دراسة تدعو دول الخليج لإصدار تشريعات للحد من جرائم المعلومات

طالبت بتشكيل لجان من الأجهزة الوطنية لمواءمة وتحديث التشريعات

دراسة تدعو دول الخليج لإصدار تشريعات للحد من جرائم المعلومات
TT

دراسة تدعو دول الخليج لإصدار تشريعات للحد من جرائم المعلومات

دراسة تدعو دول الخليج لإصدار تشريعات للحد من جرائم المعلومات

أوصت دراسة حديثة بإعداد اتفاقية خليجية مشتركة في مجال استخدام تكنولوجيا المعلومات بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي، تتضمن آليات فعالة للتعاون في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية.
وتأتي هذه الدراسة الخليجية، والتي أعدتها وزارة العدل القطرية بناء على مقترح خليجي، واطلعت عليها «الشرق الأوسط»، بعد بروز إشكالية تتعلق بعدم وجود أدوات تشريعية خليجية فعّالة تتعامل مع ظاهرة شبكات التواصل الاجتماعي؛ تسد الفراغ التشريعي القائم في الوقت الراهن.
ودعت الدراسة التي تحمل عنوان «إساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي»، إلى وضع قواعد موحدة لتنظيم الاستخدام وقواعد إجرائية لحماية الحقوق والحريات والالتزام بالواجب لكل من مشغل ومنشئ ومستخدم مواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني، وقواعد يلتزم بموجبها منشئ ومشغل مواقع التواصل بتشديد الرقابة على استخدام الأطفال لمواقع التواصل. وأبرزت صعوبة ملاحقة الجناة وكشف الدليل الرقمي المتعلق بالجرائم المرتكبة من خلال استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، واقترحت من أجل ذلك آليات فعّالة سواء كانت في صورة اتفاقيات أو شبكات تعاون خليجية، والوصول إلى مبدأ تفعيل التعاون القانوني والقضائي في هذا المجال. وتطرقت إلى تعرض الأطفال والشباب لمخاطر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، واقترحت إصدار توجيهات قانونية لتنظيم استخدام الأطفال والشباب لشبكات التواصل الاجتماعي بهدف معالجة عدم وجود قواعد خليجية صارمة تنظم هذا الأمر.
وأشارت الدراسة إلى وجود بعض الإشكاليات في الجوانب التشريعية الوطنية داخل مجلس التعاون، وأوصت بتشكيل لجان وطنية من الأجهزة المعنية المختصة لكل دولة، على أن تتولى إجراء المواءمة والتحديث التشريعي اللازم، ووضع الخطط وبرامج العمل اللازمة لتفعيل إنفاذ الأدوات التشريعية المعمول بها وخطط وبرامج العمل ذات الصلة.
كما أظهرت الدراسة إشكاليات متعلقة بالجوانب الاجتماعية في دول الخليج، وهي غياب الرقابة الأسرية على الأطفال والشباب من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي وحمايتهم من المخاطر المحتمل التعرض لها، إضافة إلى الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بما يؤثر في الأسرة وصحة أفرادها، وأوصت بوضع خطط وبرامج مجتمعية فعالة في هذا المجال مثل حملات وقوافل التوعية المجتمعية، ونشر الإرشادات للمستخدمين عن طريق الإعلام والمحتوى الإلكتروني، وإدراج الاستخدام الأمني لشبكات التواصل الاجتماعي ضمن المناهج التعليمية بمؤسسات التعليم المختلفة. وتطرقت إلى غياب شعور بعض مستخدمي الإنترنت بالمسؤولية، ما قد يدفعهم لانتهاك حقوق الآخرين والتعدي عليها، أو القيام بأفعال تنافي المبادئ والقيم الدينية والتقاليد، إضافة إلى عدم وجود موازنة فكرية وثقافية في حرية الرأي والتعبير من جهة، وعدم التعدي على حقوق الآخرين من جهة أخرى.
وركزت على بعض الجوانب المتعلقة بالإشكاليات القانونية والتكنولوجية وهي: صعوبة الكشف وملاحقة وضبط والتعامل مع الدليل الرقمي، ودعت إلى معالجة هذه الإشكالية بتعزيز دور سلطات إنفاذ القانون المتخصصة بالتعامل مع الدليل الرقمي بصورة فعالة ودقيقة، إضافة إلى توفير التعليم والتدريب اللازم لبناء قدرات الكوادر الوطنية المختصة بالتعامل الكفء مع الدليل الرقمي، إضافة إلى مواصلة إنشاء قضاء متخصص من محاكم ودوائر قضائية في مجال الجرائم الإلكترونية بصفة عاجلة.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.