«الدرون» تحصد المزيد في اليمن والبرلمان يستدعي وزيري الدفاع والداخلية

نواب طالبوا بوقف غاراتها

جنود يمنيون يقومون بتفتيش السيارات عند إحدى النقاط العسكرية بالعاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
جنود يمنيون يقومون بتفتيش السيارات عند إحدى النقاط العسكرية بالعاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

«الدرون» تحصد المزيد في اليمن والبرلمان يستدعي وزيري الدفاع والداخلية

جنود يمنيون يقومون بتفتيش السيارات عند إحدى النقاط العسكرية بالعاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
جنود يمنيون يقومون بتفتيش السيارات عند إحدى النقاط العسكرية بالعاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)

لقي العشرات من المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة مصرعهم في جنوب اليمن أمس، إثر غارة جوية قامت بها طائرة من دون طيار (درون)، يعتقد أنها أميركية، لليوم الثاني على التوالي، في حين استدعى البرلمان اليمني أمس وزيري الدفاع والداخلية لاستجوابهما حول الأمر.
وقالت مصادر محلية في محافظة أبين بجنوب اليمن لـ«الشرق الأوسط» إن العشرات من المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة قتلوا في الغارة الجوية على منطقة المحفد في محافظة أبين. وأشارت إلى أن الغارة نفذت بواسطة طائرة من دون طيار، على تلك المنطقة التي يوجد فيها المئات من أنصار تنظيم القاعدة، في وقت أشارت فيه المصادر إلى أن المشتبهين كانوا يوجدون في منطقة جبلية.
وأكدت المصادر أن الطائرات استهدفت معسكرا يوجد فيه العشرات من مسلحي «القاعدة» في منطقة المحفد، كما استهدفت معسكرا آخر في منطقة عزان في محافظة شبوة المجاورة لمحافظة أبين. وتؤكد المصادر أن بين القتلى عناصر أجنبية ينتمون لجنسيات مختلفة.
وكانت غارة جوية بطائرة من دون طيار قتلت، أول من أمس، عشرة أشخاص يشتبه في انتمائهم لـ«القاعدة» في محافظة البيضاء، إضافة إلى خمسة مدنيين قتلوا بالخطأ.
على صعيد آخر، هاجم أعضاء في مجلس النواب اليمني (البرلمان) وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة العسكرية والأمنية في البلاد، بسبب استمرار عمليات طائرات «درون» الأميركية، التي حصدت عشرات الأبرياء من المدنيين، وأقر البرلمان في جلسته أمس استدعاء وزيري الدفاع والداخلية لحضور جلسة المجلس يوم الخميس المقبل، لمساءلتهما عن هذه العمليات، التي كان البرلمان أقر في 2013 توصية للحكومة لمنعها.
وقال البرلماني عبد المعز دبوان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن مثل هذه العمليات تشكل انتهاكا صارخا لقوانين البلاد، وهي قتل بدم بارد على قاعدة الشك وليس التأكيد». وأضاف: «هذه العمليات وبحسب الإحصائيات الخاصة للمنظمات الحقوقية قد حصدت أكثر من 600 شخص، خلال 100 غارة، منذ 2009 وحتى اليوم»، مشيرا إلى أن أعضاء البرلمان سيقومون باستجواب وزير الدفاع، بشأن الاتفاقيات الأمنية التي وقعها اليمن مع الولايات المتحدة، بخصوص عمليات «الدرون»، ونتائجها، والتعويضات التي قدمتها الحكومة للضحايا المدنيين خلال هذه الغارات. وأوضح أن «هذه العمليات تساعد تنظيم القاعدة على الانتشار، والاستقطاب، بسبب التعاطف الشعبي معه».
واتهم دبوان الولايات المتحدة باتخاذ هذه العمليات ذريعة للتدخل في اليمن والاستمرار في انتهاك سيادة اليمن، والبقاء في سمائه، وقال: «الأجهزة الاستخبارية الأميركية تعلم جيدا أن عملياتها تزيد من تعاطف كثير من الضحايا مع عناصر (القاعدة)، وبالتالي فهي تستمر في استهداف عناصر القاعدة لتحرض المنطقة التي هم فيها على كسب التعاطف معهم».
وانتقد دبوان بيان اللجنة الأمنية العليا حول عملية البيضاء الأخيرة قائلا: «تنظيم القاعدة ليس بهذا الغباء حتى يضع أكثر من 13 شخصا من عناصره على سيارة واحدة، تسير في وضح النهار، فهذا استخفاف من اللجنة، ويدل على استهتارها بدماء شعبها». وتابع: «اللجنة لم تكلف نفسها الاعتذار للضحايا المدنيين الذين اعترفت بقتلهم في العملية الأخيرة في محافظة البيضاء».
وعن دور مجلس النواب قال دبوان: «للأسف الشديد البرلمان لا يستطيع أن يسحب الثقة من أي وزير يقوم بالتفريط في سيادة بلده، بسبب المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، والمبادرة الخليجية التي جعلت للوزراء حصانة». فيما يرى النائب في البرلمان عن حزب المؤتمر الشعبي العام سنان العجي، أن أعضاء مجلس النواب اتفقوا في جلسة أمس على أهمية الحد من عمليات الطائرات من دون طيار، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مع محاربة الإرهاب، والقضاء عليه، لكننا نرفض هذه العمليات لأن أغلب الضحايا فيها مدنيون، لا علاقة لهم بـ(القاعدة)». وتابع: «هذه العمليات ليست دقيقة، ولا ينتج عنها إلا مزيد من دماء الأبرياء، وتخلف مآسي جديدة، فضلا عن التعاطف من قبل الضحايا من المدنيين مع (القاعدة)»، مؤكدا أن «دماء اليمنيين ليست مباحة حتى تضربهم الطائرات لمجرد الاشتباه، إذ يجب أن لا يقتل الشخص مهما كان لمجرد الاشتباه»، مبينا أن هذه العمليات انتهاك للدستور اليمني، ويجب أن تضع الحكومة حلولا للحد منها، مطالبا وزارة الدفاع، وجهاز الأمن القومي والأجهزة الأخرى، بتقارير عن كل هذه الانتهاكات والدماء التي تسفك دون حساب.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.