تغير ولاءات المتحاربين يُربك طرابلس

تحشيد ميليشياوي في العاصمة الليبية.. وهروب مئات العائلات إلى الصحراء

مقاتلان ليبيان في طرابلس
مقاتلان ليبيان في طرابلس
TT

تغير ولاءات المتحاربين يُربك طرابلس

مقاتلان ليبيان في طرابلس
مقاتلان ليبيان في طرابلس

دخلت «حكومة الوفاق» التابعة للمجلس الرئاسي إلى العاصمة الليبية طرابلس، أواخر العام الماضي، تحت حماية ميليشيات منتشرة في طرابلس، بعضها تعود أصولها للعاصمة، وبعضها تعود أصولها إلى مدينة مصراتة المشهورة بالحرب والتسليح القوي. ويقول المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر إنه لا يمكن لأي حكومة أن تعمل اعتمادًا على الميليشيات. وراهنًا يوجد في طرابلس ما لا يقل عن عشرين ميليشيا كبيرة بالإضافة إلى عشرات المجاميع المسلحة الصغيرة التي تتخذ من الغابات المجاورة والضواحي البعيدة مقارّ لها. أما الميليشيات الكبيرة فلها تمركزات معروفة.
لا أحد ينام هنا. خرج طابور مكون من خمس سيارات مسلحة واقترب من مقر سجن الهضبة. في المبنى الضخم القريب من طريق مطار طرابلس الدولي المحترق، توجد عشرات من قادة النظام الليبي السابق. من بينهم رئيس مخابرات القذافي وآخر رئيس لحكومته، بالإضافة إلى رئيس جهاز الأمن الخارجي. خلال أقل من أسبوعين تحولت طرابلس إلى برميل بارود كبير. من يريد أن ينتقم ممن؟ كلٌ يضع يده على الزناد ويستعد لإطلاق النار وهو لا يأمن لمن يقف إلى جواره. إنها حروب الإخوة الأعداء. أما السلاح والبارود فمتوافر بلا حدود.
دارت السيارات الخمس حول المقر. هذه تبدو أنها طلعة استكشافية قبل محاولة لاقتحام مقر السجن. من يقف وراءها؟ هل هي قوات تابعة لوزارة الداخلية أم أنها قوات تابعة لوزارة الدفاع؟ وأين المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق التابعة له من كل هذا؟ وأين حكومة الإنقاذ المنافسة لها، برئاسة خليفة الغويل؟ في وقت متأخر من الليل ظهرت حركة غير طبيعية في العمارات المجاورة لمبنى السجن من الجهة الشرقية. لقد زاد عدد السيارات المسلحة من خمس إلى أكثر من عشرين كما بدا في وسط العمارات. وبدأت أقدام العناصر الملثمة التابعة للميليشيات تضرب على درجات السلالم. والتمركز على الأسطح.
وبالتوازي مع هذه التحركات الخاطفة والسريعة بدأ فريق آخر من الملثمين في الطرق على أبواب الشقق: اخرجوا.. اهربوا.. توجد حرب هنا. هيا.. هيا. كما أنتم، لا تأخذوا شيئًا لا يوجد وقت. احملوا صغاركم واهربوا فورا. ثم انقطعت الكهرباء عن منطقة الهضبة بالكامل.
في الشوارع المظلمة حيث الريح الباردة التي تضرب بقوة مقبلة من الشمال، تسللت عشرات العائلات وبدأت تهيم في الطرقات بحثا عن مخرج. من لديه أقارب سيذهب إليهم، لكن ما مصير الآخرين الذين لا أقارب لهم ولا أصدقاء يمكن أن يفتحوا لهم أبواب بيوتهم في هذا الوقت المتأخر والمخيف من الليل؟!

