التعليم البريطاني في أعقاب «بريكست»... بين التهميش والازدهار

التمويل الأوروبي للبرامج البحثية في الجامعات البريطانية تجاوز 7 مليارات دولار في 7 سنوات

العالم ألبرت آينشتاين يتسلم دكتوراه فخرية من جامعة أكسفورد الأقدم في بريطانيا التي استضافته لإلقاء محاضرات لطلابها في عام 1931 (غيتي)
العالم ألبرت آينشتاين يتسلم دكتوراه فخرية من جامعة أكسفورد الأقدم في بريطانيا التي استضافته لإلقاء محاضرات لطلابها في عام 1931 (غيتي)
TT

التعليم البريطاني في أعقاب «بريكست»... بين التهميش والازدهار

العالم ألبرت آينشتاين يتسلم دكتوراه فخرية من جامعة أكسفورد الأقدم في بريطانيا التي استضافته لإلقاء محاضرات لطلابها في عام 1931 (غيتي)
العالم ألبرت آينشتاين يتسلم دكتوراه فخرية من جامعة أكسفورد الأقدم في بريطانيا التي استضافته لإلقاء محاضرات لطلابها في عام 1931 (غيتي)

بعد ستة أشهر على تصويت البريطانيين لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لا يزال الجدل حول «البريكست» طاغيا على الجو السياسي العام ومهيمنا على عناوين الصحافة الورقية والبرامج الإخبارية والنقاشات المتلفزة. كما لا تخلو جلسات استجواب النواب لحكومة تيريزا ماي من أسئلة حول خطط المفاوضات تحت قبة برلمان ويستمنستر.
ويرجع هذا الحضور الإعلامي والسياسي الطاغيين إلى طبيعة خطة الخروج الغامضة، وما يترتب عن ذلك من تخوف وعدم استقرار بعدد من المجالات، أبرزها مجال التعليم العالي الذي يعتمد على الدعم وتعاون الأوروبيين إلى حد كبير. ولم تساهم تطمينات رئيس الوزراء البريطانية وتعهدها بتوفير قروض للطلبة الأوروبيين حتى إنهاء دراستهم في تبديد هذه المخاوف، بل إن تحفظها على كشف خطط الحكومة بشأن الشكل الذي ستتخذه الشراكة البريطانية - الأوروبية بعد «الخروج» ساهم في تعزيزها.
* 870 مليون دولار.. كلفة تراجع إقبال الطلاب الأوروبيين
تلقت اللجنة البرلمانية المختصة بالتعليم، والتي يرأسها النائب المحافظ نيل كار مايكل، إفادات من 190 جهة جامعية ومؤسسات تعليمية حول تأثير الانسحاب عليها. وقدمت جامعة كمبريدج العريقة أحدث تحذير من تأثير البريكست على عدد الطلاب الأوروبيين الملتحقين بالجامعات البريطانية الخميس الماضي. إذ قالت إدارة الجامعة في إفادتها التي تجاوزت 3000 كلمة وجهتها إلى لجنة التعليم في البرلمان، إنها تقدر مستوى التراجع بالثلثين سنويا. وأوضحت الإفادة أن الجامعة تتوقع انخفاض عدد الطلاب الأوروبيين الملتحقين بسلكي التعليم العالي (بكالوريا وماجستير-دكتوراه) من 1100 إلى 400 سنويا بعد الخروج الفعلي من الاتحاد الأوروبي.
كما سجلت الجامعة انخفاضا ملحوظا قدرته بـ17 في المائة في عدد طلبات الالتحاق من الجانب الأوروبي لعام 2017. وباعتبار أن تاريخ التسجيل في جامعة كمبريدج يسبق باقي الجامعات البريطانية بأسابيع، تعتبر هذه النسبة أول دليل ملموس على تأثير البريكست السلبي على التعليم العالي، كما أفادت صحيفة «الغارديان». ويحتل الطلاب الأوروبيون مكانة مهمة في جامعات المملكة المتحدة، حيث يشكلون بين 5 و6 في المائة من النسيج الجامعي، بنحو 125 ألف طالب أوروبي في العام الحالي.
