عدنان عيدان: قواعد النحو والصرف الحالية وضعت للأعاجم ولا تلائم أبناءنا

تعزيز انتشار اللغة العربية مرتبط بمدى تمتينها إلكترونيًا

عدنان عيدان
عدنان عيدان
TT

عدنان عيدان: قواعد النحو والصرف الحالية وضعت للأعاجم ولا تلائم أبناءنا

عدنان عيدان
عدنان عيدان

يخشى التكنولوجيون العرب أن تكون لغتهم قد تأخرت كثيرًا عن اللحاق بركب اللغات الأخرى. والعنوان الذي اختارته «اليونيسكو» هذه السنة، وهو «تعزيز انتشار اللغة العربية» كهدف لاحتفاليتها بلغة الضاد، يطرح السؤال حول جدية الجهد المبذول في مجال البرمجة، خاصة وأنه لم يعد من انتشار ممكن دون تمتين الوجود على الشبكة العنكبوتية. ولو بحثنا في «غوغل»، سنجد مبادرات لا تحصى، لأفراد وشركات، كل يعمل من جانبه لسد الثغرات الكثيرة التي لا تزال تعاني منها اللغة العربية على الشبكة الإلكترونية. فاللغة العربية لا تزال تحتاج جهودًا جبارة، وعلى مدى طويل، لتذليل العقبات التي تعيق بالفعل ليس فقط تعليم العربية، ولكن أيضًا التعاطي اليومي للآخر مع ثقافتها ونتاجاتها والشعوب الناطقة بها.
ويطرح الدكتور العراقي عدنان عيدان المتخصص في مجال برمجة اللغة، الذي يعمل على مشاريع عدة في وقت واحد، مشكلة النحو التي أصبحت عائقًا كبيرًا أمام العرب لتعلم لغتهم الأم، ويسأل: «لماذا يتعلم التلميذ العربي 12 سنة أصول وقواعد النحو في المدرسة ويبقى عاجزًا عن التحدث بعربية صحيحة. ويصل الأمر حد أن خريجي الجامعات والذين يتخصصون منهم باللغة العربية ويحصلون على شهادات عليا، هم أيضًا يعانون من أخطاء من الصعب تقبلها».
مشكلة عقم المناهج النحوية المتبعة، وإصرار أساتذة العربية على الشرح وتكرار الشرح لطلاب لا يجدون فيما يتعلمونه متعة، ولا يصلون معه إلى كبير نتيجة في تحسين أدائهم اللغوي كتابة وكلامًا، هو لب وجوهر في موضوع انتشار اللغة بين أهلها قبل أن تصل إلى غيرهم. وللدكتور عيدان رأي قد يستشيط له اللغويون غضبًا، فهو يعتقد «أن النحو العربي بالصورة التي نعرفها اليوم وضع في الأصل لتعليم الأعاجم، في عصر ما بعد الفتوحات، يوم أصبح غير العرب أكثرية في الدولة الإسلامية تحتاج العربية في معاشها وعملها وتلقي العلوم». ويضيف: «ما يحدث الآن أننا نعلم أبناءنا وفق منهج وضع في الأصل لتعليم العربية لغير الناطقين بها، وهو ما يفسر المأزق الذي نعيشه». ويتساءل أيضًا ما جدوى أن يكرر التلاميذ جمل الإعراب التي يحفظونها غيبًا مثل «فاعل مرفوع بالضمة، أو مفعول به منصوب بالفتحة، أو اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره الكسرة».
في دراسة له تحمل اسم «نحو بنية تحتية أساسية للمحتوى اللغوي العربي في عصر تقنية المعلومات» يقول د. عيدان إن «النحو العربي وضع في البصرة على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه في القرن الثاني الهجري، ولم يناقش رجل مناهج الفكر لهذين العملاقين إلا بعد مضي أربعة قرون متمثل بابن مضاء القرطبي المتوفى عام 592هـ - 1195م، تلاها محاولات إبراهيم مصطفى عام 1937 وشوقي ضيف عام 1947 ومهدي المخزومي عام 1966». متسائلاً: «متى يظهر شبيه ابن مضاء في عصرنا الحاضر؟»
حين نسأل د.عيدان عن البدائل الممكنة عن مناهج النحو التقليدية، يجيب: «العربي يتعلم بالسليقة، ومن المفترض أن اللغة تأتيه بالمراس والاستخدام اليومي والقراءة والكتابة، لا بتعليمه القواعد». والمشكلة بالنسبة لعيدان تتجاوز النحو إلى الصرف، إذ ما جدوى أن يحفظ التلميذ تصريف جذر مثل «علم» ويردد: «علم، يعلم، معلم تعليمًا، فهذه أمور يعرفها لأنها تتعلق بلغته التي يستخدمها ويعيش معها».
وبالتالي فإن الحل هو في تبسيط النحو والتخلي عن كل ما لا يلزم، ووضع أسس جديدة كي يصبح تقويم اللغة ممكنًا حاسوبيًا. فما الذي يتوجب فعله تقنيًا في المرحلة الأولى؟ يجيب د. عيدان في دراسته «إنه ينبغي لوضع البنية التحتية لتطوير اللغة العربية أن يتوفر كل ما كتب باللغة العربية منذ مئات السنين وحتى يومنا هذا في مدونة عملاقة إلكترونية، يمكن من خلالها النظر إلى اللغة العربية في مكان واحد وبمنظار البحث والاستقراء والتقصي كما ينظر العلماء والأطباء عبر المجاهر لخلايا الجسم. أي أننا بحاجة إلى جمع كل ما يمكن جمعه من مادة لغوية عربية من كتب ومؤلفات علمية وأدبية وصحافة وسياسة ولغة ودين وفلسفة وغيرها الكثير ووضعه في مخزن إلكتروني عملاق ثم نستخدم برمجيات وآليات البحث الإلكتروني الحديثة للنظر إلى اللغة العربية ككل من خلال المادة اللغوية المخزنة».
هي لعبة مغلقة على ما يبدو، فنحن نحتاج إلى حوسبة اللغة كي نتمكن من استخلاص قواعد جديدة مبسطة وعلمية. وبحاجة إلى المناهج الحديثة كي نتمكن من تطوير استخدامنا للغة على الحاسوب وتطوير برامج وأنظمة تواكب العصر بلغتنا الأم، مثل العمل على برامج لكتابة مقالات على سبيل المثال لا الحصر.
وهكذا، فإن حوسبة اللغة، ستكون إنجازًا يسهل علينا أمر استنباط قواعد مسهّلة، وإيجاد خلاصات مبسطة، تسعف الطلاب في التعلم بسهولة. حوسبة العربية أيضًا تسهم في وضع برامج أكثر دقة لتصحيح الإملاء وضبط الهمزات التي تشكل واحدة من أكثر القواعد الإملائية صعوبة، كما تساعد بشكل رئيسي في تطوير أنظمة للترجمة الآلية، كما أنها الأساس الذي يلزمنا لوضع القواميس الآلية المتطورة والجامعة التي نحن بأمس الحاجة إليها.



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.