محاولات روحاني اليائسة لإنقاذ الاتفاق النووي في عهد ترامب

قال إن الرئيس المنتخب لن ينجح في «تمزيقه»

الرئيس الإيراني حسن روحاني متوسطاً وزير العلوم محمد هادي ورئيس المكتب الرئاسي محمد نهاونديان في جامعة طهران (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني متوسطاً وزير العلوم محمد هادي ورئيس المكتب الرئاسي محمد نهاونديان في جامعة طهران (أ.ف.ب)
TT

محاولات روحاني اليائسة لإنقاذ الاتفاق النووي في عهد ترامب

الرئيس الإيراني حسن روحاني متوسطاً وزير العلوم محمد هادي ورئيس المكتب الرئاسي محمد نهاونديان في جامعة طهران (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني متوسطاً وزير العلوم محمد هادي ورئيس المكتب الرئاسي محمد نهاونديان في جامعة طهران (أ.ف.ب)

تحاول القيادة السياسية في طهران، إثر «صدمة» انتخاب دونالد ترامب رئيسا مقبلا للولايات المتحدة الأميركية، التعامل مع المجهول ومزيج من التهديدات والتعهدات. وأعطى خطاب الرئيس حسن روحاني في جامعة طهران، أمس، لمحة عن ما تفكر فيه القيادة السياسية الإيرانية، والتي لخصها في ثلاثة محاور.
أولا، سعى روحاني لطمأنة الشعب الإيراني بأن ما يُعرف بالاتفاق النووي المبرم مع إدارة الرئيس باراك أوباما ليس من المرجح «تمزيقه» من طرف ترامب بوصفه الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، كما تعهد سابقا خلال حملته الانتخابية الأخيرة. وهذا أمر أساسي بالنسبة لروحاني الذي أرسى دعائم رئاسته لإيران على مزاعم أن الاتفاق النووي قد أنقذ البلاد من «تهديدات الحرب»، وفتح الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية الهائلة التي تحتاج إليها لإنقاذ اقتصادها المتداعي.
وللتأكيد على أهمية هذه الرسالة، بثّت وسائل الإعلام الحكومية قصة مفادها أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان قد تعهد بأن الرئيس أوباما سوف يتحدث إلى الرئيس المنتخب ترامب بشأن الاتفاق النووي، بهدف إقناعه بالمحافظة على «بعض العناصر الأساسية على أدنى تقدير» من الاتفاق المبرم. ولترسيخ الرسالة نفسها لدى الشعب الإيراني، روّج الإعلام الإيراني الرسمي بأن وزير الطاقة الأميركي إرنست مونيز كان قد اجتمع مع علي أكبر صالحي، رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية في فيينا، لطمأنته بشأن مصير الاتفاق الحالي.
أما الرسالة الثانية التي أراد روحاني تمريرها، فهي أن اللهجة الشديدة لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية تجاه ترامب خلال حملته الانتخابية الرئاسية، لا تعكس وجهات النظر العميقة لدى القيادة السياسية الإيرانية. وقال روحاني: «نحن غير سعداء بانتخاب ترامب»، ملمحا إلى أنه إذا استمر الرئيس المنتخب في سياسة إدارة أوباما، فإن إيران مستعدة للتنسيق معه.
والأمر الثالث يتعلق بمحاولة الرئيس روحاني حماية نفسه في حال انهار الاتفاق النووي عبر اعتماد خطاب سياسي جديد. ولقد شرع نقاده بالفعل في الهجوم اللاذع عليه بسبب إبرامه الاتفاق «على عجالة»، ورغم التحذيرات الصادرة من قبل علي خامنئي. وحاول روحاني توريط علي خامنئي في الأمر. وبعبارة أخرى، حاول القول: «كان هناك من لوم، فلا بد من تقاسمه مع (المرشد الأعلى)». وقال روحاني في خطابه أمس: «إننا لم نفعل شيئا قط من دون الرجوع إلى المرشد الأعلى».
وكانت الفرضية السائدة لدى المؤسسة السياسية في طهران، عبر مراحل الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، أن هيلاري كلينتون سوف تخلف باراك أوباما في رئاسة البلاد وتواصل تطبيق سياسة «إرضاء إيران».
