أنطوان زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «الدويلة» تعطل تشكيل حكومة الدولة

النائب اللبناني: عون الرئيس ليس عون الحليف لـ«حزب الله»

أنطوان زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «الدويلة» تعطل تشكيل حكومة الدولة
TT

أنطوان زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «الدويلة» تعطل تشكيل حكومة الدولة

أنطوان زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «الدويلة» تعطل تشكيل حكومة الدولة

صرح أنطوان زهرا النائب اللبناني، عضو «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط» بأن العماد ميشال عون المرشح ليس هو عون الرئيس، بدليل انتهاجه منذ انتخابه (في ثلاث إطلالات واضحة، في خطاب القسم، ثم الخطاب الجماهيري، ثم رسالته إلى اللبنانيين بذكرى الاستقلال) سياسة لا علاقة لها بتفاهماته مع «حزب الله».
التقت «الشرق الأوسط» زهرا عضو حزب «القوات اللبنانية» أثناء تنظيم الحزب لعشائه السنوي بمشاركة ممثلين عن بعض الفعاليات السياسية اللبنانية.
بدأ زهرا حياته السياسية عضوًا في حزب الكتائب، لينتقل بعده إلى صفوف القوات بعد انشقاقها عن الكتائب بقيادة بشير الجميل عام 1976. في 2005، انتُخب نائبًا عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثانية، وفي 2009 أعيد انتخابه عن البترون بصفته مرشح القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع.
* استبشر الناس في بداية هذا العهد بحل عقدة تشكيل الحكومة، ولكن على ما يبدو أننا عدنا إلى التعطيل، من تحمل مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة؟
بداية لا بد من التأكيد أن الفترة التي مرت منذ انتحاب الرئيس ميشال عون وحتى الآن لا يمكن اعتبارها فترة غير اعتيادية في تشكيل الحكومات في لبنان، ما زلنا ضمن الإطار الزمني المعقول لتشكيل أي حكومة مع اعترافنا بوجود مؤشرات عالمية في التعطيل، فبعض الفرقاء لم يكتفوا بالحرص على أن يتمثلوا بالشكل الذي يريدون، وإنما وضعوا شروطًا شبه تعجيزية على حصص الأطراف الأخرى، وهي شروط للعرقلة. عندما يشترط فريق: «أنا أريد كيت.. ولا لا أريد لفلان كيت»، فهذا يعني أنه لا يهتم بمصلحته فقط، وإنما يهتم بمحاولة إقصاء الآخر أو بمعنى أصح عرقلة مهمة الرئيس المكلف إرضاء كل الأطراف للمشاركة في الحكومة، بالنسبة لنا من يريد أن يعرقل هو من لا يريد أن يُنتخب رئيس جمهورية في الأساس، هو الفريق الذي لا يريد بناء دولة في لبنان لأن وجود الدولة يتعارض مع وجود الدويلة، وبالتالي هويته معروفة، وهو «حزب الله» ومحوره الإقليمي، أما وسائل التعبير الداخلية فتتنوع من حين إلى آخر، ولكن يبقى صاحب الهدف الأساسي في التعطيل لإخضاع الدولة اللبنانية أو إلغائها هو صاحب مشروع الدويلة البديلة، وهو «حزب الله».

* كثُر الحديث عن الوزارات السيادية والوزارات الخدماتية وتلك الثانوية، ألا تعتقدون أن الطبقية المستخدمة بين الوزارات هي جزء من الصراع المذهبي في لبنان؟
- في الحقيقة لو تعاطى الطاقم السياسي اللبناني والأحزاب السياسية والطوائف الممثلة بشكل دستوري ومبدئي مع الوزارات وأعطوا القانون حقه لما صُنفت الوزارات بين سيادية وخدماتية ورئاسية وثانوية، أما منطق المحاصصة واتكال الوزراء في المرحلة الأخيرة على ما ورد في «الطائف» من أن الوزير سيد في وزارته، ولعب أدوار لا تتلاءم مع وظيفة الوزير تقليديًا، بمعنى أن كل وزير يتصرف في وزارته ومقدراتها تصرف المالك بملكه، بمعنى أنه يتبادل الخدمات والتسهيلات مع وزراء آخرين ويوجه إمكانات وزارته في الوجهة التي يراها هو مناسبة، هذا ما جعل الوزارات أصنافًا؛ وزارات صاحبة إمكانيات كُبرى تعتبر خدماتية، لأنها تؤمن حاجات المواطنين التي هي من حقهم وليست منا من الوزير ولا من الدولة، ولكن للأسف تُستعمل بهذا الاتجاه، وهنا نتكلم بشكل خاص عن وزارة الأشغال العامة والنقل، وعن وزارة الصحة الاجتماعية وعن وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة وعن وزارة الاتصالات ووزارة الطاقة، وهذه وزارات خدماتية تتفاوت أهميتها، أما «الوزارات السيادية»، فقد أطلقت هذه التسمية على الوزارات التي يُعتبر وزراؤها أعضاء في المجلس الأعلى للدفاع، وعلى رأسها الخارجية والداخلية والدفاع ووزارة المال. لذلك صُنفت هذه الوزارات بناءً على وظائفها وبناءً على عدم الالتزام بروح الدستور وإنما بحرفياته، ونحن نعرف أن الحرف يقتل أما الروح فتُحيي.

