الوسلاتية مسقط رأس العامري محل شبهة لدى السلطة

أهلها ساندوا معظم الانتفاضات الشعبية ويعيشون تحت خط الفقر

الوسلاتية مسقط رأس العامري محل شبهة لدى السلطة
TT

الوسلاتية مسقط رأس العامري محل شبهة لدى السلطة

الوسلاتية مسقط رأس العامري محل شبهة لدى السلطة

ينحدر أنيس العامري المتهم في الهجوم الإرهابي بمدينة برلين الألمانية من منطقة الوسلاتية القريبة من القيروان (وسط تونس)، وهي مدينة صغيرة تقع على بعد 40 كيلو مترا غرب القيروان، وتعتمد في نمط عيشها أساسا على الفلاحة والرعي واستخراج حجارة الجبل الرخامية وبها مقامات أولياء صالحين كثيرة.
وأصل تسمية الوسلاتية يعود إلى جبل وسلات، وهي كلمة بربرية ترمز إلى الحدة والصلابة، كما ترمز إلى الشجاعة والفتوة، ورغم التفوق العسكري للدولة في عهد البايات (حكام تونس في العهد العثماني) فإنهم وجدوا صعوبات في السيطرة على جبل وسلات وجباية الضرائب من سكانه. ومنطقة الوسلاتية اليوم تعيش تحت خط الفقر، وهي تفتقر وفق شهادات سكانها للماء الصالح للشرب ولمشاريع تنمية تعيل أهلها، وبعبارة واحدة يؤكد الجميع أنها تعاني من التهميش الاجتماعي، ولعل هذا الواقع المزري هو الذي دفع على الأرجح أنيس العامري وغيره من شباب المنطقة إلى المغامرة بأرواحهم والمشاركة في رحلات الموت.
وتفيد مصادر تاريخية بأن معظم المجموعات القاطنة في مدينة الوسلاتية تعود إلى قبيلة مزاتة البربرية المتفرعة عن لواتة، وتميز أهلها بارتباطهم الشديد بجبل وسلات.
ولجبل وسلات قصة صراع كبير مع السطة المركزية، فمع بداية الوجود العثماني بتونس في النصف الثاني من القرن الـ16 للميلاد، لعب أهل الوسلاتية دورا بارزا في الصراع بين القبائل المحلية والسلطة العثمانية التي رفضت دفع الضرائب وتحصنت بقمم جبل وسلات.
وأشارت كل المصادر إلى مشاركتهم في أغلب الانتفاضات والثورات، وبخاصة في القرنين الـ17 والـ18 للميلاد، وكان الجبل المنيع ملاذا وملجأ لكل ثائر أو خارج عن السلطة المركزية.
ومثلت حادثة التحاق علي باشا (أحد حكام تونس) بجبل وسلات والاحتماء به نقطة تحول مهمة في تاريخ الجبل وسكانه.
وفي سنة 1728 فر علي باشا مع ابنه يونس ومناصريه إلى جبل وسلات، لينظم صفوف مناصريه ويستعد للانقضاض على عرش عمه حسين بن علي ولكن هزيمة علي باشا وفراره إلى الجزائر المجاورة جعلت حسين باي يأمر بإجلاء السكان من الجبل وكانت أول عملية تهجير قسرية يتعرضون لها واستمرت إلى حدود سنة 1735م تاريخ عودة علي باشا مع عسكر الجزائر إلى تونس والجلوس على العرش الحسيني، عندها أمر بعودة السكان إلى موطنهم الأصلي.
وفي سنة 1759 لجأ إسماعيل بن يونس (أحد حكام تونس) إلى جبل وسلات وأعلن الثورة ضد علي بن حسين، فاجتمعت حوله بعض القبائل ولكن علي باي تمكن من القضاء على هذه الثورة بعد محاصرة الجبل بواسطة القبائل المناصرة له، فقطعوا المؤونة عن سكان الجبل الذين عانوا كثيرا من حصار تواصل ثلاث سنوات.
وفي سنة 1762م فرّ إسماعيل بن يونس إلى الجزائر وترك أهل وسلات في مواجهة مصيرهم، ولما شاع خبر هروب إسماعيل بن يونس إلى تبسة، استسلم أهل جبل وسلات وأعلنوا خضوعهم للسلطة المركزية وطلبوا الأمان فأمنهم الباي على أرواحهم شرط أن يخلوا الجبل وأن يتفرقوا في البلاد. فكانت ثاني عملية تهجير وتشتيت يتعرض لها أهل جبل وسلات في العصر الحديث، وظلوا عند عمليات التهجير محل شبهة واتهام في نظر الأهالي والسلطة أينما حلوا، وبخاصة أثناء الفترات المتأزمة إذ كانوا يقدمون الدعم لكل من يلوذ بهم.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.