بهذا الصدد، أشارت صحيفة «كيهان» اليومية، والمعروفة بنقل وجهات نظر خامنئي، إلى أن الصحف اليومية الموالية للحكومة الإيرانية قد بذلت من الجهود الكثير «لتعزيز هيلاري كلينتون»، أكثر مما فعلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
ورفض روحاني ومساعدوه، في غير مناسبة، احتمال أن يعيد الكونغرس الأميركي النظر في إعادة فرض بعض من العقوبات الأكثر فاعلية ضد إيران لفترة تتجاوز العشر سنوات على أساس أن الرئيس أوباما سوف يستخدم حق النقض «الفيتو» في وجه هذه التشريعات. والآن، برغم كل شيء، وافق الكونغرس الأميركي وبالإجماع على مشروع قانون تمديد العقوبات على إيران، في حين أن أوباما قد أعرب وبوضوح أنه لن يستخدم حق النقض «الفيتو» إزاء القانون.
ويعدّ ذلك انتكاسة مزدوجة لروحاني، الذي زعم مرارا وتكرارا أن « العقوبات كافة سوف تُرفع في اليوم نفسه الذي يدخل فيه الاتفاق النووي حيز التنفيذ الفعلي».
وفي خطاب أمس أمام جامعة طهران، حاول الرئيس الإيراني التلطيف من أو «تعديل» هذه المزاعم، إذ قال: «تم تعليق العقوبات كافة، باستثناء تلك المتعلقة بالخدمات المصرفية». يبذل روحاني الذي يواجه إعادة انتخابه رئيسا للبلاد خلال الربيع المقبل، جهودا يائسة لإنقاذ «الاتفاق»، من ناحية الشكل على أدنى تقدير إن لم يكن من ناحية المضمون.
وتكمن المشكلة الماثلة الآن في أن الاتفاق النووي لا يستند على أي أسس قانونية على الإطلاق، فهو لا يمكن اعتباره معاهدة ولا اتفاقية ولا حتى مذكرة للتفاهم. كل ما لدينا عبارة عن بيان صحافي من 179 صفحة، أصدر مرة باللغة الفارسية وأخرى باللغة الإنجليزية، ويذكر عدة تدابير مرغوب فيها من قبل إيران وخمس دول من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
وفيما يرقى إلى مستوى اللعبة التمثيلية الدبلوماسية، شرعت إيران في إبطاء بعض من أنشطتها النووية في الوقت الذي استخدم فيه باراك أوباما صلاحياته الرئاسية في تعليق بعض من العقوبات المفروضة على إيران، الأمر الذي فعله من قبله أسلافه جورج دبليو بوش وبيل كلينتون خلال فترات موجزة بغية اختبار حسن نوايا طهران.
لذا، يملك الرئيس المنتخب ترامب خيارا بين عدم تعليق العقوبات أو أن يشترط ذلك إذا ما امتثلت إيران لشروط «تقايضية» جديدة، على سبيل المثال، إيقاف برنامج الصواريخ الباليستية تماما، ووقف تدخلها العسكرية في سوريا، والعراق، واليمن.
مثل هذه الخطوة، إذا اتخذها ترامب، سوف تترك طهران من دون أي أساس قانوني للاعتراض على إنهاء العمل بسياسة الاسترضاء الزائد المعتمدة من قبل إدارة الرئيس أوباما. وكل ما سيفعله ترامب سيكون الامتناع عن تأخير تطبيق القانون الأميركي لصالح إحدى الدول الأجنبية.
وهذا هو السبب في أن روحاني وفريقه الرئاسي يحاولون الآن العثور على ذريعة قانونية، تحسبا للأمر. وهم يعبثون بفكرة مفادها الاستشهاد بالقرار الأخير الصادر من مجلس الأمن، وهو السابع في واقع الأمر، والذي يتعامل مع التحديات النووية الإيرانية. والمشكلة هنا أن إيران قد رفضت بالفعل القرارات السبعة السابقة برمتها، وقد يكون من الصعب عليها الاستشهاد بها واستخدامها كدليل للدفاع عن موقفها.
في المقابل، إذا ما أعلنت طهران على نحو مفاجئ أنها تقبل القرارات الأممية السبعة، فسوف تواجه كثيرا من المشكلات الجديدة. تتمثل الأولى في أن الأحكام التي تفرضها القرارات السبعة على إيران هي أكثر قسوة وصرامة من التي أملاها أوباما عبر الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني.
