مصادر الرئاسة اللبنانية تنفي مسعى سليمان إلى التقرب من حزب الله لتمديد ولايته

الحزب يؤكد أن التواصل معه لا يتعدى الحدود الدبلوماسية ـ البروتوكولية

الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى لقائه، أمس، رئيس كتلة المستقبل في البرلمان فؤاد السنيورة (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى لقائه، أمس، رئيس كتلة المستقبل في البرلمان فؤاد السنيورة (دالاتي ونهرا)
TT

مصادر الرئاسة اللبنانية تنفي مسعى سليمان إلى التقرب من حزب الله لتمديد ولايته

الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى لقائه، أمس، رئيس كتلة المستقبل في البرلمان فؤاد السنيورة (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى لقائه، أمس، رئيس كتلة المستقبل في البرلمان فؤاد السنيورة (دالاتي ونهرا)

لا يبدو أن لخيار تمديد ولاية الرئيس اللبناني الحالي ميشال سليمان أي حظوظ على الرغم من فشل الفرقاء اللبنانيين، وحتى ضمن الفريق السياسي الواحد، على التوافق على مرشح يخوضون به الانتخابات الرئاسية، والتي حدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أولى جلساتها يوم الأربعاء المقبل.
ونسف الخلاف الذي اندلع بين سليمان وحزب الله مطلع مارس (آذار) الماضي على خلفية وصف الرئيس معادلة «الشعب والجيش والمقاومة» بـ«الخشبية»، كل إمكانيات التمديد على الرغم من إعلان سليمان أكثر من مرة أنه أصلا يرفض تمديد ولايته.
وقالت مصادر مقربة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط» إن موقف الحزب من الرئيس سليمان «نهائي وواضح، فالتواصل معه تواصل دبلوماسي - بروتوكولي ولا يتعدى ذلك»، مؤكدة أن الحزب لن يدخل على الإطلاق بأي حوار مع سليمان «خصوصا أن المواقف التي اتخذها أخيرا صدرت عن سابق تصور وتصميم».
وشددت المصادر على أن «إمكانية التمديد غير مطروحة أبدا ولا المشاركة بأي حوار يدعو له سليمان». وأضافت: «الحزب سيحترم كما دائما موقع رئاسة الجمهورية وهو من هذا المنطلق يحترم الرئيس سليمان الذي لم يتبق من ولايته إلا أيام معدودة»، باعتبار أنها تنتهي في 25 مايو (أيار) المقبل.
في المقابل، نفت مصادر الرئاسة اللبنانية نفيا قاطعا ما يتردد من معلومات حول مسعى للرئيس سليمان، التقرب من حزب الله لتعويم خيار التمديد مجددا. ولفتت إلى أن موقف سليمان، الذي بحث ورئيس كتلة المستقبل النيابية رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في انتخابات الرئاسة، «واضح لجهة رفض التمديد وقد أعلنه أكثر من مرة».
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العلاقة مع حزب الله عادية والتواصل قائم عبر مجلس الوزراء»، لافتة إلى أنه «وخلال الجلسة الحكومية الأخيرة توجه وزير الحزب حسين الحاج حسن إلى الرئيس سليمان شاكرا إياه على موقفه بعد استشهاد الإعلاميين الثلاثة العاملين في قناة المنار خلال تغطيتهم الأحداث في بلدة معلولا السورية».
وقاطع حزب الله نهاية الشهر الماضي الجلسة التي عقدتها هيئة الحوار الوطني في القصر الجمهوري في بعبدا شرق بيروت للبحث بالاستراتيجية الدفاعية الوطنية ومستقبل سلاحه، احتجاجا على المواقف الأخيرة لسليمان منه.
وتطور السجال بين الطرفين تدريجيا، فبعد موقف سليمان من معادلة «الشعب والجيش والمقاومة»، رد حزب الله ببيان منتقدا بشدة سليمان الذي «أصبح لا يميز بين الذهب والخشب»، ولم يغفل أمين عام حزب الله حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة التصويب على سليمان ومواقفه.
وفيما تتجه الأنظار إلى الجلسة المرتقبة الأربعاء المقبل لانتخاب الرئيس والتي من غير المتوقع أن تحقق هدفها، حدد حزب الله مواصفات الرئيس الجديد على لسان نائبه نواف الموسوي الذي قال إنه «يجب أن يكون في موقع من يحافظ على المقاومة بما هي ركيزة أساسية من ركائز حماية لبنان من الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية».
وصوب الموسوي خلال حفل تأبيني في جنوب لبنان على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من دون أن يسميه، موضحا أن «رئيس الجمهورية بحسب ما ينص الدستور ينبغي أن يكون رمزا لوحدة البلاد، فلا يمكن لمن يمثل الانقسام أو التقسيم أن يكون رمزا لوحدة البلاد، ومن لم يستطع فهم موقع المقاومة في منظومة الدفاع عن لبنان لن يكون قادرا على السهر على حماية السيادة اللبنانية وسلامة أراضيها».
وأكد التزام حزب الله بالعمل من أجل انتخاب رئيس جديد والحيلولة دون شغور سدة الرئاسة.
واعتبر رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» هاشم صفي الدين أن أمام اللبنانيين «فرصة حقيقية ونادرة لانتخاب رئيس جمهورية من صنع لبنان»، لافتا إلى أن «الرئيس القوي هو الذي يصنعه اللبنانيون والمؤسسات اللبنانية وليس الذي يصنع في الخارج وعن طريق ترقب تصريحات السفارات وآرائها».
ودعا البطريرك الماروني بشارة الراعي في رسالة عيد الفصح الذي تحتفل فيه الطوائف المسيحية اليوم (الأحد)، المجلس النيابي لانتخاب «رئيس للجمهورية يأتي ناضجا بنتيجة جلسات الاقتراع التي تبدأ الأربعاء المقبل»، مشددا على وجوب أن «يلتزم النواب بواجب الحضور والاقتراع بحكم الوكالة الملزمة المعطاة لهم من الشعب لهذه الغاية، وأن يختاروا أفضل رئيس للبلاد».
وشكر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو من المرشحين غير الرسميين للرئاسة، «الثقة في طرحي مرشحا للرئاسة، إنما يهمني أن يظل مصرف لبنان بعيدا عن التجاذبات السياسية، لذا فأنا لا أقوم بأي مبادرة في هذا الموضوع».
ومن الأسماء المطروحة للرئاسة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» ميشال عون ورئيس حزب «القوات» اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وقائد الجيش جان قهوجي ووزير المال السابق دميانوس قطار ووزير الداخلية السابق زياد بارود ورئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن ورئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه، وآخرون.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».