* كيف توفقون بين تأييدكم لسيادة الدولة ومشاريعكم في عهد متحالف مع «حزب الله» الذي تتهمونه بأنه دويلة ضمن الدولة؟
- في الواقع وانطلاقًا من مصلحة عُليا باستمرار وجود الجمهورية اللبنانية كدولة، ذهبنا إلى التفاهم مع العماد عون الذي يرتبط بتفاهم آخر مع «حزب الله».. نحن كنا في ظل فراغ يهدد باضمحلال ومؤسساتها الدولة بشكل نهائي، وبالتالي كانت لدينا مفاضلة بين الحفاظ على إمكانية إعادة بناء الدولة أو عدمه، فاخترنا إمكانية إعادة البناء أولاً.
ثانيًا: واضح أن العماد عون الرئيس هو غير العماد عون المرشح، بدليل أنه انتهج منذ انتخابه حتى اليوم (في ثلاث إطلالات واضحة هي خطاب القسم ثم الخطاب الجماهيري عندما استقبل المهنئين في بعبدا ثم رسالته إلى اللبنانيين بذكرى الاستقلال) سياسة لا علاقة لها بورقة التفاهم مع «حزب الله». وأكد سياسة لبنان الخارجية المتوازنة والمستقلة وعدم انضمام لبنان إلى محاور إقليمية ومحاولة تحييده عن كل الصراعات الإقليمية، باستثناء التزامه بقضية العرب الأولى التي هي قضية الشعب الفلسطيني وحقه بالعودة الكريمة وبإقامة دولة مستقلة على أرض فلسطين التاريخية، طبعًا مع معطيات جديدة.. ستكون الأرض لدولتين؛ لا يعني دحر إسرائيل وإلغائها من الوجود. وبالتالي أكد المبادئ السيادية المتفق عليها وفي الوقت نفسه هناك اتجاه لدى سيد العهد ولدى كل الأطراف السياسية اللبنانية لأن نحيد أنفسنا عن تداعيات الصراعات في المنطقة، بمعنى أن نترك ما يجري في الخارج للخارج، وهنا أقصد تحديدًا دور «حزب الله» في الحرب السورية والصراعات العربية - الإيرانية، وأن ننصرف إلى معالجة شؤون الداخل ضمن إمكانات السيادة المتوافرة للدولة على الأوضاع الداخلية.

* هل يتصرف رئيس المجلس النيابي نبيه بري في موقفه من الحكومة باستقلال تام عن موقف «حزب الله» أم أن هناك تنسيقًا غير مرئي بينهما؟
- في الواقع لا يمكننا إلا أن «نظن» بما يقوم به دولة الرئيس بري، لأنه فاجأ الجميع، فعندما عُرضت وزارة الأشغال على حزب القوات اللبنانية كان قد جرى التشاور معه بهذا الموضوع ووافق. لكنّنا فوجئنا لاحقًا بإعلانه: «من قال إني تخليت عن وزارة الأشغال؟». بالمنطق وزارة الأشغال ليست مرهونة لأحد، هي وزارة لبنانية وبالتالي هذا الانقلاب في الموقف الذي برره بري بكلام العماد عون من بكركي عن تمديد المجلس النيابي، لا بد أنه يبطن تنسيقًا ما أطراف تريد التعطيل، وليس تسهيل تشكيل الحكومة، وهنا أقصد بالتحديد «حزب الله».

* هل بدأتم تخططون لتحالفاتكم السياسية والحزبية لخوض الانتخابات النيابية المقبلة؟
- أولاً ما يحكم التحالفات هو شكل القانون الذي ستجري على أساسه الانتخابات، لأننا إن بقينا على أساس قانون الستين.. وهذا مستبعدٌ ومرفوض من قبلنا، فإن ذلك يفترض تحالفات على قياس الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد وتوزعها الطائفي، وإذا انتقلنا إلى قانون مختلط قد تتغير وجهة التحالفات، لأن هناك تحالفات لا حاجة لها بالقانون المختلط، وتحالفات مستجدة قد تطرأ. الأهم أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 2005 قد لا تجري الانتخابات النيابية على أساس الانقسام التقليدي بين 8 آذار و14 آذار، يعني قد تحصل خلطة تحالفات جديدة على أساس تفكك البنى التنظيمية لـ8 آذار و14 آذار، والانقسام الذي كان حاصلاً بهذه الحدة طبعًا في مستجدات منها التفاهم الذي حصل بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وانضمام تيار المستقبل إلى التفاهم مع التيار الوطني الحر في الانتخابات الرئاسية التي جرت، وبالتالي قد تطرأ ظروف تترتب عن شكل القانون أو عن تطورات سياسية خلال المرحلة المقبلة تفرض تحالفات فيها تعديلات على التحالفات السابقة. حكمًا نحن نخطط لكل الاحتمالات ولكننا لسنا مضطرين للإعلان عن أي خطة قبل توضح الظروف التي تفرض التطبيق.

* كيف ستتحالف القوات في الدوائر الانتخابية المختلطة طائفيًا؟ وهل ستحافظون على خصوصيات هذه المناطق؟
- مائة في المائة، نحن أصحاب النظرية التي تقول (ونأخذ مواقفنا السياسية على أساسها) إنه يجب احترام الآخر وتقبله كما هو لا كما نريده نحن أن يكون. هذا هو لب الشراكة الوطنية اللبنانية وجوهرها؛ أن نعترف ببعضنا بعضًا بشكل متبادل، وأن نعترف لكل فريق بما هو عليه، وليس كما نتمنى أن يكون. لذا حكمًا سنأخذ كل القضايا في عين الاعتبار بشكل شبه أكيد، وإذا كنتِ ستطرحين سؤالا لاحقًا عما إذا كان هناك تقاطع بيننا وبين «حزب الله» في أي دائرة انتخابية، فأقول لك: لا، لن يكون هناك تقاطع بيننا.

* هل تعتبرون أن ترشح سليمان فرنجية للرئاسة كان لقطع الطريق على ترشح سمير جعجع؟
- أبدًا، نعتقد أن ترشيح سمير جعجع بلغ مداه لأنه حصل في الدورة الأولى على 48 صوتًا من النواب، وصرنا أمام فراغ متمادٍ. وترشيح سليمان فرنجية من قبل الرئيس سعد الحريري كان محاولة لخرق الجمود الحاصل في ملف رئاسة الجمهورية. طبعًا تصدينا له على أساس أنه جرى من دون تفاهم معنا وفي حسابات تقليدية جدًا، وليست حسابات استراتيجية وطنية، لذلك لم نوافق عليه وتصدينا له وتبين أنه لا حظوظ له بالنجاح في هذا الترشيح وتبين أكثر أن فريق 8 آذار ليس متحمسًا لأحد من جماعته.. لا لسليمان ولا لعون. إنه متحمس للفراغ فقط. وبالتالي وصل إلى طريق مسدود بعدما بادرنا بتبني ترشيح عون لأسباب وطنية ومسيحية استراتيجية بفترة، وتبين أنه لا حل إلا بانتخاب عون إذا أردنا رئيسًا في المرحلة الحالية. انضم الرئيس سعد الحريري (تيار المستقبل) إلى هذا الخيار، وتجاوزنا موضوع ترشيح سليمان فرنجية ولم يتوقف عنده أحد إلا هو شخصيًا، والرئيس بري ظل متمسكًا به ويشجعه للاستمرار وصولاً للاتفاق على وضع أوراق بيضاء، مما أعطى كثيرًا من التفسيرات لا أريد تحميلها أكثر مما تحمل. بقي فرنجية مبدئيًا مستمرًا للمواجهة، وهذا حقه الديمقراطي، اعترف هو وجميع الأطراف بنتائج الانتخابات الرئاسية، وهذا لب الديمقراطية، والجميع الآن يتعاطى مع الرئيس ميشال عون كرئيس لكل لبنان وليس لفريق من اللبنانيين، وهذا هو المطلوب لنعود ونبني دولة.

