«أورلوف باريس».. قصص حب أبدية بتوقيع دومينيك روبيون

من وحي الجواهر والقصور والبلاطات، ولدت ماركة «أورلوف باريس» للعطور. وكانت هذه الولادة طبيعية حسب مؤسستها روث ميؤول، رغم أن معظمنا لا يقتنع بذلك للوهلة الأولى وقبل أن يشم مجموعة العطور السبعة التي طرحتها مؤخرا. السبب أنها تنتمي إلى عائلة تتاجر بالماس منذ عقود، كما أنها هي نفسها خبيرة في تقطيعه ومعروفة جدا بذلك في أنتوورب البلجيكية، عاصمة الماس العالمية؛ الأمر الذي يجعل توجهها لصناعة العطور أمرا مثيرا إن لم يكن غريبا. عند مواجهتها بهذه الملاحظة توضح أن الأمر طبيعي جدا بالنسبة لها؛ لأنها تعشق الجواهر والعطور بالقدر نفسه، فبينما ورثت حب الماس ودرست تقطيع الماس عن قناعة، فإن صناعة العطور تبقى عشقها وليس حرفتها.
فهي تشم في كل ماسة تقع بين يديها رائحة تميزها عن غيرها، عدا أن هناك قواسم مشتركة بين العطور والماس على رأسها «أن وجههم الجميل والعطر لا يتجلى إلا بعد أن تتحول على يد معلمين متمكنين من أحجار خام إلى مواد صافية ومصقولة» حسب قولها. من هذا المنطلق قررت أن تجمعهما في ماركتها «أورلوف باريس»، في إشارة للماسة الأسطورية التي ترصع صولجان الإمبراطورية الروسية.
وتقول روث إنها «كأي امرأة تشدها روائح معينة منذ صغرها، لكن اهتمامها زاد عندما بدأت تبحث عن عطر تقدمه هدية لوالدتها». كان عمرها حينذاك 18 عاما، وبعد بحث طويل، استقرت على عطر «أماريج» من «جيفنشي»؛ نظرا لصفائه وغناه بباقة من الورود البيضاء. لم تكن تعرف مبتكره دومينيك روبيون من قبل، لكنها لاحظت مع الوقت أن اسمه يتكرر كلما شدها عطر ما، فحتى عندما قابلت زوجها لأول مرة، كان يستعمل عطر «فيتفير إكستراأوردينير» Vétiver Extraordinaire من ابتكاره.
كان من الطبيعي أن تلجأ إليه عندما فكرت في عام 2015 في تأسيس دار «أورلوف باريس»؛ فهو الوحيد الذي بإمكانه أن يترجم رؤيتها ويقدم لها عطورا تعبر عن ذوقها. جلست معه، واتفقا على طرح تسعة عطور يحمل كل واحد منها اسم حجر كريم له قصة حب تاريخية أو أسطورية. لم يخذلها دومينيك روبيون؛ لأنه منح كل عطر بعدا جديدا. فعند اختياره كل حجرة اتبع الخطوات نفسها التي يتبعها لدى اختياره مكونات وخلاصات عطوره. فكل شيء يعتمد على النسبة والتناسب» وكلما زاد بريق الماس وجماله بعد تقطيعه وصقله، كذلك تتبلور رائحة الورد والبهارات والأخشاب بعد استقطارها.
عمل على تسعة عطور ستتوفر في محال «هارودز» اللندنية؛ نظرا لتميزها ومخاطبتها ذائقة تقدر كل ما هو مترف وفريد. من بينها نذكر على سبيل المثال لا الحصر «ستار أوف لايت» SEA of Light، وهو عطر منعش وشفاف غني بخلاصات الفواكه، مثل الحامض والمندرين، والغريب فروت، والمشمش والتوت مع رشة مسك أبيض قوية. يعكس العطر جمال «داريا نور» واحدة من أكبر الماسات في العالم ذات اللون الوردي. وكانت الماسة قد وجدت في مناجم جنوب الهند، وامتلكتها سلالة المغول إلى عام 1739، عندما حصل عليها الإمبراطور الفارسي نادر شاه غنيمة حرب. توجد الماسة حاليا في البنك الإيراني بطهران كجزء من التاج الفارسي.
هنا أيضا «ستار أوف ذي سيزون» «Star of the Season المستوحى من حجرة ماس بزنة 100.10 قيراط اكتشفت أول مرة في عام 1995، في مزاد سودبيز بجنيف، وبعد مناقصات عدة، اشتراها الشيخ أحمد حسن فتيحي، بمبلغ قياسي في ذلك الوقت 16.500.000$.
تغلب على العطر نغمات حمضية إلى جانب باقة من الورود والباتشولي والسوسن وخشب الصندل والفانيلا.
أما عطر «فلايم أوف غولد» «Flame of Gold»، فهو مستوحى من ماسة صفراء يبلغ وزنها 29 قيراطا، اشتراها في عام 1963 المليونير الأميركي، إي.إي بادي فوغيلسون ليقدمها هدية لزوجته النجمة الهوليوودية غرير غارسون.
ولا يعرف أحد مصيرها أو من يملكها الآن. ترجمة دومينيك روبيون للماسة تجسد في عطر يعبق بخشب الصندل الهندي وهو نادر جدا، مع رشة قرفة وكمون وقرنفل، ونغمات من الكاراميل الممزوج بالفانيلا، بينما تمنحه لمسة الشوكولاته السوداء نعومة مخملية تزيدها خلاصات الباتشولي والعنبر والورد التركي جاذبية.
بالنسبة لعطر «ذي كروس أوف أجيا» «The Cross of Asia» فهو مستوحى من ماسة أسطورية تم اكتشافها في جنوب أفريقيا في عام 1902، وكانت بزنة 280 قيراطا قبل أن يتم تقطيعها ثلاث مرات؛ للتخلص من عيوبها وإبراز جمالها. آخرها كان في عام 1993 بغرض تعزيز لونها؛ الأمر الذي استدعى تصغير حجمها إلى 79 قيراطا.
نغمات العطر تضج بخلاصات التفاح الأخضر والإجاص، مع القليل من البهارات والكزبرة، وباقات غنية من الورد بكل أنواعه على خلفية برتقال وياسمين ومسك الروم، وأخيرا وليس آخرا أضاف إليه العطار الشهير نفحة من الجلد؛ حتى يعززها بشخصية حيوانية قوية.
وأخيرا وليس آخرا، عطر «أورلوف» الذي يعبق بباقة من الورد الأبيض والياسمين والبرغموت، إلى جانب نغمات من بتلات البرتقال ثم الفانيلا والمسك.
وتعتبر روث العطر تعبيرا عن الحب تماما مثل ماسة أورلوف البيضاء الشهيرة التي استوحي منها، ويدخل فيها اللون الأخضر المائل إلى الأزرق.
ماسة أورلوف من الماسات التاريخية النادرة التي حافظت على تقطيعها الأصلي، وتقول الأسطورة إنها سرقت في القرن الـ18 من معبد هندي من قبل جندي فرنسي اعتنق الهندوسية حتى يكسب ثقة الكهنة ويخدعهم. وظلت الماسة تتنقل من يد إلى أخرى إلى أن وصلت إلى الكونت الروسي غريغوري أورلوف (1734–1783) الذي قدمها هدية للإمبراطورة كاثرين، التي كانت تربطه بها علاقة حب. وقد خلدتها هذه الأخيرة بترصيع الصولجان الإمبراطوري الروسي بها.