القاهرة تزيد ضغوطها على حماس لتقديم إجابات عن أسئلة سابقة

سألت عن مصير مصريين مطلوبين وفلسطينيين متعاونين مع {سيناء}

القاهرة تزيد ضغوطها على حماس لتقديم إجابات عن أسئلة سابقة
TT

القاهرة تزيد ضغوطها على حماس لتقديم إجابات عن أسئلة سابقة

القاهرة تزيد ضغوطها على حماس لتقديم إجابات عن أسئلة سابقة

زادت مصر، في الأسابيع الماضية، من ضغطها على حركة حماس، من أجل تقديم إجابات عن أسئلة سابقة قدمتها المخابرات المصرية إلى وفودها، كأحد متطلبات مد جسور جديدة بين القاهرة والحركة، التي اتهمت مرارا بأنها تساند الإخوان المسلمين.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن المخابرات المصرية زادت الضغوط على حماس مؤخرا، من أجل الحصول على معلومات عن مصير مطلوبين مصريين، تقول المخابرات المصرية إنهم لجأوا إلى غزة في فترة ما بعد سقوط حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، إضافة إلى معلومات عن متشددين يعيشون في القطاع، ويتبعون لتنظيمات في سيناء، أو يتواصلون مع تنظيمات فيها. وأكدت المصادر أن المخابرات المصرية تعتقد بوجود تعاون بين بعض الجماعات في غزة والجماعات المتشددة في سيناء.
وكان هذا مثار نقاش بين المخابرات المصرية ووفد من حماس، في مارس (آذار) الماضي، بعد سلسلة اتهامات للحركة بالمشاركة في الأحداث الداخلية في مصر، بما في ذلك اغتيال النائب العام المصري، هشام بركات، الذي لقي مصرعه في تفجير استهدف موكبه في يونيو (حزيران) عام 2015.
وطلبت المخابرات من وفد حماس الرفيع آنذاك، فك الارتباط بالإخوان، وضبط الحدود، وملاحقة السلفيين ومنع تنقلهم من سيناء وإليها، والتعاون في أي معلومات أمنية تمس الأمن القومي المصري، والتوقف عن تهريب الأسلحة من سيناء وإليها أيضا. كما طلبت القاهرة إجابات محددة، حول مصير أشخاص ينتمون للإخوان المسلمين وللسلفية، وهي الطلبات التي وافقت عليها حماس في حينها، وأبلغت المصريين أنهم في غزة لا يتلقون أي أوامر أو تعليمات من الإخوان، وليس هناك أي علاقات تنظيمية بهم، وأن الحركة تركز فقط على عملها داخل فلسطين، وأنها تتعهد بضبط الحدود، ووعدت بمنع أي تنقل للسلفيين من غزة إلى سيناء أو العكس، ومواجهتهم إذا اقتضى الأمر، وأنها لن توافق أبدا، على أن تكون غزة منطلقا لأي أعمال ضد مصر، ناهيك بأن الحركة لا تسمح بخروج أي سلاح من القطاع، لأنها تبحث عن كل رصاصة يمكن أن تفيد قطاع غزة.
وبعد ذلك شنت حماس هجوما على ما يعرف بـ«السلفية المتشددة» في غزة، واعتقلت الكثير منهم. لكن ناشطين من بينهم، نجحوا في التسلل إلى سيناء أو العودة منها إلى غزة.
ونفت حماس لاحقا، بعد التدقيق، وجود أي أسماء للمطلوبين في غزة، وأبلغت القاهرة أنه لم يدخل القطاع مصريون في أي وقت، وأن الفلسطينيين المتهمين بالعلاقة مع سيناء لا وجود لهم كذلك، ولا حتى في السجل المدني الفلسطيني.
وقالت المصادر إن تلك الإجابات لم تقنع المصريين، الذين ألغوا لقاءات لاحقة كان يفترض أن تجرى بين الطرفين. وأضافت المصادر: «مؤخرا أعادت المخابرات المصرية الضغط على حماس». وجاءت الضغوط الجديدة، في ظل تغيير ملحوظ في السياسة المصرية تجاه غزة. وتركزت حتى الآن، في فتح معبر رفح على فترات متقاربة، واستقبال سياسيين وأكاديميين، ومفكرين، وصحافيين، وناشطين، وكتاب من غزة، لمناقشة مستقبل العلاقة الفلسطينية – الفلسطينية، والفلسطينية - المصرية.
لكن المصادر قالت أيضا، إن مصر لا تزال تتعاطى مع الفصائل الفلسطينية في غزة من منظور أمني، على الرغم من التغييرات المحدودة التي ستشتمل أيضا على تشجيع التجارة مع غزة.
وأضافت المصادر: «تريد القاهرة الحصول على إجابات في إطار التقييمات الأمنية فيما يخص غزة». ويفترض أن تدعو مصر في وقت لاحق من هذا العام، أو بداية العام المقبل، الفصائل الفلسطينية، للقاءات تشاورية في القاهرة، من أجل تحقيق مصالحة داخلية.
وكانت مصر أبلغت وفدا من الجهاد الإسلامي زار القاهرة الشهر الماضي، بأنها ستوجه دعوات لمثل هذا اللقاء، بعد انتهاء حركة فتح من عقد مؤتمرها السابع، الذي انتهى الأحد الماضي، بانتخاب لجنة مركزية جديدة ومجلس ثوري.
وأكد طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، نية القاهرة دعوة الفصائل الفلسطينية لحوارات شاملة. وقال أبو ظريفة إنه من المفترض أن تناقش اللقاءات تشكيل حكومة وحدة فلسطينية ضمن تحقيق مصالحة فلسطينية.
وفشلت محاولات سابقة بين فتح وحماس في تشكيل حكومة وحدة وطنية، عندما اصطدمت مباحثاتهم في العاصمة القطرية الدوحة، ببرنامج هذه الحكومة ومستقبل موظفي حكومة حماس السابقة.
وتبادلت الحركتان أخيرا، رسائل علنية مشجعة أثناء المؤتمر السابع لحركة فتح، إذ ألقى نائب حمساوي باسم رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، رسالة في المؤتمر، قال فيها إن حماس جاهزة لكل مقتضيات الشراكة مع حركة فتح لمصلحة الشعب والقضية، ورد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بوصف ذلك بالعظيم، شاكرا مشعل، ورافضا استخدام مصطلحات مثل «انقلاب» على سيطرة حماس على القطاع.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.