توقف عملية الإجلاء في شرق حلب

تعاون روسي تركي لبدء محادثات جديدة بشأن سوريا

توقف عملية الإجلاء في شرق حلب
TT

توقف عملية الإجلاء في شرق حلب

توقف عملية الإجلاء في شرق حلب

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الجمعة)، إنّه يعمل عن كثب مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، سعيًا لبدء سلسلة جديدة من محادثات السلام السورية بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد. وأضاف خلال مؤتمر صحافي في اليابان، أنّ المحادثات الجديدة إذا انعقدت فإنها ستجري في أستانة عاصمة كازاخستان، وستكون مكملة للمفاوضات التي تنعقد من حين لآخر في جنيف بوساطة الأمم المتحدة. وتابع: «الخطوة التالية هي التوصل لاتفاق بشأن وقف شامل لإطلاق النار في كامل أنحاء سوريا. نجري مفاوضات بناءة جدًا مع ممثلين للمعارضة المسلحة بوساطة تركيا». ومضى قائلاً إنّه اتفق مع إردوغان على أن يقترحا على نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة السورية عقد الجولة الجديدة من المحادثات في مكان جديد.
ثمّ أوضح بوتين أنّه «يمكن أن يكون المكان الجديد أستانة.. إذا حدث ذلك فإنه لن ينافس محادثات جنيف، لكنه سيكون مكملا لها. من وجهة نظري أيًا كان المكان الذي تجتمع فيه الأطراف المتصارعة فإنّ التصرف الصحيح هو محاولة التوصل إلى حل سياسي». واستطرد أنّ إجلاء مقاتلي المعارضة وأسرهم أخيرا من حلب، جرى بالاتفاق بينه وبين إردوغان أيضًا، وعبّر عن أمله أن تتمكن قوات النظام السوري الآن من تعزيز موقفه هناك وأن تعود الحياة إلى طبيعتها بالنسبة للمدنيين.
كما هوّن بوتين من شأن فقد النظام لمدينة تدمر التي استولى عليها «داعش» وأنحى باللائمة في ذلك على ضعف التنسيق بين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والنظام السوري وروسيا في حدوث هذه الانتكاسة. وقال بوتين: «كل ما يحدث في تدمر هو نتيجة التحرك من دون تنسيق. قلت مرات كثيرة إنّ علينا أن نوحّد الجهود من أجل الكفاءة في المعركة ضد الإرهاب». وأضاف: «مسألة تدمر رمزية بحتة. حلب أكثر أهمية بكثير من وجهة النظر العسكرية والسياسية».
أمّا فيما يخصّ عمليات الإجلاء من شرق حلب، فقد قالت منظمة الصحة العالمية اليوم، إن إجلاء المصابين والمدنيين من جيوب في شرق حلب توقف اليوم، وأُبلغت منظمات الإغاثة بضرورة مغادرة المنطقة من دون تقديم تفسير.
وأفادت إليزابيث هوف ممثلة المنظمة في سوريا متحدثة من غرب حلب لصحافيين في جنيف: «أظن أن الرسالة (بوقف العملية) جاءت من الروس الذين يراقبون المنطقة». وليس هناك اتصالات بين فريقها الذي يضم تسعة موظفين في شرق حلب والنظام السوري عند نقطة عبور الراموسة.
وبحلول السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي، كان 194 مريضًا قد نقلوا إلى ثمانية مستشفيات «مكدسة» في غرب حلب الذي تسيطر عليه قوات النظام وفي إدلب وتركيا، وفقًا لأحدث بيانات منظمة الصحة. وقالت هوف إنّ المصابين يعانون تلفًا في المخ أو العين أو أمراضًا مزمنة مثل السكري.
في السياق ذاته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومسؤول بالمعارضة السورية وآخر من جانب النظام السوري بأنّ سيارات خاصة غادرت حلب اليوم، مع قوافل الحافلات التي تجلي مقاتلين من المعارضة ومدنيين من المدينة.
لكن لم تظهر بوادر على بدء عملية الإجلاء من قريتين تحاصرهما المعارضة في محافظة إدلب المجاورة كان من المتوقع أن يشملهما الاتفاق.
وقال زكريا ملاحفجي المسؤول في تجمع «فاستقم» المعارض والمقيم في تركيا لـ«رويترز» إنّ «نحو ستة آلاف شخص غادروا القطاع الخاضع لسيطرة المعارضة من حلب في عدة قوافل من الحافلات وعربات الإسعاف منذ بدء عمليات الإجلاء يوم أمس». وأضاف أن هذا العدد يشمل نحو 900 مصاب من المقاتلين والمدنيين. في حين ذكر المرصد السوري أنّ العدد الإجمالي يقترب من 8 آلاف بينهم نحو 3 آلاف مقاتل من المعارضة وأكثر من 300 مصاب.
وأضاف ملاحفجي أنّ عدد الحافلات المستخدمة زاد إلى المثلين ووصل إلى نحو 50، مشيرًا إلى أن سرعة عمليات الإجلاء تتزايد.
من جهته، أشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن أنّ هناك كثيرًا من الحافلات الآن.
وكانت حلب مقسمة إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام وأخرى تسيطر عليها المعارضة خلال الحرب التي بدأت قبل نحو ستة أعوام، لكنّ هجومًا مباغتا لقوات النظام وحلفائه بدأ في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، أدّى إلى فقد مقاتلي المعارضة معظم الأراضي التي استولوا عليها في غضون أسابيع.
وكان اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة موسكو حليفة دمشق وتركيا التي تدعم جماعات معارضة قد انهار يوم الأربعاء حين استؤنف القتال، وأفادت تقارير بأنّ إيران لها مطلب جديد بتنفيذ عمليات إجلاء من قريتين يغلب على سكانهما الشيعة في إدلب.
ويتوقع أن يغادر آلاف المدنيين قريتي الفوعة وكفريا اللتين يحاصرهما مقاتلو المعارضة منذ فترة طويلة في محافظة إدلب التي تسيطر المعارضة على معظمها. لكن لم يتضح لماذا لم تبدأ عمليات الإجلاء بعد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم