ضغوط أميركية على المعارضة للعودة إلى المفاوضات دون شروط

اجتماع باريس أكد أن سقوط حلب لن ينهي الحرب في سوريا

وزيرا الخارجية الأميركي كيري والفرنسي أيرولت في اجتماع باريس للنواة الصلبة لدعم المعارضة في سوريا أمس بحضور وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وقطر وتركيا وممثلي السعودية والأردن والإمارات (أ.ب)
وزيرا الخارجية الأميركي كيري والفرنسي أيرولت في اجتماع باريس للنواة الصلبة لدعم المعارضة في سوريا أمس بحضور وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وقطر وتركيا وممثلي السعودية والأردن والإمارات (أ.ب)
TT

ضغوط أميركية على المعارضة للعودة إلى المفاوضات دون شروط

وزيرا الخارجية الأميركي كيري والفرنسي أيرولت في اجتماع باريس للنواة الصلبة لدعم المعارضة في سوريا أمس بحضور وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وقطر وتركيا وممثلي السعودية والأردن والإمارات (أ.ب)
وزيرا الخارجية الأميركي كيري والفرنسي أيرولت في اجتماع باريس للنواة الصلبة لدعم المعارضة في سوريا أمس بحضور وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وقطر وتركيا وممثلي السعودية والأردن والإمارات (أ.ب)