بدورها، أكدت مجموعة «راسل»، التي تضم 24 جامعة بريطانية ذات أقسام بحثية متقدمة، أن البرامج البحثية ستتلقى أقوى ضربة من الانسحاب من «الأوروبي»، إلا في حال توصلت الحكومة إلى صيغة تفاوضية تحافظ على نفس مستوى الشراكة البريطانية - الأوروبية في هذا المجال.
ووفقا ﻵخر الإحصائيات المتاحة، فإن إجمالي تمويل المفوضية الأوروبية ومجلس البحث الأوروبي للبرامج البحثية في الجامعات البريطانية بلغ نحو 8 مليارات دولار خلال السنوات العشر الماضية، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي». بدورها، أكّدت المفوضية الأوروبية أنه خلال الفترة الممتدة بين 2007 و2013، تلقت الجامعات البريطانية ما يصل إلى 7 مليارات يورو (7.40 مليار دولار)، أي نحو 730 مليون يورو (770 مليون دولار) سنويا.
من جهته، شدد النائب نيل كار مايكل على ضرورة «عدم السماح لبريكست بالتحول إلى كارثة في قطاعنا الجامعي». وجاء ذلك ردا على رسالة «كمبريدج» وجامعة «يو سي إل» اللندنية التي حذرت من تراجع الموارد المالية المتاحة وتأثيره على جودة التعليم.
إلى ذلك، كتب كار مايكل في صحيفة «التايمز» أنه وفقا لاستطلاع رأي تلقته اللجنة البرلمانية التي يرأسها، فإن «البريكست» أثر سلبا على قرار 43 في المائة من الطلبة الأوروبيين بالالتحاق بجامعات بريطانية. وقدر كار مايكل كلفة هذا التراجع بنحو 690 مليون جنيه إسترليني (870 مليون دولار): «ستستفيد منها في المقابل جامعات ألمانية، وأسترالية، وكندية، وأميركية، وغيرها».
* تحدي الاستغناء عن الكوادر الأوروبية
لم تقتصر تحذيرات الجامعات والمنظمات التعليمية على تراجع إقبال الطلاب الأوروبيين، بل لفتت إلى تحدي الاستغناء عن اﻷساتذة والباحثين الأوروبيين المنتشرين في الجامعات البريطانية.
وقالت كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في بيان الأسبوع الماضي إن «حالة الغموض التي تلت استفتاء الخروج تشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لنا»، مشيرة إلى أن حالة عدم الوضوح حول وضع المواطنين الأوروبيين تهم ثلث أساتذة الكلية وموظفيها الإداريين.
وأضافت الكلية أنها لاحظت ارتفاعا في عدد الأساتذة الجامعيين والكوادر البحثية الذين فضلوا التوجه إلى جامعات غير بريطانية.
يشكل عدد الكوادر الأوروبية في مجموعة «راسل» 21 في المائة من إجمالي الموظفين الأكاديميين، إلا أن هذه النسبة تصل إلى 38 في المائة بالنسبة للاقتصاد و25 في المائة في مجال اللغات و31 في المائة في الرياضيات.
وأضافت مجموعة راسل في شهادتها للجنة البرلمانية أن نحو 6000 كادر أوروبي لن يستطيعوا الحصول على تأشيرة بريطانية بعد الخروج، كون رواتبهم لا تتجاوز 30 ألف جنيه إسترليني (38 ألف دولار) سنويا.
من جهتها، قالت جامعة «كمبريدج» إن 2000 من موظفيها الأكاديميين الأوروبيين يواجهون هذه التحديات، ما سيتسبب في حرمان الجامعة المرموقة من «آلتها البحثية». وأضافت الجامعة في شهادتها للجنة نيل كار مايكل أن تمويل تأشيرات للموظفين الأوروبيين بعد «الخروج» سيكلفها 1.24 مليون جنيه إسترليني (...) سنويا، فيما قد تصل مصاريف التغطية الصحية والتأشيرات بالنسبة لأكاديميي سلك الدكتوراه وحده 635 ألف جنيه إسترليني سنويا.
