إسرائيل تمنع الأمينة العامة لمجلس الكنائس العالمي من دخول أراضيها

بعد تحقيق مخابراتها معها بحجة دعم حركة المقاطعة

إسرائيل تمنع الأمينة العامة لمجلس الكنائس العالمي من دخول أراضيها
TT

إسرائيل تمنع الأمينة العامة لمجلس الكنائس العالمي من دخول أراضيها

إسرائيل تمنع الأمينة العامة لمجلس الكنائس العالمي من دخول أراضيها

منعت سلطات حرس الحدود الإسرائيلية، بقرار حكومي من أعلى المستويات، دخول الأمينة العامة لمجلس الكنائس العالمي، د.إيزابيل بيري، وهي مواطنة من جمهورية ملاوي، إلى إسرائيل، وطردتها إلى الخارج. وقد أصدر المجلس بيانا استنكر فيه بشدة هذا التصرف، واعتبره اعتداء فظا على مجلس الكنائس وما يمثله ومن يمثله.
وكانت د.بيري وصلت إلى مطار بن غوريون، ليلة الثلاثاء – الأربعاء، مع أربع شخصيات أخرى من قيادة المجلس الأعلى لاتحاد الكنائس في العالم. وقد سمح بدخول رفاقها، لكن سلطات المطار احتجزتها في غرفة جانبية تستخدم عادة، لحجز المشتبه بهم في قضايا أمنية أو جنائية. وأجرى ضباط «الشاباك» (المخابرات العامة)، تحقيقا معها حول نشاطاتها السياسية، وقرروا، حسب مصدر أمني رفيع، أنه لا يوجد أي سبب أمني وجيه يمنع دخولها إسرائيل. لكنهم وجهوها إلى سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية، قائلين «قضيتك معهم وليست قضية أمنية». إلا أن مسؤولي المطار، أبلغوها أن هناك أمرا من وزير الداخلية، ارييه درعي، بمنعها من الدخول، وأعيدت إلى ألمانيا. وقالت سلطة السكان والهجرة، في وقت لاحق، إن «قرار المنع اتخذ بناء على معلومات حولتها وزارة الشؤون الاستراتيجية: «على خلفية نشاطها في تنظيم مجلس الكنائس العالمي الذي يدعم فرض المقاطعة على إسرائيل».
ووصف اتحاد الكنائس في بيانه، أمس، القرار الإسرائيلي بأنه «خطوة غير مسبوقة»، وأشار إلى أن د.بيري هي عالمة لاهوت أفريقية محترمة، ومسؤولة كبيرة في مجلس الكنائس الذي يمثل 550 مليون مسيحي في 110 دول. وقال الاتحاد، إن هدف زيارتها هو المشاركة في مشاورات مع قادة الكنائس في القدس، حول خطة مساعدات اقتصادية لفلسطين وإسرائيل EAPPI، التي يدعمها مجلس الكنائس. وفي تلميح بأن القرار الإسرائيلي ينطوي على تمييز عنصري ضد السود، فضلا عن الاستفزاز للمؤسسة المذكورة، أشار اتحاد الكنائس، إلى أن «بيري كانت العضو الأفريقي الوحيد في الوفد الذي وصل إلى القدس».
وأعلن مجلس الكنائس العالمي، أنه كلف ممثليه القانونيين للاعتراض فورا على الخطوة الإسرائيلية غير المبررة والمميزة ضد بيري. وقال أمين عام اتحاد الكنائس، الراهب النرويجي د. أولاب فيكسا تويتي، أمس، إن «الاتهامات التي وجهت ضد مجلس الكنائس العالمي وبرنامج EAPPI، خلال التحقيق مع د.بيري، والتي نشرتها وسائل الإعلام، هي اتهامات كاذبة تماما. أنا مفاجأ جدا وقلق من كون وزارة الداخلية الإسرائيلية تعتمد في قرارها، كما يبدو، على مصادر غير صحيحة وغير موثوقة». وأعرب التنظيم عن أسفه العميق إزاء عداء إسرائيل لمبادرات مجلس الكنائس التي تهدف إلى تحقيق السلام العادل للفلسطينيين والإسرائيليين.
وقالت شارون دوليب، الناشطة الإسرائيلية المتطوعة في مجلس الكنائس العالمي، إن التنظيم لا يدعم مقاطعة إسرائيل، وليس ناشطا في حركة المقاطعة BDS، ومن يقول إنه يدعمها هو جبرائيل نداف، المعروف بنشاطاته لتجنيد المسيحيين إلى الجيش الإسرائيلي، ويرأس ما يسمى «منتدى تجنيد المسيحيين». فهذا الكاهن المنبوذ في صفوف المسيحيين في إسرائيل والعالم، نظم حملة ضد الاتحاد». وأضافت: «لقد صدمنا عندما قرر الأب جبرائيل نداف وضعنا في مركز حملته، وصدمنا عندما قرر الوزير غلعاد اردان، تبني هذا الخط من دون فحصه».
يشار إلى أن منتدى نداف يتعاون مع تنظيمات اليمين الإسرائيلي، ومن بينها «الصندوق الصهيوني لإسرائيل» و«إسرائيلي»، ويعمل على جمع معلومات عن نشطاء مجلس الكنائس العالمي، مدعيا أن المجلس يدعم المقاطعة، ويرسل نشطاءه باعتبارهم سياحا إلى إسرائيل، ليقوموا بجمع معلومات وتوثيق نشاطات قوات الأمن في القدس والمناطق المحتلة الأخرى.
وقد كشفت هذه القضية، أمس، عن أن وزير الشؤون الاستراتيجية، غلعاد اردان، الذي قدم توصية إلى كل من وزير المالية موشيه كحلون، ووزير الداخلية، درعي، يدعو فيها إلى تشكيل لجنة خاصة لإعداد قائمة سوداء بأسماء الشركات والتنظيمات، وحتى الأفراد الذين يدعون إلى مقاطعة إسرائيل أو مستوطنات الضفة. وحسب اقتراح اردان، يجب فرض عقوبات على من يتم شملهم في هذه القائمة من جانب وزارة المالية، كمنعهم من المشاركة في مناقصات حكومية. وجاء في رسالة بعث بها اردان إلى وزير المالية، أنه حسب قانون المقاطعة لعام 2011، يملك وزير المالية صلاحية إصدار نظم تمنع الجهات التي تقاطع إسرائيل من المنافسة ضمن مناقصات حكومية، أو الحصول على امتيازات اقتصادية من الدولة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».