الأنظار نحو العاصمة الكازاخية... والمعارضة ترفض الخروج عن المرجعية الأممية

لافروف وشويغو يجريان سلسلة اتصالات حول «سوريا ما بعد حلب»

نازح سوري في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في المفرق شمال الأردن يستدفئ من برد الشتاء الذي يخيم على المنطقة   (رويترز)
نازح سوري في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في المفرق شمال الأردن يستدفئ من برد الشتاء الذي يخيم على المنطقة (رويترز)
TT

الأنظار نحو العاصمة الكازاخية... والمعارضة ترفض الخروج عن المرجعية الأممية

نازح سوري في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في المفرق شمال الأردن يستدفئ من برد الشتاء الذي يخيم على المنطقة   (رويترز)
نازح سوري في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في المفرق شمال الأردن يستدفئ من برد الشتاء الذي يخيم على المنطقة (رويترز)

تتجه الأنظار نحو العاصمة الكازاخية أستانة التي اقترحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثناء زيارته اليابان الجمعة الماضي، منصة تجري عليها مفاوضات بين ممثلي المعارضة السورية والنظام. ويوم أول من أمس، وفي خطوة تمثل تثبيتا لاقتراح بوتين حول منصة أستانة، أعرب الرئيس الكازاخي نور سلطان نزار بايف لنظيريه الروسي والتركي عن استعداد بلاده استضافة تلك المفاوضات.
وذكر الموقع الرسمي للرئاسة الكازاخية أن «الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين بحثا خلال اتصالات هاتفية مع الرئيس نزار بايف القضايا الدولية والإقليمية الأكثر إلحاحا. وأعرب الرئيسان الروسي والتركي عن اهتمامها بعقد مفاوضات حول التسوية السلمية للأزمة السورية بين الأطراف المتنازعة». من جهته رحب الرئيس نزار بايف بتلك المبادرة وأعرب عن استعداده تقديم منصة لتلك المفاوضات في العاصمة الكازاخية، مشددًا على أن كازاخستان كانت تدعم منذ البداية الجهود الدولية الرامية لإيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية.
وكان يالتشين توبتشو، كبير مستشاري الرئيس التركي، قد أعرب عن أمله في أن تساهم المفاوضات المتوقع انطلاقها في العاصمة الكازاخية بين أطراف النزاع السوري، إلى وقف إراقة الدماء في سوريا. وجاء كلام توبتشو بهذا الصدد خلال تصريحات له يوم أمس من أستانة، حيث يشارك في «أسبوع السينما التركية في كازاخستان».
وفي أول ردود فعل من جانب قوى المعارضة السورية، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مقربة من «الجبهة الجنوبية» في «الجيش السوري الحر»، أن «(الجبهة) ترفض مفاوضات أستانة، وترى فيها مشروعا تركيا لتعويض الإخوان المسلمين وتعزيز دورهم في الشأن السوري». وتصر «الجبهة» على أن تبقى أي عملية مفاوضات ضمن المرجعية الدولية المعتمدة، مؤكدة أنها لا تنوي إرسال ممثلين لها إلى أستانة.
من جهته، قال رياض نعسان آغا، المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات، إن أحدا لم يطرح على الهيئة أي مفاوضات خارج جنيف وخارج العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، مشددا على التزام الهيئة ببيان جنيف - 1 والقرارات ذات الصلة، مرجعية للتسوية. وقلل نعسان آغا في حديث لـ«الشرق الأوسط» من المخاوف بشأن ظهور بديل تفاوضي عن الهيئة نتيجة الخطوات التي تتخذها روسيا، وقال بهذا الصدد إن «الهيئة العليا للمفاوضات نتاج تفاهم دولي، وهي تمثل قوى الثورة والمعارضة»، لافتا إلى أنه «إن تم تجاوز الجميع فلن يحظى أي حل خارج المطالب الشعبية بالنجاح»، واعتبر أن «روسيا حتى الآن معنية ببقاء الأسد فقط، وليست معنية بمطالب الشعب».
في غضون ذلك، قالت شخصيات من تيارات من قوى «المعارضة الداخلية»، وأخرى محسوبة عليها، من المعلومات المتوفرة تشير إلى نية المنظمين لمؤتمر أستانة توجيه دعوة إلى جميع قوى المعارضة السورية بلا استثناء، بما في ذلك للمعارضة المسلحة. وقالت إنه «لم يتم حتى الآن عرض أي أفكار أو جدول أعمال للمفاوضات في أستانة، كما لم توجه أي دعوات لأي طرف، وفق ما أكدت مصادر (معارضة) من داخل سوريا».
وكانت روسيا قد أظهرت سعيا واضحًا لاستغلال اتفاق إجلاء الفصائل المسلحة من شرق المدينة، واستعادة النظام سيطرته على تلك الأحياء، لتفعيل الحل السياسي، وفق رؤيتها. ومع إشارة بوتين إلى أن المفاوضات في أستانة ستكون «متممة لجنيف وليست بديلا عنها»، يبدو أن موسكو تحاول الدفع تدريجيا نحو مفاوضات لا علاقة لها بجنيف؛ إذ أعرب إيغو كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، في تصريحات، أول من أمس، أن «عملية حلب» قد أظهرت أن «الأمر الضروري للمضي قدما في المصالحة في سوريا هو توفر رغبة في التوصل إلى اتفاق بين القوى على الأرض باستثناء المجموعات الإرهابية»، حسب قوله. وفيما يبدو أنه نسف لكل الجهود السياسية الدولية «ما قبل حلب»، أكد كوناشينكوف أن «جميع محاولات الاستعاضة عن تلك العملية التفاوضية الشاقة مع المعارضة السورية على الأرض، بمؤتمرات في العواصم الغربية المريحة مع ممثلين عما يسمى بالهيئات العليا للمفاوضات، أو بإرسال مراقبين ما إلى حلب، هي طريق معدومة الأفق وعديمة الجدوى»، محددا مهمة اللاعبين الدوليين، مثل بريطانيا وفرنسا، بإرسال مساعدات إنسانية إلى سوريا، مشددا على أنه «وكلما أسرعوا بذلك سيسرع وصول السلام إلى هناك».
أما في سياق متصل بالجهود الروسية «ما بعد عملية حلب»، أجرى وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان سلسلة اتصالات مساء أول من أمس مع نظرائهما في تركيا وإيران، ومع وزير دفاع النظام السوري. وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان رسمي، أن «محادثات خلال اتصال، هاتفي بمبادرة من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، جرت مع وزيري الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، والإيراني جواد ظريف. وبحث الوزراء الوضع في سوريا على ضوء تحرير الأجزاء الشرقية من حلب، وإجلاء المدنيين من هناك» وفق ما يقول البيان، موضحا أن الوزراء شددوا على أهمية مواصلة تنسيق الجهود الدولية في المجال الإنساني، وفي «الانتقال إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254».
وكان موضوع وقف إطلاق النار على كل الأراضي السورية رئيسيا خلال محادثات أجراها كذلك وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في سلسلة اتصالات هاتفية مع نظيريه وزير الدفاع الإيراني حسين الدهقان، وفهد جاسم الفريج وزير دفاع النظام السوري، ومع هكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية، وفق ما أكدت وزارة الدفاع الروسية في بيان على موقعها الرسمي. وقالت الوزارة إن «المحادثات شهدت تبادلا لوجهات النظر حول الوضع في حلب. كما جرى بحث سبل تطبيع الوضع الأمني والإنساني هناك، فضلا عن خطوات محددة لتهيئة ظروف ضمان نظام وقف إطلاق النار على الأراضي السورية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.