مَن يحارب مَن؟
من يحارب مَن؟ هذا سؤال تصعب الإجابة عنه. فالقوات التي يقودها عسكري قديم يدعى العقيد بادي، بدأت في الدخول إلى طرابلس. لكن لا حكومة التوافق ولا حكومة الإنقاذ المنافسة لها، ولا قادة سجن الهضبة التابعون اسميًا لوزارة العدل، يعلمون بوجهة قوات «بادي»، وما إذا كانت ستحارب مع هذا الفريق أو ذاك. إنها أيام المتاهة.. إنها ليلة طويلة لن ينام فيها أحد في طرابلس. أولا لديك فريق من الجماعة الليبية المقاتلة الموالية في الأصل لتنظيم القاعدة، يريد أن يهاجم سجن الهضبة الذي يديره قيادي في الجماعة نفسها يدعى «أبو حازم». لقد تحول أبو حازم، منذ شهور، إلى خصم لرفاقه القدامى، وهذا أمر شرحه يطول وسترد تفاصيله لاحقًا.
ولديك فريق ثان هو خليط من الجماعة المقاتلة ومن جماعة الإخوان ومن مجموعة الغرياني، أو المفتى الليبي السابق. وأكثر قادة هذا الفريق أصبح لديهم نزوع قوي للانتقام لمقتل أحد الدعاة المحسوبين عليهم، ويدعى الشيخ نادر العمراني. لقد قُتل العمراني في ظروف غامضة، لكن المسؤولية جرى تعليقها في عنق جماعة منافسة تعمل تحت لافتة وزارة الداخلية، رغم أنها لا تتبع الوزارة في أي شيء عدا الحصول على الرواتب الشهرية لعناصرها. بدأ الاحتشاد بين كثير من هذا النوع من الفِرق منذ أواخر الشهر الماضي. ومع بداية الشهر الحالي بدأ فتيل الحرب يشتعل في ضواحي في طرابلس. أصبح في الإمكان سماع دوي الانفجارات ورؤية ألسنة الدخان الأسود وهي تتمايل مع الريح فوق رؤوس العمارات.
أعادت الدبابات تمركزها في ضاحية أبو سليم، وظهرت طوابير السيارات الصغيرة ذات الدفع الرباعي والمحمول عليها مدافع من عيار 14.5 ملليمتر و23 ملليمترًا. وانفجرت عدة صواريخ من نوع «غراد» في محيط منطقة معيتيقة التي يوجد فيها مطار مدني وسجن وعدة معسكرات لجماعات مسلحة متنافسة. اشتعلت حدة الاشتباكات جوار فندق ريسكوس ومجمع قصور الضيافة ومنطقة بن غشير. وسقط حولي عشرة قتلى وأصيب عشرات آخرون.
شغل «أبو حازم» منصب وكيل وزارة الدافع الليبية عقب سقوط نظام القذافي. وفي الوقت الحالي يدير سجن الهضبة. وهو قادم في الأساس من الحرب ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان. كانت له علاقات جيدة مع زملائه القدامى، ومن بينهم عبد الحكيم بلحاج، القائد السابق في طرابلس. ومن بينهم أيضًا سامي الساعدي، وعبد الوهاب قائد شقيق أبو يحيى الليبي الذي قتل في غارة أميركية في عام 2012 في باكستان. كل هؤلاء، وغيرهم، أعضاء لهم أهمية في الجماعة الليبية المقاتلة التي تأسست في أفغانستان في أواخر ثمانينات القرن الماضي. لكن خلال السنوات الخمس التي أعقبت مقتل القذافي أصبحت العلاقات فيما بينهم ليست على ما يرام في معظم الوقت. وتصل المنافسة فيما بينهم أحيانًا إلى درجة الاقتتال، كما حدث الأسبوع الماضي.

