ماذا يقرأ الشباب المصري؟

ذائقة تتأثر بالمواقع الاجتماعية وعروض الكتب في الصحف والمجلات الثقافية

معرض القاهرة الدولي للكتاب 2016... الرواية أولا
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2016... الرواية أولا
TT

ماذا يقرأ الشباب المصري؟

معرض القاهرة الدولي للكتاب 2016... الرواية أولا
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2016... الرواية أولا

يبدو حسب الاستطلاعات والتحقيقات التي أجريناها مع عدد من المكتبات ودور النشر، والبحث في والمواقع الإلكترونية وموقع «جودريدز»، أن اتجاهات القراءة عند الشباب المصريين لم تتغير كثيرا عن السنة الماضية، التي أشرنا إليها في تقاريرنا حينها، وجاءت الرواية في أعلى القائمة. فلا تزال «الخيميائي» لباولو كويلهو تتصدر القائمة للسنة الثانية، تلاه جورج أورويل بروايته «1948»، وجاءت بعدها «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ، ثم رواية «ثلاثية غرناطة» لرضوى عاشور، التي قفزت مرتبتين عن العام الماضي. ومن الروايات الأخرى، «يوتوبيا» لحمد خالد توفيق، و«عزازيل» ليوسف زيدان، و«حوار مع صديقي الملحد» لمصطفى محمود.
وبالبحث عبر «غوغل تريند» عن أكثر الكتب أو الروايات التي بحث عنها المصريون لقراءتها بصيغة Pdf خلال العام الحالي، كانت النتيجة وقت البحث تتصدرها رواية «أرض الإله» لأحمد مراد، ثم رواية «أماريتا» لعمرو عبد الحميد، ومن بعدهما مباشرة رواية «الحرب والسلم» لليو تولستوي.
وعن أكثر الكتب التي يقبل على شرائها الشباب في المكتبات، يقول مصطفى الفرماوي، مسؤول التزويد بمكتبات «دار الشروق»: «بالطبع لا تزال الروايات تمثل ذائقة الشباب المصري من حيث نسبة الإقبال عليها مقارنة بباقي فئات الكتب ولكن هذا العام اتضح ميل الشباب لقراءة كتب التاريخ والسياسة إلى جانب الكلاسيكيات وأمهات الكتب في الأدب العربي والغربي، كما برز اهتمام بالسير الذاتية لكبار الشخصيات العربية والغربية». وعن أبرز الروايات التي شهدت رواجا من إصدارات «دار الشروق»، يقول: «أحدث روايات يوسف زيدان (نور) و(أرض الإله) و(1919) لأحمد مراد، وكتاب (كل رجال الباشا) و(نساء الأسرة العلوية) و(الإسلام بين الشرق والغرب) لعلي عزت بيغوفيتش، وكتاب (تجارب التحول إلى الديمقراطية) و(العالم الإسلامي وتحديات القرن الجديد) لإحسان أوغلو، و(مصر وأزمة مياه النيل)، وكتاب (الطريق إلى السعادة) للطبيب النفسي الشهير أحمد عكاشة ومؤخرا كتاب إسعاد يونس (زي ما بقولك كدة)». وهناك، كما يذكر الفرماوي، عدد من الروايات يلقى رواجًا منذ سنوات مثل رواية «عزازيل» ليوسف زيدان، و«ساق البامبو» للكويتي سعود السنعوسي. صحيح، إنهما لم يعودا على رأس القائمة، لكنهما لا تزالان مطلوبتين.
ويتفق الناشر فادي جريس، صاحب مكتبة «الأنجلومصرية» العريقة، مع الفرماوي في أن الإقبال الأكبر من الشباب المصري هو على الروايات وتليها كتب التاريخ القديم، ومن بعدها كتب السياسة. ويشير إلى أن راية «حرب الدم» لإبراهيم عيسى كانت الأكثر طلبا من جانب القراء، حيث تنفد كل نسخها فور وجودها بالمكتبة. ويلفت إلى أن هناك ظاهرة جديدة بين الشباب، وهي إقبالهم على شراء الكتب عبر خدمة «التوصيل للمنازل» رغم أنها مكلفة عن الشراء عبر الإنترنت.
