عريقات لـ «الشرق الأوسط»: اتفقنا على تشكيل لجان مشتركة لبحث القضايا السياسية والأمنية

وفد السلطة الفلسطينية برئاسته أنهى «نقاشات مهمة» مع الإدارة الأميركية

د. صائب عريقات (أ.ف.ب)
د. صائب عريقات (أ.ف.ب)
TT

عريقات لـ «الشرق الأوسط»: اتفقنا على تشكيل لجان مشتركة لبحث القضايا السياسية والأمنية

د. صائب عريقات (أ.ف.ب)
د. صائب عريقات (أ.ف.ب)

قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إن الوفد الفلسطيني الذي ترأسه، أنهى في واشنطن، نقاشات مهمة مع الإدارة الأميركية، تناولت قضايا ثنائية وأخرى أمنية وسياسية.
وأضاف عريقات، في تصريحات مكتوبة لـ«الشرق الأوسط»، إنه جرى الاتفاق على تشكيل لجان ثنائية، ومتابعة المشاورات بين الجانبين في المستقبل.
وكان عريقات، ومدير المخابرات الفلسطيني، ماجد فرج، التقيا وزير الخارجية الأميركي جون كيري على انفراد، ثم بشكل موسع، نائبه ستيوارت جونز، ولاحقا، عقدا لقاء مع مستشارة الأمن القومي سوزان رايس.
وأوضح عريقات أن النقاشات شملت قضايا ثنائية وإقليمية وأمنية، وأخرى تتعلق بالمجتمع المدني الفلسطيني، والشؤون القنصلية، إضافة إلى مكانة منظمة التحرير في الولايات المتحدة، وجرى تشكيل لجنة لكل واحدة من هذه القضايا.
ولم يتضح ما إذا كان الوفد الفلسطيني سيلتقي فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أم لا.
وقالت مصادر فلسطينية أخرى لـ«الشرق الأوسط»، إن الوفد الفلسطيني، الذي ضم إلى جانب عريقات وفرج، ضباطا في المخابرات الفلسطينية، ومستشارين سياسيين للرئيس عباس، ومفاوضين، وصل إلى واشنطن بدعوة من الخارجية الأميركية، لإجراء لقاءات ثنائية، وإنه سيحاول أن يلتقي فريق ترامب إذا أمكن ذلك.
وأضافت المصادر أن «جميع القضايا التي تهم الفلسطينيين كانت على طاولة البحث، وتشمل: العلاقة المستقبلية، والاستيطان في مجلس الأمن، والتهديدات بنقل السفارة (الأميركية) إلى القدس، وحتى قضايا المنطقة».
وقال بيان مشترك عن الحوار السياسي الأميركي - الفلسطيني، أمس، إن الحوار «أتاح الفرصة لكلا الوفدين لمناقشة مجموعة من القضايا ذات الأهمية العالية، بما في ذلك القضايا الإقليمية». وجاء في البيان: «إن منظمة التحرير الفلسطينية والولايات المتحدة الأميركية، جددتا التزامهما بنتائج حل دولتين متفاوض عليه»، واعتباره «السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم يلبي الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية، ويحقق تطلعات الفلسطينيين للدولة والسيادة، وإنهاء الاحتلال الذي بدأ منذ عام 1967، وحل جميع قضايا الحل النهائي».
وأضاف البيان: «أدان الوفدان بشدة، الإرهاب وداعميه في المنطقة والعالم، وأقرا بالخطر الذي يمثله تنظيم داعش في العراق والشام، وتشاركا في التعبير عن قلقهما العميق بأن تنظيم داعش عمل على تقويض الاستقرار في المنطقة بشكل كبير، وبخاصة في العراق وسوريا، وبأنه مستمر في ارتكاب انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني».
وحسب البيان: «اتفق الطرفان أيضًا، على أهمية دور المجتمع المدني، والحاجة إلى خلق فرص اقتصادية وسياسية للجيل المقبل من الفلسطينيين، مشيرين إلى أهمية هذه القضايا من خلال الحوار الاقتصادي الأميركي الفلسطيني، الذي عُقد في مايو (أيار) الماضي في رام الله، وحوار التعليم العالي في العاصمة واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
وتابع البيان: «شدد الوفدان على أن الحوار أكد متانة العلاقة الأميركية - الفلسطينية، وأنهما يتطلعان إلى استمرار الحوار السياسي في عام 2017، بوصفه منبرا مهما لطرح وتدارس القضايا المهمة التي تواجهها الولايات المتحدة والفلسطينيون والمنطقة، بما في ذلك مجالات التجارة والاستثمار، والشباب، وحقوق المرأة، وحقوق الإنسان، والدين، والزراعة، والرياضة، وغيرها».



ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
TT

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)

يترقَّب اليمنيون عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما ستؤول إليه السياسات الأميركية في ولايته المقبلة تجاه اليمن، وكيفية التعاطي مع أزمته وحربه المستمرتَّين منذ عقد من الزمن، ضمن تغيرات تلك السياسات نحو قضايا وأزمات الشرق الأوسط، بأمل حدوث تطورات تؤدي إلى تلافي أخطاء الإدارات السابقة.

وواجهت إدارة جو بايدن الحالية انتقادات كبيرة داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تعاطيها غير الحاسم مع الملف اليمني، خصوصاً بعد إقدام الجماعة الحوثية على تحويل البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة باليمن إلى ساحة صراع، مُعرِّضةً طرقَ الملاحةِ، والتجارةَ الدوليَّتين للخطر، ومتسببةً بخسائر كبيرة للاقتصاد العالمي، ويتوقع أن تكون سياسة ترمب مغايرة.

وأعلن بايدن في مشروعه الانتخابي، ولاحقاً بعد توليه الرئاسة، أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أهم أولويات السياسات الأميركية في عهده، وعيّن مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، هو السياسي تيموثي ليندركينغ، إلا أن العام الأول من ولايته شهد تصعيداً عسكرياً كبيراً من قبل الجماعة الحوثية التي حاولت الاستيلاء على مدينة مأرب، أهم معاقل الحكومة الشرعية شمال البلاد.

الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ومن المنتظر أن تأتي إدارة ترمب الجديدة بتحولٍ كبيرٍ في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، كما يرى بشير عبد الفتاح، الباحث في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، وهذا التحول سيحدث بناء على واقع فرضته إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، بعد توجيهها ضربات موجعة لأذرع إيران، بمشاركة من الولايات المتحدة نفسها، وشملت تلك الضربات مواقع الحوثيين في اليمن.

ويتوقع عبد الفتاح في حديث مع «الشرق الأوسط» أن يسعى ترمب إلى وقف العمليات العسكرية في المنطقة، لكن ليس بشروط إيران وأذرعها، بل بشروط إسرائيل، ليتم تخيير هذه الأذرع بين وقف إطلاق النار والتزامها بقواعد جديدة للتهدئة تضعها الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أن يتم إطلاق يد الجيش الإسرائيلي للإجهاز عليها عسكرياً.

وأعلنت الجماعة الحوثية أن نتائج الانتخابات الأميركية لن تؤثر في موقفها، واتهم زعيمها عبد الملك الحوثي، ترمب بالحرص على دعم إسرائيل والتباهي بأنه فعل لها ما لم يفعله الرؤساء الأميركيون من قبله، وبإعطائها مزيداً من الأراضي العربية.

تشديد الحصار الاقتصادي

لن تكون إيران مستعدة للتضحية بأذرعها العسكرية في المنطقة إلا في حال توفر بدائل لها وفقاً لعبد الفتاح، وهو أيضاً رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية»، وأن تتمثل هذه البدائل في إبرام صفقات مع الولايات المتحدة تُمكِّنها من التخلص من العقوبات، أو أن تتمكَّن من تطوير قدراتها النووية.

الهجمات الحوثية في البحر الأحمر عطَّلت مباحثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والغرب (أ.ف.ب)

ويشير إلى أن وضع الجماعة الحوثية يختلف قليلاً عن باقي الأذرع العسكرية لإيران، وذلك لبعدها الجغرافي عن إسرائيل من جهة، ولسيطرتها على مؤسسات الدولة اليمنية، وهو ما يصعب من استهدافها المباشر وتوجيه ضربات كافية لإنهاكها من قبل إسرائيل، إلا أن السياسات الأميركية نحوها لن تختلف عن بقية الفصائل.

وتذهب الأوساط السياسية الأميركية إلى أن إدارة ترمب ستتخذ موقفاً أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية من سلفه بايدن، ضمن سياسة الضغط على إيران لأقصى حد، مع احتمالية استهداف قادة حوثيين من المستويات العليا.

غير أن ترمب سيركز على تشديد الحصار الاقتصادي على الجماعة الحوثية وفقاً للباحث الاقتصادي عادل السامعي، وهو الحصار الذي فرضه ترمب نفسه في ولايته السابقة، عندما وجهت إدارته بوقف مصادر التمويل التي تصل إلى مناطق سيطرة الجماعة، وحرمانها من الكثير من الإيرادات الموجهة عبر الأعمال الإنسانية.