اختلاف الولاءات
ظهرت معظم المشكلات بين المجاميع المسلحة التي يديرها قادة من «الجماعة الليبية المقاتلة» بسبب اختلاف الولاءات في العاصمة، إذ إن الغالبية العظمى من قادة هذه الجماعة ينشطون فقط في طرابلس. ومن النادر أن تجد لهم مقاتلين أو تشكيلات مسلحة خارج العاصمة. على سبيل المثال كان المقاتلون التابعون لـ«الشيخ الساعدي» يعملون جنبا إلى جنب مع المقاتلين التابعين لـ«أبو حازم»، لكن مجموعة من أنصار الساعدي شاركت في عمليات لم يرض عنها «أبو حازم». كما أن موالين للساعدي أصبحت لديهم علاقات عسكرية قوية مع قادة في جماعة الإخوان. أضف إلى ذلك أن الساعدي مسؤول في دار الإفتاء التي يرأسها الغرياني.
الشيخ العمراني الذي قُتل قبل أسبوعين، كان محسوبا على جماعة الساعدي وعلى جماعة دار الإفتاء وعلى جماعة الإخوان المسلمين أيضًا. وهذا التيار لم يعد ينسجم مع التيار الذي يقوده «أبو حازم». أما أهمية هذا الأخير فتكمن في عدد السجناء الذين يخضعون لإدارته ونوعهم. غالبيتهم سجناء من عهد النظام السابق، لكن يوجد أيضًا سجناء من تيارات مختلفة. من بينهم سجناء تابعون لتنظيم داعش، جرى القبض عليهم أثناء قدومهم من منطقة الحرشة والزاوية إلى العاصمة. وتعد الحرشة والزاوية مناطق نفوذ لخليط من قادة المتطرفين. من بينهم فرع للجماعة الليبية المقاتلة بقيادة أبو المنذر. ومن بينهم فرع آخر يديره رجل خطير يدعى «هدية»، ولدى هؤلاء اتصالات وتنسيق مع فرع من فروع جماعة الإخوان في غرب طرابلس.
ومن بين الاتهامات الموجهة إلى «أبو حازم» أنه يستغل سجناء النظام السابق للتفاوض بشأنهم وتحقيق مصالح سياسية له. كما أن احتجازه لعناصر تابعة لجماعات أخرى جعل السجن في مرمى النيران. حين بدأت التحركات العسكرية على أرض طرابلس لم يكن أحد يعلم على وجه الدقة مَن يريد أن يهاجم مَن، ولماذا. المتهمون بقتل الشيخ العمراني كانوا يتحصنون في منطقة معيتيقة. والمتهمون بالتعاون مع قادة من النظام السابق يتمترسون خلف مواقعهم في منطقة الهضبة. والمتهمون بقتل مخزن أسرار أبو المنذر ويدعى «بوخشيبة»، يتحصنون في ضاحية «أبو سليم»، وهم متهمون أيضًا بالتعاون مع كل من تنظيم داعش وتنظيم جند الحق التابع له (في الحرشة والزاوية.
وفي الأول من الشهر الحالي، انطلقت مجموعة من السيارات المدججة بالمدافع والمقاتلين الذين يحملون الأسلحة الرشاشة وقذائف الـ«آر بي جيه»، إلى «أبو سليم». وبدأت الاشتباكات مع مجموعة محسوبة على الجماعة الليبية المقاتلة بقيادة رجل يدعى درمان. المشكلة هنا تكمن في أن مجموعة درمان لديها تعاون مع متطرفي «الحرشة والزاوية».. أي من «داعش» و«جند الحق». وهذان التنظيمان لديهما تعاون مع المجموعة المتمركزة في أبو سليم. كانت حرب متداخلة يتقاتل فيها رجال كانوا حتى عصر اليوم يتناولون طعام الغداء مع بعضهم بعضًا. والآن جرى اجتياح معسكر 77 وغابة النصر. لتشتعل النار بعد ساعات أمام بوابة سجن الهضبة.

