شركات التقنية تتعاون مع عمالقة مصنعي السيارات لتطوير مركبات ذاتية القيادة

بعد أن واجهت «غوغل» و«آبل» و«أوبر» مختلف المعوقات لإتمام مشاريعها

سيارة «غوغل» ذاتية القيادة واجهت تحديات في سجل معايير السلامة (أ.ف.ب)
سيارة «غوغل» ذاتية القيادة واجهت تحديات في سجل معايير السلامة (أ.ف.ب)
TT

شركات التقنية تتعاون مع عمالقة مصنعي السيارات لتطوير مركبات ذاتية القيادة

سيارة «غوغل» ذاتية القيادة واجهت تحديات في سجل معايير السلامة (أ.ف.ب)
سيارة «غوغل» ذاتية القيادة واجهت تحديات في سجل معايير السلامة (أ.ف.ب)

ظن العالم خلال العام الأخير أن المركبات ذاتية القيادة ستكون حكرا على شركات اكتسحت المنافسة مثل «غوغل» و«آبل» و«أوبر». ولكن التداعيات الأخيرة أكدت لنا أن الشركات المصنعة للسيارات وعمالقة التكنولوجيا سيضطران إلى الاعتماد بعضهم على بعض لإطلاق سيارة ذاتية القيادة بمواصفات تتماشى مع معايير السلامة، ليتم اعتمادها في الشوارع. ولذلك تغيرت المعادلة، وستتم الاستعانة بعمالقة تصنيع السيارات لتحقيق حلم شركات التقنية. وفي سياق متصل، هددت دائرة إجازة المركبات (دي إم في) في ولاية كاليفورنيا باتخاذ إجراءات قانونية ضد شركة «أوبر» التي تقدم خدمة استدعاء سيارات الركوب عبر الأجهزة الذكية مقابل أجر، إن لم تتوقف عن تجربة السيارات ذاتية القيادة في سان فرنسيسكو، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية أول من أمس.
وكتب نائب مدير دائرة إجازة المركبات، براين سوبليت، رسالة إلى «أوبر» يقول فيها إنه من «غير القانوني أن تقوم الشركة بتشغيل مركباتها ذاتية القيادة على الطرق العامة دون أن تحصل على تصريح مستقل لاختبار كل سيارة»، وفقا لصحيفة «ميركوري نيوز» في سان خوسيه.
وفي الوقت نفسه، ظهر تقريران لسيارتين ذاتيتي القيادة من «أوبر» كسرتا إشارة حمراء في سان فرنسيسكو، مع وجود مقطع فيديو وصورة لإظهار كلتا الواقعتين، وفقا لصحيفة «سان فرنسيسكو إكزامنير». وكانت الشركة قد أعلنت أمس الأربعاء عن تقديم خدمة السيارات ذاتية القيادة في مدينة سان فرنسيسكو الأميركية.
وبدأت «أوبر» التشغيل التجريبي للسيارات ذاتية القيادة في مدينة بيتسبرغ الأميركية الصيف الماضي.
وذكرت الشركة في بيان عبر الإنترنت، أنها تعتزم تقديم الخدمة الجديدة في مدينة سان فرنسيسكو الموجود مقر الشركة فيها التي تقدم فيها مجموعة مختلفة من خيارات الركوب، مشيرة إلى أن هذه المدينة فيها عدد كبير من الدراجات الهوائية والشوارع الضيقة والزحام المروري. يذكر أن «أوبر» تطور تكنولوجيا القيادة الذاتية الخاصة بها لتتجنب الاعتماد مستقبلا على شركات إنتاج السيارات أو على منافسين محتملين مثل شركة «غوغل»، إلا أن التداعيات الأخيرة قد تعطل مشروع الشركة.
وتواجه «غوغل» تحديات هي أيضا، إذ أوردت تقارير إعلامية اعتزام الشركة العملاقة التخلي عن مشروعها لصنع سيارة ذاتية القيادة، مع توجهها إلى تعزيز شراكاتها في هذا المجال مع الشركات المصنعة للسيارات.
وبعد سنوات من العمل على تطوير مشروع سياراتها الذكية ذاتية القيادة، التي حظيت باهتمام الشركات العالمية، قررت الشركة في نهاية المطاف تجميد المشروع هذا الأسبوع، وتعتزم الشركة تطوير تعاونها مع شركات صناعة السيارات لتحقيق هدفها.
ووفقًا لموقع «ذا إنفورميشن» الذي أورد الخبر فإن «غوغل» قد قررت التوقف عن تطوير سيارتها ذاتية القيادة، وعوضًا عن ذلك ستضاعف التركيز على التكنولوجيا الخاصة بهذا النوع من السيارات، لكن بالتعاون مع شركات متخصصة في صناعة السيارات.
وسرعان ما انطلقت شركات سيارات عملاقة لتلتحق بسباق تطوير مركبات ذاتيه القيادة، حيث أعلنت شركة «هيونداي موتور» الكورية الجنوبية لصناعة السيارات أمس اعتزامها تنظيم جولة مفاجئة لسيارتها ذاتية القيادة «آيونيك» في شوارع مدينة لاس فيغاس الأميركية الشهر المقبل.
وأشارت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء إلى اعتزام «هيونداي موتور» المشاركة في المعرض الدولي للأجهزة الإلكترونية في لاس فيغاس خلال الفترة من 5 إلى 8 يناير (كانون الثاني) المقبل، حيث ستعرض فيه أحدث مبتكراتها في تكنولوجيا السيارات.
وقالت «هيونداي» إن سيارة «آيونيك» ستحقق القيادة الذاتية الآمنة من خلال استشعار محيطها وتحديد العقبات أو السيارات في الأمام والخلف والجوانب أيضا باستخدام ربط التقنيات مثل التحكم الذكي المتقدّم بالملاحة ونظام المساعدة على عدم الانحراف عن السير في مسار معين وتقنية الاستشعار عن بعد بتحديد المدى عن طريق الضوء أو الليزر وغيرهما.
وانضمت شركات سيارات ألمانية إلى الصناعة الجديدة، حيث تتجه الآن شركة «بي إم دبليو» للسيارات الفارهة نحو اختبار سيارتها ذاتية القيادة في الشوارع الأكثر ازدحاما في إحدى المدن الأوروبية. وبحسب كلاوس بويتنر، مسؤول أبحاث السيارات ذاتية القيادة في الشركة الألمانية، فإن «بي إم دبليو» تعتزم تسيير أول 40 سيارة ذاتية القيادة لها في شوارع مدينتها الأم ميونيخ اعتبارا من العام المقبل. وأوردت وكالة الأنباء الألمانية، أنه سيتم تسيير هذه السيارات أثناء الاختبارات بسرعة تصل إلى 70 كيلومترا في الساعة، وهو ما يجعلها مختلفة عن السيارة ذاتية القيادة التي تأخذ شكل البيضة وتطورها شركة «غوغل». كما أن هذه السرعة تعد بطيئة بالنسبة للسير في الشوارع الواسعة بولاية كاليفورنيا الأميركية، وذلك لأسباب تتعلق بالسلامة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».