واشنطن تضغط باتجاه مفاوضات بين الأكراد والأتراك لقتال «داعش»

تكثيف الدعم الأميركي لـ«سوريا الديمقراطية» مع المرحلة الثانية من «غضب الفرات»

واشنطن تضغط باتجاه مفاوضات بين الأكراد والأتراك لقتال «داعش»
TT

واشنطن تضغط باتجاه مفاوضات بين الأكراد والأتراك لقتال «داعش»

واشنطن تضغط باتجاه مفاوضات بين الأكراد والأتراك لقتال «داعش»

تنشط واشنطن حاليا على خط محاربة تنظيم داعش في الشمال السوري من خلال تكثيف دعمها لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، ذات الغالبية الكردية؛ تأهبًا لإطلاق المرحلة الثانية من حملة «غضب الفرات» الهادفة إلى عزل معقل التنظيم المتطرف في مدينة الرقة، وكذلك الدفع باتجاه مفاوضات بين الميليشيات الكردية السورية وأنقرة لتهدئة الجبهات بينهما والتركيز على محاربة «داعش».
مصادر قيادية كردية رجحت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تنطلق قريبا جولة من المفاوضات مع الأتراك برعاية التحالف الدولي نتيجة الضغوط التي تمارسها واشنطن للحد من التصعيد الحاصل بين ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات التركية التي تدعم «الجيش السوري الحر» على جبهة منبج - الباب في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي.
مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ناصر حاج منصور قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن التوجه الأميركي في هذا السياق «ليس بجديد»، لافتا إلى أن واشنطن تسعى ومنذ مدة لإيجاد نقاط التقاء بين مختلف الأطراف، وأبرزهم أنقرة وميليشيا «سوريا الديمقراطية»، التي تشكل ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري، للتهدئة والتركيز على قتال «داعش». وأضاف حاج منصور «الأميركي يجد نفسه معنيا بتحاشي صراع أكثر تعقيدا من الصراع السوري المستمر»، في إشارة إلى صراع تكون تركيا ودول أخرى في المنطقة جزءا أساسيا منه.
ثم أردف أن الميليشيا «لا تمانع بالجلوس مع الأتراك بإطار مفاوضات ترعاها واشنطن»، مضيفًا أنهم لطالما سعوا لـ«أفضل العلاقات مع تركيا مع تأكيدنا مرارا أننا لسنا جزءا من صراعها مع حزب العمال الكردستاني». وتابع: «كما أن الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، عقد مشاورات أكثر من مرة مع مسؤولين أتراك من دون التوصل لأي نتيجة».
ومن جانب آخر، قال الكولونيل الأميركي جون دوريان، المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، يوم أمس: «نحن نسهل هذا الأسبوع محادثات مشتركة مع تركيا وقوات سوريا الديمقراطية وشركاء آخرين في التحالف من أجل الدفع باتجاه وقف التصعيد في المنطقة». وشدد الضابط الأميركي على أن «كل طرف في هذه المناقشات له مصلحة عليا مشتركة وهي القضاء على تنظيم داعش، العدو الذي يهددننا جميعا». واستطرد «نحن نحاول ضمان الإبقاء على حوار يجعل الجميع مركزا على مكافحة التنظيم المذكور».
في هذه الأثناء، نقلت وكالة «رويترز» يوم أمس عن مسؤول عسكري أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الميليشيات الكردية أبطأت تقدمها باتجاه الرقة لقلقها من أن تتعرض لهجوم من الأتراك. وعلّقت الناطقة نوروز من «وحدات حماية المرأة» الكردية على هذه التقارير لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «نعم لدينا مخاوف من أن يضربنا الأتراك من الخلف، لكننا لم نوقف عملياتنا باتجاه الرقة». وأضافت، أن طائرات أميركية تحط بشكل يومي في القاعدة العسكرية في مدينة عين عيسى، في ريف محافظة الرقة الشمالي، حاملة السلاح والجنود الأميركيين لدعم ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» في حملتها لتحرير الرقة، وقالت: إن هذا الدعم سيتكثف قبيل أيام من انطلاق المرحلة الثانية من عملية «غضب الفرات». كذلك ذكر ناشطون معارضون، أمس، أن 7 مروحيات شحن أميركية تحمل أسلحة وذخائر وصلت إلى قاعدتها العسكرية في مدينة عين عيسى، وأنه «شوهد رتل مكون من عدد من الآليات محملة بالعناصر والعتاد تابع لميليشيا (سوريا الديمقراطية) وهو في طريقه إلى عين عيسى».
في السياق نفسه، خلال اجتماع المجلس العسكري لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» يوم الخميس، جرى الإعلان عن انطلاق التحضيرات للبدء بالمرحلة الثانية لتحرير الرقة بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي. وأكد المجتمعون أن الذين سيشاركون في هذه الحملة «هم أهالي المنطقة والسوريون». ونقلت وكالة «آرا نيوز» عن الناشط الكردي همبرفان كوسه، أن «قرار قوات سوريا الديمقراطية أن تكون الحملة على الرقة على مراحل عدة، يندرج بإطار محاولة إبعاد الخطر التركي ووضع المجتمع الدولي أمام خيار الأمر الواقع، بمعنى أنه لم يكن باستطاعتها بدء المعركة كاملة في فترة زمنية واحدة، وكان هناك توجس من تقدم قوات (درع الفرات) المدعومة من أنقرة». وأوضح أن «تقسيم المعركة إلى مراحل عدة غايته الحصول على مزيد من الدعم العسكري من قوات التحالف وتثبيت أحقية الميليشيا الكردية في الذهاب نحو الرقة». ورجح كوسه أن تتركز المرحلة الثانية من «غضب الفرات» أكثر حول مناطق دير الزور وقطع طريق إمداد تنظيم داعش بين الرقة ودير الزور وصولاً إلى الطبقة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.