صراع «الحكومتين»
وفي اليومين التاليين بدأ قادة سياسيون من المحسوبين على «اتفاق الصخيرات» والمجلس الرئاسي وحكومته يتخذون تدابير احتياطية لحماية ما تبقى من مقرات لهم في العاصمة. فقد كانت ميليشيات تابعة لحكومة الإنقاذ التي يرأسها الغويل، قد استولت على بعض المقار التابعة لحكومة الوفاق. ومن بين المشكلات التي يواجهها القادة السياسيون في طرابلس، سواء كانوا من المجلس الرئاسي أو من حكومة الإنقاذ، هي سرعة تغير ولاءات الميليشيات. فإذا لم يتمكن المجلس الرئاسي من صرف رواتب هذه الميليشيا، اتجهت بكشوف الصرف إلى حكومة الإنقاذ. ومن أشهر المجاميع التي فاجأت الطرابلسيين بتغيير ولائها بسبب تأخر الراتب، مجموعة ما يعرف بـ«الحرس الرئاسي» التي انتقلت بكل بساطة من حراسة مقار مجلس السراج إلى حراسة مقار الغويل.
غالبية الميليشيات تتقاضى رواتب من خزينة الدولة. وهذا النظام جرى وضعه على يد الحكومات التي جاءت بعد سقوط نظام القذافي. وكان الحكام الجدد الذين ظهروا في العاصمة منذ عام 2012 قد قرروا الاعتماد على الميليشيات في حماية المقار الحكومية والسفارات الأجنبية والمنشآت العامة وحراسة الحدود، في مقابل تخصيص ملايين الدولارات كرواتب شهرية لعناصر هذه الميليشيات.
وفي الحرب الأخيرة ظهر في الخلفية تنافس بين المجلس الرئاسي وحكومة الإنقاذ على شراء ولاءات الميليشيات بتخصيص أجولة من الدولارات لقائد هذه الميليشيا أو تلك. ويقول كوبلر إن العاصمة بصدد تشكيل حرس نظامي يتولى حماية المقار الحكومية والسفارات والمنشآت المهمة. ووجد البرلمان الليبي الذي يعقد جلساته في شرق البلاد الفرصة ليقول قبل يومين إنه لا يمكنه أن يتعامل مع مجلس رئاسي يعتمد على ميليشيات.
إلا أن الواقع على الأرض يتغير سريعًا. فبمرور الوقت وتراجع درجة الثقة في المتحاربين داخل طرابلس، أرسل عدد من القادة المحسوبين على اتفاق الصخيرات والمجلس الرئاسي طالبين النجدة من أبناء عمومتهم في مدينة مصراتة ذات التسليح القوي. كان معظم مقاتلي مصراتة يحاربون تنظيم داعش في سرت، تحت اسم «قوات البنيان المرصوص». وصدرت الأوامر: «تعالوا لنجدتنا في طرابلس. اتركوا سرت وتعالوا». كيف هذا.. والحرب لم تنته بعد في سرت؟! وجرى التوجيه بإصدار بيان يعلن انتهاء القتال في سرت وتطهيرها من «داعش». وهو أمر أغضب كثيرًا من القادة العسكريين في «البنيان المرصوص». لكن هذا لم يمنع من توجيه أرتال من جبهة سرت لحماية مقار المجلس الرئاسي في طرابلس.
وفي الشوارع، كانت النيران تشتعل في العاصمة. وسمع صوت قذائف المدفعية في منطقة بن غشير. ثم ارتفع هدير الانفجارات في ضاحية أبو سليم. وغطى الدخان الأسود سماء المدينة.
يشغل العمراني عضوية دار الإفتاء الليبية. وتعرض في مطلع الشهر الماضي للاختطاف. وأبدى عدد من قيادات الجماعة الليبية المقاتلة تعاطفًا. وشارك بعضهم في ندوة تدعو إلى سرعة الإفراج عنه بحضور ابنته، سارة، التي ألقت كلمة مؤثرة أبكت بعض الحاضرين. لكن جرى بعد ذلك بنحو ثلاثة أسابيع بث شريط فيديو يتضمن اعترافات من أحد الشهود على واقعة قتل العمراني على يد إحدى الجماعات المحسوبة اسميًا على وزارة الداخلية التابعة للمجلس الرئاسي.
ولم يستغرق حشد المقاتلين للانتقام وقتًا طويلاً. فجأة بدأت التحركات في مناطق اسبيعة وسوق السبت وسوق الخميس. وقامت قوة مسلحة مشتركة، تضم عناصر من كتائب طرابلس ومصراتة، ومحسوبة على الغرياني بمداهمة مبنى جهاز مكافحة الجريمة الموجود في منطقة اسبيعة. وتتهم الجماعة المحسوبة على الغرياني أحد مسؤولي الجهاز بقتل العمراني بسبب خلافات في التوجه الديني.
وبدأت قوات الردع المستهدفة من قوات الغرياني تستعد للدفاع عن نفسها في قاعدتها الرئيسية في منطقة «امعتيقه» والمناطق والطرق المحيطة بها. وأخرجت أسلحتها الثقيلة. ومن الجانب الآخر احتشدت قوات تابعة لـ«بادي» في منطقة صلاح الدين وطريق المطار. وبالتزامن مع هذا دخلت السيارات الخمس لاستطلاع منطقة الهضبة تمهيدًا للهجوم على السجن. لم يكن عليها أي شيء يدل على هويتها أو تبعيتها لأي كتيبة أو ميليشيا. وجرى على الفور تحريك الدبابات إلى باب المقر، وزيادة عدد الحراسة حول السجن ونشر القناصين وتزويد أفراد الحراسة في أبراج السجن بقذائف «آر بي جيه».