ترجيحات أميركية ويمنية بتقليص ترمب الهجمات ضد الحوثيين والاكتفاء باغتيال قادتهم (رويترز)

ويمكن لترمب تعزيز الإجراءات الخاصة بتضييق الخناق اقتصادياً ومالياً على الجماعة الحوثية، كما يوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط»، وما يشمل ذلك من مضاعفة العقوبات التي تبنتها إدارة بايدن؛ بسبب الهجمات العدائية الحوثية في البحر الأحمر، وبينما كانت إدارة الأخير تتحجج بالأوضاع الإنسانية الصعبة في مناطق سيطرة الحوثيين لتبرير محدودية عقوباتها؛ فإن إدارة ترمب لن تبالي بذلك.

ونظراً لكون ترمب غير مستعد لخوض حروب على حساب دخل المواطن الأميركي، وفق رؤيته الدائمة؛ ويتخذ من الإجراءات الاقتصادية والعقوبات سلاحاً أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فمن المنتظر أن تتضاعف هذه النوعية من العقوبات، ما سيدفع إلى تعقيد الواقع السياسي، وربما العسكري أيضاً، إذ سيؤدي ذلك إلى رفض الجماعة الحوثية تقديم أي تنازلات، إلا أنه، في المقابل سيضعفها عسكرياً.

تراجع فرص السلام

على نهج سلفه بايدن، يدّعي ترمب أنه سينهي الحروب، وإن كانت أدواته تختلف كثيراً عن أدوات الرئيس الحالي الذي فشل في تنفيذ وعوده، غير أن ما سيواجه عهده الجديد ينذر بتعقيدات كثيرة، وفي اليمن قد تكون هذه التعقيدات أكثر مما يتوقع هو أو غيره.

مخاوف يمنية من تأثير المواجهة بين ترمب والحوثيين على الأوضاع الإنسانية في البلاد (رويترز)

ويميل ترمب إلى المبالغة، وربما الادعاء، في رفع مستوى التهديدات التي تحيط ببلده ومصالحها، ومن بين تلك التهديدات، الممارسات الحوثية في البحر الأحمر. وعلى الرغم من عدم نزوعه إلى خوض الحروب والتصعيد العسكري؛ فإنه قد يركز أهداف ضربات الجيش الأميركي على القيادات الحوثية العليا فقط.

ويبدو أن الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة ترمب، وبالاستناد إلى تجربتها في فترة حكمه السابقة، ستتبع سياسة أكثر صرامة تجاه التهديدات التي تمثلها جماعة الحوثي المسلحة في البحر الأحمر، طبقاً لرأي الكاتب والباحث السياسي محمد عبد المغني، فقياساً على مبدأ «أميركا أولاً» الذي يتبناه دائماً؛ يمكن القول إن إدارته ستعمل على تعزيز التصدي للتهديدات الاقتصادية المباشرة على المصالح الأميركية.

ومن المحتمل، برأي عبد المغني الذي أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أن يؤدي هذا إلى إعادة تصنيف الحوثيين «جماعةً إرهابيةً أجنبيةً»، وهو ما يخالف تصنيف إدارة بايدن لهم «جماعةً إرهابيةً عالميةً»، ليصبح التفاوض مع هذه الجماعة المسلحة أمراً غير وارد، وقد ينتج عنه تقليص دور المبعوث الأميركي إلى اليمن، أو ربما إلغاء هذه المهمة.

مقاتلون جدد جندتهم الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة تحت مزاعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

وأبدى سياسيون وباحثون يمنيون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، مخاوف شديدة من أن تؤدي سياسات ترمب المتوقعة نحو اليمن إلى مزيد من انفلات المواجهة بين الجماعة الحوثية من جهة، وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، وما سيتبع ذلك من مفاقمة الأوضاع الإنسانية المعقدة، وإلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية المنهكة؛ بسبب الانقلاب الحوثي والحرب.

وبعد إعلان فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة، توعدت الجماعة الحوثية باستمرارها في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، بحجة ارتباطها بإسرائيل، كما أكدت مواصلة عملياتها باتجاه إسرائيل، ولوَّحت بأنها ستهاجم أي سفينة تشتبه أنها تستخدم التمويه لإخفاء ملكيتها الإسرائيلية، حسب زعمها.