الصين تستهدف استخراج وحرق المزيد من الفحم رغم معاهدة المناخ

ينتج 75 % من احتياجاتها الكهربائية.. وسلسلة قرارات رسمية سبب المشكلات

عاملان صينيان يفرغان شاحنة من الفحم في ليولين بمقاطعة شانكسي (غيتي)
عاملان صينيان يفرغان شاحنة من الفحم في ليولين بمقاطعة شانكسي (غيتي)
TT

الصين تستهدف استخراج وحرق المزيد من الفحم رغم معاهدة المناخ

عاملان صينيان يفرغان شاحنة من الفحم في ليولين بمقاطعة شانكسي (غيتي)
عاملان صينيان يفرغان شاحنة من الفحم في ليولين بمقاطعة شانكسي (غيتي)

منح موقف الولايات المتحدة غير المؤكد حيال ظاهرة الاحتباس الحراري، في ظل إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الصين دورا قياديا في مكافحة التغيرات المناخية. فلقد طلبت من الولايات المتحدة الاعتراف بـ«العلوم الراسخة» والعمل مع البلدان الأخرى من أجل تقليص الاعتماد على الوقود غير النظيف؛ مثل الفحم والنفط.
ولكن هناك مشكلة قائمة؛ فحتى إن فعلت ذلك، فإن الصين تسعى جاهدة لاستخراج وحرق مزيد من الفحم. ويدفع نقص المخزون المحلي والمخاوف من الانقطاع المتكرر للكهرباء، المسؤولين الصينيين إلى عكس القيود التي ساعدت ذات مرة على الحد من إنتاج الفحم.
والاستجابة الصينية لندرة الفحم تعكس مدى الصعوبة التي تواجهها البلاد في تقليل الاعتماد على الفحم كمصدر أساسي للطاقة. وهذا يجعل الأمر أكثر صعوبة على الحكومة الصينية وعلى العالم لتلبية أهداف الانبعاثات الكربونية، نظرا لأن الفحم الصيني هو أكبر مصدر منفرد للانبعاثات الكربونية الناجمة عن الأنشطة البشرية.
ومن بين المراقبين الصينيين، أسهم الارتداد كذلك في زيادة التساؤلات حول مصير المجموعة الصينية الحالية من المخططين الصينيين.
هنا في جينشينغ، المدينة الملوثة بالأدخنة الكثيفة في مناطق الفحم الصينية، أدى التغيير الكامل إلى هدوء مستمر للنشاط اليومي. وبعد ظهيرة أحد الأيام، توقفت القطارات الأخرى لإفساح الطريق أمام القاطرات الكهربائية، وكانت أبواقها تصيح، وهي تجر أكثر من 50 عربة فحم خاوية في طريقها للعمل. ويبلغ طول خطوط الشاحنات الناقلة للفحم اليوم أكثر من نصف ميل للقافلة الواحدة.
يقول آلان تشانغ، الكهربائي الذي يعمل في منجم الفحم هنا، إن صاحب العمل قد رفع الراتب الشهري بمقدار 50 في المائة منذ الصيف الماضي.
ويقول السيد تشانغ إنه قبل عامين كان موسم «خريف الفحم»، وعام 2015 - وفي وقت سابق من هذا العام - كان موسم «شتاء الفحم»، والآن صار الموسم هو «الربيع المزدهر» بالنسبة لصناعة الفحم.
ويعكس «إحياء إنتاج الفحم» العيوب في التطور غير المكتمل للتخطيط المركزي إزاء الأسواق الحرة في البلاد.
وتنشأ مشكلات الفحم في الصين من سلسلة من القرارات الرسمية التي صعدت من نشاط الصناعات المستهلكة للطاقة بشكل كبير، حتى مع تقييد إنتاج الفحم من المناجم. وهرع المضاربون في الأسواق المالية الصينية المتقلبة، والتي هي عرضة بالفعل لحدوث الفقاعات، إلى رفع أسعار الفحم. ولم يساعد الطقس أو غيره من الانتكاسات في انخفاض الأسعار.
ولا يزال الفحم ينتج ثلاثة أرباع الاحتياجات الصينية من الكهرباء، على الرغم من مشاريع السدود الكهرومائية الطموحة، وأكبر برنامج عالمي لتركيب الألواح الشمسية وبناء توربينات الرياح. كما أن استخدام الفحم في الصين ينتح أيضا المزيد من الانبعاثات عن معدلات استهلاك النفط والفحم والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأميركية.
لا مؤشرات على التقليص