والمشكلة الثانية هي أن ترامب قد يستشهد بالقرارات السبعة ويعتبرها الأساس القانوني لأي اتفاق مقبل، وبالتالي يرفض الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني والتي، من الناحية القانونية، لا وجود لها خارج خيال باراك أوباما.
ويمكن لترامب المطالبة بأن تقبل إيران القرارات الأممية السبعة كتابة، على سبيل المثال، عبر نص رسمي مكتوب وموجه إلى مجلس الأمن الدولي. وبقدر اهتمام روحاني بالأمر، فإن حكومته ضعيفة في مواجهة فضائح الفساد المتكررة والنزاعات الداخلية الشرسة على السلطة، وبالتالي لن يكون من السهل عليه أن يفعل ذلك وخصوصا بسبب أن القرارات، بصورة جزئية على أقل تقدير، تندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يجيز اتخاذ الإجراءات العسكرية ضد إيران. وقال روحاني أمس: «نحن مستعدون لمواجهة الاحتمالات كافة»، وهو من قبيل التهديدات الضمنية المستترة التي تفيد بأن طهران قد توقف التباطؤ المتعمد في مشروعها النووي.
ومثل هذه الخطوة، من شأنها أن توفر لترامب ذريعة جاهزة لإيقاف سياسة تعليق العقوبات من قبل إدارة أوباما، وإلقاء اللوم على إيران بشأن أزمة جديدة.
ولقد هدد ترامب بالفعل بالإفراج عن بعض الوثائق السرية التي تتعلق بالاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني، والتي ظلت بعيدة عن المجال العام، وحتى عن الكونغرس الأميركي. ومن شأن هذه الوثائق أن تكشف اللثام عن حسن روحاني بأنه الرجل الذي تواطأ مع باراك أوباما بغية خداع الشعبين الإيراني والأميركي. ولن يبشر ذلك روحاني بخير وسيضعف فرصه المحتملة في إعادة الانتخاب خلال الشهور الأربعة المقبلة. ويتفق المراقبون في طهران على أنه بصرف النظر تماما عما يمكن لترامب أن يفعله، فإن الاتفاق اليتيم لن تتاح له فرص البقاء إذا ما رحل والده عن الحكم؛ أي باراك أوباما.



إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
TT

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأحد)، إن التهديدات التي تواجهها إسرائيل من سوريا لا تزال قائمةً رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وذلك وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية لمواجهة مثل هذه التهديدات.

ووفقاً لبيان، قال كاتس لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ، والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدّعيها زعماء المعارضة».

وأمس (السبت)، قال القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، الذي يوصف بأنه الزعيم الفعلي لسوريا حالياً، إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، «هيئة تحرير الشام» الإسلامية، التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهيةً حكم العائلة الذي استمرّ 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغّلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أُقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفَّذت إسرائيل، التي قالت إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه «إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود»، مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» و«داعش».

وندَّدت دول عربية عدة، بينها مصر والسعودية والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع في مقابلة نُشرت على موقع «تلفزيون سوريا»، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».