مازارين ابنة ميتران تروي «الغزوات اليومية» على حياة النساء

انفصلت عن زوجها المغربي.. وصديقها الجديد دبلوماسي فرنسي

مازارين ابنة ميتران تروي «الغزوات اليومية» على حياة النساء
TT

مازارين ابنة ميتران تروي «الغزوات اليومية» على حياة النساء

مازارين ابنة ميتران تروي «الغزوات اليومية» على حياة النساء

لا تعرف الصحافة الفرنسية كيف تتعامل مع مازارين بنجو، ابنة الرئيس الأسبق فرنسوا ميتران. إن أخبارها تتوزع بين صفحات المشاهير ومجلات الفضائح وبين الزوايا والملاحق الثقافية. فمازارين، البنت التي ظلت «مختفية» مثل سر من أسرار الدولة حتى بلغت العشرين، تجمع في شخصيتها أكثر من وجه، فهي فيلسوفة تحمل تأهيلا عاليا في تخصصها، وكاتبة روائية، ووجه تلفزيوني يتردد في البرامج الثقافية، بالإضافة إلى انتمائها إلى أب شغل موقعا بارزا في التاريخ السياسي الحديث.
رغم ملامحها التي ورثتها عنه بالكامل وجعلت منها نسخة مؤنثة من ميتران، لم تكن ابنة شرعية، بل ثمرة علاقة عاطفية موازية ومستمرة عاشها الأب منذ أن كان في الأربعين من عمره وحتى لحظة وفاته. لذلك فإن مازارين هدف مطلوب للحلقات الفكرية ودور النشر، مثلما هي لقمة تغري الصحافة الشعبية التي تبعث مصوريها ليتلصصوا على الحياة الخاصة لهذا النجم أو ذاك. وفي عز الحملة الترويجية لآخر رواياتها، ظهرت صورة على غلاف «كلوزر» تكشف عن علاقة جديدة لابنة ميتران مع دبلوماسي فرنسي، بعد انفصالها عن والد أطفالها الثلاثة المخرج المغربي محمد ولاد محند.
روايتها الجديدة الصادرة عن منشورات «جوليار» تحمل عنوان «الغزوات اليومية»، وهي حلقة جديدة في سلسلة النصوص والكتب التي تدس فيها المؤلفة جوانب من حياتها الخاصة. إن بطلة الرواية أم غير متزوجة تجد نفسها معرضة للضوء منذ نعومة أظفارها لأن أباها فنان معروف. وتروي مازارين أنها استلهمت القصة من الممثلة شارلوت، ابنة كاتب الأغاني والملحن الشهير آلان غنزبورغ، التي تحولت إلى نجمة من قبل أن تتعلم المشي وكان اهتمام أبيها بها قويا وأقرب إلى التملك. ولعل في سيرة ابنة ميتران ملامح من هذه الشخصية، فهي ولدت متأخرة لأب طاغي الشخصية على عتبة الشيخوخة، مع فارق أنها ظلت الطفلة السرية ولم تظهر إلى العلن إلا بعد البلوغ، وقد أحبها أبوها وأحاطها بكثير من الاهتمام الذي لم يتمتع به ولداه من زوجته الشرعية، وأشرف على قراءاتها وتثقيفها بنفسه لتكون وريثته المعنوية.
أثناء حملتها للترويج للرواية الجديدة، تحدثت مازارين عن فجوات كانت قائمة في طفولتها وعن إجابات ظلت غائبة. لكنها، بدورها، لم تطرح الكثير من الأسئلة، بل عاشت واقعها الغريب وكأنه مفروض عليها ولا يحتاج لأي تفسير. مع هذا، ظلت هناك زاوية معتمة في أعماقها تبحث عن إضاءة، وقد جاءت الكتابة لكي تنبش في ذلك الصمت، أي المخبأ الذي ترعرعت فيه قبل أن يجري «عرضها» فجأة أمام أعين الجميع.
هل كانت مازارين، المرأة التي يكفي اسمها الأول للدلالة عليها من دون الحاجة لألقاب، تعبر عن نفسها من خلال صورة بطلة أربعينية تربي طفليها وحيدة وتجري لتلحق بالمسؤوليات الكثيرة؟ لقد اختارت لغة خفيفة وأسلوبا هزليا في رسم الشخصية، مع هذا، يبقى غياب الحب هو الأصعب في حياة البطلة، وربما في حياة المؤلفة التي تشعر بأنها مهجورة وبشعة وتحتمي بالفكاهة لكي لا تنهار. إنها لا تنفي أن شخصيتها ليست عادية، وتقول «أحمل سيرتي الذاتية محفورة على جبيني»، بمعنى أن من الصعب أن يتعامل الناس معها من دون تصورات مسبقة نابعة من كونها الابنة غير الشرعية لرئيس الجمهورية. وغالبا ما يؤثر الأمر على علاقتها بالرجال التي تنتهي بالتعثر. وهي تعترف بأن أول صديق في حياتها كان الوحيد الذي نجا من هذه النظرة لأنها تعرفت عليه قبل أن يعرف الناس أنها ابنة فلان.
عانت مازارين من هجوم خصوم أبيها الذين استغلوا وجودها لكي يتهموه بأنه كان ينفق على «عائلته الثانية» من المال العام. وهي تجد أن هناك من ما زال يحاسبها على أمر لم تكن لها يد فيه. لقد وجدت نفسها في ذلك الوضع، من دون أن تختار شيئا، وكان لا بد لأبيها من أن يؤمن لها الحماية. وتقول: «كنت ابنة رئيس الجمهورية، وكل الرؤساء يحمون أبناءهم، لماذا يحرم من هذه الحماية الابن غير المعروف للناس؟».
تحتفل مازارين، العام الحالي، بعيد ميلادها الأربعين، وكذلك بمرور 20 عاما على عدد مجلة «باري ماتش» الذي حمل على غلافه الصورة التي فضحت وجود بنت للرئيس. إن المصور الذي اختلس تلك الصورة هو نفسه الذي اختلس صور رئيس اشتراكي آخر هو فرنسوا هولاند، يتسلل راكبا دراجة نارية إلى بيت صديقته الممثلة جولي غاييه. وقد حاولت ابنة ميتران أن تتفادى متابعة هذه القضية لأنها، حسب قولها، ما زالت تشعر بالعدوان إزاء تصرفات من هذا النوع الذي ينتهك الحياة الشخصية للسياسيين. وفي تصريح شهير لها، هاجمت مازارين «الباباراتزي» واعترضت على إقامة معرض لهم في مركز «بومبيدو» في مدينة «ميتز»، يقدم للجمهور أشهر اللقطات المسروقة خلال عقد من الزمان. وأضافت أن المصور لا يمكنه أن يتخيل الأضرار التي يتسبب بها لأصحاب الصور. وفي حديث مع راديو «آر تي إل» وصفت مازارين ما تنشره الصحف الشعبية من صور وفضائح بأنه منحط ويشكل نوعا من أنواع الاغتصاب. وأضافت: «إن هذا المصور يتباهى بأنه يتسبب في الضرر، وهو فخور بصوره التي كمن ساعات مثل فأر لكي يلتقطها.. نحن نشهد تراجعا للقيم حين نحاول أن نجعل من هذه الصور فنا».
المصور المقصود، سيباستيان فالييلا، سارع إلى الرد بأن ذاكرة مازارين قصيرة، فهي بعد ستة أشهر على غلاف «باري ماتش» الشهير، وافقت على الظهور بإرادتها على غلاف المجلة وأمام عدسته، قائلا: «لا بد أنها كانت معجبة بنوعية الصور السابقة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».