حكومة الحريري.. إلى «الثلث المعطّل» در؟!

تأخير تشكيلها عنوانه توزيع الحقائب ومضمونه الإمساك بقرارها

رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري مستقبلاً سفير البرتغال لدى لبنان أمس في العاصمة اللبنانية بيروت (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري مستقبلاً سفير البرتغال لدى لبنان أمس في العاصمة اللبنانية بيروت (دالاتي ونهرا)
TT

حكومة الحريري.. إلى «الثلث المعطّل» در؟!

رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري مستقبلاً سفير البرتغال لدى لبنان أمس في العاصمة اللبنانية بيروت (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري مستقبلاً سفير البرتغال لدى لبنان أمس في العاصمة اللبنانية بيروت (دالاتي ونهرا)

انقضت 5 أسابيع على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة - التي ستكون حكومة العهد الأولى - من دون أن يحقق اختراقًا يؤدي إلى ولادتها. غير أن هذا الواقع في رأي كثيرين لا يعني بالضرورة بلوغ حافّة الخطر، ذلك أن هذه المدّة لا تزال ضمن السقف الزمني المقبول للمشاورات والاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف مع القوى والكتل السياسية توصلاً إلى صيغة ترضي الجميع، لا سيما إذا ما قورنت بحال حكومات سابقة استغرق تشكيلها أكثر من 10 أشهر، مثل حكومة تصريف الأعمال برئاسة تمام سلام.
مع هذا، فإن مرور 36 يومًا على التكليف من دون أن تلوح في الأفق مؤشرات تفاؤلية، يعني أن الحريري بدأ يستنفد الوقت المستقطع للتأليف، لأن حكومته محكومة بعاملين أساسيين: الأول أنها الحكومة الأولى لعهد الرئيس الجديد ميشال عون، المفترض أن يبدأ بزخم قوي، كما يرغب الأخير، لإحداث صدمة إيجابية والذهاب فورًا إلى معالجة التهرؤ الذي ينخر جسد المؤسسات الدستورية والإدارات العامة. والثاني أن عمر هذه الحكومة سيكون قصيرًا لا يتعدّى الخمسة أشهر، وهي تواجه تحدّي إنجاز قانون جديد للانتخابات النيابية، وإجراء هذا الاستحقاق في موعده المقرر في شهر مايو (أيار) المقبل، من دون أي تأجيل سياسي أو تقني، إذا ما صدقت نيات القوى السياسية التي تحذّر كلّها من هذا التأجيل تحت أي ظرف.
* معوقات التأليف
لقد أظهرت معطيات الأسابيع الخمسة الماضية، أن معوقات التأليف لا تقف عند عتبة الصراع على الحقائب والأحجام والأوزان داخل الحكومة العتيدة، بقدر ما تتصل بالصراع على القضايا الاستراتيجية والإمساك بالقرار السياسي في البلد، وذلك يشمل الحسابات المرتبطة بالتحالفات الجديدة بعد انفراط عقدي فريقي «8» و«14»، وتخوّف ما يسمى «حزب الله» من بناء حلف جديد يجمع عون والحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وقلق محور طهران - دمشق من عودة الحضور السعودي والخليجي بقوة إلى لبنان، ما جعله يتقدّم على دوره، وليس أدلّ على ذلك من موقف رئيس الجمهورية الذي أكد أن أول زيارة خارجية له ستكون إلى المملكة العربية السعودية.
كلّ هذه الأسباب لم تقنع وزير التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال نبيل دو فريج، الذي قال: «لا أفهم لماذا التأخير في تشكيل حكومة.. عمرها لن يتعدّى الخمسة أشهر، علمًا بأن الحكومة لن يكون بمقدورها اتخاذ قرارات قبل 3 أشهر من الانتخابات المزمع إجراؤها في شهر مايو المقبل». وتخوّف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من أن يكون التأخير «مقدمة لتأجيل الانتخابات النيابية، التي يؤكد الجميع رفض تأجيلها لأي سبب».
