الفساد الإداري والأزمة المالية أبرز ما يؤرق الشباب الجزائري

تقرير الأمم المتحدة للتنمية: انتشار الرشوة بالأجهزة الحكومية ثاني مصدر قلق

الفساد الإداري والأزمة المالية أبرز ما يؤرق الشباب الجزائري
TT

الفساد الإداري والأزمة المالية أبرز ما يؤرق الشباب الجزائري

الفساد الإداري والأزمة المالية أبرز ما يؤرق الشباب الجزائري

كشف تقرير أعده ونشره «برنامج الأمم المتحدة للتنمية» حديثا، عن الأوضاع بالجزائر، أن أكثر ما يخيف فئة الشباب في البلاد، هو تفشي ظاهرة الفساد في مراكز القرار السياسي، وشبح الأزمة الاقتصادية التي تنذر بتدني مستويات المعيشة بعد بحبوحة مالية غير مسبوقة، تعوَد عليها الجزائريون في السنوات الماضية، بفضل الارتفاع القياسي لأسعار النفط.
وجاء في التقرير، الذي يتناول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، أن الفقر والبطالة وارتفاع أسعار المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، تؤرق نحو 77 في المائة من عينة من الشباب تم استجوابهم بخصوص انشغالاتهم في ظل الأزمة المالية، فيما يأتي القلق من انتشار الرشوة بالأجهزة الحكومية والمرافق العامة، في المركز الثاني وبنسبة تقترب من 15 في المائة من العيَنة المستجوبة. ويمثل الشباب، بحسب إحصاءات الحكومة، نحو 70 في المائة من السكان.
وأوضح التقرير أن 2.7 في المائة من الشباب يطالبون بتعزيز الديمقراطية والحريات، أما 3.3 في المائة منهم، فقد أبدوا اهتماما بالحفاظ على الاستقرار والأمن الداخلي. وأفاد التقرير بأن 3.5 في المائة من سكان الجزائر هاجروا إلى الخارج بين 2010 و2014، وبالمقارنة مع بلدان المغرب العربي، فقد بلغت نسبة الهجرة من المغرب إلى الخارج 7.8 في المائة وفي تونس 5.2 في المائة، في نفس الفترة. وأشار التقرير إلى أن الوجهة المفضلة للمهاجرين الجزائريين، هي أوروبا بمليون و284 ألف مهاجر، بينما هاجر إلى أميركا الشمالية 51 ألف جزائري، وباتجاه البلدان العربية هاجر 11.2 ألف في نفس الفترة، في حين هاجر 23 ألفا آخرون إلى وجهات أخرى عبر العالم. وفي المغرب غادر مليونان و320 ألف مواطن مغربي، إلى أوروبا. وفي تونس هاجر 414 ألف تونسي إلى القارة العجوز، في نفس الفترة، بحسب تقرير البرنامج الأممي للتنمية.
وأكد التقرير أن الجزائريين الذين تقل أعمارهم عن 29 سنة، ممن هاجروا إلى أميركا الشمالية (كندا)، غالبا ما يستقرون في الأرض الجديدة. في حين أن المهاجرين الذين تتعدى أعمارهم الـ30، يفضلون التوجه إلى أوروبا بهدف البحث عن فرصة عمل.
وعن مسألة الدين ومكانته في حياة الجزائريين، قال 92 في المائة من العينة المستجوبة، بحسب التقرير، أن الدين أمر مهما بالنسبة إليهم. وأضاف التقرير أن ممارسة الشعائر الدينية بالنسبة لغير المسلمين، بالجزائر، تثير آراء ومواقف متباينة بين الأحزاب والتنظيمات النشطة في البلاد. وأصدرت الحكومة عام 2006 قانونا يمنع فتح فضاءات لممارسة ديانة أخرى غير الإسلام، من دون ترخيص من وزارة الشؤون الدينية.
من جهة أخرى، أوضح التقرير بخصوص الأعمال الإرهابية التي وقعت في الوطن العربي، في الفترة بين 1970 و2014، أن الجزائر تعرضت إلى 12 في المائة من الهجمات الإرهابية قياسا إلى بقية البلدان العربية، أي ما يعادل 11 ألف اعتداء إرهابي، ما يجعلها في المركز الثاني لأكثر البلدان تعرضا للإرهاب بعد العراق (56 في المائة بنحو 50 ألف عملية). وتأتي سوريا في المركز الثالث إذ تعرَضت لـ7 في المائة من الهجمات، في نفس الفترة الزمنية بحسب نفس التقرير.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم