنيا، وهو الذي يشكل وصوله رسالة قوة ومنعة بوجه إسرائيل والتكفيريين».
وخلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله في احتفال تأبيني في بلدة صربين الجنوبية، شدد الشيخ قاووق على أن «المعيار الأول لترشيح الرئيس القوي يكمن في التزامه بالثوابت الوطنية وبتعزيز قوة لبنان أمام الخطر الإسرائيلي والتكفيري»، داعيا الذين «يراهنون على وصول رئيس إلى سدة الرئاسة يناصب العداء للمقاومة ويستعجل التصادم مع سوريا إلى الكف عن هذه الرهانات، لأن لبنان لا يتحمل رئيسا كذلك، وليس هو الساحة المناسبة لإملاءات والتزامات خارجية».
وشدد على أن إسرائيل «راهنت على القرارات الدولية لإضعاف المقاومة وفشلت، وراهنت على فريق 14 آذار الذي كان ولا يزال يستهدف سلاح المقاومة وفشلت».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم