الجيش الليبي يحاصر المنطقة الوسطى ويسيطر على قاعدة عسكرية جديدة

إيطاليا تعتبر تحرير سرت نقطة تحول حاسمة في الحرب على «داعش»

الجيش الليبي يحاصر المنطقة الوسطى ويسيطر على قاعدة عسكرية جديدة
TT

الجيش الليبي يحاصر المنطقة الوسطى ويسيطر على قاعدة عسكرية جديدة

الجيش الليبي يحاصر المنطقة الوسطى ويسيطر على قاعدة عسكرية جديدة

أعلن الجيش الوطني الليبي أن قواته سيطرت أمس على قاعدة «براك الشاطئ» الجوية جنوب غربي ليبيا، وذلك بالتزامن مع إعلانه حظر المنطقة الوسطى في البلاد على المجموعات المشبوهة، حسب وصفه.
وقال الجيش، الذي يقوده المشير خليفة حفتر والموالي للبرلمان الشرعي في البلاد، إنه قام بواجبه المنوط به للدفاع عن الوطن والموانئ النفطية ومقدرات الشعب الليبي من العبث والتخريب على أكمل وجه. وأضاف في بيان له إن هناك «سرية تامة في تبادل المعلومات ودراسة وتكتيك، وتطويق شبه محكم لميليشياتهم، وهجوم في الوقت المناسب لقواتهم وتدمير شبه كامل لآلياتهم، وأسر عدد كبير من أفرادهم وملاحقة بقاياهم المهزومة في عرض الصحراء».
من جهة أخرى، قالت القيادة العامة للجيش في بيان آخر ومنفصل لها إن «اللواء 12»، الذي يقوده العميد محمد بن نايل، اقتحم القاعدة وأسر القوة الموجودة داخلها، وغنم جميع الأسلحة والذخائر المخزنة فيها.
كما أعلن سلاح الطيران التابع للجيش أن «أجواء المنطقة الوسطى باتت محظورة ومحرمة على أي مجموعات مشبوهة»، موضحا أن المساحات الأرضية والبحرية والجوية، الممتدة من بن جواد إلى غرب وجنوب سرت وحتى جنوب هون وودان، أضحت منطقة محظورة ومحرمة على أي مجموعات مشبوهة مسلحة وأي حركة طيران، مهما كانت تابعيتها إلا بتصريح كتابي مسبق.
وفى مدينة بنغازي بشرق البلاد، زعمت جماعات إرهابية مسؤوليتها عن عملية تفجير بسيارة مفخخة، استهدفت قوات الجيش قرب منطقة الحظيرة الجمركية غربي المدينة. لكن القوات الخاصة (الصاعقة والمظلات)، التابعة للجيش الليبي، قالت في المقابل إنها أحبطت أمس ما وصفته بعملية انتحارية يائسة، استهدفت فك الحصار عن المارقين بمحور قنفوده، مشيرة إلى وقوع إصابات لم تحددها بين قوات الجيش.
وأعلنت «قوات الصاعقة» أن اثنين من عناصرها «استشهدا» إثر انفجار لغم بمحور بوصنيب، وجرح آخر خلال الاشتباكات التي وقعت أمس مع فلول المتطرفين.
وكانت هذه القوات قد أعلنت في وقت سابق عن وقوع اشتباكات متقطعة بالمحور الجنوبي لبوصنيب، مشيرة إلى أنها تتقدم بثبات من محور قاريونس، وسط هدوء حذر بالمحور الغربي لقنفوده، وقالت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه جرى تدمير بعض الآليات لإرهابيين بمحور بوصنيب باستخدام المدفعية الثقيلة.
إلى ذلك، اعتبرت وزارة الخارجية الإيطالية أن تحرير سرت من قبل قوات تابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، تعد نقطة تحول حاسمة في الحرب على «داعش»، ومحطة جديدة في المسار الصعب للاستقرار التدريجي لليبيا.
وقالت الخارجية في بيان نشره موقعها الإلكتروني الرسمي أن إيطاليا ستظل ملتزمة بجانب المؤسسات الليبية في الحرب على الإرهاب، مشيرة إلى أن المساندة الإيطالية في الجانب الإنساني تتجلى في تمكينها من علاج الجرحى المحاربين وإرسالها المتكرر للإمدادات الطبية للطوارئ، وما هي إلا أدلة ملموسة لاستمرار قرب إيطاليا من الشعب الليبي الصديق.
ورأت الخارجية الإيطالية أن الانتصار على «داعش» في سرت يجب أن يكون من أسباب التشجيع على تعزيز الاستقرار والأمن في البلاد، بما في ذلك تشكيل قوات أمنية مندمجة في تسلسل قيادي موحد وخاضعة للسلطة المدنية، لافتة النظر إلى أن انتشار أولى وحدات الحرس الرئاسي في العاصمة طرابلس سيمثل خطوة إضافية في اتجاه تعزيز وجود ودور المؤسسات الشرعية في القطاع الأمني، ومؤكدة أن إيطاليا مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ولن تتوانى في مساندتها للمجلس الرئاسي لحكومة السراج لضمان نجاح هذه المبادرة.
وحول الاشتباكات التي جرت مؤخرا في منطقة الهلال النفطي، قالت الخارجية الإيطالية إنه من الضروري أن تعمل القوات الموجودة على الأرض بصورة موحدة وتستجيب للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، معتبرة أن المؤسسة الوطنية للنفط هي الجهة الشرعية الوحيدة المخولة بإدارة الثروات النفطية، تحت القيادة السياسية لمجلس السراج، وبتعاون مع مصرف ليبيا المركزي. كما شددت على أن استقلالية ووحدة وحيادية المؤسسة الوطنية للنفط يجب أن تكون محمية من أي مصالح خاصة وخصومات شخصية، مشيرة إلى أن إيطاليا تدعو بقوة إلى تعزيز التعاون بين السلطة السياسية والمؤسسات المالية الوطنية لتحسين الظروف المعيشية للسكان في أقرب وقت ممكن.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.