لم يسفر اجتماع الدول العشرة المكونة لـ«النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية عن نتائج أو قرارات ملموسة يمكن أن يكون لها تأثير فوري ومباشر على الوضع في حلب بجوانبه الإنسانية والعسكرية. فالاجتماع الذي حضره وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وقطر وتركيا وممثلو السعودية والأردن والإمارات، وشارك في جانب منه منسق الهيئة العليا المفاوضات رياض حجاب، لم يخترق «سقف التوقعات»، المنخفض أصلا، لا بل إن الأنظار كانت متجهة لما سيحصل في جنيف خلال محادثات الوفدين «الفنيين» الأميركي والروسي في موضوع خروج المدنيين والمقاتلين من أحياء حلب الشرقية وشروط وضمانات الخروج.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر رسمية حضرت المناقشات أن حجاب تعرض لضغوط من الوزير الأميركي جون كيري لحثه على الإعلان عن استعداد المعارضة للعودة إلى طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة. وتمت ترجمة ذلك في كلمة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت، الذي أكد أن المعارضة السورية «مستعدة لمعاودة المفاوضات من غير شروط مسبقة»، وأن حجاب «جاهز» للتفاوض. ونقلت المصادر المشار إليها عن كيري قوله لحجاب، إنه «إذا قبلت المعارضة العودة إلى المفاوضات، فإن الجانب الروسي يضمن وقف عمليات القصف على كامل الأراضي السورية». وأردف كيري أن من «مصلحة» المعارضة التفاوض اليوم «لأن الأمور ستسوء يوما بعد يوم وستصلون إلى مرحلة لن يبقى بيدكم شيء تفاوضون عليه». إلا أن حجاب رد عليه بالقول إن «التجارب السابقة تظهر العكس وتبين أنه كلما قبلت المعارضة بالمفاوضات ازدادت عمليات القصف الروسي وقصف النظام عليها». والخلاصة التي أعلنها منسق الهيئة العليا أن المعارضة «يمكن أن تذهب للتفاوض ولكن في إطار القرار الدولي رقم 2254، وفي إطار الوصول إلى عملية انتقال سياسية».
واستبق كيري اجتماع جنيف الخاص بحلب وخروج المدنيين والمقاتلين، بالقول إنه «يحدوه الأمل» بأن يفضي إلى نتيجة إيجابية، لكنه أردف بأنه «لا يستطيع أن يضمن ذلك». وفي رأي الوزير الأميركي، فإن «مفتاح النجاح» يكمن في مدى «التزام روسيا والنظام السوري في توفير الضمانات التي تسمح للناس الخروج بسلام» من الأحياء الشرقية لحلب. ولب المشكلة في رأيه، أن «المقاتلين وسكان حلب ليسوا واثقين من أن خروجهم من حلب سينقذ المدينة من الدمار، أو أنهم سيستطيعون التوجه إلى أماكن آمنة، وهم بالتالي لا يريدون الاختيار ما بين الموت في حلب أو الموت في إدلب». وخلاصة كيري أن المسؤولية تقع على عاتق النظام وعلى روسيا من أجل توفير الضمانات للتوصل إلى هدنة والاتفاق على خروج المدنيين والمقاتلين والشروط المصاحبة. وقال نظيره شتاينماير إن المطلوب من روسيا ومن النظام «إتاحة خروج المدنيين والمقاتلين من غير أن يلقوا في السجون، أو أن يكونوا عرضة للملاحقة».
يأتي كلام كيري في سياق الضغوط على الطرف الروسي الذي عليه، وفق الوزير الأميركي، أن يضغط بدوره على النظام من أجل «تسوية» وضع حلب، ولكن أيضا العودة بعد ذلك إلى طاولة المفاوضات ووضع حد للصراع في سوريا. والحجة التي ركز عليها الوزراء الأربعة الذين شاركوا في المؤتمر الصحافي الختامي «وهم إلى جانب أيرولت وكيري وزيرا خارجية ألمانيا وقطر»، هي التأكيد على أن سقوط حلب لن ينهي الحرب في سوريا، وأن الحل العسكري أو ما وصفه أيرولت بـ«استراتيجية الحرب الشاملة»، لن يأتي بالسلام والاستقرار إلى هذا البلد. ونبه الجميع من ازدياد شوكة الإرهاب وارتداء الحرب أشكالا أخرى؛ الأمر الذي عرض تفاصيله الوزير الألماني شتاينماير. وتساءل نظيره الفرنسي الذي أكد أن أولوية الأولويات هو الملف الإنساني وتخفيف المعاناة عن مئات الآلاف من المواطنين السوريين الذين يعانون «حربا همجية»، عن معنى السلام القائم على تدمير حلب والمدن الآخر، وتساءل: «ما هذا السلام إذا كان سلام المقابر؟». وهاجم كيري النظام السوري وندد بارتكابه «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب».
لكن الشعور العام الذي يخرج به المراقب من متابعة مجريات اجتماع باريس هو أن الأطراف التي التقت في العاصمة الفرنسية لمدة ثلاث ساعات، أمس، ليست بأيديها أوراق كثيرة يمكن التعويل عليها من أجل تغيير مسار الأمور، باستثناء التعويل على دور روسي إيجابي لم يأت أبدا خلال سنوات الحرب في سوريا. ولعل من اللافت أن الوزير كيري الذي أمضى عشرات الساعات متفاوضا مع نظيره لافروف للوصول إلى حل سياسي دون نتيجة، ذهب أمس إلى حد الطلب من روسيا ومن النظام إظهار «الرأفة» بالمدنيين وبحلب. والخلاصة اليوم، أن «النواة الصلبة»، قد «وضعت ملف حلب وراءها وسلمت بسقوطها» لأنها لم تجد إجابة عن السؤال المطروح، وهو كيفية وضع حد للتراجعات الدائمة الناتجة من تغير الميزان العسكري لصالح النظام وحلفائه الذي لا بد أن يترجم ميدانيا بتصلب سياسي من النظام والجهات الداعمة له.
إذا كان وزير الخارجية القطري قد وصف الاجتماع بأنه يتم في «ظروف حرجة»، فإن التخفيف منها أو الالتفاف عليها وفق المصادر الرسمية التي التقتها «الشرق الأوسط»، لا يمكن أن يكون، إلا عن طريق «تعويم» المفاوضات والعودة إلى تحديد شروط عملية الانتقال السياسي والتركيز على القرار 2254 وبيان جنيف. ولذا؛ فإن الوزير أيرولت اعتبر أن ثاني الأولويات يجب أن تكون العودة إلى المفاوضات السياسية في جنيف. لكن التأكيد على هذا المبدأ لن يكون ذا فائدة إن كان «الطرف الآخر»، أي النظام بدعم من روسيا وإيران، غير راغب بالعودة إليها، ويعتبر أن الزمن يلعب لصالحه، أو أنه يقبل العودة للمفاوضات، ولكن وفق فهمه لها ولغاياتها. وأعلن وزير الخارجية القطري أن «الطرف الآخر» «ما زال يراهن على الحل العسكري رغم أن الثمن هو إبادة شعب بكامله»، مضيفا أنه «لا يتعين أن يكون الملف الإنساني عامل مساومة للحصول على مكاسب سياسية أو عسكرية».
وخلال جولات المفاوضات الثلاث التي استضافتها جنيف: «لم يدخل النظام أبدا في لب العملية، أي في موضع الانتقال السياسي» وكان دائم الرفض للحديث عن مستقبل النظام، وخصوصا رئيسه الأسد. وقال مصدر فرنسي شارك في اجتماع أمس إنه «لا يعتقد للحظة واحدة أن النظام سيقبل العودة إلى المفاوضات اليوم».
ربما تمثل ورقة إعادة إعمار ما هدمته الحرب في سوريا الورقة الوحيدة التي تستطيع الدول الغربية والخليجية استخدامها للضغط على النظام وعلى داعميه. وقد أشار إليها الوزير أيرولت عندما اعتبر أن «الأولوية الرابعة» في سوريا هي تحديدا إعادة الإعمار، لكنه سارع إلى ربطها بالتوصل إلى عملية انتقال سياسية حقيقية وفق القرار الدولي رقم 2254؛ لأن المجتمعين والاتحاد الأوروبي، وخصوصا فرنسا «لن يقبلوا السير في أي مساهمة تكون من نتائجها توفير الدعم للنظام». لكن أيرولت كان الوزير الوحيد الذي تناول ملف إعادة الإعمار، ربما لأنه ما زال من المبكر الحديث عنه فيما التركيز منصب اليوم على الحد من هدم سوريا والتنكيل بمواطنيها.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.