يقول بروك سيلفرز، المصرفي من شنغهاي الذي خدم فيما سبق لدى مجالس إدارة شركتين من شركات الفحم الصينية: «لا يصدقني أحد ممن أعرفهم في الغرب ممن يظنون أن الصين تعمل على إزالة الانبعاثات الكربونية، وذلك لأنني لا أرى أي مؤشر على ذلك على الإطلاق».
واتجهت الصين خلال الشهور الأخيرة، إثر المخاوف من التلوث ومن ارتفاع مستويات سطح البحر، إلى كبح جماح إنتاج الفحم محليا. ولقد انخفض إنتاج الفحم بنسبة 3 نقاط مئوية خلال العام الماضي نتيجة لتلك الجهود، ولكنها كانت إشارة أيضا على تباطؤ النمو الاقتصادي، فضلا عن كونه تحولا تدريجيا في الاقتصاد الصيني صوب الطراز الأميركي من «الإنفاق الاستهلاكي»، وبعيدا عن الصادرات والصناعات الثقيلة.
ولقد دفع ذلك الموقف وكالة الطاقة الدولية إلى تقديم «إعادة تقييم متفائلة» خلال الخريف الحالي حيال الصين، إذ قالت إن الاستهلاك الصيني من الفحم قد ارتفع إلى أعلى مستوياته في عام 2013، ولكنه بدأ في الانخفاض حاليا. وارتداد الصين الحالي أثار بعض الشكوك؛ يقول زيتشو تشو، رئيس شعبة تحليل الغاز والطاقة لمنطقة آسيا والمحيط الهادي لدى مؤسسة «آي إتش إس» الاستشارية العالمية: «لا نزال في انتظار ارتفاع الإنتاج خلال الفترة المقبلة. سوف يبلغ الإنتاج ذروته مجددا لا محالة». وتتوقع مؤسسة «آي إتش إس» الاستشارية عدم بلوغ الطلب على الفحم الصيني ذروته قبل حلول عام 2026.
وقال يوهانس تروبي، المحلل البارز للفحم والطاقة لدى وكالة الطاقة الدولية، إن الاتجاهات طويلة المدى في الاقتصاد الصيني تعني أن استخدام الفحم الصيني يتجه نحو الانخفاض بشكل عام. ولكن مع زيادة الصين لإنتاجها من الفحم في الوقت الحالي: «فلا يمكننا استبعاد احتمال وجود الارتفاع العابر في الإنتاج خلال السنوات القليلة المقبلة، والتي قد تسجل ارتفاعا في الطلب يفوق المعدل المسجل في عام 2013».
* ضغوط ومقاومة
ولقد وضع موقف الفحم الصيني الحالي لجنة التنمية والإصلاح الوطني الصيني، وهي الهيئة الحكومية المعنية بالتخطيط الاقتصادي، تحت ضغوط شديدة.
ويتوقع كثير من المديرين التنفيذيين والخبراء السياسيين الصينيين أن مشكلات الفحم قد تكون بمثابة «القشة الأخيرة» في قائمة مطولة من الصعوبات التي قد تدفع الرئيس الصيني إلى استبدال مدير اللجنة، شه شاوشي. ويبلغ السيد شاوشي من العمر 65 عاما، وهو سن التقاعد لدى الوزراء الصينيين، ما لم تحتفظ بهم الحكومة في الخدمة أو تتم ترقيتهم إلى منصب نائب رئيس مجلس الدولة.
وأحد هؤلاء الخبراء، كريستوفر كيه. جونسون، وهو المتخصص في الشؤون الصينية لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، والذي قال إن مثل هذه الخطوة «سوف تتسق مع التغييرات الأخيرة في الأفراد داخل الحكومة الصينية»، والمتخذة من جانب الرئيس الصيني الذي يشغل منصب رئيس الحزب الشيوعي الحاكم، بهدف التخلص من المسؤولين المدينين بالفضل لفصائل أخرى في الحكومة. ويمكن لذلك أن يمهد الطريق لأن يحل محل السيد شو، السيد ليو هي، نائب مدير الوكالة والمقرب من الرئيس الصيني. ولم يستجب المسؤولون في الوكالة على طلبات التعليق على الأمر.
ومن الناحية السياسية، تقول الصين إنها لا تزال ملتزمة حيال الجهود العالمية للحد من التغيرات المناخية. وعندما اجتمع مسؤولو البيئة من جميع أنحاء العالم في مدينة مراكش المغربية خلال الشهر الماضي لمناقشة التغيرات المناخية، انتهز تشيه تشينهوا، رئيس الوفد الصيني، الفرصة موجها تعليقا غير مباشر إلى السيد ترامب إذ قال: «القائد الحكيم سوف يتابع الاتجاهات العالمية والتاريخية».
