الشرطة اليونانية تفجر عبوة ناسفة خارج وزارة العمل

تتكون من ساعة توقيت ومواد قابلة للاشتعال

الشرطة اليونانية تفجر عبوة ناسفة خارج وزارة العمل
TT

الشرطة اليونانية تفجر عبوة ناسفة خارج وزارة العمل

الشرطة اليونانية تفجر عبوة ناسفة خارج وزارة العمل

تمكنت الشرطة اليونانية من تفجير قنبلة عثر عليها مزروعة خارج مقر وزارة العمل وسط العاصمة أثينا صباح أمس (الاثنين)، وقد تم العثور على القنبلة بعد أن قام مجهول بالاتصال بإحدى الصحف اليونانية وأبلغ عن مكان القنبلة وبأنها سوف تنفجر بعد قليل.
وعثرت الشرطة على العبوة الناسفة في حقيبة موضوعة عند باب الوزارة الواقعة في شارع «ستاديو» الرئيسي وسط العاصمة، وكانت مكونة من وعاء و3 لفافات ألغام مريبة، وفحصتها الشرطة في الموقع وقام الخبراء بإزالة الألغام، ومن ثم السيطرة عليها في عملية تفجير محكومة.
ولم تعلن حتى الآن أي جهة مسؤوليتها عن الواقعة، ومثل هذه الهجمات شائعة في اليونان ذات التاريخ الطويل من العنف السياسي، وتصاعدت كثافة الهجمات الصغيرة منذ عام 2010 عندما طبقت الحكومة إجراءات تقشف لا تحظى بشعبية، في مقابل الحصول على مليارات اليوروات من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في إطار خطة إنقاذ.
ووفقا للشرطة، فان المجهول أجرى اتصالاً بالصحيفة الساعة 1:20 بعد منتصف الليل، وذكر أن الانفجار سوف يقع في الساعة الثانية، ولكن لم يقع الانفجار في الموعد بعد أن أغلقت السلطات المكان أمام المارة والسيارات في المنطقة المحيطة، حتى تم تفجيرها الساعة الثامنة والنصف من صباح أمس.
ووفقا لمسؤول أمني، فإن السلطات تشك في سيارة وقفت فجأة على الرصيف أمام مبني الوزارة وقت إجراء المكالمة التحذيرية وترك القنبلة التي كانت مزودة بساعة توقيت ومواد قابلة للاشتعال. ووفقا للتحقيقات الأولية التي قامت بها دائرة مكافحة الإرهاب، فإنها تتوقع إعلان المسؤولية من المنظمة التخريبية خلال الأيام المقبلة. تجدر الإشارة إلى أنه في الشهر الماضي ألقى مجهولان كانا على متن دراجة نارية، قنبلة يدوية على مدخل السفارة الفرنسية في وسط أثينا، مما أدى إلى إصابة شرطي في الحراسة بجروح طفيفة وتم نقله إلى المستشفى لمعالجته. وفتحت وحدة مكافحة الإرهاب وقتها تحقيقا في هذا الاعتداء الذي وقع في واحد من المقرات الحيوية في وسط أثينا مقابل البرلمان. وأدى الانفجار إلى أضرار طفيفة في بوابة السفارة.
ودائما ترجح الشرطة فرضية عمل للتيار الفوضوي المتطرف المحلي الذي يتبنى باستمرار هجمات لا تسفر عن ضحايا على أهداف دبلوماسية واقتصادية وسياسية، وتستهدف مقار التمثيل الدبلوماسي في اليونان من حين لآخر، وتتبناها أو تنسب إلى مجموعات فوضوية متطرفة.
وتشير المصادر إلى أن «المنظمات الفوضوية» استخدمت قنابل أكثر من مرة سابقا في هجماتها على مراكز الشرطة في عامي 2007 و2009، وكذلك أطلق فوضويون النار على مقر السفير الألماني في عام 2013 والسفارة الإسرائيلية في عام 2014.
ويرى المراقبون أن الاعتداء قد يكون بمثابة رسالة للسلطات اليونانية التي مررت قبل يومين موازنة العام الجديد 2017 التي تتضمن استمرار إجراءات التقشف الصارمة بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها اليونان منذ عدة سنوات.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