مفتي النظام السوري يزور عون والراعي ويدعو خصومه للمصالحة

قوى «14» آذار ترى في توافد محور «الممانعة» إلى «بعبدا» محاولة لإيجاد توازن مع دول الخليج

مفتي النظام السوري يزور عون والراعي ويدعو خصومه للمصالحة
TT

مفتي النظام السوري يزور عون والراعي ويدعو خصومه للمصالحة

مفتي النظام السوري يزور عون والراعي ويدعو خصومه للمصالحة

يشهد القصر الجمهوري في لبنان زحمة زوار لوفود إيرانية وأخرى ممثلة للنظام السوري، للقاء الرئيس اللبناني ميشال عون، وآخرها زيارة مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسون، يرافقه سفير النظام السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي. ولئن كانت هذه الزيارات ترتدي طابعًا برتوكوليًا هدفه تهنئة عون بانتخابه رئيسًا، فإنها لا تخفي أهدافها السياسية التي تظهر تارة بمحاولة جذب الرئيس إلى ما يسمى «محور الممانعة» الذي تمثله إيران ومعها نظام دمشق، وتارة أخرى عبر محاولة إيجاد التوازن مع العودة العربية والخليجية والغربية إلى لبنان.
زيارة مفتي نظام الأسد التي صنفت في خانة تقديم التهنئة للرئيس اللبناني، أكد على أثرها حسون أن عون «يمثل الحكمة والاعتدال في لبنان». وأوضح أنه ليست لديه خصومات مع أحد في لبنان. وتابع: «نحن لم نخاصم أحدًا ولن نخاصم أحدًا، ومن خاصمنا هو ابن عمنا». وكان لافتا زيارة حسون أيضا للبطريرك بشارة الراعي، في حين لم يعلن عن لقائه بنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، وفي حين أشارت بعض المعلومات إلى أن دريان رفض استقبال حسون، أكدت مصادر مطلعة على الزيارة لـ«الشرق الأوسط» أنّ الأخير لم يطلب لقاء المفتي.
في هذه الأثناء، تطرح الزيارات السورية والإيرانية علامات استفهام حول موقف بعض قوى «14» التي أيدت وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، وما إذا كانت تشكّل إحراجًا لها؛ إذ ذكر عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «(تيار المستقبل) يعرف أن الرئيس عون لم يأت من معسكر (14)، ويعلم تمامًا من أين أتى». ورأى أن «أقصى ما نطلبه أن يكون الرئيس وسطيًا ويحكم بالتوازن».
وتابع علوش: «بعد استقبال الرئيس عون قيادات خليجية وغربية، نرى هجمة وفود مما تبقى من النظام السوري، خصوصًا بعد المستجدات العسكرية في حلب، لإحراج الرئيس وإظهار أنه ينتمي إلى هذا المحور». ووضع علوش «زحمة» الوفود السورية والإيرانية إلى لبنان في إطار «محاولة إيجاد توازن مع دول الخليج، لكن هذا التوازن غير موجود وغير منطقي». وأردف أن «معسكر ولاية الفقيه ليس لديه حلفاء؛ بل رهائن، والرئيس عون يحاول إمساك العصا من الوسط»، مضيفًا أن «أي مسؤول يؤمن بشرعة حقوق الإنسان لا يمكن أن يكون وسطيًا أمام ما يرتكبه نظام الإجرام في سوريا».
وردًا على قول من قصر بعبدا: «كل من خاصمنا في لبنان وفي غير لبنان ندعوه إلى المصالحة والمسامحة والمصافحة.. حالة العالم اليوم تدعونا لأن نستيقظ، قيادات روحية وسياسية: كفى لبنان، أعيدوا له الجمال والنور والضياء، وكفى سوريا، أعيدوا لها العز الذي حملت رايته لكم جميعا»، قال علوش إنه «ناطق باسم سيده في دمشق». وأضاف أن «ما يسمى مفتي سوريا، ليس إلا موظفًا لدى بشار الأسد. وهو شريك بمذبحة الشعب السوري، وبغض النظر عن الصفة التي يدعيها، يبقى مشاركًا في جريمة العصر، وما تبقى من هذا النظام، يمكن التعامل معه كأمر واقع». وعدّ القيادي في «المستقبل» أن عون «هو من يتخذ الخيارات المناسبة لإدارة شؤون الرئاسة، رغم أننا كنا نتمنّى ألا نرى هكذا شخصيات في لبنان».
أما العميد وهبي قاطيشا، مستشار رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، فرأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارات الوفود السورية والإيرانية إلى قصر بعبدا «لا تشكل إحراجًا لـ(القوات) ولا لفريق (14)، لأن الرئيس يمارس صلاحياته الآن من موقعه الوسطي، أمام كل اللبنانيين، وأمام الدول العربية والأجنبية». وقال: «نحن لسنا ضدّ من يأتي إلى لبنان، لكن نرفض محاولة تطويق رئاسة الجمهورية وأخذها إلى محور معين، وهذا لن يحصل».
وأوضح قاطيشا: «الدائرة الحيوية الأولى للبنان، هي الأشقاء العرب ودول الخليج العربي، ولا يمكن أبدًا استبدال شيء آخر بها، لا أميركا ولا فرنسا ولا إيران.. ولا غيرها»، مؤكدًا أن «رئاسة الجمهورية تتبنّى هذا الأمر، وموقفها واضح بهذا الشأن، وعندما يقول الرئيس عون إن أول زيارة له ستكون إلى المملكة العربية السعودية، فإنه يعبّر بذلك عن المصلحة الحيوية للبنان».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.