وقبل عامين، كان الحد من الانبعاثات من الأمور اليسيرة على بكين؛ حيث كان استهلاك الكهرباء الصيني في حالة بطء ملحوظ، وكان كثير من محطات الطاقة العاملة بالفحم تعمل نصف الوقت فقط. ولكن مناجم الفحم المملوكة للدولة تلقت مزيدا من القروض من المصارف المملوكة للدولة وشرعت في بناء مزيد من المناجم، مما أدى إلى وقوع الخسائر وانخفاض أسعار الفحم في البلاد.
* خطوات سيئة الحظ
بدأت الصين في إغلاق المناجم الصغيرة المملوكة للقطاع الخاص، وخفضت الإنتاج في الوقت الذي ضيقت فيه الخناق على بعض الأماكن التي جعلت من بناء مناجم الفحم الصينية أمرا في منتهى الخطورة. وخلال الصيف الماضي، قال المخططون الاقتصاديون لأصحاب المناجم إنهم غير مسموح لهم بالعمل أكثر من 276 يوما في العام. ولكن كانت التطورات تتجه صوب رفع الأسعار. ولقد أقبل المستثمرون الصينيون على أسواق السلع الصينية، مراهنين على ارتفاع الأسعار. ولقد صارت نبوءة ذاتية التحقق، مع اندفاع مزيد من المضاربين في الأسواق لشراء مزيد من الفحم عندما ارتفعت الأسعار.
وأدى الصيف الحار - على غير العادة - وفصل الخريف المبكر إلى زيادة الطلب على الطاقة. وقررت الجهات الرقابية المصرفية الصينية السماح للبنوك بالإفراج عن كثير من الرهون العقارية لمشتريي المنازل من أجل تعزيز النمو الاقتصادي. ولقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب القوي على الكهرباء من جانب صناعات الصلب والإسمنت. وعلى طول الطريق، كانت الصين تعاني سوء الحظ؛ إذ سببت الفيضانات تعطيل المناجم وخطوط السكك الحديدية خلال فصل الربيع الماضي. وكان قرار الحكومة بسحب كثير من القطارات من الخدمة خلال هذا العام، من أجل حملة تحسينات السلامة، قد جعل من الصعب وصول الإمدادات سريعا. ونتيجة لذلك، تضاعفت أسعار الفحم الصيني تقريبا منذ بداية العام الحالي وحتى أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه.
يقول أرنود بالويزين، مدير التسويق والإمداد في شركة بي إتش بي بيليتون، وهي شركة التعدين الأسترالية العملاقة: «إنه أمر رائع للغاية، كيف تجمعت كل هذه الأمور سويا». وخلال الأسابيع الأخيرة، غيرت الصين من مسلكها. فلقد أوقفت معظم تجارة الفحم في أسواق السلع وشجعت المناجم المملوكة للدولة على إبرام الصفقات طويلة الأجل بأسعار منخفضة مع محطات الطاقة. وخلال الشهر الماضي، رفعت لجنة التنمية والإصلاح الوطني الصيني من عدد الأيام التي يمكن للمناجم الوطنية العمل خلالها إلى 330 يوما في العام.
ومن المرجح للصين أن تكون قادرة على تجنب انقطاع التيار الكهربائي، كما يقول تشانغ يوجين، رئيس شركة شانشي فينوي الاستشارية، وهي من الشركات المحلية المعنية بشؤون الفحم والطاقة، الذي أضاف أن سقف الإنتاج الحالي عن مستوى 330 يوما في العام من شأنه أن يسبب تباطؤ النمو في انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري.
* سعادة العمال
ويشعر السكان في المناطق التعدينية بالسرور. فهناك طريق هنا مليء باللوحات الإعلانية الضخمة، وكل منها يحمل الرسالة المبهجة نفسها: «أسعار الفحم سوف ترتفع، وعمال المناجم سعداء».
يقول السيد تشانغ، الكهربائي الذي يعمل في منجم الفحم، إن القوة العاملة في المنجم هنا انخفضت من 300 عامل قبل عامين، إلى طاقم الصيانة من ثمانية عمال خلال العام الحالي، ولكنها ارتفعت مرة أخرى الآن وصولا إلى 60 عاملا، ولا تزال إدارة المنجم توظف مزيدا من العمالة. ولقد اختفى مخزون المنجم من الفحم تقريبا. ومع استخراج مزيد من الفحم من باطن الأرض، فإنها تنقل بالشاحنات بعيدا في غضون ساعات، وقال السيد تشانغ: «خلال الربيع الماضي، لم تكن هناك صفوف من الشاحنات في المنطقة، أما الآن، فهناك كثير منها في الجوار».