* ألا تعتبرون أن مطالبتكم بوزارة الداخلية استفزاز لـ«حزب الله»؟
- في الحقيقة إذا افترض «حزب الله» أن أي مطالبة منا بوزارة أمنية تحدٍ له أو استفزاز أو إزعاج، فإن هذا اتهام يُوجَّه إلى مَن يتولون هذه الوزارات وليس لنا، لأنه إذا كان تسلمنا وزارة سيادية يزعج «حزب الله»، فإن هذا يعني أن من يتولون وزارات سيادية هم حُكمًا يتنازلون عن جزء من هذه السيادة بإرادتهم، وهذا أمرٌ لا يزعجنا بل يتهمهم هم.



تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
TT

تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)

يتهم أهالي محافظة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء) الجماعة الحوثية بحماية متهمين بقتل ثلاثة أفراد من أعيان المحافظة في العاصمة صنعاء، في نهج يصفونه بالتمييز المناطقي، إلى جانب رعايتها للفوضى الأمنية في المحافظة، إلى جانب فرض الإتاوات الباهظة ونهب الأراضي.

وينفّذ المئات من سكان إب اعتصاماً، بعد نصبهم الخيام في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، للمطالبة بضبط متهمين بقتل الزعيم القبلي صادق أبو شعر، الذي لقي مصرعه في حي جنوب المدينة قبل أيام، وتتهم عائلة الضحية أفراداً تابعين للقيادي الحوثي علوي الأمير، المسؤول عن إدارة شرطة حي شميلة بالوقوف وراء الحادث.

وحسب عائلة أبو شعر، فإن الأفراد المسلحين أطلقوا النار عليه، في حين كان يقود سيارته دون سبب.

وذكرت مصادر من منظمي الاعتصام في العاصمة صنعاء أن مسلحي الجماعة الحوثية أرغموا المعتصمين على فض تجمّعهم ورفع خيامهم من ميدان السبعين وسط المدينة، إلا أن المعتصمين انتقلوا إلى شارع في شرقها، متمسكين بطلب تسليم المتهمين بقتل الزعيم القبلي.

المئات من سكان إب اعتصموا في صنعاء للمطالبة بالقبض على متهم بقتل أحد أعيان محافظتهم (إعلام محلي)

وتسبّب هذا الحادث في تأجيج الغضب في أوساط أميركيين من أصول يمنية ومغتربين يمنيين في الولايات المتحدة الذين ينتمي أغلبهم إلى محافظة إب، وهي المحافظة التي تشكّل أحد المصادر الرئيسة للتحويلات المالية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية التي تُعد رافداً مهماً للاقتصاد المحلي.

وكشفت مصادر محلية في المحافظة عن أن الجماعة الحوثية أرسلت أحد قادتها لإقناع المحتجين بالقبول بوساطة قبلية بدلاً عن تسليم القتلة، إلا أن المحتجين رفضوا تلك الوساطة، متهمين القيادي الحوثي المرشح للوساطة بلعب دور سلبي، سابقاً، في قضية مقتل ثلاثة من أبناء مديرية الشعر التابعة للمحافظة، على يد أحد القيادات الميدانية للجماعة في منطقة الحوبان بمحافظة تعز.

وذكّر المحتجون القيادي الحوثي أن المرشح للوساطة تواطأ مع المتهم ومرافقيه، وأُطلق سراحهم بعد يوم من إيداعهم السجن، وكان الغرض من وساطته امتصاص غضب عائلات الضحايا، ومن ثم تمّ إجبارها على القبول بالتحكيم القبلي.

ومن مبررات رفض الوساطة، ما وصفه المحتجون بالمعاملة المناطقية من قِبل الجماعة الحوثية تجاه أهالي المحافظة، وأوردوا أمثلة عديدة، منها ما جرى في حل قضية مقتل بائع خضار من مديرية حبيش على يد مسلح حوثي في مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، بسبب رفضه دفع إتاوة تساوي دولاراً أميركياً (500 ريال) يتحصّلها المسلح من الباعة في سوق المديرية بالقوة.

من اعتصام سابق لعدد من أهالي إب للمطالبة بالقبض على قتلة بائع متجول (إعلام محلي)

ولا يزال العنصر الحوثي حراً طليقاً، رغم أن الحادثة وقعت في السوق العامة، وأُصيب ثلاثة آخرون فيها.

استرخاص الدماء

ذكّر المحتجون القيادي الحوثي الذي يسعى لإقناعهم بقبول الوساطة، بقضية أخرى ينتمي الضحية فيها إلى مديرية النادرة، وقُتل قبل ستة أشهر في منطقة نقيل الغولة في مديرية ريدة التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء، ونهبت سيارته، وعلى الرغم من التعرف على قاتله فإن الجماعة الحوثية لم تحرّك قواتها الأمنية للقبض عليه، في حين لا يزال جثمان الضحية حتى الآن في ثلاجة أحد المستشفيات.