ولا يبدو دو فريج (من تيار «المستقبل») مقتنعًا بأن العقد مرتبطة بالصراع على الحقائب. ويسأل: «لماذا الإصرار على حقائب معينة، لن تدوم إلا أشهرًا قليلة؟»، متوقعًا وجود «أسباب سياسية وراء المماطلة». وذكّر بأن «رئيس الجمهورية (عون) أول المتضررين من عدم تأليف الحكومة، الذي لا يمكن لعهده أن يبدأ بلا حكومة». ويرى دو فريج أن «الضرر الذي يصيب الرئيس المكلّف (سعد الحريري) أقل من الذي يصيب العهد الجديد ورئيسه»، متحدثًا عن «أجواء إيجابية تكونت في الساعات الأخيرة، خصوصًا بعد لقاء الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار (المردة) سليمان فرنجية، وانفراجات قد تترجم بين يوم وآخر».
ومع إغراق اللبنانيين بمزاعم تمسّك هذا الفريق بحقيبة سيادية، وتمسّك فريق آخر بحقائب خدماتية، تشير مصادر مناوئة لما يسمى «حزب الله» إلى أن الحزب «الذي يمسك بالأرض عسكريًا وأمنيًا، عازم على الإمساك بالبلد سياسيًا».
* حسابات محور طهران
هذه الفرضية أيدها المحلل السياسي الدكتور توفيق الهندي، الذي ربط أي حلّ للأزمة اللبنانية بموازين القوى المحلية والإقليمية. وأكد الهندي لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي شيء يخرج عن موازين القوى لن يمشي.. و(حزب الله) يبقى اللاعب القوي في المعادلة الداخلية، ولا شكّ في أنه بعد سيطرته مع النظام السوري على حلب، سيصبح الأقوى، وهذا كلّه سيصرف في الداخل».
ومع تقليله من حجم التشاؤم أو الخوف من فراغ حكومي طويل، توقّع الهندي أن «يقبل الرئيس عون بحكومة تشكّل بشروط (حزب الله)»، لافتًا إلى أن الحزب الذي «يمسك حاليًا بالأرض عسكريًا وأمنيًا، يريد الإمساك بمؤسسات الدولة سياسيًا». وقال: «لا شكّ في أن (حزب الله) قوي سياسيًا من خلال الإمساك بالسلطة التشريعية عبر الرئيس نبيه برّي الذي يقبل بهذا القانون ويرفض ذاك، كما أن المراسيم التي تصدر عن الحكومة ستكون مقيدة بتوقيع وزير المال الذي هو من حصّة برّي». وتابع الهندي أن ما يسمى «حزب الله» كان قادرًا على تعطيل الحكومة، لكنه لا يستطيع إقالتها، و«بات الآن مصرًا على حكومة من 30 وزيرًا، تكون حصّته وحصّة حلفائه فيها 11 وزيرًا، وعندها يصبح قادرًا على الإطاحة بالحكومة»، موضحًا أن «كل هذه الأسباب ما زالت تقيّد حركة الرئيس المكلّف سعد الحريري، وتؤخر ولادة حكومة العهد الأولى».
ولم تختلف قراءة توفيق الهندي عن مقاربة الكاتب الدكتور رضوان السيّد، وإن تباينا في التوصيف؛ إذ قال السيدّ لـ«الشرق الأوسط»، إن «فريق (حزب الله)، وكما يقال أخيرًا، يريد تكبير الحكومة من 24 وزيرا إلى 30، من أجل توزير حلفائه الذين لا يتمتعون بتمثيل سياسي ونيابي وازن، وبحصص أكبر من أحجامهم». أما عن مسألة الثلث المعطل والإمساك بورقة تطيير الحكومة، فأوضح رضوان السيد أن ما يسمى «حزب الله» تجاوز مرحلة إسقاط الحكومة من داخلها، لأنه بات قادرًا على إسقاطها بالتهديد العسكري.. «فهم (الحزب) باتوا يعتقدون أن لديهم ما يكفي من السيطرة والنفوذ، ولا يحتاجون إلى ضمانات داخل مجلس الوزراء». وعدّ أن الحزب «قادر على تعطيل الحكومة من داخلها، ويكفي أن يغيب وزراؤه ووزراء حركة (أمل) فتتعطل كل الجلسات».