أما الروايات الأجنبية التي تجتذب الشباب، فتأتي في مقدمة القائمة، كما يقول الناشر مصطفى الشيخ، المسؤول عن مكتبة «آفاق للنشر والتوزيع»، رواية «مائة عام من العزلة»، لغارثيا ماركيز، التي لا تزال، كما يضيف، تحقق مبيعات جيدة جدا وكذلك الروايات المترجمة عن الأدب اليوناني والروسي مثل: «الإخوة الأعداء» و«المسيح يصلب من جديد»، لنيكوس كزانتزاكي، و«الإخوة كرامازوف» لديستوفيسكي.
أما الناشر وائل الملا، صاحب «دار مصر العربية للنشر والتوزيع»، فيرصد ظاهرة جديدة في توجه الشباب، وهي توجههم لقراءة الكتب الفلسفية. يقول: «لاحظت توجه الشباب خلال هذا العام لقراءة الفلسفة بشغف شديد. أعتقد أنها محاولة منهم لخلق مساحة أكبر للتفكير وتوسيع مداركهم، كما وجدت إقبالا على كتب تجديد الخطاب الديني، مثل: كتابات نصر حامد أبو زيد، ود. علي مبروك، وأيضًا كتب الفلسفة المترجمة، مثل «هكذا تكلم زرادشت» لنيتشه، إلى جانب الأدب الروسي المترجم، ولاحظنا إقبالا على رواية «أورشليم» للروائي البرتغالي جونسالو إم تافاريس.
ويلفت الملا إلى أن القراء المبتدئين دائما ما يقبلون على كتب أدب الرعب والخيال العلمي، بينما القارئ المخضرم يتجه لإصدارات الحاصلين على جوائز نوبل، والتي تلقى إقبالا كبيرا وكمثال على ذلك، الإقبال الكثيف على كتاب الفائزة بجائزة نوبل في الأدب عام 2015 سفيتلانا أليكسييفيتش «صلاة تشيرنوبل»، وهو الكتاب الذي جذب الشباب المصري والعربي أيضًا، «وكان ذلك ملحوظا في المعارض العربية التي شاركنا بها». وهو يعتقد أن أغلب الشباب يتجهون لانتقاء قراءاتهم وفقًا لما يتم تداوله عبر الـ«سوشيال ميديا» أو عبر عروض الكتب التي تقدمها جريدة القاهرة والمجلات الثقافية العربية.
وكان لا بد أن نرصد قراءات الشباب ونتتبعها من خلال مبيعات مكتبة «تنمية» بوسط القاهرة التي تعتبر قبلة للشباب حيث توفر الروايات والكتب من مختلف الدول العربية ووفقًا للطلب. تقول مسؤولة المبيعات بمكتبة «تنمية»، راندا رجب: «كان الشباب أكثر إقبالا خلال العام الحالي على الروايات الكلاسيكية المترجمة كأعمال جورج أورويل، وأمبرتو إيكو، وباولو كويللهو، وكان من اللافت الإقبال على رواية (البؤساء) لفيكتور هوجو، و(الحرب والسلام) لتولستوي». ولكنها تضيف أن «معدل إقبال الشباب على اقتناء الكتب كان متذبذبا طوال العام وفقا لغلاء الأسعار».
وعن ملاحظاته حول قراءات الشباب في 2016، يقول أحمد عبد الرحمن، المشرف على مشروع «حملة بداية» للتشجيع على القراءة عن طريق استبدال الكتب واستعارتها: «الشباب يقبلون على قراءة الروايات سواء العربية أو الإنجليزية التي تتصدر قوائم (نيويورك تايمز) وأيضًا الأدب المترجم وخصوصًا الكلاسيكيات إلى جانب كتب التاريخ والتنمية البشرية». ويشير إلى أن باولو كويللهو لا يزال متصدرا قراءات الشباب، وينافسه حاليا الأميركي «جون غرين»، بينما تصدرت طلبات الاستعارة رواية «في قلبي أنثى عبرية» للدكتورة خولة حمدي، و«أرض الإله»، و«عزازيل» و«ثلاثية غرناطة» لرضوى عاشور.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.