تباين المواقف بين الأطراف اللبنانية يهدد تشكيل الحكومة

تيار «المردة» متمسك بمطالبه الوزارية و{الثلث المعطل» يبرز من جديد

الرئيس ميشال عون لدى لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون لدى لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس (دالاتي ونهرا)
TT

تباين المواقف بين الأطراف اللبنانية يهدد تشكيل الحكومة

الرئيس ميشال عون لدى لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون لدى لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس (دالاتي ونهرا)

تتباين مواقف الأطراف اللبنانية بشأن قرب الإعلان عن تأليف الحكومة. إذ رغم صدور تصريحات إيجابية في اليومين الأخيرين ضمن هذا الإطار، تشير بعض الأطراف المعنية إلى عدم نضوج الاتفاق السياسي الذي من شأنه أن يؤدي إلى تشكيل أولى حكومة عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، لا سيّما في ضوء تمسّك رئيس تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية بمطالبه، وهي التي تشكّل «العقدة» الأهم في مفاوضات التأليف.
يأتي ذلك في وقت عاد الحديث عن سعي «الثنائي الشيعي»، أي حركة «أمل» و«حزب الله» إلى الحصول على ما يعرف بـ«الثلث المعطل» عبر الضغط لتأليف حكومة من ثلاثين وزيرا، وبالتالي، البدء من نقطة الصفر، في حين تتوجّه الأنظار اليوم إلى كلمة أمين عام الحزب حسن نصر الله التي من المتوقع أن يتطرق خلالها إلى موضوع الحكومة.
وفي حين يقول وزير الثقافة المحسوب على «المردة» ريمون عريجي: «طيف الإيجابية يخيّم على التصريحات بشأن تأليف الحكومة، لكن في الواقع لا نرى أي معطيات ملموسة في هذا الإطار»، يرى النائب آلان عون عضو «تكتل التغيير والإصلاح» (الذي يمثل «التيار الوطني الحر») أن «حلّ عقدة المردة من شأنه أن يدحرج كرة العقد الأخرى وقد نصل إلى إعلان الحكومة خلال أيام قليلة»، أما النائب غازي العريضي عضو «كتلة اللقاء الديمقراطي» فوصف أجواء التأليف بـ«غير المريحة».
موقف «المردة»
عريجي يرفض تحميل «المردة» مسؤولية العرقلة، ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» موضحًا «لا يمكن تحميلنا مسؤولية تأخير التوافق، لا سيما أن موقفنا واضح في هذا الإطار، وهو أما أن نحصل على وزارة تتلاءم مع وجودنا وحجمنا السياسي في هذه المرحلة أو فلنبق خارج الحكومة». وتابع: «لا نزال عند مطلبنا بالحصول على إحدى الوزارات التالية: الطاقة والمياه أو الأشغال العامة والنقل أو الاتصالات»، وهو ما عاد وأكّد عليه فرنجية خلال اللقاء الأخير الذي جمعه مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري». وبينما وصف عريجي اللقاء بين فرنجية والحريري بـ«الإيجابي» أوضح أنه قد تمّ خلاله طرح بعض الصيغ والأفكار للبحث بإمكانية التوصل إلى حلول ضمن المطالب التي نتمسك بها». وحول المعلومات التي أشارت إلى إمكانية قبول «المردة» بحقيبة وزارة التربية، انطلاقا من طرح قدّمه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، قال عريجي «متمسكون بمطالبنا لكن في الوقت نفسه لم تعرض علينا التربية».
في المقابل نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن «أوساط في «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) قولها «إن ولادة الحكومة متوقعة خلال أيام»، مؤكدة أن لقاء الحريري - فرنجية توصل إلى تفاهمات عدة بين الجانبين في مقدمها إسناد حقيبة التربية إلى تيار المردة وذلك من ضمن صيغة الـ24 وزيرا المعمول بها والتي باتت شبه جاهزة وتنتظر الإعلان عنها، خصوصا بعد لقاء الرئيس عون رئيس «حزب القوات» سمير جعجع. وكان جعجع زار بعبدا أول من أمس، وحسب الأوساط العونية أقنع عون جعجع بقبول الحقائب المعروضة عليه وعدم التمسك بالمطالبة بحقيبة الأشغال التي هي من حصة رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
آلان عون
من جانبه، وصف النائب آلان عون كلام فرنجية بعد لقائه الحريري بـ«الإيجابي»، ثم أردف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مستدركًا: «لكننا لا نعتبر أنفسنا معنيين في بعض ما قاله». وكان فرنجية قد قال: «إن الحريري لا يرضى بأن أكون خارج الحكومة ولا حتى حلفائي. نحن نطالب بحقيبة أساسيّة وسمّينا الحقائب التي نريد»، وأضاف «لا نقبل أن يكسرنا أحد ولا نريد أن يحاكمنا أي أحد تأديبيًا، والقضيّة قضية مبدأ، وحلفاؤنا يقفون إلى جانبنا، لأن مطلبنا محق ويتم رفضه من منطلق التحجيم ولا يمكن لأحد أن يحجّمنا».
وحول المعلومات التي أشارت إلى محاولة «الثنائي الشيعي» الضغط لتشكيل حكومة ثلاثينية بدلاً من 24 وزيرا لتأمين «الثلث المعطّل»، قال عون «فكرة الثلاثين وزيرا لم تغب عن طاولة البحث، والحريري يحاول قدر الإمكان تشكيلها من 24 وزيرا وتكون ممثلة في الوقت عينه لمختلف الأطراف، لكنني لا أعتقد أن هناك من يحاول إعادة طرح الثلث المعطّل، لا سيما في ضوء المعطيات والوقائع السياسية التي أدّت إلى انتخاب الرئيس ميشال عون، وأهمها الاتفاق مع حزب الله من جهة ومع (المستقبل) من جهة ثانية». وتابع: «الرئيس سيكون الضامن للثنائي الشيعي ولكل الأفرقاء، وبالتالي أي هواجس من هذا النوع ليست في مكانها».
العريضي
وفي الإطار نفسه، قال النائب العريضي بعد لقائه رئيس مجلس النواب: «الشغل الشاغل هو تشكيل الحكومة بعد مرور شهر ونيّف على تكليف الحريري، وعلى ما يبدو لا تزال الأجواء غير مريحة لناحية التشكيل، علما بأن ثمة إجماعًا لدى كل القوى السياسية أن عمر هذه الحكومة قصير ومحكوم بعمر المجلس، وبالتالي هي حكومة الانتخابات النيابية». وأضاف: «إذا كان هناك إجماع على هذا الأمر ينبغي أن يترجم إجماعًا لناحية سرعة تشكيل الحكومة، لأن كل يوم يمر لا يأخذ من رصيد هذه الانطلاقة للولاية الرئاسية الجديدة ولا يصيب الناس فقط بخيبة أمل بعد أن أملوا في الخروج من هذا المأزق». ورأى العريضي «إن الإصابة الأخطر هي أن نتأخر في تشكيل الحكومة وألا تكون هناك انتخابات وأن يفكر البعض في التمديد للمجلس النيابي»، مؤكدا: «هذا أمر خطير جدًا ومقلق جدًا ويشكل فضيحة جديدة في الحياة السياسية تعبر عن عجز مستدام في إمكانية إخراج البلاد من أزمتها والذهاب إلى تفعيل عمل المؤسسات».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.