* المؤثرات السورية
كانت الكتل النيابية اللبنانية بكاملها، باستثناء ما يسمّى «حزب الله»، سمّت رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة يومي 2 و3 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وشرع الأخير بالاتصالات مع القيادات السياسية، وعمت أجواء تفاؤلية عن ولادة الحكومة قبل يوم الاستقلال في 22 نوفمبر الماضي، إلا أن عقدًا كثيرة برزت، ظاهرها الخلاف على الحقائب الخدماتية، وباطنها مسائل سياسية تتعدّى الحكومة وأهميتها.
ولم يعد خافيًا على أحد أن التطورات الميدانية في سوريا، خصوصًا معركة حلب، ألقت بظلالها على لبنان، وملف الحكومة، وقد عبّر الوزير دو فريج عن تخوفه من أن يكون «تأخير الحكومة سببًا لاستهداف اتفاق الطائف، خصوصًا أن من يناصب العداء لـ(الطائف) يعد أن المشكلات السياسية التي يعاني منها لبنان، من تعثّر تأليف الحكومات إلى معضلة انتخاب رئيس الجمهورية، سببها اتفاق الطائف». لكنه ذكّر بأن الرئيس عون «أقسم على حماية الدستور؛ أي حماية (الطائف)، وتعهّد بتطبيق ما لم يطبّق منه». ولا يستبعد وزير التنمية الإدارية وجود «عامل خارجي وراء تأخير تشكيل الحكومة»، لافتًا إلى أن «التطورات التي تشهدها حلب، وتصريح بشار الأسد الأخير الذي وصف سياسة النأي بالنفس في لبنان بـ(اللاسياسة)، يعني أن النظام السوري بات قادرًا على لعب دور معرقل في لبنان، وهو يسعى إلى عدم تفرّد لبنان بقراراته السيادية بمعزل عن إرادة المحور السوري - الإيراني». ورأى أن كلام الأسد «يتعارض مع خطاب القسم لرئيس الجمهورية الذي شدد على تحييد لبنان عن أزمات المنطقة، وحمايته من الحرائق المشتعلة في محيطه».
من ناحية ثانية، وفق الدكتور الهندي، عزز انفتاح عون على كل القوى الداخلية، والدول المؤثرة في لبنان، هواجس حلفائه السابقين الذين تخوفوا من انفكاك أواصر هذه العلاقة المستمرّة منذ 11 سنة. وتابع الهندي: «(حزب الله) بات متوجسًا من توجّه الرئيس ميشال عون إلى ما يشبه التحالف الكامل مع حزب (القوات اللبنانية) وتيار (المستقبل)»، لافتًا إلى أن الحزب «منزعج جدًا من تضخيم حصة (القوات) في الحكومة عبر منحها 4 وزراء، في حين لم يأخذ عون بعين الاعتبار مطالب حلفاء الحزب، ومنهم الوزير سليمان فرنجية والحزب السوري القومي الاجتماعي وسنّة فريق (الثامن من آذار)، وكل هذه المسائل مجتمعة أقلقت (حزب الله) من سياسة عون».