* مستقبل التبادل الطلابي
لم يكف تصريح وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الأحد الماضي بأن لندن قد تقبل الدفع مقابل البقاء في بعض البرامج الأوروبية، كالتبادل الطلابي «إراسموس»، في طمأنة الجامعات والطلاب البريطانيين. «إراسموس» هو برنامج تبادل طلابي تموله مؤسسات الاتحاد الأوروبي لتغطية جزء كبير من تكاليف الدراسة في أي بلد من الدول الأعضاء. ومنذ تأسيسه قبل 25 سنة، استفاد منه أكثر من 200 ألف طالب بريطاني. وبالنسبة للبريطانيين، فإن برنامج التبادل الأوروبي فرصة لتعلم لغات جديدة، والتعرف على ثقافات مختلفة، وتفادي دفع ما يصل إلى 9000 جنيه إسترليني (11 ألفا و315 دولارا) سنويا في الجامعات البريطانية. وترى ليكس مارشون، وهي طالبة فرنسية في لندن، أن «إراسموس يمثل الجانب المشرق للاتحاد الأوروبي، كما يجسد التلاحم بين طلاب من مختلف الجنسيات الأوروبية في الحرم الجامعي، الوحدة، والتعاون الأوروبي بمختلف تجلياته». وليكس ليست الوحيدة التي تعتقد أن انهيار «إراسموس» يهدد جانبا أساسيا من حياة البريطانيين والأوروبيين على حد السواء، إذ أن 25 في المائة من طلاب إراسموس التقوا شريك حياتهم خلال التبادل الطلابي، كما أن «زيجات إراسموس» أنجبت مليون طفل على الأقل.
* رهان توسيع الشراكات الأكاديمية خارج «الأوروبي»
في ظل هذه الصورة القاتمة، يصعب رؤية الجانب المشرق لخروج بريطانيا من «الأوروبي». ففي الوقت الذي سيواجه فيه القطاع الجامعي تحديات وتغيرات بارزة في الفترة التي ستلي الانسحاب مباشرة، إلا أن استقطاب الطلاب الدوليين سيستمر، بل قد يزدهر. ومن المتوقع أن تتجه بريطانيا نحو التأسيس لبرامج أكاديمية، وشراكات بحثية، وتبادلات طلابية على غرار «إراسموس» مع حلفاء دوليين خارج الاتحاد الأوروبي. وفيما تتمتع الجامعات البريطانية بصيت ذائع دوليا، فإن توسيع نطاق التبادلات الطلابية إلى الولايات المتحدة، وأستراليا، والدول الآسيوية سيزيد من إقبال الطلبة والكوادر الأكاديمية والإدارية عليها.
إلى ذلك، ورغم جو التشاؤم والغموض الذي يخيم على الجامعات الأوروبية والبريطانية، فإن البيان المشترك الذي وقعته جامعات من 24 دولة أوروبية حول ضرورة الحفاظ على التعاون الأكاديمي مع بريطانيا، يبعث على التفاؤل. كما أن اللجنة البرلمانية للتعليم تتجه للضغط باتجاه الحفاظ على مصالح الجامعات البريطانية ومستوى التعاون الأكاديمي المتميز مع «الأوروبي» خلال مفاوضات «الخروج» مع بروكسل.
** ألف عام من التعليم الجامعي في أوروبا
يرجع التميز الجامعي الأوروبي واستقطابه الدولي لتاريخ فريد، تميز بفترات تطوير وتحول كثيرة. فيما يلي تفاصيل مختصرة لهذا التطور وفق معلومات جمعتها وكالة إحصاءات التعليم العالي التابعة لمنظمة السوق الاجتماعي البحثية:
* 1088: تأسيس أول جامعة في أوروبا، وهي «جامعة بولونيا».
