تونس: رئيس حركة النهضة يقيل مدير مكتبه

الشهودي طالب بمحاسبة الغنوشي بسبب مقابلته أحد رموز النظام السابق

تونس: رئيس حركة النهضة يقيل مدير مكتبه
TT

تونس: رئيس حركة النهضة يقيل مدير مكتبه

تونس: رئيس حركة النهضة يقيل مدير مكتبه

أقال راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسي (حزب إسلامي مشارك بالحكومة)، مدير مكتبه زبير الشهودي من مهامه، إثر تصريح الشهودي بتوجه مجلس شورى حركة النهضة، أهم مؤسسة في الحركة، نحو مساءلة الغنوشي حول لقاءاته الأخيرة مع عدد من رموز النظام السابق، خصوصا عبد الله القلال وزير داخلية بن علي.
ونفت قيادات من حركة النهضة نية مساءلة الغنوشي حول لقائه القلال، ولم تصدر رئاسة حركة النهضة أي خبر رسمي حول اللقاء الذي جمع الغنوشي بالقلال، الذي جاء قبل يوم واحد من تنظيم جلسات الاستماع العلنية لضحايا الاستبداد خلال الفترة الممتدة بين 1955 و2013، التي جرت يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وكان عبد الله القلال، وزير الداخلية في نظام بن علي، قد أودع السجن في مارس (آذار) 2011، وحاكمه القضاء العسكري بتهم تتعلق بالتعذيب في قضية ما يعرف بـ«براكة الساحل»، التي تعود إلى بداية تسعينات القرن الماضي، والمتعلقة بتوجيه تهمة محاولة انقلاب عسكريين على نظام بن علي وتعرضهم للتعذيب.
وبخصوص إعفائه، أكد الشهودي أنه هو من اختار الانسحاب من المكتب التنفيذي، وقال إنه فضل الانسحاب من الجهاز التنفيذي قبل المؤتمر العاشر لحركة النهضة، إيمانا منه بأن حرية التعبير تقتضي أن يختار موقع الشورى، لأنه لم يعد المكتب التنفيذي يقبل بمبدأ التنوع بموجب القانون الأساسي، حسب تعبيره.
وتمسكك الشهودي بالدور الرقابي لمؤسسة الشورى، وقال إن عددا من قيادات «النهضة» اختاروا هذا المسلك، وأشاد في رسالة مؤثرة بأخلاق رئيس حركة النهضة وفكره، كما روى الشهودي تفاصيل مهمة عن استقبال الشيخ الغنوشي إبان ثورة 2011، والمراحل التي مرت بها عودة حركة النهضة إلى الساحة السياسية التونسية.
وعن عمله في مكتب الغنوشي، قال الشهودي: «لقد عاشرت الشيخ راشد الغنوشي فكرا وسياسة وأبوة خمس سنوات ونصف السنة، أتعلم وألاحظ حالة التغيير والتطور ومعايشة الفكر بالواقع. لم أكن يوما مدير مكتب، بل ابنُ خادم لأبيه وما زلت ذلك الابن وسأظل».
وفي تعليقه على مطالبة الشهودي بمساءلة الغنوشي أمام مجلس الشورى، قال سمير ديلو، القيادي في حزب النهضة عضو مجلس الشورى، إن موقف الشهودي الداعي إلى مساءلة الغنوشي أمام مجلس الشورى «في غير محله ومن غير المناسب الحديث عن هذه المواضيع في الإعلام، ويوجد مجال واسع لمن لديه ملاحظات ليبديها في المؤسسات التابعة للحركة».
أما بشأن لقاءات الغنوشي مع رموز النظام السابق، فقد أوضح ديلو أنه «ليس الأول ولا الأخير، وهو عادي في ظل المسار الانتقالي في تونس الذي اخترنا ألا يكون فيه أي إقصاء، وهو مسار إدماجي ومن له مشكلات سينظر فيها القضاء»، على حد تعبيره.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم