«بازار إسطنبول» يعاني نقص السياح بسبب الإرهاب

كان مركزًا للبورصة في العهد العثماني بعد فتح القسطنطينية

السوق المغطاة لقبت مؤخرا بأنها أغلى نقطة في تركيا، حيث يرتفع سعر إيجار المتر المربع الواحد فيها إلى 3 آلاف و500 دولار - كثير من المحال التجارية أغلقت أبوابها بسبب الصعوبات التي تشهدها السياحة في تركيا
السوق المغطاة لقبت مؤخرا بأنها أغلى نقطة في تركيا، حيث يرتفع سعر إيجار المتر المربع الواحد فيها إلى 3 آلاف و500 دولار - كثير من المحال التجارية أغلقت أبوابها بسبب الصعوبات التي تشهدها السياحة في تركيا
TT

«بازار إسطنبول» يعاني نقص السياح بسبب الإرهاب

السوق المغطاة لقبت مؤخرا بأنها أغلى نقطة في تركيا، حيث يرتفع سعر إيجار المتر المربع الواحد فيها إلى 3 آلاف و500 دولار - كثير من المحال التجارية أغلقت أبوابها بسبب الصعوبات التي تشهدها السياحة في تركيا
السوق المغطاة لقبت مؤخرا بأنها أغلى نقطة في تركيا، حيث يرتفع سعر إيجار المتر المربع الواحد فيها إلى 3 آلاف و500 دولار - كثير من المحال التجارية أغلقت أبوابها بسبب الصعوبات التي تشهدها السياحة في تركيا

لا تعد السوق المسقوفة أو المغطاة أو المغلقة، أو ما تسمى السوق الكبيرة أو جراند بازار في إسطنبول مجرد مكان يجمع أعدادا ضخمة من المحال التجارية، لكنها معلم أثري كبير، وبحكم موقعها هي مزار مهم لكل من يأتي إلى إسطنبول.
كانت السوق المغطاة مركزًا للبورصة في العهد العثماني، حيث تم تشييدها في فترة فتح العثمانيين للقسطنطينية عندما أمر ببنائها السلطان محمد الفاتح عام 1461 ميلادية، وأمر أن تكون السوق والمنازل والجوامع في تلك المنطقة جميعها مبنية تحت سقفٍ واحد، وتم بناء السوق المغلقة تحديدًا في هذا المكان ليخدم منطقة آياصوفيا.
ويوجد بالسوق جامعان ومركز للشرطة ومطاعم ونافورات مياه ومراكز معلومات للسياح، كما تحتوي على أكبر خزنة تاريخية قديمة كانت توضع بها المجوهرات والأشياء الأثرية والأسلحة والنقود. تتوسطه قاعة «جواهر بيديستين» التي يوجد بها أثمن المجوهرات والساعات والفضيات القيمة، وتعتبر هذه الساحة أقدم مكان داخل السوق المغلقة.
ولا تزال السوق حتى اليوم بمثابة تجمع لمحال الذهب والمجوهرات في إسطنبول، لكنها تتأثر صعودا وهبوطا بالحالة الاقتصادية والأمنية في البلاد فبعد توالي الحوادث الإرهابية في إسطنبول منذ مطلع العام الحالي لم تعد السوق تشهد ذلك الازدحام المعتاد بسبب التراجع النسبي للسياحة.
السوق المغطاة لقبت مؤخرا بأنها أغلى نقطة في تركيا، حيث يرتفع سعر إيجار المتر المربع الواحد فيه إلى 3 آلاف و500 دولار بحسب بحث أجرته شركة متخصصة في تقييم العقارات في إسطنبول وأدرجته تحت عنوان «أغلى الشوارع في إسطنبول»، وقد قامت الشركة بتقييم ارتفاع أسعار الإيجارات بالمحال الموجودة بالسوق، وتبين لها أن النسبة قد ارتفعت خلال عام واحد نحو 20 في المائة وأن الجميع يتقبل هذه الزيادة؛ نظرًا لعراقة السوق وتفرده بوصفه مكانا أثريا لا بديل عنه في تركيا.
تعرضت السوق لحرائق خطيرة وأعيد ترميمها للمرة الأولى عام 1984 بعد حدوث أحد الزلازل الشديدة.
كانت السوق في المعتاد يستقبل نصف مليون شخص يوميًا في المواسم السياحية، وهو أحد أقدم وأكبر وأفخم الأسواق في العالم، لكن كثيرا من المحال التجارية في السوق أغلقت أبوابها بسبب الصعوبات التي يشهدها قطاع السياحة في تركيا.
يقول حسن فرات، رئيس جمعية تجار السوق المغطاة: إن نحو 600 محل تجاري أغلقت أبوابها داخل السوق الذي يضم 3 آلاف و600 محل تجاري، بجانب المحال التجارية الموجودة داخل الخانات.
وأشار فرات إلى تراجع أعداد السياح الوافدين إلى تركيا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة 30 في المائة بقوله «تراجع أعداد السفن السياحية وسياحة المؤتمرات هو ما جعلنا في موضع حرج. فالسوق المغطاة كانت مزارًا أساسيا لآلاف السياح الوافدين إلى إسطنبول عبر السفن السياحية. لكن أعداد هذه السفن تراجعت هذا العام. كما شهدت سياحة المؤتمرات الكثير من الإلغاءات. كل هذه الأمور وضعت التجار في موقف حرج، وفي الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه انقضاء هذه الأيام الصعبة وقعت المحاولة الانقلابية الفاشلة».
ولفت فرات إلى أن الأجانب يمثلون جزءًا مهمًا من زائري السوق، قائلاً «أكثر المحال التي أغلقت أبوابها هي محال الهدايا التذكارية والحقائب والجلود والصاغة. السياح كانوا يمثلون 90 في المائة من زبائن هذه المحال. ومع غياب السياح أصبحت هذه المحال لا تعمل أبدا. وكان يوجد نحو ألف صائغ داخل السوق، لكن هذا الرقم انخفض إلى نحو 600. الكثير من عقود الإيجار ستنتهي بحلول نهاية العام الحالي».
هذا، وأشار فرات إلى أنه قبل سنوات عدة كان يتعين على المستثمر الراغب في افتتاح محل تجاري داخل السوق أن يدفع عربونًا وتابع: «كان العربون يصل إلى 100 ألف دولار، أما اليوم فلم يعد بالإمكان العثور على مستأجر جديد للمحل الذي يغلق أبوابه. توجد محال تجارية خالية منذ أشهر. ويوجد مستأجرون يعجزون عن سداد العائدات الشهرية. ويوجد 25 ألف عامل، بينما كان هذا الرقم يرتفع خلال الموسم إلى 35 ألفا، أما اليوم فأصبح التجار يعجزون حتى عن منح العامل أجرته الأسبوعية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».