* 1096: شهد أول تدريس موثق في جامعة أكسفورد. وتأسست أولى الكليات – كلية الجامعة، باليول، وميرتون – بين عام 1249 و1264. ويعتقد بأن جامعة أكسفورد هي أقدم جامعة في العالم الناطق باللغة الإنجليزية.
* 1878: جامعة لندن كانت أولى الجامعات في المملكة المتحدة التي تقبل الطالبات من الإناث.
* 1880: تأسست جامعة فيكتوريا (أصبحت جامعة مانشستر). وكانت الأولى في موجة جامعات «القرميد الأحمر» (ريدبريك) التي قبلت الطلاب الرجال من كافة الأديان والخلفيات. وكانت جامعات القرميد الأحمر تضم جامعة برمنغهام، وليفربول، ومانشستر، وليدز، وشيفلد، وبريستول.
* 1963: دعا تقرير روبينز إلى توسع أكبر من حيث الأماكن المتاحة في الجامعات. ولقد تأسست 17 وحدة جديدة، بما في ذلك يورك، ووارويك، وساسكس. وارتفع عدد الدارسين بدوام كامل في التعليم العالي في المملكة المتحدة من 216 ألفا في عام 1962 - 1963 إلى 457 ألفا في عام 1970 - 1971.
* 1992: شهد منح الكليات الفنية «بوليتكنيك» مرتبة جامعات. بحلول عام 2000 - 2001، كان هناك 1.3 مليون طالب ملتحقون بالتعليم العالي بنظام الدوام الكامل، مع الغالبية العظمى منهم (1.21 مليون طالب) يدرسون في الجامعات.
* 1994: تشكلت مجموعة راسل بواسطة 17 جامعة بحثية بريطانية. والمجموعة، والتي اتخذت اسمها من ميدان راسل الذي التقت فيه هذه الجامعات، تضم في الوقت الحالي 24 مؤسسة.
* 1997: أوصى تقرير «ديرينغ» بأن يساهم الطلاب في تكاليف الدراسات الجامعية التي يحصلون عليها. واستحدثت المصاريف الدراسية بواقع 1000 جنيه إسترليني في سبتمبر (أيلول) من عام 1998.
* 1999: أعلن توني بلير عن الهدف الجديد لحزب العمال البريطاني بالحصول على 50 في المائة من الشباب المتقدمين إلى التعليم العالي بحلول عام 2010.
* 2004: بلير واجه ردود فعل ساخطة وشديدة خلال التصويت على زيادة المصاريف الدراسية إلى 3000 جنيه إسترليني، وفاز بفارق خمسة أصوات فقط.
* 2011: اقترب عدد الشباب البريطانيين المتقدمين للالتحاق بالجامعات من نسبة 50 في المائة، وهو الهدف الرئيسي لصانعي السياسات في حزب العمال. في عام 2011 - 2012. كان هناك 2.55 مليون طالب جامعي في التعليم العالي في المملكة المتحدة. ونحو 5 في المائة منهم كانوا من دول في الاتحاد الأوروبي (بخلاف المملكة المتحدة)، و12 في المائة من دول خارج كتلة الاتحاد الأوروبي. وفي مستويات الدراسات العليا، أكثر من نصف (57 في المائة) الطلاب بنظام الدوام الكامل كانوا من خارج المملكة المتحدة.
* 2012: تضاعفت المصروفات الدراسية بمقدار ثلاثة أضعاف وصولا إلى 9000 جنيه إسترليني. وفي عام 2013 - 2014. كانت نسبة 46.6 في المائة من الشباب البريطاني ملتحقين بنظام التعليم العالي.
* 2014: خلص التدقيق الحكومي للأبحاث الجامعية إلى أن 75 في المائة من المشروعات كانت «رائدة على مستوى العالم» أو «حازت على الامتياز الدولي». ووفر تمويل الاتحاد الأوروبي 14.2 في المائة (836 مليون جنيه إسترليني) من كافة المنح البحثية في المملكة المتحدة والتعاقدات خلال عام 2014 - 2015.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».