* غير المستعجلين
من ناحية أخرى، رغم التحديات التي يواجهها لبنان، اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا، وحاجة الجيش والأجهزة الأمنية إلى حكومة تواكب المهام الأمنية والعسكرية في التصدي للخطر الإرهابي، فإن بعض القوى لا تبدو متعجلة ومستعدة لتسهيل ولادة الحكومة. وهنا عزا رضوان السيد التأخير إلى «محاولة فرملة انطلاقة عهد رئيس الجمهورية عبر عرقلة الحكومة». ورأى أن «كثرة الوفود السورية إلى قصر بعبدا محاولة لإعطاء انطباع بأن نفوذ النظام السوري عاد بقوة إلى الساحة اللبنانية، والاطمئنان إلى أن التحالف السابق مع الرئيس عون لا يزال قائمًا». ولفت إلى أن «هذا المحور يحاول إعطاء إشارات للرئيس سعد الحريري بأنه لا يستطيع تأليف الحكومة ولن يستطيع تحسين علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية». وأضاف السيد: «برأيي؛ العرقلة ليست لأجل العرقلة فحسب، بل من أجل فرض القرار السياسي والقول إنه من دون (حزب الله) وبشار الأسد والإيرانيين لا يمكن أن تتشكل حكومة في لبنان»، مشددًا على أن ما يسمى «حزب الله» يسعى إلى «تثبيت القرار الداخلي بيده، والقرار الإقليمي بيد الأسد وإيران».
وبالتزامن مع عرقلة الحكومة وانطلاقة العهد الجديد، «لا يكف المحور السوري - الإيراني عن التشويش على الدور السعودي والخليجي العائد بقوة إلى لبنان، لكن ذلك لن يجد ترجمة له على أرض الواقع»، بحسب رضوان السيد، الذي شدد على أنه «لا مدخل للنهوض بالوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، إلا باستمرار الانفتاح اللبناني على المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي. ولذلك، فإن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يدركان أن إنقاذ لبنان من هذا التخبّط لا يكون إلا ببناء علاقات وثيقة مع المملكة وكل الدول الشقيقة الحريصة على بقاء لبنان جزءًا من محيطه وهويته العربية».
* تموضع عون
ويتعدّى الخلاف حول الحكومة إطار الحسابات الرقمية والحقائب النوعية، ويذهب إلى حدّ السعي إلى تجلية الملابسات التي أحاطت بالهجوم على عون وفريقه السياسي، والتثبت من خلفيات ما بعد هذا الهجوم. ويقول توفيق الهندي، إن «تموضع عون رئيسا للجمهورية لم يكن بنظر (حزب الله) تموضعًا وسطيًا، بل ذهب باتجاه الفريق الآخر، ولذلك كانت رسائل الحزب الإعلامية إلى عون سلبية، وإن جرى تغليفها بتحميل المسؤولية لجبران باسيل، إلا أنها كانت تستهدف رئيس الجمهورية مباشرة». وتابع أن «اجتماع الوزير باسيل أخيرًا مع (مسؤول وحدة الأمن والارتباط في تنظيم ما يسمّى حزب الله) وفيق صفا، جاء لتبديد هواجس الحزب، وهو سارع مجددًا إلى فتح خطوط التواصل مع حلفاء الحزب»، عادّا أن عون «خضع لخيارات (حزب الله)، وهو أبلغه أنه لا يمكنه الخروج من دائرة التحالف الاستراتيجي معه، كما صارحه بامتعاضه من اتفاقه مع (القوات اللبنانية) وتيار (المستقبل) الذي ينحو باتجاه التحالف الواسع سياسيًا وربما انتخابيًا، بينما المطلوب ألا تتعدى العلاقة معهما التواصل التكتيكي وليس التحالف الاستراتيجي».
ولا يشك الدكتور الهندي ولو للحظة واحدة بأن «الحكومة العتيدة ستكون تحت ظلال (حزب الله) القوي إلى حين، وهذا ما يسمح به ميزان القوى، وإلا نكون أمام رئيس للجمهورية بلا حكومة، كما كنا مع حكومة بلا رئيس للجمهورية». ويشدد على أنه «إذا ذهبت الأمور في الاتجاه السلبي وبقي لبنان بلا حكومة، فعندها سنذهب إلى التمديد للمجلس النيابي، وهنا يكون عون خالف سياسته العامة، ونصبح أمام تمديد ثالث لبرلمان لا يعترف عون بشرعيته، وهذا سيكون أكبر إحراج له في بداية عهده الذي يرفع فيه شعار الإصلاح ومحاربة الفساد».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.