مخاوف من انفجار الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان

اغتيال عنصرين من «عصبة الأنصار» وعملية بناء الجدار الفاصل معلّقة

مخاوف من انفجار الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان
TT

مخاوف من انفجار الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان

مخاوف من انفجار الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان

تفاقمت المخاوف في الساعات الماضية من انفجار الوضع الأمني داخل مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان بعد اغتيال عنصرين من جماعة «عصبة الأنصار» الإسلامية، ما أدّى لتوتر الأوضاع واندلاع اشتباكات بين المسلحين داخل المخيم أدّت لمقتل فلسطيني ثالث.
ويتزامن التدهور الأمني داخل «عين الحلوة» الذي يضم نحو مائة ألف لاجئ فلسطيني وسوري مع قرار السلطات اللبنانية تعليق عملية بناء جدار إسمنتي على شكل حزام يلف المخيم، لإعطاء فرصة للفصائل الفلسطينية لتقديم بديل يؤمن استقرار المخيم، ويحمي محيطه اللبناني خاصة، نظرا لتواجد عدد كبير من المطلوبين فيه. ومن المقرر، بحسب مصادر فلسطينية مطلعة، أن تتقدم اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا هذا الأسبوع بخطة بديلة عن الجدار للأجهزة الأمنية اللبنانية المختصة، «إلا أن المستجدات الأمنية الأخيرة قد تشكل تحديا جديا للقيادات الفلسطينية التي تحاول إقناع نظرائها اللبنانيين بعدم جدوى الجدار وانعكاساته السلبية الكبيرة على المجتمعين اللبناني والفلسطيني على حد سواء».
وأوجزت المصادر المتواجدة داخل المخيم لـ«الشرق الأوسط» التطورات التي شهدها، أمس، لافتة إلى أن «مجهولين اغتالوا صباحا ناشطيْن إسلاميين من جماعة (عصبة الأنصار) التي عمد عناصرها بعد ذلك إلى إطلاق النار عشوائيا داخل المخيم ما أدى لاندلاع اشتباكات بينهم وبين عناصر من حركة (فتح) التي اكتفت بالرد على مصادر النيران»، وأشارت إلى أن الحصيلة الحالية أمس 3 قتلى وجريحة واحدة. وأضافت المصادر: «لا يمكن استبعاد أن يكون التناحر الداخلي بين المجموعات الإسلامية هو الذي أدى لاغتيال ناشطين من (العصبة)، كما لا بد من إضاءة سيناريوهات أخرى لعل أبرزها شعورنا بأن هناك جهات تسعى لتوتير الأوضاع داخل المخيم تنفيذا لأجندات خارجية».
من جهته، تحدث رئيس التيار الإصلاحي في حركة «فتح»، العميد محمود عبد الحميد عيسى، المعروف بـ«اللينو» عن «مخطط قديم - حديث يقضي بتوتير الوضع الأمني داخل المخيم، إلا أن اللجنة الأمنية المشتركة والمولجة حفظ الاستقرار تتحمل مسؤولية عدم قيامها بمهامها بالشكل المطلوب ما يعزز لدى اللاجئين الفلسطينيين في المخيم فكرة غياب المرجعية بشكل كامل»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود علامات استفهام تحيط بهذا الملف. وأضاف «اللينو»: «نحن لا نريد قوة أمنية صورية عاجزة غير قادرة على اتخاذ القرارات والمحاسبة وتحصر مهامها في الاستنكار وإعداد البيانات، ما نريده قوة تقطع الطريق على كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار المخيم تنفيذا لأجندات خارجية».
ووضعت اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا، في بيان أصدرته إثر اجتماع في مقر قيادة الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان «العملية الجبانة التي أدّت لمقتل سامر نجمة وأبو المحروق، في إطار مشروع الفتنة الذي يستهدف أمن واستقرار المخيم، وكذلك الوحدة الوطنية والإسلامية اللتان شكلتا، وما زالتا، الضمانة للحفاظ على المخيم واستقراره وعلى العلاقة الأخوية مع الجوار اللبناني الشقيق»، مؤكدة حرصها على «متابعة هذه القضية بمسؤولية عالية، للكشف عن المجرمين القتلة وتسليمهم للجهات اللبنانية المختصة للقصاص منهم». ودعت اللجنة القوى الوطنية والإسلامية إلى «التنبه واليقظة من مغبة الوقوع في شرك الفتنة التي تستهدف شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية، خصوصا قضية اللاجئين»، كما دعت إلى «ضبط النفس والتهدئة في مخيم عين الحلوة، إفساحا في المجال أمام الهيئات الأمنية المعنية لمتابعة هذه القضية».
ونُقل عن الناطق الرسمي باسم «عصبة الأنصار الإسلامية» الشيخ أبو شريف عقل، قوله: «سنحاول قدر الإمكان ألا نسبب أي أذى لأهلنا في المخيم، لكن الذي نفذ العملية لا بد أن ينال عقابه، وهناك لجنة تحقيق ستحقق بالموضوع، والفاعل سيعاقب».
وكان الوضع الأمني ترنح داخل «عين الحلوة» في الأيام القليلة الماضية مع تفعيل جماعة «أنصار الله» تواجدها في المخيم بالتزامن مع زيارة لأمينها العام اللواء جمال سليمان إلى مقرها، ما أثار ريبة التنظيمات الإسلامية في ظل ما تردد عن إمكانية توكيله من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية بملاحقة عدد من المطلوبين الذين لم تنجح اللجنة الأمنية المشتركة، وعلى رأسها حركة «فتح»، في توقيفهم وتسليمهم للسلطات اللبنانية.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.