البُعد القَبَلي
الذي أسهم في صب مزيد من الزيت على نيران طرابلس، من الخفاء، مجموعة سياسيين كانوا يخشون على ما يبدو من اتهامهم بالوقوف وراء حرب أخرى كانت تدور رحاها بالدبابات بين قبيلة القذاذفة وقبيلة أولاد سليمان في سبها على بعد 600 كيلومتر جنوب العاصمة. من بين ما ظهر من اجتماعات جرت حول هذا الموضوع أن أي اشتباكات في طرابلس من شأنها أن تبعد الأنظار عن سبها وما يجري فيها من اقتتال. وزادت وتيرة التحركات العسكرية في العاصمة خصوصًا قرب منطقة اسبيعة. وبدأت التحذيرات للمواطنين من خطورة التحرك في الطرق والشوارع. وعمم المجلس البلدي في منطقة غريان، غرب طرابلس تنبيها للمواطنين القاطنين في الجبل الغربي من مغبة استخدام طريق اسبيعة في حال توجههم للعاصمة.
ودعا الغويل الليبيين إلى الوحدة وقطع الطريق على من سماهم بالعابثين بأمن الوطن والمواطن. وأصدر أعضاء في المجلس الرئاسي بيانات مماثلة. لكن مَن يسمع؟! لقد وصف أحد هؤلاء الأعضاء قياديًا ميليشاويًا بأنه «لن يستمع للتحذيرات.. إنه يفقد عقله حين يستمع لصوت الرصاص». وبدأ القلق يصل إلى الدول الكبرى. وتلقى رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج اتصالات للاطمئنان. وظهرت طائرة مراقبة أجنبية ذات لون أبيض في سماء العاصمة. طائرة معروفة من دون طيار.
مع هذا اشتعلت الاشتباكات في عدة مناطق. كان هناك خوف من جانب بعض الميليشيات المحسوبة على «الإخوان» وعلى عدد من قادة الجماعة المقاتلة، من تهريب «أبو حازم» لسجناء الهضبة. وفي اليوم التالي تمكنت إدارة السجن من تحديد هوية السيارات الخمس التي تستطلع الأوضاع في منطقة السجن. إنها لمجموعة تاجوراء. والآن تمركزت هذه السيارات أمام بوابة مبنى التموين المقابل للسجن. وبدأ الرماة يجهزون قواذف الـ«آر بي جيه» للرد. لكن السيارات تراجعت واختفت داخل المنطقة السكنية حيث تتمركز باقي قواتها هناك. وصدرت تعليمات بملاحقتها والقبض على من فيها. وبدأت المطاردات ليلاً داخل منطقة العمارات.
وخلال ذلك أصدرت القوات التي تتمركز داخل عمارات الهضبة وعمارات صلاح الدين، تعليمات للسكان بمغادرة بيوتهم. وفعلت ذلك بينما كانت عناصرها تحتل الأسطح وتحولها إلى مواقع للقناصين. وخرج تحت جنح الليل وفي ريح الشتاء الباردة أكثر من 230 عائلة بأولادهم وأطفالهم، وتوجهوا إلى الوديان الجنوبية، لينضموا إلى عدة مئات من أهالي طرابلس الهاربين من الاحتراب الميليشياوي في العاصمة.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.