وأورد المحتجون حادث مقتل شاب من أبناء المحافظة في قلب العاصمة صنعاء على يد عصابة معروفة منذ أكثر من ست سنوات، دون أن يتم القبض على الجناة ومحاكمتهم.

الزعيم القبلي أبو شعر الذي قتله مسلحون حوثيون بأكثر من 50 رصاصة (إعلام محلي)

وعدّ المحتجون، في تعليقات أدلوا بها لـ«الشرق الأوسط»، هذه الأمثلة كافية لنسف شعارات الجماعة الحوثية، لأنها تحولت إلى سلطة لا ترى السكان بعين واحدة، قياساً على جملة الخذلان التي تم التعامل بها مع دماء الضحايا والمقهورين من أبناء محافظة إب، والنهج المناطقي و«العنصري» في التعامل مع المحافظة وسكانها بصفتهم مواطنين من الدرجة الأدنى.

وحذّر محمد المقالح، القيادي السابق فيما تُسمى «اللجنة الثورية» للجماعة الحوثية، من طريقة التعامل الحوثية مع قضية مقتل أبو شعر، مطالباً الجماعة بالاختيار بين أهالي محافظة إب وقتلة الزعيم القبلي‏.

وقال المقالح: «إما أن تكونوا مع تحقيق العدالة للمجني عليه، وإما مع التستر على الجناة وقطاع الطرق، وهذه ‏ليست المرة الأولى على إب، بل لقد أوغلتم كثيراً في الجريمة بحقها».

وينوه أحد وجهاء المحافظة إلى أن «سلطة الحوثيين تقف على أرضية واحدة مع القتلة والمجرمين»، ولا تريد شعباً ولا رعايا، قدر حاجتها إلى مستعبدين، على حد وصفه، لافتاً إلى أن ما حدث هو اعتداء على المحافظة برمتها، واستهتار بدماء أبنائها، وأن ما حدث لأبو شعر «كفيل بإشعال الحمية والانتصار لدم بريء صُودر أمام سلطة تظهر كم أنها غير جديرة بأن يُعوّل عليها في حماية الأعراض والدماء والحقوق».

‏من جهته، رأى البرلماني المعارض للجماعة أحمد سيف حاشد أن استسهال القتل واسترخاص حياة الناس يكشفان عن أزمة عميقة لسلطة الجماعة وغياب دولة.

إحلال وجبايات

في غضون ذلك ‏نصب قيادي حوثي نقطة تفتيش جديدة في منطقة الأفيوش ضمن مديرية مذيخرة التابعة لمحافظة إب، وبدأ فرض الإتاوات الباهظة على السكان، ومعاقبة مَن يرفض دفعها بإهانته والاعتداء عليه.

وأكدت مصادر محلية أن القيادي الحوثي يعترض المسافرين وأبناء المنطقة المارين في الطريق التي فرض سيطرته عليها، ويفرض عليهم جبايات بمئات الآلاف من العملة المحلية، (تفرض الجماعة الحوثية سعراً ثابتاً للدولار الأميركي بـ543 ريالاً)، بالإضافة إلى السطو والاستيلاء على أراضي ومنازل السكان بالتهديد والوعيد، بعد تلفيق تهم سياسية واستخباراتية عليهم لدى أجهزة أمن الجماعة.

القيادات الحوثية القادمة من محافظة صعدة متهمة بمفاقمة الانفلات الأمني في إب ونهب أراضيها (إعلام حوثي)

وأخيراً أقر عبد الكريم الحوثي، عم زعيم الجماعة الحوثية، والمعين وزيراً للداخلية في حكومتها غير المعترف بها، تغيير مسؤولي الأمن المنتمين إلى محافظة إب في كل مديرياتها، واستبدال عناصر حوثية بهم من محافظة صعدة (233 كلم شمال صنعاء)، وهي معقل الجماعة الذي انطلقت منه قبل 20 عاماً.

ووفقاً لروايات السكان ومصادر مطلعة فيها؛ فإن مكتب زعيم الجماعة يشرف بشكل مباشر على الفوضى الأمنية التي تعيشها المحافظة، من خلال تعيين الحارس الشخصي له مديراً للأمن فيها، وتغاضيه عن عمليات السطو المتواصلة على الأراضي في المحافظة، ومحاولة تغيير العقيدة المذهبية لسكانها.