«الشؤون البلدية» تتحرك لتوحيد التشريعات بين أمانات مدن السعودية

في وقت تقدم فيه الوزارة أكثر من 150 خدمة للمستفيدين

تشهد السعودية خلال الفترة الحالية حراكًا كبيرًا على المستويين الاقتصادي والتنموي («الشرق الأوسط»)
تشهد السعودية خلال الفترة الحالية حراكًا كبيرًا على المستويين الاقتصادي والتنموي («الشرق الأوسط»)
TT

«الشؤون البلدية» تتحرك لتوحيد التشريعات بين أمانات مدن السعودية

تشهد السعودية خلال الفترة الحالية حراكًا كبيرًا على المستويين الاقتصادي والتنموي («الشرق الأوسط»)
تشهد السعودية خلال الفترة الحالية حراكًا كبيرًا على المستويين الاقتصادي والتنموي («الشرق الأوسط»)

بدأت السعودية تعمل بشكل جاد على تحسين الخدمات البلدية، في وقت تسعى فيه البلاد عبر وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى زيادة تنظيم الأداء، عبر توحيد الأنظمة والتشريعات بين أمانات المدن، في وقت تقدم فيه الوزارة أكثر من 150 خدمة تنموية شاملة.
وتعد وزارة الشؤون البلدية في السعودية واحدة من أكثر الوزارات الحكومية التي قدمت من خلال «برنامج التحول الوطني» جملة من المبادرات التي ستسعى إلى تحقيقها بحلول عام 2020، في وقت تعد فيه الوزارة ركيزة أساسية على خريطة التنمية الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وبحسب معلومات خاصة توفرت لـ«الشرق الأوسط» أمس، تعكف وزارة الشؤون البلدية في السعودية خلال الوقت الحالي، على توحيد القوانين والتشريعات بين مختلف أمانات المدن، بما يجعل القطاع التجاري أمام منصة إلكترونية واحدة، لا تتباين في قوانينها وتشريعاتها بين مختلف الأمانات.
وتسعى وزارة الشؤون البلدية من خلال الحراك الحالي الذي تقوم به، إلى زيادة حجم نمو الاقتصاد الوطني، عبر تسهيل القوانين والأنظمة أمام تدفقات رؤوس الأموال الاستثمارية، بالإضافة إلى رفع مستوى وحيوية الخدمات المقدمة للقطاعين التجاري، والعام.
وتضع «رؤية المملكة 2030» أهمية كبرى لنقل اقتصاد البلاد إلى مرحلة ما بعد النفط، وهو الأمر الذي يتطلب نشاطًا تنمويًا كبيرًا يسهم في زيادة معدلات الاستثمار، وتنويع قاعدة الاقتصاد، مما يشكّل أهمية بالغة للارتقاء بالخدمات البلدية المقدمة للقطاع التجاري.
وفي هذا الخصوص، أكد الدكتور غانم السليم، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن وزارة الشؤون البلدية في السعودية من أكثر الوزارات التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمواطن والمقيم، وبالقطاعين التجاري والحكومي. وقال إن «الوزارة تقدم خدماتها لكل الجهات والأفراد، مما يجعلها تتحمل مسؤوليات كبيرة، تتطلب الحيوية والمرونة».
ولفت السليم إلى أن الاقتصاد السعودي أصبح يعيش حراكًا كبيرًا للغاية، مضيفًا: «المتتبع للقرارات الاقتصادية والتحركات الإيجابية للمملكة، يدرك تمامًا أن مرحلة ما بعد النفط باتت مسألة وقت، ومن هنا تزداد أهمية التحركات التي تقوم بها الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية، بما فيها وزارة الشؤون البلدية والقروية».
وتأتي هذه التطورات في وقت أعلنت فيه السعودية، مؤخرًا عن إطلاق منصة إلكترونية جديدة لتقديم الخدمات البلدية «بلدي»، في وقت وجه فيه وزير الشؤون البلدية والقروية المهندس عبد اللطيف آل الشيخ منسوبي الوزارة، بسرعة الاستفادة من كل ملاحظات المواطنين، وقطاع الأعمال، التي ترد إلى الوزارة عبر المنصة التفاعلية الإلكترونية.
وعملت وزارة الشؤون البلدية والقروية على تطوير البوابة الوطنية للمجتمع البلدي «بلدي» على الإنترنت، لتكون بوابة داعمة لهذا المجتمع، وذلك في إطار برنامج التحول الوطني للقطاع البلدي، ممثلا في الوزارة والأمانات، بهدف تحسين مستوى رضا المستفيدين، والارتقاء بجودة الحياة والازدهار في المدن السعودية، لتستجيب بذلك لتطلعات واحتياجات الأجيال الحالية والمقبلة.
وتشتمل بوابة «بلدي» على ثلاث خدمات رئيسية، هي: «الخدمات التفاعلية» التي تساعد في تعزيز مفهوم الشراكة المجتمعية لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين، و«الخدمات الإلكترونية» التي تساعد على تقديم الطلبات الإلكترونية لاستخراج الرخص الأكثر استخداما، إضافة إلى «الخدمات المعلوماتية» التي تساعد المستفيدين على اتخاذ القرارات ذات العلاقة، بما يساهم في تحسين مستوى الرضا عن جهات القطاع البلدي.
وفي هذا الإطار، بدأت وزارة الشؤون البلدية والقروية عقد سلسلة من ورشات العمل، وحلقات النقاش، لبحث أفضل السبل الممكنة للارتقاء بمستوى الخدمات البلدية، فيما تهدف «بلدي» إلى تحسين جودة مستوى الخدمات البلدية المقدمة في جميع أمانات وبلديات المملكة، وتفعيل دور المستفيدين بصفتهم شركاء فاعلين، وتحسين مستوى رضاهم، وتعزيز مستوى الشفافية بين جهات القطاع البلدي.
وتأتي هذه التطورات في وقت كشفت فيه السعودية عن خريطة طريق تفصيلية لتنفيذ «رؤية 2030»، وهي الرؤية التي أقرها مجلس الوزراء في 25 أبريل (نيسان) الماضي، وجاء عرض هذه الخريطة بعدما اعتمد حينها «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» في اجتماعه برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إطار حوكمة لتحقيق «الرؤية».
وجاء في بداية الإعلان عن إطار الحوكمة أنه «استنادًا إلى تكليف مجلس الوزراء لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتحقيق (رؤية المملكة العربية السعودية 2030)، قام المجلس بتطوير نظام حوكمة متكامل؛ لضمان مأسسة العمل ورفع كفاءته، وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة؛ بما يمكِّن المجلس من المتابعة الفاعلة»، ويتطرق الإعلان بالتفصيل إلى مستويات رسم التوجيهات وتطوير الاستراتيجيات، وأخيرا التصعيد وآليات حل الإشكالات.
ويؤكد الإعلان أن السعودية تعمل خلال الفترة الحالية على تحقيق أهداف «رؤية 2030» وفق أعلى معدلات الشفافية، والدقة، والمراقبة، والمحاسبة. إضافة إلى توجهها النوعي نحو الحضور الإعلامي الذي يستهدف تقديم المعلومات الصحيحة كافة، حول «رؤية 2030»، وتعديل المفاهيم أو الاعتقادات الخاطئة التي قد يتلقاها أو يتداولها الرأي العام.



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».