*خدمة «نيويورك تايمز»



طلبات إعانة البطالة الأميركية تهبط إلى أدنى مستوى في شهر

اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
TT

طلبات إعانة البطالة الأميركية تهبط إلى أدنى مستوى في شهر

اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)

سجّل عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة انخفاضاً غير متوقع خلال الأسبوع الماضي، ليصل إلى أدنى مستوى له في شهر، في مؤشر يعكس متانة نسبية في سوق العمل، رغم التوقعات بأن يظل معدل البطالة مرتفعاً خلال ديسمبر (كانون الأول) مع تباطؤ وتيرة التوظيف.

وأفادت وزارة العمل الأميركية، يوم الأربعاء، بأن الطلبات الأولية لإعانات البطالة الحكومية تراجعت بمقدار 16 ألف طلب، لتبلغ 199 ألف طلب بعد التعديل الموسمي، خلال الأسبوع المنتهي في 27 ديسمبر. وجاءت القراءة دون توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، والبالغة 220 ألف طلب للأسبوع الأخير من الشهر. ونُشر التقرير قبل يوم من موعده المعتاد بسبب عطلة رأس السنة الميلادية.

وشهدت طلبات إعانة البطالة تقلبات ملحوظة خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل صعوبات تتعلق بالتعديلات الموسمية المرتبطة بموسم العطلات، في حين لا تزال سوق العمل عالقة فيما يصفه اقتصاديون وصناع سياسات بـ«حالة الجمود الوظيفي»؛ حيث لا تشهد توسعاً في التوظيف ولا موجات تسريح واسعة.

ورغم استمرار متانة الاقتصاد الأميركي، مع تسجيل الناتج المحلي الإجمالي أسرع وتيرة نمو له في عامين خلال الربع الثالث، فإن سوق العمل يبدو شبه متوقف. ويشير اقتصاديون إلى أن كلاً من العرض والطلب على العمالة تأثرا بعوامل عدة؛ أبرزها الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات وتشديد سياسات الهجرة.

كما أظهر التقرير تراجع عدد المستفيدين من إعانات البطالة المستمرة — وهو مؤشر يعكس فرص إعادة التوظيف — بمقدار 47 ألف شخص، ليصل إلى 1.866 مليون شخص بعد التعديل الموسمي، خلال الأسبوع المنتهي في 20 ديسمبر.

ورغم انخفاضها عن ذروتها الأخيرة، لا تزال طلبات الإعانة المستمرة أعلى من مستوياتها المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يتماشى مع نتائج استطلاع حديث أجراه مجلس المؤتمرات، أظهر تراجع نظرة المستهلكين إلى أوضاع سوق العمل خلال ديسمبر إلى أدنى مستوياتها منذ أوائل عام 2021.

وارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له في 4 سنوات، مسجّلاً 4.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ويُعزى جزء من هذا الارتفاع إلى عوامل فنية مرتبطة بإغلاق حكومي استمر 43 يوماً. كما أشار مؤشر معدل البطالة الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو إلى استقرار المعدل عند 4.6 في المائة خلال ديسمبر، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 4 سنوات.

ومن المقرر أن تنشر وزارة العمل الأميركية تقرير التوظيف لشهر ديسمبر في 9 يناير (كانون الثاني). وكان الإغلاق الحكومي المطول قد حال دون جمع بيانات معدل البطالة لشهر أكتوبر (تشرين الأول).

وفي السياق نفسه، خفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس إضافية، ليصل إلى نطاق يتراوح بين 3.50 و3.75 في المائة، إلا أنه أشار إلى أن تكاليف الاقتراض من غير المرجح أن تشهد مزيداً من الانخفاض في الأجل القريب، في ظل ترقب صناع السياسات لمزيد من الوضوح بشأن مسار سوق العمل واتجاهات التضخم.


شي: الصين تبني سياسات اقتصادية استباقية وستحقق هدف النمو

صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
TT

شي: الصين تبني سياسات اقتصادية استباقية وستحقق هدف النمو

صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)

قال الرئيس الصيني شي جينبينغ، الأربعاء، إنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة «نحو 5 في المائة» في عام 2025، على الرغم من «الضغوط» التي واجهها خلال عام وصفه بأنه «استثنائي للغاية»، وذلك وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الرسمية... ومؤكداً أن الصين ستنفذ سياسات أكثر استباقية في عام 2026 تهدف إلى دعم النمو طويل الأجل.

جاء هذا الإعلان في خطاب شي بمناسبة رأس السنة الجديدة أمام هيئة استشارية سياسية رفيعة المستوى، والذي نقلته وكالة أنباء «شينخوا» الرسمية. ويتوافق هذا النمو السنوي مع الهدف الحكومي الرسمي، ويُعادل نسبة النمو البالغة 5 في المائة المسجلة في عام 2024.

وقد تعرَّض ثاني أكبر اقتصاد في العالم لضغوط متزايدة في السنوات الأخيرة، حيث لم يتعافَ المستهلكون حتى الآن من التراجع الحاد الذي سببته جائحة «كوفيد - 19». كما أسهمت أزمة الديون المستمرة في قطاع العقارات، وفائض الطاقة الإنتاجية الصناعية، وتصاعد النزاع التجاري مع واشنطن، في تفاقم الوضع الاقتصادي.

وقال شي، في كلمته أمام المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وفقاً لوكالة أنباء «شينخوا»: «واجهنا التحديات بشجاعة وسعينا بجدّ، ونجحنا في تحقيق الأهداف الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية». وأضاف: «من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى نحو 5 في المائة».

ويتوقع الخبراء على نطاق واسع أن تعلن بكين عن هدف مماثل للنمو الاقتصادي لعام 2026 خلال اجتماع سياسي سنوي مهم في أوائل مارس (آذار) المقبل. وفي خطاب لاحق متلفز للأمة، قال شي إن الصين «تغلبت على الكثير من الصعوبات والتحديات» في السنوات الأخيرة، لكن قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية والدفاعية قد تحسنت.

وأضاف، وفقاً لوكالة أنباء «شينخوا»: «تتنافس الكثير من نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة في سباق محموم نحو القمة، وقد تحققت إنجازات كبيرة في مجال البحث والتطوير لرقائقنا الخاصة». وأكد على ضرورة أن «تركز الصين على أهدافها ومهامها، وأن تعزز ثقتها بنفسها، وأن تبني زخماً للمضي قدماً» في العام المقبل.

وأضاف شي أن البلاد ستعمل على تعزيز التحسين النوعي الفعال والنمو الكمي المعقول في الاقتصاد، مع الحفاظ على الانسجام والاستقرار الاجتماعيين. وتؤكد رسالة شي جينبينغ تعهدات الحكومة الأخيرة بتنفيذ إجراءات لتعزيز دخل الأفراد ودعم الاستهلاك والاستثمار لدفع عجلة النمو. وقد خصصت الحكومة المركزية 62.5 مليار يوان من عائدات سندات الخزانة الخاصة للحكومات المحلية لتمويل برنامج استبدال السلع الاستهلاكية في العام المقبل، مؤكدةً بذلك أن بكين ستواصل تحفيز الطلب الأسري من خلال هذا البرنامج. كما أصدرت هيئة التخطيط الحكومية الصينية خططاً استثمارية مبكرة لعام 2026، تتضمن مشروعين إنشائيين رئيسيين، بتمويل من الميزانية المركزية يبلغ نحو 295 مليار يوان، وذلك في أحدث مساعيها لتعزيز الاستثمار ودعم النمو الاقتصادي.

وقدّمت البيانات الصادرة يوم الأربعاء مؤشراً إيجابياً لصناع السياسات، حيث بدأ النشاط الصناعي في ديسمبر (كانون الأول) بالتوسع تدريجياً، منهياً بذلك سلسلة من الانكماش استمرت ثمانية أشهر.

من جانبها، وافقت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين، الأربعاء، على مشروعات كبرى وخطط استثمار لميزانية الحكومة المركزية لعام 2026 تقارب قيمتها 295 مليار يوان (42.21 مليار دولار)، وهي أحدث خطوة في محاولة تعزيز الاستثمار ودعم النمو الاقتصادي.

وقال لي تشاو، المتحدث باسم اللجنة، ⁠وهي هيئة التخطيط الرسمية للدولة، إن الحكومة خصصت نحو 220 مليار يوان لتمويل 281 مشروعاً ضمن الخطط الاستراتيجية الوطنية والأمنية الكبرى، مثل مد خطوط أنابيب تحت الأرض.

وبالإضافة إلى ذلك، خصصت ⁠الحكومة أكثر من 75 مليار ‌يوان لتمويل 673 مشروعاً تغطي مجالات مثل الحماية البيئية والحد من الانبعاثات الكربونية. وأضاف لي في بكين أن هذه المشروعات «ستعزز من تحسين نظام البنية التحتية الحديثة في الصين وتوفر دعماً قوياً لبداية سلسة للخطة الخمسية الخامسة عشرة (2026 - 2030)».

وخصص ⁠ثاني أكبر اقتصاد في العالم 800 مليار يوان في 2025 لبرامج تركز على المشروعات الوطنية الكبرى وبناء القدرات المتعلقة بالأمن؛ إذ تعمل الحكومة الصينية على تحقيق الاستقرار في النمو وتعزيز البنية التحتية والطاقة وأمن الموارد وسط مصاعب اقتصادية.


الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

قررت الصين فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 55 في المائة على واردات لحوم الأبقار التي تتجاوز مستويات الحصص من الدول المورِّدة الرئيسية، بما في ذلك البرازيل وأستراليا والولايات المتحدة، في خطوة لحماية صناعة الماشية المحلية التي بدأت تتعافى تدريجياً من فائض العرض. وأعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الأربعاء، أن إجمالي حصة الاستيراد لعام 2026 للدول المشمولة بإجراءاتها الوقائية الجديدة يبلغ 2.7 مليون طن متري، وهو ما يتماشى تقريباً مع الرقم القياسي البالغ 2.87 مليون طن الذي استوردته الصين إجمالاً في عام 2024. وقالت الوزارة، في بيانها الذي جاء عقب تحقيقٍ أُعلن عنه في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، إن «زيادة كمية لحوم الأبقار المستوردة ألحقت ضرراً بالغاً بالصناعة المحلية في الصين». ويسري هذا الإجراء ابتداءً من 1 يناير (كانون الثاني)، ولمدة ثلاث سنوات، مع زيادة إجمالي الحصة سنوياً. وقد انخفضت واردات لحوم الأبقار إلى الصين بنسبة 0.3 في المائة، خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2025، لتصل إلى 2.59 مليون طن. وقال هونغ تشي شو، كبير المحللين بشركة بكين أورينت للاستشارات الزراعية: «إن انخفاض واردات الصين من لحوم الأبقار في عام 2026 أمر لا مفر منه. تربية الأبقار في الصين ليست قادرة على المنافسة، مقارنة بدول مثل البرازيل والأرجنتين. ولا يمكن تغيير هذا الوضع على المدى القصير، من خلال التقدم التكنولوجي أو الإصلاحات المؤسسية، لذلك من الضروري فرض مثل هذه الإجراءات التقييدية على المنتجات المستوردة». وفي عام 2024، استوردت الصين 1.34 مليون طن من لحوم البقر من البرازيل، و594567 طناً من الأرجنتين، و216050 طناً من أستراليا، و243662 طناً من أوروغواي، و150514 طناً من نيوزيلندا، و138112 طناً من الولايات المتحدة. إلا أن الشحنات الأسترالية إلى الصين شهدت، في عام 2025، ارتفاعاً ملحوظاً، مستحوذةً على حصة سوقية على حساب لحوم الأبقار الأميركية، وذلك بعد أن سمحت بكين، في مارس (آذار) الماضي، بانتهاء صلاحية تصاريح مئات من منشآت اللحوم الأميركية، وفي ظلّ شنّ الرئيس دونالد ترمب حرباً تجارية متبادلة. وبلغت صادرات لحوم الأبقار الأسترالية إلى الصين 294957 طناً في الأشهر الأحد عشر الأولى من 2025، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية، وهو رقم يتجاوز بكثير مستويات الحصص المحددة للسنوات الثلاث المقبلة. وفيما يتعلق بالحماية المحلية، أعلنت الصين، يوم الأربعاء، هذه الإجراءات بعد تمديدين لتحقيقها في واردات لحوم الأبقار الذي بدأ في ديسمبر 2024، والذي يقول المسؤولون إنه لا يستهدف أي دولة بعينها. وقال زينغيونغ تشو، الباحث بمعهد علوم الحيوان، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، إن الرسوم الجمركية ستساعد في الحد من انخفاض مخزون الأبقار الحلوب بالصين، وستمنح شركات لحوم الأبقار المحلية وقتاً لإجراء تعديلات وتحسينات.